هل أوقع لبنان بـ«المجموعة الأُم» لمطلقي الصواريخ على إسرائيل؟

الجيش يواصل تمشيطه شمال الليطاني ويتشدد حول المخيمات الفلسطينية

عناصر من الجيش اللبناني يفتشون سيارة عند حاجز (مديرية التوجيه)
عناصر من الجيش اللبناني يفتشون سيارة عند حاجز (مديرية التوجيه)
TT

هل أوقع لبنان بـ«المجموعة الأُم» لمطلقي الصواريخ على إسرائيل؟

عناصر من الجيش اللبناني يفتشون سيارة عند حاجز (مديرية التوجيه)
عناصر من الجيش اللبناني يفتشون سيارة عند حاجز (مديرية التوجيه)

كشفت مصادر أمنية لبنانية، لـ«الشرق الأوسط»، عن أن المجموعة المسلحة التي أوقفتها مديرية المخابرات في الجيش اللبناني وهي تتحضّر لإطلاق صواريخ باتجاه إسرائيل، تنتمي إلى المجموعات نفسها التي كانت أوقفتها سابقاً على دفعات، وأنها اعترفت بأن أفرادها هم من نفّذوا عمليتَي إطلاق الصواريخ في مارس (آذار) الماضي؛ الأولى من المنطقة بين بلدتَي كفرتبنيت وأرنون بقضاء النبطية، والثانية من قعقعية الجسر بالقضاء نفسه، وقد اعتُرضت من قبل إسرائيل قبل سقوطها في مستعمرتَي المطلة وكريات شمونة بالجليل الأعلى.

وأعلن الجيش اللبناني، الأحد، ضبط عدد من الصواريخ ومنصات الإطلاق المخصصة لها، و«توقيف عدة أشخاص» في جنوب لبنان. وقال في بيان: «نتيجة المتابعة والرصد والتحقيقات المستمرة، توافرت لدى مديرية المخابرات معلومات عن التحضير لعملية جديدة لإطلاق صواريخ باتجاه الأراضي الفلسطينية المحتلة. وعلى أثر ذلك، دهمت دورية من المديرية تؤازرها وحدة من الجيش شقة في منطقة صيدا - الزهراني، وضبطت عدداً من الصواريخ، بالإضافة إلى منصات الإطلاق المخصصة لها، وأوقفت عدة أشخاص متورطين في العملية».

وقالت المصادر الأمنية، لـ«الشرق الأوسط» الاثنين، إن التحقيقات جارية من قبل فريق التحقيق في المديرية بإشراف القضاء المختص.

ولم تستبعد المصادر الأمنية أن تكون المجموعة التي أُوقفت هي «المجموعة الأُمّ» للمجموعات التي كانت أطلقت الصواريخ على إسرائيل، خصوصاً أن كمية الصواريخ التي صودرت ومعها المنصات المخصصة لإطلاقها، أشبه بخزان أُعدّ لتزويد المجموعات احتياجاتها وهي تتحضر لتوجيه الصواريخ نحو إسرائيل.

اعترافات الموقوفين

ولفتت إلى أن توقيف المجموعة جاء استناداً إلى الاعترافات التي أدلى بها الموقوفون في عمليتَي إطلاق الصواريخ السابقتين، وبناء على نتيجة الرصد الذي تقوم به المديرية، في ضوء المعلومات التي توافرت لديها عن التحضير لعملية جديدة باتجاه الأراضي الفلسطينية المحتلة، مؤكدة أن وحدات تابعة للجيش اللبناني باشرت، منذ إطلاق الصواريخ على مستعمرة المطلة (الإسرائيلية) واعتراضها من قبل إسرائيل، مسحاً أمنياً شمل المنطقة الواقعة في شمال الليطاني وتُطلّ على جنوبه.

المسح الأمني

وقالت إن المسح الأمني تلازم مع تشديد الإجراءات المفروضة من قبل الوحدات العسكرية حول المخيمات الفلسطينية الواقعة في جنوب لبنان، وتحديداً عين الحلوة والرشيدية، وإنها أخضعت حركة الدخول والخروج إلى تفتيش دقيق، ولفتت إلى أن «حزب الله» يتعاون مع الوحدات المنتشرة في عدد من المواقع شمال الليطاني، خصوصاً تلك المحاذية لجنوبه.

وأكدت أن وحدات الجيش المتمركزة في شمال الليطاني استحدثت مواقع جديدة؛ بدءاً بالبلدات المحيطة بقلعة الشقيف المطلة على جنوب الليطاني ومنه على منطقة واسعة من الجليل الأعلى في فلسطين المحتلة.

صواريخ ضبطتها مخابرات الجيش اللبناني في الجنوب كانت معدة للإطلاق باتجاه شمال إسرائيل (مديرية التوجيه)

وأوضحت المصادر أن فريق التحقيق في مديرية المخابرات يتعاطى مع حجم الصواريخ ومنصات الإطلاق المخصصة لها، التي ضُبطت خلال عملية دهم الشقة التي استُخدمت لتخزينها بمنطقة تقع في بلدة عقتنيت (قضاء قرى الزهراني - صيدا)، من زاوية أن هناك جهة منظمة تقف وراء التحضير لإطلاقها، وأنها لا تنمّ عن عمل فردي؛ ليس فقط لأن الوحدات المكلفة دهمها أوقفت الأشخاص الذين كانوا بداخلها، وإنما أيضاً لأن الكم الهائل من الصواريخ التي صُودرت لا يقتصر على تنفيذ عملية واحدة؛ وإنما جُهّز لعمليات عدة.

جهة فلسطينية

ورغم أن المصادر تفضل عدم استباق التحقيق الذي يجري بسرية تامة، فإن مجرد التوسع فيه سيؤدي إلى تحديد هوية الجهة الفلسطينية المسؤولة عن تخزين الصواريخ والإعداد لإطلاقها؛ لأن العدد الإجمالي للموقوفين يستبعد حكماً تحميل فرد أو أفراد المسؤولية بذريعة أنهم مندفعون للرد على الاعتداءات الإسرائيلية المتنقلة بين غزة وجنوب لبنان، لا سيما أن إطلاقها يوفر الذريعة لإسرائيل لمواصلة حربها على لبنان.

وأكدت أن وحدات الجيش تعزز انتشارها في شمال الليطاني على غرار جنوبه، وأنها تواصل ملاحقة وتعقب الخلايا النائمة. وقالت إن الإجراءات المشددة التي تتخذها تأتي لمنع إسرائيل من الرد متذرّعة بإطلاق الصواريخ لتمعن في خروقاتها واعتداءاتها، رغم أنها ليست في حاجة إلى توفير الذرائع لنفسها ما دامت ترفض التزام اتفاق وقف إطلاق النار الذي رعته الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا، وتشرف هيئة دولية على مراقبة تنفيذه برئاسة الجنرال الأميركي جاسبر جيفرز الموجود حالياً خارج لبنان ويُنتظر أن يعود إلى بيروت قبل نهاية الشهر الحالي.

ارتياح للتحقيقات

ولم تعلق المصادر على ما تردد من أن التحقيقات، التي شملت المجموعات التي أُوقفت سابقاً وتضم فلسطينيين ولبنانيين، قادت إلى التوسّع في التحقيق؛ مما استدعى، في ضوء اعترافاتهم، ملاحقة أشخاص من خارج الموقوفين بتهمة تسهيل حصولهم على الصواريخ والمنصات والتحضير لإطلاقها.

لكن المصادر تبدي ارتياحها لسير التحقيقات الجارية مع الموقوفين، ولحملات التأييد والإشادة التي قوبل بها الإنجاز الذي حققته مخابرات الجيش بإحباط عملية جديدة لإطلاق الصواريخ، خصوصاً أنها تنم عن توجيه رسالة إلى المجتمع الدولي يراد منها التأكيد على أن لبنان باقٍ على التزامه بتطبيق القرار «1701» بكل مندرجاته، وقاعدته الأساسية حصر السلاح بيد الدولة، وفق تعهّد رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون في خطاب القسم، وإصراره على أن القرار قد اتُّخذ وأنه لا عودة عنه، وأن تنفيذه يتم عندما تسمح الظروف، ويبقى على الولايات المتحدة الضغط على إسرائيل لإلزامها الانسحاب من الجنوب والتقيُّد بوقف إطلاق النار الذي تنفذه الحكومة اللبنانية من جانب واحد، وهذا ما يضع الإدارة الأميركية أمام مصداقيتها.

عناصر من الجيش اللبناني خلال مهمة تفتيش وملاحقة لمطلوبين (مديرية التوجيه)

لذلك؛ فإن الإنجاز الذي حققته المؤسسة العسكرية ما هو إلا ثمرة تعاون وتنسيق بين جميع الأجهزة الأمنية اللبنانية، وسيكون حاضراً على جدول أعمال «هيئة المراقبة الدولية» في ضوء احتمال انعقادها نهاية الشهر الحالي، لعل رئيسها الجنرال جيفرز يستعين هذه المرة برافعة أميركية لإلزام إسرائيل الانسحاب لتمكين الجيش اللبناني، بمؤازرة «قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل)»، من توسيع انتشاره حتى الحدود الدولية المنصوص عليها في اتفاقية الهدنة؛ لأنه لم يعد مقبولاً أن تكتفي بتفهمها الموقف اللبناني من دون أن تقرنه بخطوات ملموسة لوقف الاعتداءات الإسرائيلية وانتهاكها الأجواء اللبنانية.


مقالات ذات صلة

المشرق العربي الرئيس جوزيف عون مستقبلاً أورتاغوس قبل أسابيع وتبدو إلى جانبها السفيرة الأميركية في بيروت ليزا جونسون (أرشيفية - إ.ب.أ)

نصائح دولية للبنان بعدم إهدار جهود إنقاذه

تتوالى النصائح الدولية والعربية للبنان بعدم هدر الفرصة المتاحة أمامه للعبور إلى مرحلة التعافي.

محمد شقير (بيروت)
تحليل إخباري الرئيسان عباس وسلام في شرفة القصر الحكومة يلقيان نظرة على وسط بيروت (أ.ف.ب)

تحليل إخباري بدء تسليم السلاح الفلسطيني في لبنان الشهر المقبل... و«حماس» تنتقد استبعادها

أعطى رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام توجيهاته بضرورة الإسراع في الخطوات العملية عبر وضع آلية تنفيذية واضحة وجدول زمني محدد لتسليم السلاح الفلسطيني.

كارولين عاكوم (بيروت)
المشرق العربي آلية تابعة لقوات «يونيفيل» في بلدة حولا جنوب لبنان حيث تظهر صورة كبيرة للأمين العام السابق لـ«حزب الله» حسن نصر الله على أحد المباني (إ.ب.أ)

مرشحون جدد ينافسون الثنائي الشيعي في انتخابات جنوب لبنان

يبذل الثنائي الشيعي - «حزب الله» و«حركة أمل» - في جنوب لبنان جهوداً للتوافق في الانتخابات البلدية والتوصل إلى لوائح تفوز بالتزكية، فيما قرر مستقلون مواجهتهم.

كارولين عاكوم (بيروت)
المشرق العربي رئيس الوزراء اللبناني نواف سلام (يمين) يستقبل الرئيس الفلسطيني محمود عباس قبل لقائهما بالسراي الحكومي في بيروت (أ.ب)

تقرير: سحب السلاح من المخيمات الفلسطينية في لبنان يبدأ منتصف الشهر المقبل

اتفق الجانبان، اللبناني والفلسطيني، الجمعة، على البدء بسحب السلاح من مخيمات اللاجئين الفلسطينيين منتصف يونيو.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

«حماس» تواجه واقعاً معقداً هو الأصعب منذ تأسيسها

ينتظرون أمام تكية للحصول على طعام في النصيرات بوسط قطاع غزة السبت (أ.ف.ب)
ينتظرون أمام تكية للحصول على طعام في النصيرات بوسط قطاع غزة السبت (أ.ف.ب)
TT

«حماس» تواجه واقعاً معقداً هو الأصعب منذ تأسيسها

ينتظرون أمام تكية للحصول على طعام في النصيرات بوسط قطاع غزة السبت (أ.ف.ب)
ينتظرون أمام تكية للحصول على طعام في النصيرات بوسط قطاع غزة السبت (أ.ف.ب)

تواجه حركة «حماس»، ظروفاً قد تكون الأصعب على الإطلاق منذ تأسيسها عام 1987، بفعل تداعيات هجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 على المواقع الإسرائيلية في غلاف غزة، والتي لم تكن الحركة، على الأرجح، تتوقع أن تكون بهذا الشكل الكبير.

وقتلت إسرائيل، رداً على هذا الهجوم، أكثر من 50 ألف فلسطيني في قطاع غزة، بينهم عدد كبير من قادة «حماس»، ويقوم الجيش الإسرائيلي حالياً بتقطيع أوصال القطاع بعدما دمّره إلى حد كبير.

ولا تقتصر أزمة «حماس» على قطاع غزة، بل تمتد إلى الضفة الغربية والخارج، وتحديداً لبنان، حيث تواجه الحركة، على هذه الجبهات الثلاث، أزمات كبيرة خاصةً فيما يتعلق بواقعها الاقتصادي والأمني، فيما تشهد غزة على وجه الخصوص أزمات إدارية وتراجعاً واضحاً في التأييد الشعبي لـ«حماس».

وتؤكد مصادر من «حماس» وأخرى من خارجها لـ«الشرق الأوسط»، أن هذه الأوضاع لم تمر على الحركة من قبل، سواء خلال هذه الحرب الحالية أو في فترات سابقة، وحتى في ظل ملاحقة إسرائيل والسلطة الفلسطينية لها واعتقال نشطائها في التسعينات، رغم أن «حماس» لم تكن بنفس القوة حينها من حيث الشعبية والحضور الاقتصادي والسياسي والعسكري.

فعلى المستوى الاقتصادي، تقول المصادر إن الحركة تعاني ظروفاً قاسية فيما يتعلق بتوفير الرواتب لموظفيها الحكوميين بغزة، وكذلك لنشطائها المنضوين في «كتائب القسام»، الجناح العسكري للحركة، أو حتى ممن يعملون في أجهزة أخرى داخل الحركة من مختلف المستويات.

فلسطينيون عند مركز لتوزيع المياه في مخيم النصيرات بوسط قطاع غزة اليوم السبت (أ.ف.ب)

وتوضح المصادر أنه منذ 4 أشهر لم يصرف للموظفين الحكوميين بغزة التابعين لحكومة «حماس» سوى 900 شيقل فقط (نحو 250 دولاراً)، الأمر الذي يثير استياء بين الموظفين، ويزيد من متاعب الحياة بالنسبة إلى كثيرين منهم ولعوائلهم التي باتت لا تجد مالاً يساعدها في تأمين لقمة العيش.

وتشير المصادر ذاتها إلى أن موازنات العمل الاجتماعي والخدماتي المخصص لبعض الوزارات والجهات الحكومية، مثل لجان الطوارئ، توقفت بشكل شبه كامل منذ أكثر من 4 أشهر، الأمر الذي بات يعيق تحركات الجهات الخدماتية التابعة لحكومة «حماس» بشكل كبير. وباتت الوزارات التي تقدم الخدمات بشكل أكبر للمواطنين، مثل وزارتي الصحة والتنمية الاجتماعية، تعتمد على ما يرد من المؤسسات الدولية لتوفير الوقود والاحتياجات الدوائية للمواطنين.

وتلفت المصادر إلى أن «كتائب القسام» لم تصرف رواتب لعناصرها منذ نحو 3 أشهر، كما أنها تواجه معاناة شديدة في توفير أموال لشراء بعض الاحتياجات الخاصة بالأعمال العسكرية.

وتكشف المصادر عن أن عوائل القتلى من نشطاء «حماس» وجناحها العسكري، وكذلك الأسرى والجرحى، لم يتلقوا رواتبهم بانتظام، بعكس ما كان يجري طوال أشهر الحرب، أسوةً ببقية المستويات في الحركة، مشيرةً إلى أن هناك عوائل تعتمد على ما كان يُصرف لها، ومع توقف ذلك منذ ما يزيد على شهرين ونصف شهر، فإن الأمور باتت أكثر تعقيداً.

وعلى المستوى الإداري، تؤكد المصادر أن هناك فراغاً إدارياً واضحاً في الكثير من المهام والأعمال الحكومية بغزة، وتجد الحركة صعوبات بالغة في سد هذا الفراغ بفعل تعمّد إسرائيل قصف أي شخصية تظهر لمحاولة توفير احتياجات العمل الحكومي أو حتى أن تعيد ترتيب الأوضاع.

وتشير المصادر إلى أن هذا ينطبق حتى على المستوى التنظيمي في بعض المناطق وليس جميعها داخل قطاع غزة، لكن على مستوى الجناح العسكري لا تزال الهيكلية الإدارية مستمرة بالعمل. غير أن الملاحقة العسكرية المستمرة من قبل إسرائيل والاغتيالات لقيادات ونشطاء بارزين تصعّب بعض المهام خاصةً في شمال القطاع وجنوبه.

أمام مركز لتوزيع الطعام في خان يونس بجنوب قطاع غزة الجمعة (أ.ب)

ويلاحظ أنه بعد مرور عام على الحرب، تراجعت شعبية «حماس» داخل قطاع غزة بشكل لافت، وبات سكان يلومونها علناً، وحتى يهاجمونها جهاراً وليس فقط عبر وسائل التواصل الاجتماعي. بل هناك من يتجرأ على مهاجمة عناصرها وإطلاق النار تجاههم أو قربهم، في صورة لم يسبق أن حصلت طوال سنوات حكمها للقطاع منذ عام 2006.

وفي الضفة الغربية، تقول المصادر إن الحركة تواجه أيضاً مصيراً معقداً، في ظل الاعتقالات والملاحقات التي تقوم بها إسرائيل والأجهزة الأمنية الفلسطينية، كما أنها فقدت الكثير من خلاياها وأموالها، مشيرةً إلى أن تلك الخلايا كان من المفترض أن تقوم بهجمات داخل إسرائيل أو في مناطق بالضفة الغربية ضد المستوطنين أو القوات العسكرية، إلا أن تلك الهجمات كانت محدودة من بعض الخلايا التي قُتل أو اعتقل أفرادها لاحقاً، فيما لم تقم خلايا أخرى بمهامها لأسباب أمنية مختلفة أو خشيةً من تأثيرات ذلك عليها في ظل الوضع الصعب بالضفة.

ويبدو أن مشاهد الوضع المأسوي في قطاع غزة أدت إلى تراجع أيضاً في شعبية «حماس» بالضفة الغربية، في ظل التهديدات الإسرائيلية بتحويل الضفة إلى غزة ثانية، خاصةً في مخيمات شمال الضفة التي تشهد عمليات عسكرية واسعة.

وفي الخارج، لا تعاني «حماس» مالياً أو إدارياً، لكنها في لبنان، بعد وقف الحرب (في نوفمبر «تشرين الثاني» الماضي)، باتت تواجه مشهداً معقداً يتعلق بوضعها السياسي والميداني وحتى المالي، خاصةً في ظل تشبث الحكم السياسي الجديد في لبنان بجمع السلاح الفلسطيني، وتوجيه رسائل واضحة للحركة ولفصائل فلسطينية أخرى بأنه لن يتم السماح بالقيام بأي أعمال تمس الأمن القومي اللبناني.

ولا يعرف كيف ستتصرف الحركة في لبنان بقضايا سلاحها وواقعها السياسي والمالي في الفترة المقبلة، في ظل التضييق الذي بدأت تتعرض له بشكل كبير في البلاد.

وعلى مدار عقود من الملاحقة الإسرائيلية والخلافات مع السلطة الفلسطينية، وحتى مع بعض الأنظمة السياسية في البلدان التي توجد بها الحركة، لم تواجه «حماس» مثل هذا المشهد المعقد، كما تؤكد المصادر.

وكانت الحركة تعرضت لعدة ضربات في الماضي، خاصة من خلال الاغتيالات الإسرائيلية، لكنها لم تصل لمثل هذا الواقع الصعب في ظل حرب مستمرة منذ نحو 20 شهراً.

وتقول مصادر من «حماس» إن هذا الوضع صعب جداً، بل هو كارثي، لكن الحركة قادرة على النهوض منه بعد توقف الحرب، وإن كان ذلك سيستغرق وقتاً طويلاً. وتضيف أن الحركة لا يزال لديها بعض القدرات المالية وغيرها من الإمكانات، لكن الواقع الأمني يفرض واقعاً آخر عليها التعامل معه.