الرئيس اللبناني يتوجه إلى باريس في أول زيارة لبلد غربي

الرئيس اللبناني جوزيف عون يستقبل نظيره الفرنسي في قصر بعبدا 17 يناير 2025 (الرئاسة اللبنانية)
الرئيس اللبناني جوزيف عون يستقبل نظيره الفرنسي في قصر بعبدا 17 يناير 2025 (الرئاسة اللبنانية)
TT

الرئيس اللبناني يتوجه إلى باريس في أول زيارة لبلد غربي

الرئيس اللبناني جوزيف عون يستقبل نظيره الفرنسي في قصر بعبدا 17 يناير 2025 (الرئاسة اللبنانية)
الرئيس اللبناني جوزيف عون يستقبل نظيره الفرنسي في قصر بعبدا 17 يناير 2025 (الرئاسة اللبنانية)

يتوجّه الرئيس اللبناني جوزيف عون، غداً الجمعة، إلى فرنسا في أول زيارة رسمية له إلى دولة غربية منذ انتخابه في يناير (كانون الثاني)، بعدما ساهمت باريس بشكل كبير في وصوله إلى الرئاسة، آملاً في إطلاق مسار إصلاحات سياسية واقتصادية في بلد يرزح تحت أزمة عميقة.

وأنهى انتخاب عون وتشكيل حكومة برئاسة الإصلاحي نواف سلام فراغاً وجموداً سياسياً استمر لأكثر من عامين، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وتقع على عاتق عون وسلام مهمة صعبة تتمثل في تنفيذ الإصلاحات المطلوبة من قبل المجتمع الدولي من أجل الإفراج عن التمويلات اللازمة لإخراج البلاد من الأزمة الاقتصادية المستمرة منذ أكثر من خمس سنوات.

وأمامهما أيضاً تحدّي نزع سلاح «حزب الله» بموجب اتفاق وقف إطلاق النار الذي أنهى، أواخر نوفمبر (تشرين الثاني)، حرباً دامية بين الحزب حليف إيران وإسرائيل، خرج منها لبنان منهكاً.

ويعتبر الأستاذ في معهد العلوم السياسية في باريس كريم بيطار أن «هذه الزيارة إلى فرنسا ذات رمزية كبيرة؛ لأن فرنسا كانت، إلى جانب الولايات المتحدة والسعودية، من بين الدول الثلاث التي دفعت بقوة نحو انتخاب جوزيف عون رئيساً للجمهورية».

ويضيف بيطار أن الزيارة «تهدف أيضاً إلى تمكين فرنسا من استعادة الدور التقليدي الذي كانت تلعبه خلال المؤتمرات السابقة للمانحين، أي أن تكون فرنسا هي الجهة التي تعبّئ الدول الصديقة للبنان».

إصلاحات ضرورية

ومن المقرر أن يلتقي عون الجمعة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي زار بيروت في 17 يناير بعيد انتخاب عون، وأعلن حينها عن عقد مؤتمر دولي لإعادة إعمار لبنان، لم يحدد تاريخه بعد.

وأكد الرئيس اللبناني، الأربعاء، خلال استقباله المبعوث الفرنسي جان إيف لودريان أنه «يتطلع إلى اللقاء مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يوم الجمعة المقبل في باريس لشكره مجدداً على الدور الذي يلعبه في دعم لبنان ومساعدته على النهوض من جديد»، بحسب بيان صادر عن مكتب الرئاسة.

الرئيس اللبناني جوزيف عون يستقبل المبعوث الفرنسي جان إيف لودريان (الرئاسة اللبنانية)

وأضاف عون أنه «مصمم مع الحكومة على تجاوز الصعوبات التي يمكن أن تواجه مسيرة الإصلاح في البلاد في المجالات الاقتصادية والمصرفية والمالية والقضائية».

وفي هذا السياق، يشرح كريم بيطار: «شهدنا موجة من التفاؤل خلال الشهرين الماضيين، لكن لا تزال هناك أسباب تدعو للخشية من أن مهمة القادة الجدد لن تكون بهذه السهولة».

ويضيف بيطار أن مسار الإصلاحات يصطدم بما يسميه «فريق المصالح الخاصة الذي يسعى إلى منع أي إصلاح اقتصادي أو اجتماعي، وأي بناء لدولة، وأي إصلاح أو اتفاق مع صندوق النقد الدولي».

ويلفت النظر إلى أن هذه الدولة العميقة حيث السلطة السياسية والاقتصادية والإعلامية مترابطة بشكل وثيق، «تسعى إلى حماية النظام الذي استمر طوال 30 عاماً».

ويعدّ الصراع القائم حالياً حول تعيين حاكم جديد لمصرف لبنان، دليلاً دامغاً على ذلك، بينما الحاكم السابق رياض سلامة المتّهم بعمليات اختلاس ضخمة من الأموال العامة موقوف في السجن.

نزع سلاح «حزب الله»

ويعيش لبنان أزمة اقتصادية غير مسبوقة منذ عام 2019، نتيجة سوء الإدارة والفساد والإهمال وتقاعس الطبقة السياسية الحاكمة منذ عقود.

وتقع على عاتق رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة أيضاً مهمة حساسة تتمثّل في الإشراف على نزع سلاح «حزب الله» من جنوب البلاد كمرحلة أولى.

ووضع اتفاق وقف إطلاق النار الذي أبرم في 27 نوفمبر، حداً للأعمال القتالية بين «حزب الله» وإسرائيل.

وهو نصّ على سحب الدولة العبرية قواتها من جنوب لبنان، في مقابل تعزيز انتشار الجيش اللبناني وقوات الأمم المتحدة (يونيفيل) في المنطقة.

وعلى «حزب الله» الذي خرج منهكاً من الحرب تفكيك بنيته العسكرية والانسحاب إلى شمال نهر الليطاني، أي على مسافة نحو ثلاثين كيلومتراً من الحدود بموجب الاتفاق.

ومع انقضاء المهلة الممدّدة لإنجاز الانسحاب الإسرائيلي في 18 فبراير (شباط)، أبقت الدولة العبرية على قواتها في خمس مرتفعات استراتيجية تخولها الإشراف على مساحات واسعة على جانبي الحدود، ولا تزال تشنّ غارات على جنوب وشرق لبنان.

ويُقدّر كريم بيطار أن «حزب الله ربما خسر 70 أو 80 في المائة من قدراته العسكرية، لكنه غير مستعد بعد لتسليم سلاحه إلى الجيش اللبناني، كما ينص اتفاق وقف إطلاق النار».


مقالات ذات صلة

سلام: على الجيش الإسرائيلي الانسحاب الكامل من الأراضي اللبنانية

المشرق العربي رئيس الوزراء اللبناني نواف سلام (رويترز)

سلام: على الجيش الإسرائيلي الانسحاب الكامل من الأراضي اللبنانية

شدد رئيس الوزراء اللبناني نواف سلام خلال لقاء مع قائد عسكري بريطاني «على ضرورة الانسحاب الإسرائيلي الكامل من الأراضي اللبنانية».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام ووزير الأشغال فايز رسامني خلال جولة في مطار بيروت (رئاسة الحكومة)

أمن مطار بيروت وتطويره يتصدران أولويات الحكومة اللبنانية

تصدر أمن «مطار رفيق الحريري» في بيروت، وتسهيل حركة المسافرين، قائمة اهتمامات الحكومة اللبنانية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
تحليل إخباري أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم (الوكالة الوطنية للإعلام)

تحليل إخباري رسائل «حزب الله» الداخلية والخارجية... توجّه نحو الواقعية والتهدئة

اتسمت مواقف أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم الأخيرة بـ«الواقعية وتوجّه تكتيكي نحو التهدئة» بعد فترة من التصعيد.

كارولين عاكوم (بيروت)
المشرق العربي محتجون أمام قصر العدل في طرابلس ليل الاثنين يطالبون بالإسراع في إعلان نتائج الانتخابات (الوكالة الوطنية)

إرباك إداري بانتخابات طرابلس في شمال لبنان يخرج المحتجين إلى الشوارع

تحوَّلت مدينة طرابلس في شمال لبنان، إلى مركز مواجهة سياسية وإدارية نادرة، بعدما تأخر إصدار نتائج الانتخابات البلدية فيها، التي أُجريت الأحد الماضي.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي تصاعد الدخان جرّاء الغارات الإسرائيلية على جنوب لبنان (إ.ب.أ)

قتيل في غارة إسرائيلية على جنوب لبنان

أعلنت وزارة الصحة اللبنانية، الثلاثاء، سقوط قتيل جرّاء غارة إسرائيلية استهدفت دراجة نارية في جنوب لبنان.

«الشرق الأوسط» (بيروت )

سوريون يعدّون قرار رفع العقوبات الأميركية بداية «مرحلة جديدة» لبلدهم

أشخاص يتسوّقون في سوق الحميدية في وسط دمشق بسوريا 14 مايو 2025 (إ.ب.أ)
أشخاص يتسوّقون في سوق الحميدية في وسط دمشق بسوريا 14 مايو 2025 (إ.ب.أ)
TT

سوريون يعدّون قرار رفع العقوبات الأميركية بداية «مرحلة جديدة» لبلدهم

أشخاص يتسوّقون في سوق الحميدية في وسط دمشق بسوريا 14 مايو 2025 (إ.ب.أ)
أشخاص يتسوّقون في سوق الحميدية في وسط دمشق بسوريا 14 مايو 2025 (إ.ب.أ)

على وقع المفرقعات والتصفيق، احتشد سوريون فرحين في شوارع مدنهم، ليل الثلاثاء، لا سيما حلب ودمشق، احتفالاً بقرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب رفع العقوبات عن بلادهم التي فرضت خلال عهد الرئيس المخلوع بشار الأسد.

سوريون يحتفلون في ساحة الأمويين في دمشق بعد قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب برفع العقوبات عن سوريا 13 مايو 2025 (أ.ف.ب)

في ساحة سعدالله الجابري في وسط مدينة حلب في شمال سوريا، تجمّع العشرات من رجال ونساء وأطفال، رافعين العلم السوري الجديد، بينما صفقوا وغنوا فرحاً بالقرار الأميركي الذي يعتبرون أنه سينعش اقتصاد بلادهم المنهك بعد نزاع مدمر استمر 14 عاماً، وفق ما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وجال آخرون في سياراتهم مطلقين الزمامير؛ تعبيراً عن سعادتهم بهذه الخطوة التي تأتي بعد أشهر من سقوط الرئيس السابق الأسد.

وقالت زين الجبلي (54 عاماً) التي تملك معملاً للصابون في حلب بينما وقفت مع المحتفلين في ساحة سعد الله الجابري: «سمعت بخبر رفع العقوبات فجئت إلى هنا إلى ساحة سعد الله الجابري التي لها رمزية كبيرة عند شعب حلب وثوار حلب».

وتضيف: «العقوبات كانت مفروضة على الأسد، الحمد الله سوريا تحررت، وسيكون لذلك أثر إيجابي للصناعيين وفي دفع عجلة الاقتصاد ودفع الناس للعودة» إلى البلاد.

أشخاص يتسوّقون في سوق الحميدية في وسط دمشق بسوريا 14 مايو 2025 (إ.ب.أ)

وأعرب غيث عنبي (26 عاماً)، وهو مهندس مدني بينما شارك المحتفلين فرحتهم في حلب، عن «شعور رائع جداً برفع العقوبات، هذه ثاني فرحة بعد سقوط الأسد».

وأضاف الشاب: «أنا كمهندس أرى أن آثار رفع العقوبات عن الشعب السوري ستكون إيجابية لناحية إعادة الإعمار وإعادة بناء البنى التحتية، لا سيما في مدينة حلب وهي مدينة اقتصادية، سيكون هناك ازدهار اقتصادي كبير بالنسبة للشعب السوري على مستوى كل سوريا».

«مرحلة جديدة»

ومن شأن قرار رفع العقوبات الذي أعلن عنه الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الثلاثاء، خلال كلمة له في العاصمة السعودية التي زارها في إطار جولة خليجية تشمل الإمارات وقطر، أن يدفع بعجلة الاقتصاد في البلاد ويجذب الاستثمارات، ما يسهم في الدفع بعملية إعادة الإعمار.

ورأت الخارجية السورية في القرار الأميركي «نقطة تحوّل محورية» للبلاد، بينما اعتبر وزير المالية السوري محمد يسر برنية في تصريحات لوكالة الأنباء الرسمية السورية «سانا»، الثلاثاء، أن «قرار رفع العقوبات سيساعد سوريا في بناء مؤسساتها، وتوفير الخدمات الأساسية للشعب، وسيخلق فرصاً كبيرة لجذب الاستثمار وإعادة الثقة بمستقبل سوريا».

أشخاص يتسوّقون في سوق الحميدية في وسط دمشق بسوريا 14 مايو 2025 (إ.ب.أ)

وفُرضت معظم هذه العقوبات الأميركية بعد بداية النزاع السوري في عام 2011، وطالت الرئيس المخلوع وعدداً من أفراد عائلته وشخصيات وزارية واقتصادية في البلاد.

وفي عام 2020، دخلت عقوبات جديدة حيز التنفيذ بموجب قانون «قيصر»، استهدفت الكثير من أفراد عائلة الأسد والمقربين منه، بينهم زوجته أسماء الأسد، بما يشمل تجميد أصولهم في الولايات المتحدة.

وفرض بموجب القانون عقوبات مشددة على أي كيان أو شركة يتعامل مع النظام السوري. ويستهدف القانون كذلك قطاعات البناء والنفط والغاز، كما يحظر على الولايات المتحدة تقديم مساعدات لإعادة بناء سوريا، إلا أنه يعفي المنظمات الإنسانية من العقوبات جرّاء عملها في سوريا.

ومن حلب، قال تقي الدين نجار (63 عاماً) بينما شارك في الاحتفالات: «رفع العقوبات يخدم الشعب السوري بالدرجة الأولى، العقوبات كانت تضر فقط الشعب السوري ولا تضر النظام السابق».

في دمشق، تجمّع العشرات خلال الليل في ساحة الأمويين تعبيراً عن سعادتهم بالقرار الأميركي على وقع الموسيقى والمفرقعات.

وقالت هبة قصار (33 عاماً)، وهي مدرسة لغة إنجليزية: «الفرحة كبيرة جداً، طبعاً سينعكس القرار بشكل إيجابي على البلد كلها، سيعود الإعمار وسيعود المهجرون، والأسعار سوف تتراجع».

ويشاطرها أحمد أسما (34 عاماً) هذا الأمل. ويقول الرجل بينما كان يقود سيارته في ساحة الأمويين: «الحمد الله رفعت عنا العقوبات لكي نتمكن من أن نعيش كما كنا في السابق، وأفضل، نتمنى أن تكون هذه بداية مرحلة جديدة لسوريا».