بعد نحو أسبوع من مكالمة هاتفية غامضة أجراها وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو مع رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، أجرى مستشار الأمن القومي الأميركي، مايك والتز، مكالمة مماثلة مع السوداني.
وتباين البيان المشترك الصادر عن الحكومة العراقية بعد مكالمة روبيو مع البيان الأميركي، خصوصاً بشأن الأنشطة «الخبيثة» لإيران؛ ما أثار تساؤلات حول سياسة واشنطن تجاه بغداد. ومع ذلك، كشفت مكالمة مستشار الأمن القومي الأميركي عن لهجة مغايرة تجاه العراق، حيث أعلن والتز أن الضغط على إيران سيتصاعد إذا استمرت في تطوير قدراتها النووية و«دعم الإرهاب في المنطقة»، بما في ذلك العراق.
وفي منشور له على منصة «إكس»، عبّر والتز عن قلقه بشأن الفيضانات الأخيرة في بغداد، مشدداً على ضرورة تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين استناداً إلى المصالح الأمنية والتجارية. كما أشار إلى أن «قرار عدم تجديد الإعفاء من العقوبات على صادرات الكهرباء الإيرانية يتماشى مع استراتيجية الضغط الأقصى التي يتبناها الرئيس ترمب ضد إيران»، مؤكداً أن الضغط على إيران سيستمر في التصاعد إذا استمرت في تطوير قدراتها النووية ودعم الإرهاب في المنطقة.
وفي لفتة عدَّت مهمة من الجانب العراقي، عبّر والتز عن قلقه إزاء «غرق بغداد» بسبب موجة الأمطار الأخيرة التي كانت غير مسبوقة منذ عقود. وفي الوقت نفسه، رحب بـ«جهود السوداني لتحقيق استقلال الطاقة للعراق»، وشجع حكومته على استقطاب مزيد من شركات الطاقة الغربية والأميركية في قطاعي النفط والغاز. كما حث الحكومة العراقية على التعاون مع حكومة إقليم كردستان لحل النزاعات المتعلقة بالعقود ودفع المتأخرات المستحقة لشركات الطاقة الأميركية. إضافة إلى ذلك، طالب بتعيين منسق استثمار للتعاون مع الشركات الأميركية الراغبة في الاستثمار والعمل بالعراق.
ووجَّه والتز الشكر للسوداني على تعزيز العلاقات الثنائية، مؤكداً التزام إدارة ترمب بتعميق التعاون في مجالات الطاقة والاقتصاد. ووفقاً للبيان الرسمي العراقي الذي جاء بعد مكالمة والتز، فقد أكد الجانبان على الثوابت الأميركية في بناء علاقات وثيقة مع العراق، تقوم على تعزيز التعاون الثنائي في المجالات الاقتصادية والأمنية.
وأوضح البيان أن السوداني أبدى التزام العراق بتوسيع العلاقات الاقتصادية مع الولايات المتحدة، مشجعاً الشركات الأميركية على الاستثمار في السوق العراقية المتنامية.
كما أشار البيان إلى أن والتز شجع السوداني على الاعتماد بشكل أكبر على الشركات الأميركية، والعمل على حل المشكلات، وتذليل العقبات التي تواجه تلك الشركات في العراق، بما في ذلك إقليم كردستان.
وأكد الجانبان «أهمية الجهود المشتركة لبناء عراق قوي وقادر على الاعتماد على نفسه». كما تناولت المناقشات دور الشركات الأميركية العاملة في هذا المجال، وجددت الولايات المتحدة التزامها بدعم استقلال العراق في مجال الطاقة، معربة عن استعدادها للتعاون في تسريع تحقيق هذا الهدف.
وفيما يتعلق بالملف الأمني، أكد والتز التزام الولايات المتحدة الثابت بأمن واستقرار العراق في مواجهة التحديات الإقليمية والدولية، مشدداً على أهمية استمرار التعاون لضمان سيادة العراق واستقراره على المدى الطويل. وبحسب البيان العراقي، شدد والتز على أن «إنهاء استثناء الكهرباء المجهزة من إيران يرتبط بسياسة الضغط الأقصى»، مؤكداً في الوقت نفسه على «أهمية التنسيق الثنائي لتفادي أي آثار سلبية محتملة على استقرار العراق».
وانتهت فترة الإعفاء التي منحتها الولايات المتحدة للعراق من العقوبات المفروضة على إيران، يوم السبت الماضي؛ ما يعني أن حكومة بغداد لن تتمكن من استيراد الغاز الإيراني اللازم لتشغيل محطات الكهرباء في البلاد.
وأكدت وزارة الخارجية الأميركية، يوم الأحد، إنهاء الإعفاءات التي كانت تسمح للعراق بشراء الكهرباء من إيران، في إطار سياسة «الضغوط القصوى» التي تنتهجها إدارة الرئيس دونالد ترمب ضد طهران.
وأعفي العراق من العقوبات الإيرانية عام 2018، بعدما أعادت واشنطن فرض العقوبات على طهران إثر انسحاب ترمب من الاتفاق النووي الذي تم التفاوض عليه خلال ولاية أوباما. وبعد عودته إلى البيت الأبيض في يناير (كانون الثاني)، أعاد ترمب تفعيل سياسة «الضغوط القصوى» التي اعتمدها تجاه إيران خلال ولايته الرئاسية الأولى، وشملت تشديد العقوبات على طهران على خلفية اتهامها بالسعي إلى حيازة سلاح نووي.
وقالت متحدثة باسم السفارة الأميركية في بغداد لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، الأحد: «في الثامن من مارس (آذار)، لم تجدد وزارة الخارجية الأميركية الإعفاء الممنوح للعراق لشراء الطاقة الكهربائية الإيرانية». وأشارت إلى أن ذلك «يضمن عدم السماح لإيران بأي درجة من الانفراج الاقتصادي أو المالي». ودعت المتحدثة حكومة السوداني إلى «التخلص من اعتمادها على مصادر الطاقة الإيرانية في أقرب وقت»، مرحّبة كذلك بـ«التزام رئيس الوزراء العراقي تحقيق استقلالية الطاقة». وعلى الرغم من امتلاك العراق احتياطات هائلة من النفط والغاز، فإنه لا يزال يعتمد على استيراد موارد الطاقة. وأكّد المتحدث باسم الحكومة العراقية باسم العوادي لوكالة الأنباء العراقية، السبت، أن بغداد مستعدّة لـ«جميع السيناريوهات».