لم تحل الخلافات السياسية بين «التيار الوطني الحر» الذي يترأسه النائب جبران باسيل، و«حزب الله»، دون تحالفهما في الانتخابات البلدية والاختيارية في بلدة حارة حريك في الضاحية الجنوبية لبيروت، فقد توصلا إلى لائحة مشتركة، رغم الخلافات التي سجلها الطرفان في ملفات سياسية مختلفة في الفترة الأخيرة، وشبه انفضاض العلاقة بينهما.
وحارة حريك في الأصل، هي بلدة مسيحية تقع على ساحل بعبدا (أو المتن الجنوبي)، ويقترع فيها رئيس «التيار الوطني الحر» السابق الرئيس اللبناني السابق ميشال عون. وبعد الحرب اللبنانية، لم يبقَ فيها إلا العشرات من المسيحيين، ومن بينهم راعي كنيسة حارة حريك. وباتت منذ مطلع التسعينات، تضم المركز السياسي لـ«حزب الله»، حتى بات يُشار في لبنان إلى موقف «حزب الله»، حين يُقال «حارة حريك».
وتعد غالبية سكان حارة حريك الحاليين من الطائفة الشيعية، في حين يبلغ عدد المقترعين فيها ما يقارب 12 ألف شخصاً، ينقسمون مناصفة، شيعة ومسيحيين. هذه البلدة التي لطالما تمتعت بخصوصية لدى «حزب الله»، وعُرفت بالمقر الرئيسي له.
وظهر التحالف بين «الثنائي الشيعي» و«التيار الوطني الحر»، في اللائحة التي أعلنت عنها قيادتا «حزب الله» و«حركة أمل»، مساء الأربعاء، وحملت عنوان «التنمية والوفاء»، وضمّت 18 مرشحاً توزعوا كالتالي: 10 مرشحين من الطائفة الشيعية (8 حزب الله و2 حركة أمل) و8 من الطائفة المسيحية (تيار وطني حر).
مسيحيون وشيعة
ولطالما جرى العرف في بلدية الحارة، على تشكيل مجلس بلدي وفق صيغة 10 أعضاء شيعة و8 أعضاء من الطائفة المسيحية، وذلك منذ تسعينات القرن الماضي، بحسب ما يؤكد عضو المجلس البلدي عبده كسرواني لـ«الشرق الأوسط» قائلاً: «لقد أثبتت التجربة أن هذا الاتفاق ناجح». ويضيف: «جدد التيار تحالفه مع الثنائي». أما بالنسبة إلى آلية اختيار المرشحين، فيقول كسرواني: «قام كل فريق بمراجعة العائلات في الحارة، والتي بدورها اختارت ممثليها، ليتبنى بعدها التيار الوطني الحر غالبية الأعضاء الذين سمتهم عائلاتهم».
وقد اتفق الثنائي على تسمية نائب جديد للرئيس وهو صادق علي سليم، أما على الجانب المسيحي، وعلى الرغم من أنه لم يعلن بعد عن وجود اتفاق نهائي على اسم الرئيس، تبدو حظوظ رئيس البلدية الحالي كبيرة جداً لانتخابه للمنصب نفسه.
لائحتان
وفي مقابل اللائحة الأولى المدعومة من «الثنائي» و«التيار»، تشكلت لائحة منافسة، تحت اسم «تجمع عائلات حارة حريك» مؤلفة من 7 مرشحين. يقول مصدر مسيحي داعم للائحة، لـ«الشرق الأوسط» إن «هذه اللائحة تشكلت نتيجة غياب التوافق بين عائلات مسيحية و(التيار الوطني الحر)»، لافتاً إلى أن «مساعي بذلها النائب آلان عون من أجل التوافق، لكن موقف التيار الوطني الحر الرافض حال دون ذلك، فارضاً على العائلات الأخرى، خياراته السياسية». وأكد أن «عون لم يرشح أحداً من أعضاء اللائحة، لكنه داعم لترشحهم ما دام أنه خيارهم في تمثيل عائلاتهم».
وأصدر «تجمع عائلات حارة حريك»، بياناً الخميس، قال فيه إن «البعض اعتمد على الشريك الشيعي ليفرض على قسم من العائلات المسيحية من يمثلهم خلافاً لإرادتهم»، ضارباً «بكل منطق التوافق عرض الحائط».
ورداً على بيان التجمع المذكور، قال «التيار الوطني الحر» في حارة حريك، في بيان الخميس، إن هدف التجمع «انتخابي بحت»، وإن البيان حاول تصوير التعاون بين التيار والثنائي «كوسيلة للاستقواء على مسيحيي الحارة، في محاولة مستغربة لاستغلال الغرائز الطائفية».
وينطلق الاستحقاق البلدي في لبنان، الأحد 4 مايو (أيار) الحالي، بعد تأجيل حصل لمرتين متتاليتين، والبداية من محافظة جبل لبنان، على أن تليها المحافظات الأخرى. وتُجرى الانتخابات البلدية والاختيارية كل 6 سنوات، وعادة ما تتشكل اللوائح الانتخابية على أساس تحالفات سياسية، ويُنتخب الأعضاء بالاقتراع السري المباشر. وقد دعا الثنائي جماهيره للمشاركة الواسعة والفاعلة في الانتخابات البلدية والاختيارية في كل لبنان.