غضب في العراق على تعذيب شاب... «مات سريرياً»

الداخلية تحقق في «مشاجرة»... ونائب اتهم ضباطاً بالتستر على الجناة

عناصر من الشرطة العراقية (وزارة الداخلية على «فيسبوك»)
عناصر من الشرطة العراقية (وزارة الداخلية على «فيسبوك»)
TT

غضب في العراق على تعذيب شاب... «مات سريرياً»

عناصر من الشرطة العراقية (وزارة الداخلية على «فيسبوك»)
عناصر من الشرطة العراقية (وزارة الداخلية على «فيسبوك»)

وجَّه نائبٌ في البرلمان العراقي اتهاماتٍ إلى وزارة الداخلية بالتورط في وفاة المهندس بشير خالد «سريرياً» جراء تعذيب تعرض له في أحد مراكز الشرطة ببغداد، كما اتهم بعض الضباط بـ«التعمد» بالإيعاز إلى موقوفين داخل أحد السجون بالاعتداء عليه وضربه حد الموت.

في المقابل، تقول وزارة الداخلية بعد قيامها بالتحقيق في الحادث إن الكدمات والموت السريري للشاب نجما عن «مشاجرة بينه وبين عدد من الموقوفين تعرض خلالها للضرب المبرح من قبلهم»، الأمر الذي عرضها إلى انتقادات شديدة بعد نشرها بيان لجنة التحقيق.

وقال النائب حسين عرب، في تصريحات إعلامية، إن ما ورد في بيان الداخلية «يخالف الحقيقة تماماً، وما جرى فعلاً» مع الشاب الذي وصفه بـ«المغدور».

وتحدث عن أن مجموعةً من الضباط من الشرطة الاتحادية «اقتادوا الضحية إلى مركز شرطة حطين واعتدوا عليه»، وتابع: «لدي أدلة فيديوية كاملة وليس مجرد كلام».

وأوضح النائب عرب أن «لواء الشرطة (الذي تشاجر مع الشاب) يمتلك علاقات مع قائد شرطة الكرخ، وأصرا على تعذيب المهندس البريء المقتول بعلم الداخلية».

وبعد تعرض الشاب إلى التعذيب من قبل ضابطين اثنين في مركز الشرطة، أكد النائب عرب أنه «اقتيد إلى سجن التسفيرات (المركزي) وسلم إلى ضابط برتبة عميد قام بإدخاله إلى السجن وأبلغ المجرمين الموجودين هناك بضربه وقتله عمداً».

وأشار عرب إلى أن «كاميرات موجودة داخل السجن وفي الإمكان التأكد من ذلك»، وخاطب رئيس الوزراء قائلاً إن «دم هذا الشاب في رقبتك».

تحقيق الداخلية

كان وزير الداخلية عبد الأمير الشمري وجه الخميس بتشكيل لجنة تحقيقية بشأن الحادث الذي حصل في قيادة الشرطة الاتحادية.

وأعلنت لجنة التحقيق، مساء الجمعة، ما قالت إنها نتائج اللجنة المشكلة لمعرفة ملابسات المشاجرة والحادث الذي حصل بين مدير الرواتب والأمور المالية في قيادة قوات الشرطة الاتحادية والمواطن (بشير خالد لطيف).

وذكرت في بيانها المطول أن الشاب المذكور «قام في ساعة متأخرة من الليل بالحضور إلى بوابة مجمع الأيادي السكني في منطقة العامرية (غرب بغداد)، وبعد منعه من الدخول قام بالتسلل من السياج القريب لباب المبنى الذي يسكن فيه مدير الرواتب والأمور المالية في قيادة قوات الشرطة الاتحادية».

وبعد وصوله إلى باب شقة مدير الرواتب «حدثت مشاجرة بينهما شارك فيها ابن مدير الرواتب أيضاً، بعدها حضرت دوريات النجدة التي تم استدعاؤها، وقامت بنقل المواطن إلى مركز شرطة حطين وتوقيفه بالموقف الخاص بالمركز».

النائب حسين عرب وهو يزور الضحية في أحد مستشفيات بغداد (أمس)

وتحدث البيان عن أن الشاب المواطن «كان في حالة هستيرية، وبالتالي حصلت مشاجرة بينه وبين عدد من الموقوفين تعرض خلالها للضرب المبرح من قبل الموقوفين، وعلى أثرها جرى نقله إلى المستشفى لتدهور حالته الصحية».

وقررت اللجنة، حسب البيان، «تشكيل مجلس تحقيقي بحق مدير الرواتب والأمور المالية وولده الذي يعمل بصفة شرطي لاستغلالهما نفوذهما الوظيفي، وتشكيل مجلس تحقيقي آخر بحق ضابط التحقيق، لعدم اتخاذه الإجراءات الأصولية في تسجيل شكوى متقابلة للمتهم الموقوف، فضلاً عن تشكيل مجلس تحقيقي بحق كادر الموقف المركزي المتمثل بوجبة الخفر التي كانت موجودة أثناء وقوع المشاجرة وعدم السيطرة على الموقوفين داخل القاعة أثناء وقوع الضرب المبرح على المتهم».

كما أوصت اللجنة بتحويل القضية بالكامل إلى مديرية مكافحة إجرام بغداد - الكرخ للغموض الحاصل بالحادث بهدف التعمق فيه والوصول إلى النتائج النهائية في جميع ملابساته.

انتقادات حادة

وتعرض بيان لجنة التحقيق إلى انتقادات شديدة وجهها كثيرون إلى وزارة الداخلية بسبب ما قالوا إنه «استغلال للمنصب وانفلات يمارسه عناصرها على نطاق واسع»، وأبلغ ضابط رفيع «الشرق الأوسط» بأن «عمليات تعذيب المتهمين تجري بشكل روتيني وعلى نطاق واسع في جميع مراكز الشرطة والاحتجاز، ولا تكشف عن ذلك إلا حالات الموت التي يتعرض لها بعض الموقوفين أو المتهمين».

وتعليقاً على بيان وزارة الداخلية، قال المحامي ومقدم البرامج حسام الحاج في تدوينة عبر «إكس» إن «وزارة الداخلية تقول وبلا دليل واضح إن المهندس الذي عُذب على أثر مشاجرة مع لواء ونجله، هو ضحية مشاجرة داخل السجن أو التوقيف، أصلاً، المهندس لم يعتقل بأمر قبض قضائي، ثم إن الوزارة لديها كاميرات في التوقيف لماذا لم تعرض صورة أو مقطعاً يثبت كلامها، التستر على المجرمين جريمة أبشع يا وزارة إنفاذ القانون».

ووصف الصحافي المقيم في الولايات المتحدة الأميركية رياض محمد، بيان وزارة الداخلية بـ«الفضيحة». وقال عبر منشور في «فيسبوك»، إنه «لو افترضنا جدلاً أن ما تقوله في هذا البيان - الفضيحة كان صحيحاً، فهذا حادث آخر يؤكد أن حياة الإنسان في العراق لا تساوي لدى هذه الوزارة - بل لدى الدولة العراقية بمجملها - فلساً أحمر»، على حد تعبيره.

ويضيف أن «متهماً يحتجز ويدخل حياً ويخرج بعد يوم ميتاً بسبب الضرب والتعذيب! كل هذا لأنه تشاجر مع لواء».


مقالات ذات صلة

الحكومة العراقية الجديدة مفتوحة على المفاجآت

المشرق العربي رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بجانب نوري المالكي خلال مناسبة دينية في بغداد (إعلام حكومي)

الحكومة العراقية الجديدة مفتوحة على المفاجآت

توتر سياسي واسع داخل المعسكر الشيعي الحاكم في العراق بعد التراجع عن إدراج «حزب الله» اللبناني وجماعة «الحوثي» اليمنية على قوائم الإرهاب.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي مقاتلون حوثيون خلال استعراض في صنعاء باليمن 21 سبتمبر 2024 (رويترز)

الرئاسة العراقية تنفي علمها بقرار اعتبار «حزب الله» والحوثيين «جماعتَين إرهابيتَين»

نفت رئاسة الجمهورية العراقية علمها أو مصادقتها على قرار اعتبار جماعتَي «أنصار الله (الحوثيين)»، و«حزب الله» اللبناني إرهابيَّتين، وتجميد أصولهما وأموالهما.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بجانب نوري المالكي خلال مناسبة دينية في بغداد (إعلام حكومي)

العراق يصنف «سهواً» حلفاء إيران «إرهابيين»... وارتباك داخل «التنسيقي»

في غضون ساعات، تراجع العراق عن وضع «حزب الله» وجماعة «الحوثي» على قائمة إرهاب، بعد ارتباك وذهول بين أوساط حكومية وسياسية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي مناصرون يحملون أعلام «حزب الله» اللبناني في بيروت (رويترز)

السوداني يوجه بالتحقيق في خطأ يتعلق بقائمة لتجميد أموال شملت «حزب الله» و«الحوثيين»

وجَّه رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، اليوم الخميس، بتحقيق عاجل ومحاسبة المقصرين بشأن الخطأ بقرار لجنة تجميد الأموال.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
تحليل إخباري ولدان يجلسان على خط الأنابيب العراقي - التركي في قضاء زاخو بمحافظة دهوك بإقليم كردستان العراق (روترز)

تحليل إخباري صراع خطوط الأنابيب... ازدياد النفوذ الأميركي في العراق وتراجع الهيمنة الإيرانية

شهدت الأشهر القليلة الماضية تصعيداً خفياً وفعالاً للضغط الدبلوماسي الأميركي على الحكومة العراقية، نتج عنه إعادة فتح خط أنابيب كركوك-جيهان.

«الشرق الأوسط» (بغداد، واشنطن)

الشيباني: نشكر كندا على رفع اسم سوريا من قوائم الدول الراعية للإرهاب

وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني (أ.ف.ب)
وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني (أ.ف.ب)
TT

الشيباني: نشكر كندا على رفع اسم سوريا من قوائم الدول الراعية للإرهاب

وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني (أ.ف.ب)
وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني (أ.ف.ب)

شكر وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني «كندا على قرارها رفع اسم سوريا من قوائم الدول الراعية للإرهاب». وأضاف، في بيان، اليوم (الثلاثاء): «نثمن دعم كندا لسوريا في مسيرتها الحالية نحو الاستقرار وإعادة الإعمار».

وتابع البيان: «إن هذا القرار يشكل لحظة مهمة لتعزيز العلاقات السورية – الكندية، ويمهِّد لمرحلة جديدة من الشراكات المتعددة... إن سوريا تشدد على استعدادها للعمل مع الشركاء الدوليين كافة والتواصل الإيجابي بما يسهم في دعم جهود التعافي الاقتصادي وإعادة الإعمار، ويصبّ في مصلحة الأمن والاستقرار الإقليميين والدوليين».


توافق رئاسي ثلاثي لبناني على الجانب «التقني - الأمني» للمفاوضات

رئيس البرلمان نبيه بري مجتمعاً مع وفد مجلس الأمن في بيروت الجمعة (رئاسة البرلمان)
رئيس البرلمان نبيه بري مجتمعاً مع وفد مجلس الأمن في بيروت الجمعة (رئاسة البرلمان)
TT

توافق رئاسي ثلاثي لبناني على الجانب «التقني - الأمني» للمفاوضات

رئيس البرلمان نبيه بري مجتمعاً مع وفد مجلس الأمن في بيروت الجمعة (رئاسة البرلمان)
رئيس البرلمان نبيه بري مجتمعاً مع وفد مجلس الأمن في بيروت الجمعة (رئاسة البرلمان)

أكّدت مصادر وزارية أنه لا خلاف بين الرؤساء الثلاثة، مع دخول المفاوضات اللبنانية - الإسرائيلية مرحلةً جديدةً بإدخال مدني إليها، هو سفير لبنان السابق لدى واشنطن، المحامي سيمون كرم، لترؤس الوفد اللبناني للجنة الـ«ميكانيزم»، بغية تفعيل اجتماعاتها للتوصل إلى اتفاق أمني، قاعدته الأساسية تطبيق وقف الأعمال العدائية، بخلاف اجتماعاتها السابقة التي غلبت عليها المراوحة، وتشاركت وقيادة القوات الدولية «اليونيفيل» في تعداد الخروق والغارات الإسرائيلية.

ولفتت إلى أن توافق الرؤساء على إخراج الـ«ميكانيزم» من الدوران في حلقة مفرغة، تلازم مع رسم حدود سياسية للتفاوض، محصورة بوقف الخروق والاعتداءات الإسرائيلية، والانسحاب من الجنوب، وإطلاق الأسرى اللبنانيين، وإعادة ترسيم الحدود وتصحيحها، انطلاقاً من التجاوب مع تحفّظ لبنان على النقاط المتداخلة الواقعة على الخط الأزرق والعائدة لسيادته.

رئيس الحكومة نواف سلام مجتمعاً مع السفير سيمون كرم (رئاسة الحكومة)

وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إن لبنان يصر على حصر جدول أعمال المفاوضات ببنود أمنية لا يمكن تجاوزها للبحث في تطبيع العلاقات اللبنانية - الإسرائيلية، والتوصل إلى اتفاقية سلام بين البلدين، وهذا ما أجمع عليه رؤساء «الجمهورية»، العماد جوزيف عون، و«الحكومة»، نواف سلام، و«المجلس النيابي»، نبيه بري، الذي كان أول من اقترح إدخال مدنيين للـ«ميكانيزم»، ومن ثم أصروا على تكرار موقفهم في هذا الخصوص استباقاً لانعقاد الجولة الأولى من المفاوضات، بحضور الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس ومشاركة كرم فيها، بما يتعارض مع جدول أعمالها الذي حدده رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو.

وقالت إن نتنياهو يريد تكبير الحجر لتحريض «حزب الله» على الدولة وإرباكها، فيما يواصل جيشه خروقه واعتداءاته لتأليب بيئته عليه، وهذا ما تبين باستهدافه عدداً من المنازل الواقعة بين جنوب نهر الليطاني وشماله، رغم خلوها من مخازن لسلاح الحزب. ورأت بأنه يواصل ضغطه بالنار لإلزام لبنان بالتسليم لشروطه، وإن كان يدرك سلفاً أنه لا مجال أمام المفاوضات لخروجها عن جدول أعمالها التقني - الأمني، بالتلازم مع إصرار الحكومة اللبنانية على تطبيق حصرية السلاح بيد الدولة، ولا عودة عنه.

وتوقفت المصادر أمام تأكيد بري أنه كان أول مَن اقترح إدخال مدنيين للـ«ميكانيزم»، وسألت، أين يقف الأمين العام لـ«حزب الله» الشيخ نعيم قاسم من اقتراحه؟ وهل سبق أن اعترض على اقتراح «أخيه الأكبر» في هذا الخصوص؟ رغم أنه في كتابه المفتوح إلى الرؤساء الثلاثة أكّد رفضه للمفاوضات مع إسرائيل، ليعود لاحقاً إلى تصويب ما حمله كتابه هذا، بتكليفه قيادياً في الحزب بأن ينقل رسالة إليه مفادها أنه لم يكن هو المقصود به، لقطع الطريق على افتعال مشكلة داخل البيت الشيعي.

كما سألت قاسم، ألم يوافق الحزب على اجتماعات الـ«ميكانيزم»، ما دام «أخوه الأكبر» هو مَن يفاوض باسمه وكان وراء التوصل لاتفاق وقف النار مع الوسيط الأميركي آنذاك أموس هوكستين؟ وقالت إنه ليس لدى الحزب من أوراق سوى رفع سقف اعتراضه على المفاوضات، ولم يعد يملك ما يسمح له بأن يعيد خلطها في ضوء اختلال ميزان القوى لمصلحة إسرائيل، بعد أن أفقده إسناده غزة منفرداً توازن الردع وقواعد الاشتباك.

الدخان يتصاعد في بلدة المجادل في جنوب لبنان إثر استهدافها بقصف إسرائيلي يوم الخميس (أ.ف.ب)

ولفتت المصادر إلى أن الحزب يفتقد إلى أي بدائل لقلب موازين القوى، ويكتفي بتسجيل اعتراض من العيار الثقيل على المفاوضات، من دون أن يكون في وسعه ترجمته عسكرياً، رغم إصراره على تمسكه بسلاحه واتهامه حكومة سلّام بارتكاب خطيئة بموافقتها على حصرية السلاح التي يُفترض أن تتقدم بدءاً من شمال الليطاني حتى حدود لبنان الدولية مع سوريا، بالتلازم مع تسجيل تقدم في المفاوضات.

ورأت أن الحزب مضطر لوزن موقفه، لأنه ليس وارداً كسر علاقته بعون وتهديد تحالفه ببري، ما يُسبّب انكشافه فيما هو بأمس الحاجة لحماية الداخل، إضافة لما يترتب على «خدش» علاقته بهما من تداعيات سلبية على الطائفة الشيعية، لا يريدها ويتفداها، وما هو المانع من أن يضع ما لديه من أوراق بعهدة بري، كونه الأقدر منه على مراعاته للمزاج الشيعي الذي ينشد تحرير الجنوب، وإفساحاً في المجال أمام عودة أهله إلى قراهم، ولا يرى من منقذ غيره، ويتطلع إليه خصومه على أنه الممر الإلزامي للتوصل إلى تسوية تُعيد إدراج لبنان على لائحة الاهتمام الدولي، وتفتح كوّة لإعادة إعمار البلدات المدمرة، خصوصاً أنه يحظى بعلاقات دولية وعربية، بخلاف الحزب الذي لم يعد له سوى إيران.

وأكدت المصادر أن دخول المفاوضات في مرحلة جديدة كان وراء الضغط الأميركي على إسرائيل لمنعها من توسعتها للحرب، بعد أن استجاب لبنان لطلبها بتطعيم الـ«ميكانيزم» بمدني كُلّف برئاسة وفده، وتمنت على «حزب الله» الوقوف خلف الدولة في خيارها الدبلوماسي، وأن مخاوفه من أن تؤدي إلى ما يخشاه بالتوصل مع إسرائيل إلى اتفاقية سلام ليست في محلها، ما دام أن حليفه بري هو أول من أيد تطعيمها بمدنيين، وبالتالي ما المانع لديه من أن يعطيها فرصة ليكون في وسعه بأن يبني على الشيء مقتضاه لاحقاً، بدلاً من أن يُبادر من حين لآخر إلى «فش خلقه» بسلام، رغم أنه ليس فاتحاً على حسابه، وينسق باستمرار مع عون، ويتعاونان لتطبيق حصرية السلاح التي نص عليها البيان الوزاري للحكومة.

وكشفت أن التواصل بين عون وبري لم ينقطع، وهما قوّما قبل انعقاد الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء الأجواء التي سادت اجتماع الـ«ميكانيزم» في الناقورة، وقالت إن بري كان أوصى النواب المنتمين لكتلته النيابية، والمسؤولين في حركة «أمل»، بعدم التعليق لا سلباً ولا إيجاباً على كل ما يختص بالمفاوضات، وأن توصيته جاءت بناءً على رغبته في حصر الموقف به شخصياً لتفادي إقحام محازبي الطرفين في سجال، سرعان ما يتحول إلى مناوشات في الشارع، فيما الحزب يحرص، كما تقول قيادته، على تحصين علاقته بحليفه الأوحد في الساحة اللبنانية، بعد أن تفرّق عنه شركاؤه السابقون في محور الممانعة بتأييدهم حصرية السلاح.

وقالت المصادر إن الحزب يدرك جيداً أن الأبواب ما زالت مقفلة أمام تصويب علاقاته العربية والدولية، بخلاف بري. وسألت على ماذا يراهن، بعد أن رفضت قيادته المبادرة المصرية إصراراً منها، حسب مصادر دبلوماسية غربية لـ«الشرق الأوسط»، بأن ترهن موقفها بالمفاوضات الأميركية - الإيرانية، ليكون بمقدورها أن تضعه في سلة إيران، لعلها تتمكن من الحفاظ على نفوذها في لبنان بعد تراجع محور الممانعة في الإقليم؟

لذلك، سيأخذ الحكم والحكومة علماً باعتراض «حزب الله»، من دون أن يكون له مفاعيل تصعيدية بتحريك الشارع لتفادي الاحتكاك مع محازبي «أمل»، ما دام أن انطلاقة المفاوضات لا تلقى اعتراضاً من بري، وتبقى تحت سقف تحرير الجنوب تطبيقاً للـ«1701»، إلا إذا ارتأى الدخول في مزايدة شعبوية مع حليفه لا طائل منها، وستؤثر سلباً على حمايته، على الأقل داخل طائفته.


قاسم: ضم مدني لبناني إلى لجنة وقف إطلاق النار مع إسرائيل سقطة

نعيم قاسم خلال خطابه عبر الشاشة اليوم (الوكالة الوطنية)
نعيم قاسم خلال خطابه عبر الشاشة اليوم (الوكالة الوطنية)
TT

قاسم: ضم مدني لبناني إلى لجنة وقف إطلاق النار مع إسرائيل سقطة

نعيم قاسم خلال خطابه عبر الشاشة اليوم (الوكالة الوطنية)
نعيم قاسم خلال خطابه عبر الشاشة اليوم (الوكالة الوطنية)

رأى الأمين العام لـ«حزب الله» نعيم قاسم، الجمعة، أن تسمية السلطات اللبنانية مدنياً في اللجنة المكلفة مراقبة تطبيق وقف إطلاق النار مع إسرائيل، هي بمثابة «سقطة» تضاف إلى «خطيئة» الحكومة بقرارها نزع سلاح الحزب.

وخلال حفل حزبي، قال قاسم في خطاب عبر الشاشة: «نرى أن هذا الإجراء هو سقطة إضافية تُضاف إلى خطيئة قرار الخامس» من أغسطس (آب)، في إشارة إلى القرار الحكومي بنزع سلاح الحزب، لكنه أكد في الوقت نفسه تأييده خيار الدبلوماسية الذي تتبعه السلطات لوقف الهجمات الإسرائيلية.

وانضم، الأربعاء، مندوبان مدنيان لبناني وإسرائيلي إلى اجتماعات اللجنة المكلفة مراقبة وقف إطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل، في أول لقاء مباشر منذ عقود، قالت الرئاسة اللبنانية إن هدفه «إبعاد شبح حرب ثانية» عن لبنان.