تهديد «حماس» ما زال قائماً رغم ردّها الباهت على الضربات الإسرائيلية

مسلحون من حركة «حماس» في خان يونس بجنوب قطاع غزة (رويترز)
مسلحون من حركة «حماس» في خان يونس بجنوب قطاع غزة (رويترز)
TT
20

تهديد «حماس» ما زال قائماً رغم ردّها الباهت على الضربات الإسرائيلية

مسلحون من حركة «حماس» في خان يونس بجنوب قطاع غزة (رويترز)
مسلحون من حركة «حماس» في خان يونس بجنوب قطاع غزة (رويترز)

ألحقت إسرائيل خسائر فادحة بحركة «حماس» الفلسطينية، عبر غارات جوية، هذا الأسبوع، قتلت رئيس حكومة غزة ومسؤولين كباراً آخرين، لكن مصادر فلسطينية وإسرائيلية تقول إن الحركة أظهرت أنها قادرة على تحمُّل أضرار كبيرة ومواصلة القتال والحُكم، وفق ما ذكرته وكالة رويترز للأنباء.

وفقاً لمصادر في «حماس»، فإنه بعد مقتل يحيى السنوار، رئيس المكتب السياسي، في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، انتقلت الحركة إلى مجلس قيادي أقل اعتماداً على الشخص الواحد. ومع تقلص ترسانتها الصاروخية، أعادت الحركة التركيز على حرب الشوارع، وبات جناحاها العسكري والسياسي يعتمدان على الأشخاص لنقل الرسائل؛ لتجنب التجسس الإلكتروني.

استهدف أحدث الضربات الإسرائيلية، بشكل رئيسي، إضعاف قدرة «حماس» على الحكم في غزة، مما ينذر بجولة جديدة كبرى من الهجمات العسكرية التي ردّت عليها الحركة، حتى الآن، بإطلاق بضعة صواريخ فقط على تل أبيب.

أنهى العنف وقف إطلاق النار، الذي استمر أسابيع، بعد حرب استمرت لمدة 15 شهراً حاولت فيها إسرائيل تدمير «حماس» بقصف عنيف وهجمات برية؛ رداً على هجوم السابع من أكتوبر 2023.

لا تزال خصماً قوياً

وقتلت الضربات الإسرائيلية، يوم الثلاثاء الماضي، عصام الدعليس، رئيس متابعة العمل الحكومي، الرئيس الفعلي للحكومة، ووكيل وزارة الداخلية محمود أبو وطفة ليلحقا الآلاف من مقاتلي «حماس» الذين لقوا حتفهم في الحرب، بالإضافة إلى كثير من قادتها العسكريين والسياسيين.

ومع توقع تجدد الصراع الشامل، الآن، في الشرق الأوسط المضطرب، فإن قدرة «حماس» على الصمود في وجه أي هجوم إسرائيلي جديد ستكون حاسمة في تحديد الإطار الزمني للصراع الجديد، والوضع داخل غزة بعد ذلك.

يقول رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو دوماً إن الهدف الرئيسي من الحرب هو تدمير «حماس» بوصفها كياناً عسكرياً وحاكماً. وأضاف أن هدف الحملة الجديدة هو إجبار الحركة على تسليم الرهائن المتبقّين.

تشير المقابلات، التي أجرتها «رويترز» مع أربعة مصادر داخل «حماس» وقريبة منها، وكذلك مع محللين إسرائيليين وفلسطينيين لديهم إلمام بقدرات الحركة وعملياتها، إلى أن «حماس» لا تزال خصماً قوياً، على الرغم من إضعاف قدراتها.

روايات المصادر عن المثال الذي قدمه الدعليس، طوال الحرب، حتى مقتله، من عقد الاجتماعات وتعيين المسؤولين ودفع الرواتب والتفاوض على تأمين تسليم المساعدات، يُظهر قدرة «حماس» على تولي زمام الأمور إلى حد ما، حتى في خِضم الفوضى.

وقال كوبي مايكل، من معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي ومعهد مشغاف للأمن القومي والاستراتيجية الصهيونية: «لا تزال (حماس) واقفة على قدميها، ولا تزال (حماس) تحكم الأراضي والسكان، وتبذل قصارى جهدها لإعادة بناء نفسها عسكرياً».

تجنيد الآلاف وصُنع قنابل جديدة

كان أول رد فعل لـ«حماس» على استئناف إسرائيل الغارات الجوية، يوم الثلاثاء، وبدء هجومها البري، يوم الأربعاء، هو إطلاق ثلاثة صواريخ على تل أبيب، أمس الخميس.

وصرحت الحركة، في وقت سابق، بأنها لن تردَّ لمنح مهلة للوسطاء للتوصل إلى طريقة ممكنة لمواصلة وقف إطلاق النار، وهو أمر يبدو مستبعَداً بشكل متزايد.

في الأسابيع التي سبقت سَريان وقف إطلاق النار في يناير (كانون الثاني) الماضي، قتلت «حماس» العشرات من الجنود الإسرائيليين في حرب شوارع كانت من بين أكثر المعارك شِدة التي أسقطت قتلى إسرائيليين في هذا الصراع.

وقال مصدر مقرَّب من «حماس»: «عندما ترسل إسرائيل القتال إلى عمق غزة، يصبح ساعتها حتمياً، ويبدأ جنود الاحتلال التساقط قتلى».

وتقول إسرائيل إن حملتها نجحت في تقليص ترسانة «حماس» من الصواريخ وقدرتها على العمل كمنظمة عسكرية متماسكة، وإنها قتلت نحو 20 ألف مقاتل. من ناحيتها، تنفي «حماس» هذا الادعاء، إلا أنها لم تذكر عدد المقاتلين الذين فقدتهم.

وقال مايكل ميلشتاين، ضابط المخابرات العسكرية الإسرائيلي السابق في مركز موشيه ديان بتل أبيب، إن «حماس» تمكنت من تجنيد آلاف المقاتلين الجدد مستقطبة كثيراً من الشبان العاطلين عن العمل في غزة.

وأضاف مايكل أنه رغم انقطاع إمدادات الأسلحة من الخارج، واستهداف العمليات الإسرائيلية مواقع التصنيع التابعة لـ«حماس» داخل القطاع، فقد أثبتت «حماس» قدرتها على صنع قنابل جديدة من الذخائر غير المنفجرة.

القدرة على الحكم

داخل غزة، وجّه مقتل الدعليس وشخصيات بارزة أخرى، هذا الأسبوع، ضربة قوية للحركة.

وقال ميلشتاين: «فقدوا عدداً من الشخصيات البارزة. كان عصام الدعليس رئيساً لحكومة الظل في غزة، لكن حتى بعد الدمار، لا يزالون يسيطرون على الشارع». ووصف «حماس» بأنها «الطرف المهيمن» في القطاع.

وأضاف: «هناك دائماً مَن سيحل محله»، دون أن يذكر مرشحين محددين.

وتؤكد قدرة الدعليس على العمل، حتى في أشد مراحل الحرب، حدة الصعوبات التي تواجهها إسرائيل.

وقال إسماعيل الثوابتة، الذي عمل مديراً لمكتب الدعليس: «رغم كونه في دائرة الاستهداف المباشر، وتهديدات الاغتيال المتكررة، لم يتوقف عن إدارة المشهد الحكومي بحكمة وحرص شديدين، وظلّ على رأس عمله متنقلاً بسرية تامة بين المؤسسات للإشراف على سير العمل».

وأفاد مصدر مقرَّب من الدعليس بأنه كان يتنقل في أنحاء غزة بسرية محكمة، تارة بسيارات، وتارة أخرى سيراً على الأقدام؛ للقاء الناس. وأضاف المصدر أنه كان يتواصل مع زملائه في الغالب برسائل ورقية.

وقال المصدر المقرَّب منه وآخر قريب من «حماس» إن الدعليس ومكتبه نجحا في ضمان استمرار دفع الرواتب لموظفي الحكومة.

وذكر المصدر القريب من «حماس»: «تخيل صعوبة توزيع الرواتب وإيصالها للموظفين في أنحاء قطاع غزة، في ظل وجود الدبابات والطائرات»، دون أن يكشف كيف جرى إنجاز ذلك.


مقالات ذات صلة

12 قتيلاً في قصف إسرائيلي على غزة... و«الأونروا» تصف الحصار بـ«العقاب الجماعي»

المشرق العربي فلسطينيون ينظرون إلى الدمار الذي خلفته غارة جوية إسرائيلية على بيت لاهيا شمال قطاع غزة (أ.ب) play-circle

12 قتيلاً في قصف إسرائيلي على غزة... و«الأونروا» تصف الحصار بـ«العقاب الجماعي»

قال المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) فيليب لازاريني اليوم الجمعة إن سكان قطاع غزة يتعرضون لـ«عقاب جماعي».

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية أطفال فلسطينيون بالقرب من مدخل منزل مدمر في مدينة غزة أمس (أ.ف.ب)

نتنياهو: تدمير «حماس» أهم من تحرير الرهائن

وصف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الانتصار على «حركة حماس» بأنه «هدف أكثر أهمية» من عودة الرهائن الإسرائيليين في غزة.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب - نيويورك)
العالم العربي الدخان يتصاعد فوق المباني في صنعاء إثر غارة أميركية (إ.ب.أ)

غارات أميركية جديدة على صعدة والجوف

ذكرت قناة  تلفزيونية تابعة لجماعة الحوثي في اليمن، اليوم الخميس، أن طائرات أميركية نفذت 9 غارات على مواقع في محافظتي صعدة والجوف.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب في حديقة البيت الأبيض خلال كلمة في «اليوم الوطني للصلاة» (أ.ف.ب)

ترمب: نركز على الإفراج عن المحتجزين في غزة و«الأمور تمضي قدماً»

قال الرئيس الأميركي، الخميس، إن «أي جهة تستورد النفط من إيران لن تستطيع القيام بأي أعمال» مع بلاده، وأشار إلى أن إدارته تركز على الإفراج عن المحتجزين في غزة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الخليج وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان لدى لقائه نظيره الياباني إيوايا تاكيشي في الرياض الخميس (واس)

الرياض وطوكيو لتعميق العلاقة الاستراتيجية... والعمل معاً لأمن المنطقة

أكّدت السعودية واليابان عمق العلاقات الاستراتيجية والاقتصادية بين البلدين، وأهمية مواصلة التنسيق والتعاون على مختلف الأصعدة، بما يخدم مصالحهما وشعبيهما.

فتح الرحمن يوسف (الرياض)

قطر تدين الغارة الإسرائيلية على محيط القصر الرئاسي في دمشق

غارة إسرائيلية على دمشق (أرشيفية)
غارة إسرائيلية على دمشق (أرشيفية)
TT
20

قطر تدين الغارة الإسرائيلية على محيط القصر الرئاسي في دمشق

غارة إسرائيلية على دمشق (أرشيفية)
غارة إسرائيلية على دمشق (أرشيفية)

أدانت وزارة الخارجية القطرية، اليوم الجمعة، الغارة الإسرائيلية على محيط القصر الرئاسي في العاصمة السورية، دمشق، ووصفتها بأنها «عدوان سافر على سيادة سوريا وانتهاك خطير للقانون الدولي».

وحذرت الوزارة من أن اعتداءات إسرائيل المتكررة على سوريا ولبنان واستمرار حربها «الوحشية» على غزة من شأنها تفجير دائرة العنف والفوضى في المنطقة.

وجددت الخارجية القطرية دعمها لسيادة سوريا واستقلالها وسلامة أراضيها.

دخان يتصاعد فوق المباني بعد غارة إسرائيلية على مشارف دمشق (أرشيفية - أ.ف.ب)
دخان يتصاعد فوق المباني بعد غارة إسرائيلية على مشارف دمشق (أرشيفية - أ.ف.ب)

وقصفت إسرائيل هدفاً قريباً من القصر الرئاسي في دمشق في ساعة مبكرة من صباح اليوم الجمعة، في أوضح إشارة حتى الآن على عدائها للسلطات السورية وعلى استعدادها لتصعيد العمل العسكري بذريعة حماية الأقلية الدرزية في سوريا.

عناصر من قوات الأمن السورية في منطقة بالقرب من العاصمة السورية دمشق، 30 أبريل 2025 (أ.ف.ب)
عناصر من قوات الأمن السورية في منطقة بالقرب من العاصمة السورية دمشق، 30 أبريل 2025 (أ.ف.ب)

وصعدت إسرائيل عملياتها العسكرية في سوريا منذ أن أطاحت المعارضة بشار الأسد في ديسمبر (كانون الأول)، وقصفت مناطق في جميع أنحاء البلاد، وأدخلت قوات برية إلى الجنوب الغربي ودعت إلى بقاء سوريا دولة لا مركزية ومعزولة.