الاتفاق بين السلطات السورية والأكراد: أي مكاسب يحققها الطرفان؟

من مسيرة للترحيب باتفاق الشرع - مظلوم في القامشلي الاثنين (رويترز)
من مسيرة للترحيب باتفاق الشرع - مظلوم في القامشلي الاثنين (رويترز)
TT
20

الاتفاق بين السلطات السورية والأكراد: أي مكاسب يحققها الطرفان؟

من مسيرة للترحيب باتفاق الشرع - مظلوم في القامشلي الاثنين (رويترز)
من مسيرة للترحيب باتفاق الشرع - مظلوم في القامشلي الاثنين (رويترز)

يحقق اتفاق وقعته الرئاسة السورية والقيادة الكردية، الاثنين، ويقضي بدمج مؤسسات الإدارة الذاتية في إطار الدولة السورية، مصالح يحتاجها الطرفان في مرحلة حساسة من تاريخ البلاد، على ما ذكرت «وكالة الصحافة الفرنسية» في تقرير لها، الثلاثاء.

فما أبرز بنود الاتفاق؟ وما هي المكاسب التي يجنيها الطرفان في حال تطبيقه بحلول نهاية العام؟

ماذا يتضمن الاتفاق؟

ينصّ أبرز بنود الاتفاق الذي وقَّعه الرئيس الانتقالي، أحمد الشرع، وقائد «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) مظلوم عبدي، في دمشق على «دمج جميع المؤسسات المدنية والعسكرية في شمال شرقي سوريا ضمن إدارة الدولة السورية، بما فيها المعابر الحدودية والمطار وحقول النفط والغاز».

ولم يتحدث الاتفاق عن حل «قوات سوريا الديمقراطية» الذراع العسكرية للإدارة الذاتية الكردية، في شمال شرقي سوريا، المدعومة أميركياً، أو تسليم سلاحها، بخلاف ما كانت السلطة السورية قد اشترطته للانضواء تحت مظلة الجيش الجديد.

الرئيس السوري أحمد الشرع وقائد «قسد» مظلوم عبدي يتصافحان بعد توقيعهما على الاتفاق مساء الاثنين (أ.ف.ب)
الرئيس السوري أحمد الشرع وقائد «قسد» مظلوم عبدي يتصافحان بعد توقيعهما على الاتفاق مساء الاثنين (أ.ف.ب)

ويتضمن الاتفاق الاعتراف بالمكون الكردي، الذي عانى طيلة عقود خلال حكم آل الأسد من تهميش وإقصاء، بوصفه «مجتمعاً أصيلاً في الدولة السورية». وينص على «ضمان حقوق جميع السوريين في التمثيل والمشاركة في الحياة السياسية وكل مؤسسات الدولة»، في موازاة «رفض دعوات التقسيم وخطاب الكراهية».

والاتفاق المؤلَّف من 8 بنود هو بمثابة «خريطة طريق» يُفترض أن تعمل لجان مشتركة على مناقتشها، ووضع آليات تنفيذها بمهلة لا تتجاوز نهاية العام.

ووصف عبدي الاتفاق بأنه «فرصة تاريخية» لبناء سوريا جديدة، بينما عمّت احتفالات شوارع مدن عدة في أنحاء البلاد.

ويتعهد الأكراد بموجب الاتفاق «دعم الدولة السورية في مكافحتها لفلول الأسد وجميع التهديدات التي تهدد أمنها ووحدتها» في إشارة ضمنية إلى أعمال العنف في الساحل السوري.

ماذا تجني سلطات دمشق؟

جاء توقيع الاتفاق على وقْع أعمال عنف شهدتها المنطقة الساحلية أطلقتها فلول النظام البائد في غرب سوريا، راح ضحيتها أكثر من ألف قتيل مدني؛ ما شكَّل اختباراً مبكراً للشرع الساعي إلى ترسيخ السلطات الجديدة على كامل التراب السوري، بعدما تعهد مراراً بالحفاظ على السلم الأهلي وإشراك كل المكونات السورية، بمن فيها الأقليات، في إدارة المرحلة الانتقالية.

سوريون يحتفلون باتفاق الشرع - مظلوم في القامشلي الاثنين (رويترز)
سوريون يحتفلون باتفاق الشرع - مظلوم في القامشلي الاثنين (رويترز)

ويرى الباحث في الشأن الكردي، موتلو جيفير أوغلو، أن الشرع الذي يواجه ضغوطاً دولية كبرى خصوصاً بعد أحداث الساحل السوري، «يدرك ضرورة الانخراط مع الأكراد لتقوية موقفه»؛ إذ يمكّنه ذلك من «تقديم نفسه بوصفه قائداً ملتزماً بضمان تمثيل جميع الهويات في مستقبل سوريا»، ومن «تخفيف الضغوط» عنه.

وتحقق دمشق أهدافاً أخرى عبر الاتفاق، أبرزها بسط شرعية الدولة على منطقة جغرافية واسعة غنية بالنفط والقمح، وتحتاج السلطات مواردها بشدة على وقع انهيار اقتصادي يعصف بالبلاد بعد 13 عاماً من نزاع مدمر.

وتقع 90 في المائة من حقول النفط في مناطق سيطرة الأكراد، وفق الباحث في الشأن السوري، فابريس بالاش، الذي يؤكد أنهم يستحوذون كذلك على حصة أساسية من سلة القمح الغذائية.

ويكسب الجيش عبر الاتفاق قوة كردية عسكرية منظمة ومدرَّبة، يمكنه التنسيق معها في مواجهة أي تحديات أمنية.

وأشار مصدر من «قوات سوريا الديمقراطية» إلى عمليات مشتركة ستنطلق في الأيام المقبلة في البادية السورية لمحاربة تنظيم «داعش» الذي حذرت 5 دول، الأحد، بينها سوريا وتركيا، من خطر عودته وتعهدت العمل معاً لمواجهته.

ولم يتضح مصير إدارة السجون التي يتولاها الأكراد، وتضم الآلاف من مقاتلي التنظيم، والتي قال عبدي، الشهر الماضي، إن سلطات دمشق تريدهم تحت مسؤوليتها.

ماذا يحقّق الاتفاق للأكراد؟

منذ وصول السلطة الجديدة إلى دمشق، أبدى الأكراد انفتاحاً تجاهها، فرفعوا علم الاستقلال ذا النجوم الثلاث فوق مقراتهم، وأعربوا عن استعدادهم الانضمام إلى الجيش دون حل قواتهم.

يحتفلون باتفاق الشرع - مظلوم في القامشلي الاثنين (رويترز)
يحتفلون باتفاق الشرع - مظلوم في القامشلي الاثنين (رويترز)

ويبدو أن الأكراد نجحوا في الحفاظ على تنظيمهم العسكري، وهو شرط رئيسي تمسكوا به خلال محادثاتهم مع دمشق.

ويقول بالانش لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «لن تندمج (قوات سوريا الديمقراطية) بالطبع مع (هيئة تحرير الشام)» الفصيل الذي تزعمه الشرق، وقاد الهجوم الذي أطاح الأسد، لكنها «ستحاول التنسيق معها ضد تنظيم (داعش) على سبيل المثال، ومنع أي قتال بين الطرفين».

والاتفاق الذي تم توقيعه برعاية أميركية، وفق ما قال مصدر كردي، يمنح الأكراد، الأقلية العرقية الكبرى في البلاد والأكثر تنظيماً عسكرياً وسياسياً، اعترافاً بدورهم وهويتهم.

ويوضح جيفير أوغلو أنه بعد توقيع الاتفاق «لم يعد ممكناً تهميش الأكراد في صياغة مستقبل سوريا».

ونما نفوذ الأكراد بعد اندلاع النزاع عام 2011، وإنشائهم إدارة ذاتية، سرعان ما توسّعت مساحتها بعدما شكلوا، بدعم أميركي، قوة رئيسية في دحر «داعش» من مناطق واسعة في شمال وشرق البلاد.

لكن توسعهم قرب الحدود مع تركيا جعلهم عرضة لهجمات دامية شنتها أنقرة مع فصائل سورية موالية لها منذ 2016، لإبعادهم عن حدودها؛ ما أحدث موجات نزوح واسعة.

ويأمل المسؤولون الأكراد إعادة سكان عفرين ومناطق أخرى إلى بلداتهم، بموجب الاتفاق. ويأملون أيضاً أن يجنبهم المزيد من هجمات تركيا التي كثيراً ما عدَّتهم امتداداً لحزب «العمال الكردستاني».

وجاء توقيع الاتفاق على وقْع المحادثات بين تركيا و«العمال الكردستاني»، الذي أعلن زعيمه عبد الله أوجلان، الشهر الماضي، وقف النار مع تركيا، وحل الحزب.


مقالات ذات صلة

اتفاق بين الحكومة السورية ووجهاء جرمانا والسويداء على تسليم السلاح

المشرق العربي أفراد من قوات الأمن السورية عند مدخل بلدة صحنايا (رويترز) play-circle

اتفاق بين الحكومة السورية ووجهاء جرمانا والسويداء على تسليم السلاح

أورت «وكالة الأنباء السورية»، الخميس، أن الحكومة توصلت إلى اتفاق مع وجهاء مدينة جرمانا على تسليم السلاح الثقيل بشكل فوري وزيادة انتشار قوات الأمن في المدينة.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
خاص عناصر من قوات الأمن السورية يرتاحون بجوار عربتهم في بلدة صحنايا الخميس (رويترز)

خاص الحكومة السورية تواصل تعزيز الأمن ببلدات درزية في ريف دمشق

ذكرت شخصيات دينية درزية ونشطاء في المجتمع الأهلي أن التوتر مستمر في ضاحيتي جرمانا وأشرفية صحنايا بريف دمشق، وإن بوتيرة أخف من اليومين السابقين.

موفق محمد ( دمشق)
المشرق العربي أفراد من قوات الأمن السورية يقفون حراسة عند نقطة تفتيش في أشرفية صحنايا بالقرب من دمشق 1 مايو 2025 (رويترز)

مقتل عنصرين من وزارة الدفاع السورية في هجوم لمسلحين مجهولين بدير الزور

ذكر «تلفزيون سوريا»، الخميس، أن مسلحين مجهولين هاجموا نقطة عسكرية تابعة لوزارة الدفاع في دير الزور.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي تم توقيع العقد بحضور الرئيس الانتقالي أحمد الشرع بين الهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية مع الشركة الفرنسية في قصر الشعب بدمشق (أ.ف.ب)

سوريا توقع عقداً مع شركة «سي إم إيه سي جي إم» لتطوير ميناء اللاذقية وتشغيله

وقّعت سوريا، اليوم الخميس، عقداً لمدة 30 عاماً مع شركة «سي إم إيه سي جي إم» الفرنسية، لتطوير ميناء اللاذقية وتشغيله.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شؤون إقليمية أفراد من قوات الأمن السورية يقفون حراسة عند نقطة تفتيش في أشرفية صحنايا بالقرب من دمشق في 1 مارس 2025 (أ.ف.ب) play-circle 00:35

دعوات إسرائيلية للدفاع عن دروز سوريا

دعا وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر، الخميس، المجتمع الدولي لتوفير الحماية للدروز في سوريا، وذلك بُعيد اشتباكات طائفية في ريف دمشق خلّفت الكثير من القتلى.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

اتفاق بين الحكومة السورية ووجهاء جرمانا والسويداء على تسليم السلاح

أفراد من قوات الأمن السورية عند مدخل بلدة صحنايا (رويترز)
أفراد من قوات الأمن السورية عند مدخل بلدة صحنايا (رويترز)
TT
20

اتفاق بين الحكومة السورية ووجهاء جرمانا والسويداء على تسليم السلاح

أفراد من قوات الأمن السورية عند مدخل بلدة صحنايا (رويترز)
أفراد من قوات الأمن السورية عند مدخل بلدة صحنايا (رويترز)

ذكرت «وكالة الأنباء السورية»، اليوم الخميس، أن الحكومة توصلت إلى اتفاق مع وجهاء مدينة جرمانا على تسليم السلاح الثقيل بشكل فوري وزيادة انتشار قوات الأمن في المدينة.

ونقلت الوكالة عن مدير مديرية الأمن في ريف دمشق حسام الطحان قوله إن الاتفاق ينص أيضاً على حصر السلاح بيد مؤسسات الدولة الرسمية وتسليم السلاح الفردي غير المرخص «لترسيخ الاستقرار وعودة الحياة إلى طبيعتها».

كما ينص الاتفاق على انتشار قوات من وزارة الدفاع على أطراف المدينة لتأمينها.

وأيضاً اتفق شيوخ ووجهاء وقادة الفصائل في محافظة السويداء جنوب سوريا عقب اجتماع موسع في مقام عين الزمان بمدينة السويداء، مقر مشيخة الطائفة الدرزية، الخميس، على تسليم السلاح بشكل كامل.

وقالت مصادر في محافظة السويداء لـ«وكالة الأنباء الألمانية»: «اتفق المجتمعون على تسليم السلاح بشكل كامل ووضعه في يد الدولة، في خطوة تهدف لوقف نزيف الدم وضبط الأمن».

كما اتفق المجتمعون على «دخول قوات الأمن العام إلى السويداء للسيطرة على جميع النقاط التابعة لأجهزة الأمن داخل المدينة، وتشكيل جيش رديف يتبع لوزارة الدفاع مؤلف من أبناء السويداء فقط، ويضم ضباطاً محليين لم تتلوث أيديهم بالدماء، بقيادة سليمان عبد الباقي ويحيى الحجار».

كما أقر المجتمعون تشكيل «مكتب تنفيذي جديد لإدارة شؤون المحافظة، على أن يكون الدكتور مصطفى بكور حلقة وصل بين السويداء ودمشق».

وأكدت «مشيخة عقل طائفة المسلمين الموحدين الدروز» أنباء الاتفاق في السويداء. وقالت في بيان إن الاتفاق جاء «انطلاقاً من المبادئ الوطنية العروبية، والهوية السورية، والقيم الإسلامية، بلا خوف ولا وجل»، وتأكيداً على أن «حب الوطن من الإيمان»، ورفضاً لـ«التقسيم أو الانسلاخ أو الانفصال».

وشهدت سوريا خلال الأيام القليلة الماضية أعمال عنف طائفية في منطقة جرمانا ذات الأغلبية الدرزية بالقرب من دمشق بين مسلحين دروز ومسلمين سنة أسفرت عن مقتل 12، بحسب وسائل إعلام سورية.

وامتد العنف إلى صحنايا ذات الأغلبية الدرزية أيضاً، وذكرت وسائل إعلام سورية أن 16 لقوا حتفهم، يوم الأربعاء، بعد هجوم مسلح استهدف مقراً للأمن العام.

وأفاد «تلفزيون سوريا» في وقت لاحق بمقتل اثنين من أفراد الأمن العام برصاص «مجموعات خارجة عن القانون» قرب طريق سريع يربط بين السويداء ودرعا في جنوب البلاد.

وفي وقت سابق اليوم، حذر وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني من خطر الطائفية والفتنة ودعوات الانفصال، مؤكداًضرورة نبذها لحماية النسيج الاجتماعي السوري.