أكراد سوريا يحتفلون بـ«نوروز» بآمال جديدة

أول عيد بعد سقوط نظام الأسد و«البعث»

من الاحتفالات بعيد «نوروز» في القامشلي (الشرق الأوسط)
من الاحتفالات بعيد «نوروز» في القامشلي (الشرق الأوسط)
TT
20

أكراد سوريا يحتفلون بـ«نوروز» بآمال جديدة

من الاحتفالات بعيد «نوروز» في القامشلي (الشرق الأوسط)
من الاحتفالات بعيد «نوروز» في القامشلي (الشرق الأوسط)

احتفل أكراد سوريا بعيد «نوروز» هذا العام للمرة الأولى بفرحة عارمة وروح جديدة، بعد سقوط نظام الأسد وحزب «البعث»، الذي فرض سياسات عنصرية، وصلت ذروتها في ثمانينات وتسعينات القرن الماضي، بعد حرمانهم من التحدث بلغتهم الأم في الدوائر الحكومية، ومنع ارتداء زيهم التقليدي، وإحياء طقوسهم القومية.

وتجمَّع الآف من سكان مدينة القامشلي، في منطقتي هيمو وعلي فرو، احتفالاً بقدوم رأس السنة الكردية. كما شارك أهالي محافظات الحسكة وحلب والرقة فرحة العيد على أنغام الموسيقى الكردية التقليدية، مرتدين ثيابهم التقليدية، وأضرموا النيران في الإطارات القديمة لمحاكاة رمزية الطقوس التقليدية، تخللها رفع صور زعماء كردستانيين، ولافتات تربط بين بهجة العيد وأمنيات التعافي من سنوات الحرب في هذه المنطقة الجغرافية من سوريا.

طفلة تحمل علماً عليه صورة الزعيم الكردي عبد الله أوجلان خلال الاحتفال بـ«نوروز» في بلدة العامودا بمحافظة الحسكة الخميس (أ.ب)
طفلة تحمل علماً عليه صورة الزعيم الكردي عبد الله أوجلان خلال الاحتفال بـ«نوروز» في بلدة العامودا بمحافظة الحسكة الخميس (أ.ب)

وشارك كثير من السوريين، من مختلف الطوائف والمذاهب، الأكراد احتفالاتهم هذا العام. وأحيا الفنان السوري سميح شقير هذه المناسبة عبر حضوره في احتفال القامشلي، وأطرب الجمهور بأغانيه الثورية وصوته الجبلي.

وجاءت هذه الاحتفالات بعد أيام من التوقيع على اتفاق تاريخي بين «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) والإدارة الانتقالية الجديدة في دمشق، يقضي باندماج هذه القوات وإدارتها المدنية مع هياكل الدولة السورية، وقد عقد الجانبان جولة محادثات تنفيذية أولى بينهما (الأربعاء) في مدينة الحسكة.

كما شارك أبناء مدينة السويداء في وقفة تضامنية وسط ساحة المحافظة، وأشعلوا نيران العيد، في حين نظَّم أهالي عدد من مدن الساحل السوري تجمعات احتفالية احتفاءً بالمناسبة، وفي العاصمة دمشق العاصمة شارك جميع السوريين احتفالات الأكراد.

وعبر سرور (38 عاماً)، الذي شارك في احتفال القامشلي، عن فرحته لقدوم «نوروز» هذا العام على الشعب الكردي بالقول: «بالنسبة لنا (نوروز) بداية فصل الربيع، لكن حُرمنا من أحيائه بحرية الأعوام السابقة بسبب سياسات الأسد و(البعث) العنصرية، نحن أحرار نغني ما نريد، ونلبس أزياءنا الفلكلورية، ونحيي طقوسنا السنوية».

أكراد يحملون مشاعل خلال الاحتفال بـ«نوروز» في بلدة العامودا بمحافظة الحسكة الخميس (أ.ب)
أكراد يحملون مشاعل خلال الاحتفال بـ«نوروز» في بلدة العامودا بمحافظة الحسكة الخميس (أ.ب)

أما برتان، الطالبة الجامعية في جامعة روج أفا التابعة للإدارة الذاتية، التي تدرس قسم اللغة الكردية، وكانت ترتدي زياً فلكلورياً طغى عليه الألوان الزاهية الخاصة بالعيد، فأعربت عن فرحتها بالقول: «ننتظر هذا العيد، على أمل أن تنتهي هذه الحروب ويعمّ السلامُ على شعبنا، ونحصل على حقوقنا القومية والاعتراف بنا وبلغتنا الكردية».

ونصَّ الاتفاق المبرم بين رئيس المرحلة الانتقالية أحمد الشرع وقائد «قسد»، مظلوم عبدي، على أن «المجتمع الكردي جزء أصيل في الدولة السورية، وتضمن الدولة السورية حقوقه في المواطنة، وكل حقوقه الدستورية»، ولم يتحدث الاتفاق عن نزع سلاح القوات أو دمجها بوصفها أفراداً، أسوةً بباقي الفصائل المسلحة، واكتفى النص على دمج كل المؤسسات المدنية والعسكرية في شمال شرقي سوريا، ضمن إدارة الدولة، ما أعطى مجالاً لتعزيز مطالب الأكراد بالحصول على حكم ذاتي.

من الاحتفالات بعيد «نوروز» في القامشلي (الشرق الأوسط)
من الاحتفالات بعيد «نوروز» في القامشلي (الشرق الأوسط)

وأشار علوان أوسي، وهو من سكان القامشلي، إلى النتائج الإيجابية للاتفاق، التي أكد أنها تركت ارتياحاً كبيراً بين نفوس الناس بعد سنوات من الانقسام والاحتقان والتوتر، وقال: «كان الأهالي في حيرة من أمرهم قبل ذلك، ولا أحد كان يتوقع ماذا سيكون مصيرنا، لكن بعد الاتفاق تحوَّلت الفرحة لثلاث فرحات: احتفالنا بـ(نوروز)، والاتفاق بين القامشلي ودمشق، واتفاق الأطراف الكردية».

ودعا «المجلس الوطني الكردي» إلى تفعيل الحلول السياسية بين دمشق والقامشلي، عبر الحوار للوصول إلى بناء سوريا ديمقراطية لامركزية، تسع كل السوريين. وقال في بيان نشر على حساباته الرسمية (الجمعة): «نطالب بدستور يقر الحقوق القومية للشعب الكردي ولكل المكونات القومية الأخرى، وتعزيز قيم العيش المشترك والتسامح والاحترام المتبادل بين جميع مكونات المجتمع السوري».

وبقي الأكراد خلال حقبة الأسد متمسكين بإقرار نظام حكم فيدرالي، وضمان حقوقهم السياسية والثقافية في الدستور طوال السنوات الماضية. وتتجه «قسد» نحو توسعة دائرة اللامركزية الإدارية التي تتمتع بها مناطق نفوذها منذ 10 سنوات. ويعطي الاتفاق مهلة زمنية للجان الفنية للتوافق حتى بداية العام المقبل، ما يعطي الفرصة لهذه القوات للإصرار على مطالبها.

سوريون يحتفلون بـ«نوروز» في دمشق الخميس (رويترز)
سوريون يحتفلون بـ«نوروز» في دمشق الخميس (رويترز)

وتقول مدرسة اللغة الكردية سرخبون، التي شاركت برفقة عائلتها الاحتفالات: «إن لدينا لغة وثقافة وفلكلوراً وطقوساً خاصة بنا، نحن نعيش مع باقي المكونات على هذه الأرض، ونختلف عنهم بخصوصيتنا القومية، لكننا مواطنون بهذه الدولة، ومطلبنا هو الاعتراف بنا شعباً قومياً».

وعشية «نوروز»، شهدت مدينة القامشلي مظاهرة احتجاجية رفضاً للإعلان الدستوري الصادر عن الحكومة السورية؛ حيث تجمع المئات من النشطاء والسكان أمام مقر الأمم المتحدة، رافعين لافتات تحمل شعارات كتب على إحداها: «أنا كردي القومية وطائفتي سوريا»، في حين كُتب على لافتة ثانية أن الإعلان الدستوري يُمثل: «حكم الإعدام على الديمقراطية والفيدرالية للحفاظ على الجمهورية السورية». كما تمسك الجميع بموقفهم الداعي إلى دولة ديمقراطية، تعددية، ولامركزية سياسية.

يذكر أن الأحزاب الكردية تطالب بتغيير اسم الدولة إلى «الجمهورية السورية»، ليكون معبّراً عن كل المكونات وعن التنوع الاثني والديني والعرقي في هذه البلاد، فضلاً عن الاعتراف باللغة الكردية ثانيَ لغةٍ على مستوى البلد، ولغة أولى في المناطق التي يشكل فيها الأكراد غالبية سكانها.


مقالات ذات صلة

شرطة السويداء تقبض باليد وبالدولار

المشرق العربي شرطي يعد المال الذي تسلّمه (محافظة السويداء)

شرطة السويداء تقبض باليد وبالدولار

بعد تأخر شهرين، بدأت قيادة شرطة محافظة السويداء، السبت، تسليم الرواتب للمعادين إلى الخدمة، والذين بلغ عددهم ستمائة عنصر شرطة وأربعين ضابطاً.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي دبابة إسرائيلية تدخل المنطقة العازلة بين إسرائيل وسوريا قرب بلدة مجدل شمس في الجولان المحتل في 17 مارس 2025 (إ.ب.أ)

سوريا «الهشة» تحت ضغط العقوبات والاعتداءات الإسرائيلية

تواصل إسرائيل توغلاتها وغاراتها على سوريا، فيما تتحدث واشنطن عن إمكان تخفيف العقوبات عن دمشق.

سعاد جروس (دمشق)
حصاد الأسبوع مظلوم عبدي

مظلوم عبدي قائد «قسد»... الذي وقّع اتفاق الدمج في الدولة السورية مع رئيسها أحمد الشرع

تصدّر اسم مظلوم عبدي، القائد العام لميليشيا «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) على صعيد الساحة السورية، بعد توقيعه اتفاق الدمج ضمن مؤسسات الدولة السورية مع رئيس المرحلة الانتقالية أحمد الشرع، ليس كفصيل عسكري، كما سبقه باقي الفصائل المسلحة، ولكن ككتلة عسكرية واحدة. جاء هذا مع تأكيده على وحدة الأراضي ورفض التقسيم، ولقد نشر تغريدة له على حسابه في منصة «إكس»، أكد فيها المضي قدماً في هذه الفترة الحساسة، للعمل من أجل ضمان مرحلة انتقالية تعكس تطلعات كل السوريين في العدالة والاستقرار؛ إذ قال: «نحن ملتزمون ببناء مستقبل أفضل، يضمن حقوق جميع السوريين، ويحقق تطلعاتهم في السلام والكرامة». واعتبر عبدي الاتفاق فرصة حقيقية وتاريخية لبناء سوريا جديدة تحتضن جميع مكوّناتها، وتضمن حسن الجوار، في إشارة إلى «الجارة» الإقليمية تركيا.

كمال شيخو (دمشق)
حصاد الأسبوع من معركة الباغوز (ا ف ب / رويترز)

«قسد»... النشأة والتحالفات والسيطرة وحربها مع تركيا

ظهرت ميليشيا «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) يوم 10 من أكتوبر (تشرين الأول) 2015 بعد مرور 4 أسنوات على اندلاع الحرب السورية بصفتها قوة عسكرية منظمة.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي صورة توضح الدمار الذي خلّفته غارة إسرائيلية على مدينة درعا بجنوب سوريا (أ.ف.ب) play-circle

إصابة عنصرين بوزارة الدفاع السورية جراء قصف إسرائيلي لمطار تدمر

أفاد «تلفزيون سوريا» بأن عنصرين من الفرقة الـ42 التابعة لوزارة الدفاع السورية، أصيبا إثر قصف إسرائيلي استهدف مطار تدمر العسكري، مساء اليوم الجمعة.

«الشرق الأوسط» (دمشق)

العراق وأميركا يناقشان استمرار التعاون ضد الإرهاب

جانب من العاصمة العراقية بغداد (أرشيفية - رويترز)
جانب من العاصمة العراقية بغداد (أرشيفية - رويترز)
TT
20

العراق وأميركا يناقشان استمرار التعاون ضد الإرهاب

جانب من العاصمة العراقية بغداد (أرشيفية - رويترز)
جانب من العاصمة العراقية بغداد (أرشيفية - رويترز)

أكد مستشار الأمن القومي العراقي، قاسم الأعرجي، والقائم بأعمال السفارة الأميركية في بغداد، السفير دانيال روبنستاين، الأحد، «أهمية دور العراق المحوري بالمنطقة».

وذكر مكتب الأعرجي الإعلامي في بيان، أوردته «وكالة الأنباء العراقية (واع)»، أن «مستشار الأمن القومي، استقبل بمكتبه في بغداد، القائم بأعمال السفارة الأميركية، السفير دانيال روبنستاين. وتناول اللقاء آخر مستجدات الأوضاع في المنطقة، إلى جانب بحث استمرار التعاون بين العراق والولايات المتحدة في مجال مكافحة الإرهاب والمجالات الأخرى التي تخدم مصالح البلدين».

وتابع أن «اللقاء شهد التأكيد أيضاً على أهمية دور العراق المحوري والفاعل في المنطقة، وأهميته في تعزيز الأمن والاستقرار على المستويين الدولي والإقليمي».