تنسيق بين بغداد وواشنطن لمواجهة التطورات «المقلقة» في المنطقة

أكدتا التزامهما المشترك بمنع عودة التهديدات الإرهابية والآيديولوجيات المتطرفة

جدد رئيس الوزراء محمد شياع السوداني التزام العراق بحماية مستشاري التحالف الدولي الذين يوجدون على أراضيه.
جدد رئيس الوزراء محمد شياع السوداني التزام العراق بحماية مستشاري التحالف الدولي الذين يوجدون على أراضيه.
TT

تنسيق بين بغداد وواشنطن لمواجهة التطورات «المقلقة» في المنطقة

جدد رئيس الوزراء محمد شياع السوداني التزام العراق بحماية مستشاري التحالف الدولي الذين يوجدون على أراضيه.
جدد رئيس الوزراء محمد شياع السوداني التزام العراق بحماية مستشاري التحالف الدولي الذين يوجدون على أراضيه.

في الوقت الذي تواصل واشنطن سياسة «الضغط القصوى» حيال إيران، بما في ذلك حث العراق على إنهاء الاعتماد على إيران في موضوع الغاز والكهرباء، أجرى وزير الدفاع الأميركي، بيت هيغسيت، مباحثات هاتفية مطولة، ليل الأحد، مع رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني.

اتصال وزير الدفاع الأميركي برئيس الوزراء السوداني هو الثالث من نوعه في أقل من أسبوعين، لمسؤول أميركي كبير بعد الاتصال الذي أجراه وزير الخارجية الأميركي، الأسبوع الماضي، مع السوداني ثم مستشار الأمن القومي الأميركي قبل نحو يومين، وهو يأتي بالتزامن مع الضربات الأميركية على الحوثيين في اليمن. كما يتزامن هذا الاتصال مع الرسالة التي بعث بها الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، إلى القيادة الإيرانية بشأن الملف النووي والصواريخ، وغيرها من القضايا التي تسعى الولايات المتحدة إلى تجريد طهران منها.

وقال المكتب الإعلامي للسوداني، في بيان، إن رئيس الوزراء بحث مع وزير الدفاع الأميركي تطورات الأوضاع الأمنية في المنطقة، خصوصاً المتعلقة بالعمليات العسكرية في اليمن والوضع «المقلق» في سوريا، كما جرى «بحث الشراكة الاستراتيجية بين العراق والولايات المتحدة، واهتمامهما المشترك بالاستقرار والأمن الإقليمي».

أضاف البيان العراقي أن «وزير الدفاع الأميركي استعرض التطورات المتعلقة بالعمليات العسكرية في اليمن، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة ستواصل عملياتها ما لم تتوقف الهجمات الحوثية على القوات الأميركية وتأثيرها على الملاحة في البحر الأحمر، كما أكد أن واشنطن لا تسعى إلى التصعيد، وأن العمليات العسكرية ستتوقف فور توقف هذه الهجمات».

قادة «الإطار التنسيقي» خلال أحد اجتماعاتهم الدورية في بغداد (إكس)

في المقابل، شدد رئيس الوزراء العراقي، وفقاً للبيان، على أن «التهدئة والحوار هما السبيلان الناجعان لمعالجة الأزمات في منطقة حساسة وحيوية مثل الشرق الأوسط، مؤكداً أن هذا النهج يمثل الموقف الثابت للعراق في التعامل مع التحديات الإقليمية، وأن العراق سيواصل العمل وفق هذا المبدأ».

وأكد الجانبان «أهمية استمرار التعاون الأمني في إطار التحالف الدولي لهزيمة (داعش)، كما ناقشا تطورات الأوضاع الأمنية في المنطقة».

وجدد رئيس مجلس الوزراء، وفق البيان، «التزام العراق بحماية مستشاري التحالف الدولي الذين يوجدون في العراق بناءً على دعوة من الحكومة العراقية لدعم جهود مكافحة داعش، كما شدد على التزام العراق بحصر استخدام القوة بيد الدولة، وتعزيز الاستقرار الداخلي».

كما أكد الطرفان التزامهما المشترك بمنع عودة التهديدات الإرهابية والآيديولوجيات المتطرفة، بما في ذلك «داعش»، وتعزيز الجهود المستمرة في مكافحة الإرهاب ودعم الأمن الإقليمي. كما استعرض الجانبان النجاحات الأخيرة في استهداف وقتل كبار قادة «داعش»، مشددين على أهمية الحفاظ على نهج قوي ومنسق في مكافحة الإرهاب لمنع التنظيم من إعادة بناء قدراته.

الوضع المقلق

البيان العراقي أسهب في شرح تفاصيل المباحثات الهاتفية بين السوداني ووزير الدفاع الأميركي، بما في ذلك بحث ما سماه البيان «الوضع المقلق في سوريا»، حيث أعرب الطرفان «عن عزمهما منع (داعش) في سوريا من تشكيل أي تهديد بعد أن تمكن من الحصول على أسلحة جديدة، ويعمل على إعادة تنظيم صفوفه، وهو ما يستدعي استجابة جماعية من المجتمع الدولي لمنع أي تصعيد جديد يهدد الاستقرار».

كما جدد الطرفان «التزامهما بالحفاظ على الاستقرار الإقليمي، بينما أكد وزير الدفاع الأميركي التزام بلاده بدعم أمن العراق واستقراره على المدى الطويل».

اتصال هيغسيت جاء بعد يوم من تنفيذ الولايات المتحدة ضربات عسكرية واسعة النطاق ضد عشرات الأهداف الحوثية في اليمن، وبعد الضربة الأميركية ـ العراقية المشتركة ضد نائب خليفة «داعش» وهو أكبر هدف منذ فترة طويلة، لذا رأى مراقبون عراقيون أنه بدد المخاوف التي كانت قائمة بشأن طريقة تعامل الإدارة الأميركية الجديدة مع الحكومة العراقية وقوى «الإطار التنسيقي الشيعي» التي تشكل الجسم الرئيس لهذه الحكومة خصوصاً لجهة علاقتها مع إيران.

رتل أمني خلال مطاردة سابقة لخلايا «داعش» في الأنبار (أرشيفية - الجيش العراقي)

لا رسائل أميركية

أكد سياسي عراقي تحدث لـ«الشرق الأوسط» شريطة عدم ذكر اسمه أو هويته، أن «هناك مبالغات كثيرة رافقت وصول إدارة الرئيس ترمب إلى البيت الأبيض لجهة التعامل مع العراق، من منطلق سياسة الضغط القصوى التي تمارسها الإدارة الأميركية ضد طهران». وقال: «إدارة ترمب تعرف أن هناك تداخلاً في العلاقة العراقية ـ الإيرانية وإن هناك أطرافاً عراقية، سواء كانت مسلحة أم حتى سياسية، ترتبط بعلاقات وثيقة مع إيران، لكن من الواضح أن إدارة ترمب ومن خلال التنسيق مع السوداني بدأت تفرز بين العراق وإيران مع علمها أن بعض خطواتها ضد إيران، لا سيما في مجال الطاقة سيتأثر العراق بها».

وأوضح السياسي العراقي أن «الإدارة الأميركية لا تريد التدخل في الشأن العراقي، ولا يعنيها كل ما يقال عن تبنّيها لهذا الطرف أو ذاك، وهو أمر غير موجود، في وقت تسعى فيه واشنطن إلى تحييد العراق مع إمكانية أن يلعب دوراً مهماً في المنطقة».

ورداً على سؤال بشأن ما أوردته بعض وكالات الأنباء من أن وزير الدفاع الأميركي أوصل إلى السوداني رسالة تحذير شديدة اللهجة بأن أي تدخل للفصائل المسلحة العراقية، بشأن الاستهداف الأميركي ضد الحوثيين، سيدفع واشنطن لرد عسكري سريع ضد تلك الفصائل داخل العراق، مؤكداً السياسي العراقي أن «المكالمة مع السوداني كانت إيجابية، فضلاً عن إنه توجد تفاهمات عراقية ـ أميركية بشأن ملفات عديدة، وليس هناك حاجة لمثل هذه التحذيرات».


مقالات ذات صلة

ملامح الحملة الانتخابية العراقية تتبلور مع تصاعد المنافسة

المشرق العربي حارس أمني يظهر بالقرب من ساحة التحرير في بغداد الأسبوع الماضي (أ.ب)

ملامح الحملة الانتخابية العراقية تتبلور مع تصاعد المنافسة

قبل نحو 4 أشهر من موعد الانتخابات البرلمانية العراقية المقررة نهاية العام الحالي، بدأت ملامح أكبر حملة انتخابية تتشكل وسط منافسة محتدمة بين مئات الأحزاب.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي عراقي يلطف الحرارة المرتفعة بمياه نهر شط العراق جنوب البصرة (أ.ف.ب)

الحرارة تصل إلى 49 درجة مئوية في جنوب العراق

سجلت الحرارة أعلى معدلاتها في العراق لهذا العام؛ إذ بلغت 49 درجة مئوية في محافظتين جنوبيتين، وفق هيئة الأنواء الجوية العراقية.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي عناصر من قوات «الناتو» في قاعدة عسكرية شمال الموصل بالعراق (رويترز - أرشيفية)

فرنسا تتسلم قيادة مهمة حلف الناتو في العراق

تولى لواء فرنسي الخميس قيادة مهمة حلف شمال الأطلسي (ناتو) في العراق ما يسلط الضوء على الشراكة الاستراتيجية بين باريس وبغداد في وقت تتفاقم التوترات الإقليمية.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي الفريق المقال ناصر الغنام في أحد لقاءاته مع طلاب بالكلية العسكرية (موقع الكلية العسكرية)

وفاة طالبين في الكلية العسكرية العراقية تتحول إلى قضية رأي عام

في حين تناقضت الآراء بشأن أسلوب التدريب الذي تتبعه الكلية العسكرية العراقية، توفي طالبان في يومهما الأول بها.

حمزه مصطفى (بغداد)
الخليج تنظيم متسلسل عبر منفذ جديدة عرعر لقوافل الحجاج العراقيين (جمعية خدمات الحجاج والمعتمرين) play-circle 01:11

24 ألف حاج عراقي يعبرون المنفذ البري في جديدة عرعر

شهدت حركة حجاج البر لموسم هذا العام تنظيماً متسلسلاً عبر منفذ جديدة عرعر، وتوزعت قوافل الحجاج الآتين من العراق على أيام عدة، بدأت في منتصف مايو (أيار) الحالي.

أسماء الغابري (جدة)

جندي إسرائيلي يُعاقب بالسجن 20 يوماً بعد رفضه الخدمة بسبب حرب غزة

جنود إسرائيليون في قطاع غزة (أرشيفية - رويترز)
جنود إسرائيليون في قطاع غزة (أرشيفية - رويترز)
TT

جندي إسرائيلي يُعاقب بالسجن 20 يوماً بعد رفضه الخدمة بسبب حرب غزة

جنود إسرائيليون في قطاع غزة (أرشيفية - رويترز)
جنود إسرائيليون في قطاع غزة (أرشيفية - رويترز)

حُكم على جندي احتياط في الجيش الإسرائيلي بالسجن 20 يوماً لرفضه الالتحاق بخدمة الاحتياط بسبب استمرار القتال في قطاع غزة.

ووفق ما ذكرته صحيفة «تايمز أوف إسرائيل»، فإن النقيب (احتياط) رون فينر هو قائد فصيل في الكتيبة 8207 التابعة للواء 228 بالجيش، وهو أيضاً عضو في مجموعة «جنود من أجل الرهائن»، وهي مجموعة من جنود الاحتياط الذين أعلنوا معارضة القتال في غزة ورفض الاستمرار في الخدمة.

ونقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن فينر قوله: «حكم عليّ قائد كتيبتي بالسجن 20 يوماً. بصفتي ضابطاً قتالياً خدم 270 يوماً في الاحتياط منذ 7 أكتوبر (تشرين الأول)، كنت في خدمة الاحتياط لأشهر عديدة، معرضاً حياتي للخطر باستمرار، ومتخلياً عن حياتي المدنية. أنا مندهش من هذه العقوبة غير المسبوقة وغير المتناسبة».

وقال الجيش الإسرائيلي إن «ضابط الاحتياط رفض الالتحاق بالخدمة لأسباب سياسية، وهذا ليس له مكان في الجيش. لذلك، حُكم عليه وعوقب». وأضاف أن «الجيش الإسرائيلي ينظر بصرامة إلى رفض الالتحاق بخدمة الاحتياط، ويتعامل القادة مع كل حالة على حدة».

ويتبع اللواء 228 الفرقة 146 المتمركزة في شمال إسرائيل. ومن غير المتوقع نشر اللواء في قطاع غزة، في ظل الحرب المستمرة هناك ضد حركة «حماس» الفلسطينية.