والتز والسوداني يؤكدان على استقرار التعاون الأميركي - العراقي

السوداني يستقبل القائم بالأعمال الأميركي لدى العراق دانيل روبنستين نهاية يناير الماضي (رئاسة الوزراء العراقية)
السوداني يستقبل القائم بالأعمال الأميركي لدى العراق دانيل روبنستين نهاية يناير الماضي (رئاسة الوزراء العراقية)
TT

والتز والسوداني يؤكدان على استقرار التعاون الأميركي - العراقي

السوداني يستقبل القائم بالأعمال الأميركي لدى العراق دانيل روبنستين نهاية يناير الماضي (رئاسة الوزراء العراقية)
السوداني يستقبل القائم بالأعمال الأميركي لدى العراق دانيل روبنستين نهاية يناير الماضي (رئاسة الوزراء العراقية)

بعد نحو أسبوع من مكالمة هاتفية غامضة أجراها وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو مع رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، أجرى مستشار الأمن القومي الأميركي، مايك والتز، مكالمة مماثلة مع السوداني.

وتباين البيان المشترك الصادر عن الحكومة العراقية بعد مكالمة روبيو مع البيان الأميركي، خصوصاً بشأن الأنشطة «الخبيثة» لإيران؛ ما أثار تساؤلات حول سياسة واشنطن تجاه بغداد. ومع ذلك، كشفت مكالمة مستشار الأمن القومي الأميركي عن لهجة مغايرة تجاه العراق، حيث أعلن والتز أن الضغط على إيران سيتصاعد إذا استمرت في تطوير قدراتها النووية و«دعم الإرهاب في المنطقة»، بما في ذلك العراق.

وفي منشور له على منصة «إكس»، عبّر والتز عن قلقه بشأن الفيضانات الأخيرة في بغداد، مشدداً على ضرورة تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين استناداً إلى المصالح الأمنية والتجارية. كما أشار إلى أن «قرار عدم تجديد الإعفاء من العقوبات على صادرات الكهرباء الإيرانية يتماشى مع استراتيجية الضغط الأقصى التي يتبناها الرئيس ترمب ضد إيران»، مؤكداً أن الضغط على إيران سيستمر في التصاعد إذا استمرت في تطوير قدراتها النووية ودعم الإرهاب في المنطقة.

وفي لفتة عدَّت مهمة من الجانب العراقي، عبّر والتز عن قلقه إزاء «غرق بغداد» بسبب موجة الأمطار الأخيرة التي كانت غير مسبوقة منذ عقود. وفي الوقت نفسه، رحب بـ«جهود السوداني لتحقيق استقلال الطاقة للعراق»، وشجع حكومته على استقطاب مزيد من شركات الطاقة الغربية والأميركية في قطاعي النفط والغاز. كما حث الحكومة العراقية على التعاون مع حكومة إقليم كردستان لحل النزاعات المتعلقة بالعقود ودفع المتأخرات المستحقة لشركات الطاقة الأميركية. إضافة إلى ذلك، طالب بتعيين منسق استثمار للتعاون مع الشركات الأميركية الراغبة في الاستثمار والعمل بالعراق.

ووجَّه والتز الشكر للسوداني على تعزيز العلاقات الثنائية، مؤكداً التزام إدارة ترمب بتعميق التعاون في مجالات الطاقة والاقتصاد. ووفقاً للبيان الرسمي العراقي الذي جاء بعد مكالمة والتز، فقد أكد الجانبان على الثوابت الأميركية في بناء علاقات وثيقة مع العراق، تقوم على تعزيز التعاون الثنائي في المجالات الاقتصادية والأمنية.

وأوضح البيان أن السوداني أبدى التزام العراق بتوسيع العلاقات الاقتصادية مع الولايات المتحدة، مشجعاً الشركات الأميركية على الاستثمار في السوق العراقية المتنامية.

كما أشار البيان إلى أن والتز شجع السوداني على الاعتماد بشكل أكبر على الشركات الأميركية، والعمل على حل المشكلات، وتذليل العقبات التي تواجه تلك الشركات في العراق، بما في ذلك إقليم كردستان.

وأكد الجانبان «أهمية الجهود المشتركة لبناء عراق قوي وقادر على الاعتماد على نفسه». كما تناولت المناقشات دور الشركات الأميركية العاملة في هذا المجال، وجددت الولايات المتحدة التزامها بدعم استقلال العراق في مجال الطاقة، معربة عن استعدادها للتعاون في تسريع تحقيق هذا الهدف.

وفيما يتعلق بالملف الأمني، أكد والتز التزام الولايات المتحدة الثابت بأمن واستقرار العراق في مواجهة التحديات الإقليمية والدولية، مشدداً على أهمية استمرار التعاون لضمان سيادة العراق واستقراره على المدى الطويل. وبحسب البيان العراقي، شدد والتز على أن «إنهاء استثناء الكهرباء المجهزة من إيران يرتبط بسياسة الضغط الأقصى»، مؤكداً في الوقت نفسه على «أهمية التنسيق الثنائي لتفادي أي آثار سلبية محتملة على استقرار العراق».

وانتهت فترة الإعفاء التي منحتها الولايات المتحدة للعراق من العقوبات المفروضة على إيران، يوم السبت الماضي؛ ما يعني أن حكومة بغداد لن تتمكن من استيراد الغاز الإيراني اللازم لتشغيل محطات الكهرباء في البلاد.

وأكدت وزارة الخارجية الأميركية، يوم الأحد، إنهاء الإعفاءات التي كانت تسمح للعراق بشراء الكهرباء من إيران، في إطار سياسة «الضغوط القصوى» التي تنتهجها إدارة الرئيس دونالد ترمب ضد طهران.

وأعفي العراق من العقوبات الإيرانية عام 2018، بعدما أعادت واشنطن فرض العقوبات على طهران إثر انسحاب ترمب من الاتفاق النووي الذي تم التفاوض عليه خلال ولاية أوباما. وبعد عودته إلى البيت الأبيض في يناير (كانون الثاني)، أعاد ترمب تفعيل سياسة «الضغوط القصوى» التي اعتمدها تجاه إيران خلال ولايته الرئاسية الأولى، وشملت تشديد العقوبات على طهران على خلفية اتهامها بالسعي إلى حيازة سلاح نووي.

وقالت متحدثة باسم السفارة الأميركية في بغداد لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، الأحد: «في الثامن من مارس (آذار)، لم تجدد وزارة الخارجية الأميركية الإعفاء الممنوح للعراق لشراء الطاقة الكهربائية الإيرانية». وأشارت إلى أن ذلك «يضمن عدم السماح لإيران بأي درجة من الانفراج الاقتصادي أو المالي». ودعت المتحدثة حكومة السوداني إلى «التخلص من اعتمادها على مصادر الطاقة الإيرانية في أقرب وقت»، مرحّبة كذلك بـ«التزام رئيس الوزراء العراقي تحقيق استقلالية الطاقة». وعلى الرغم من امتلاك العراق احتياطات هائلة من النفط والغاز، فإنه لا يزال يعتمد على استيراد موارد الطاقة. وأكّد المتحدث باسم الحكومة العراقية باسم العوادي لوكالة الأنباء العراقية، السبت، أن بغداد مستعدّة لـ«جميع السيناريوهات».


مقالات ذات صلة

بغداد تتهم طهران بتزوير وثائق عراقية لتصدير نفطها

المشرق العربي سفينة ضبطتها البحرية العراقية للاشتباه في تهريبها نفطاً يوم 18 مارس 2025 (رويترز)

بغداد تتهم طهران بتزوير وثائق عراقية لتصدير نفطها

كشف وزير النفط العراقي، حيان عبد الغني، عن إبلاغ بلاده واشنطن بأن طهران تستخدم وثائق عراقية مزورة لتصدير نفطها.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي جانب من العاصمة العراقية بغداد (أرشيفية - رويترز)

العراق وأميركا يناقشان استمرار التعاون ضد الإرهاب

أكد مستشار الأمن القومي العراقي، قاسم الأعرجي، والقائم بأعمال السفارة الأميركية في بغداد، السفير دانيال روبنستاين، الأحد، «أهمية دور العراق المحوري بالمنطقة».

«الشرق الأوسط» (بغداد)
تحليل إخباري عبد المهدي خلال كلمة له في مؤتمر اليمن (مواقع التواصل)

تحليل إخباري ما «مضمون» زيارة عادل عبد المهدي اليمن؟

ما زال الظهور الأخير لرئيس وزراء العراق الأسبق، عادل عبد المهدي، في اليمن رفقة بعض القيادات الحوثية يثير مزيداً من التكهنات والجدل بشأن طبيعة الزيارة وأهدافها.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي جانب من إحدى جلسات البرلمان العراقي (إعلام البرلمان)

العراق: شعبية السوداني ودخول الصدر يربكان خطط القوى السياسية للانتخابات البرلمانية المقبلة

مع أن موعد الانتخابات البرلمانية في العراق، في نسختها السادسة، لا يزال بعيداً نسبياً (نهاية السنة الحالية)، فإن الاستعدادات لها بدأت مبكراً...

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي رئيس حكومة إقليم كردستان مسرور بارزاني (إعلام حكومي)

تفاهم أميركي - كردي على الإسراع بتصدير نفط كردستان

حثّ مستشار الأمن القومي الأميركي، مايكل والتز، إقليم كردستان على الإسراع بتشكيل الحكومة واستئناف تصدير النفط عبر ميناء جيهان التركي.

فاضل النشمي (بغداد)

خلافات لبنانية «مبكرة» بشأن قانون الانتخابات النيابية

بوصعب مترئساً جلسة للجان المشتركة في البرلمان الاثنين (الوكالة الوطنية)
بوصعب مترئساً جلسة للجان المشتركة في البرلمان الاثنين (الوكالة الوطنية)
TT

خلافات لبنانية «مبكرة» بشأن قانون الانتخابات النيابية

بوصعب مترئساً جلسة للجان المشتركة في البرلمان الاثنين (الوكالة الوطنية)
بوصعب مترئساً جلسة للجان المشتركة في البرلمان الاثنين (الوكالة الوطنية)

أرجأ مجلس النواب اللبناني، الاثنين، مناقشة اقتراحات لتعديل قانون الانتخابات النيابية، إثر سجالات بين القوى السياسية بشأن توقيت تقديمها، وبشأن مطالب القوى السياسية المنقسمة بين تيارات تسعى لإجراء تعديلات؛ أبرزها تيار رئيس البرلمان نبيه بري، وأخرى ترفض أي تغييرات للقانون، وفي مقدمها حزب «القوات اللبنانية».

وتنتهي ولاية المجلس النيابي الحالي في أواخر مايو (أيار) 2026، ويفترض أن تُجرى الانتخابات في أبريل (نيسان) أو مايو (أيار) 2026.

ويعتمد القانون الحالي التصويت وفق النظام النسبي، ويعطي المقترع حق الإدلاء بصوت تفضيلي واحد، كما يقسم الدوائر الانتخابية إلى دوائر صغيرة على أساس القضاء الجغرافي. واعتُمد هذا القانون أول مرة في عام 2018، بعد عقود من اعتماد النظام الأكثري في التصويت، واستطاع أن يرفع عدد أعضاء الكتل البرلمانية المسيحية بشكل كبير، وباتت تنظر إليه القوى المسيحية على أنه استطاع تأمين أفضل تمثيل للمسيحيين في البرلمان.

واقتراح كتلة «التنمية والتحرير» التي يرأسها بري، مقدم منذ 6 سنوات، وهو يعتمد لبنان دائرة واحدة، وفق نظام الاقتراع النسبي، ويتزامن مع إلغاء الطائفية السياسية. وعدّ مقدم الاقتراح، النائب علي حسن خليل، أنه «الصيغة الفضلى»، داعياً إلى «نقاش جدي للوصول إلى قانون يرتكز على (الطائف)».

من جهته، تقدم تكتل «لبنان القوي» باقتراح قانون مبني على «الأرثوذكسي».

بوصعب

وقال إلياس بوصعب، نائب رئيس البرلمان، بعد الجلسة: «هذه الجلسة كان على جدول أعمالها 6 اقتراحات قوانين، وبعض الزملاء أبدوا اعتراضهم على ما أتى على جدول الأعمال، والبعض عدّ أن هذه القوانين ليست في وقتها وفي محلها، ولكن بالنقاش شرحنا لهم ووفق النظام الداخلي للمجلس أن من يضع جدول الأعمال هو رئيس مجلس النواب»، لافتاً إلى أن النقاش بين أعضاء اللجان «تناول اقتراحاً له علاقة بالانتخابات وتطبيق (دستور الطائف) وإنشاء مجلس الشيوخ».

وأضاف بوصعب: «اليوم كان هناك اقتراح قانون لانتخاب أعضاء المجلس النيابي، واقتراح قانون لانتخاب أعضاء مجلس الشيوخ، وهو مقدم منذ سنوات، وتبنى الزميل علي حسن خليل الاقتراحين، وسمعنا من البعض أن الأمر (تهريبة)»، موضحاً أن «لا شيء اسمه (تهريبة) في اللجان أو المجلس». ولفت إلى أن «البعض يقول إن لديهم اقتراحات أخرى غير هذه الاقتراحات وتعديلات... أخذنا قراراً بالتريث وألا ندرس هذه القوانين وألا نشكل لجنة، في انتظار أن يرسل الفرقاء الآخرون اقتراحاتهم أو تعديلاتهم على قانون الانتخاب»، وعلى ضوء ذلك «نشكل لجنة مختصة ولجنة فرعية من اللجان المشتركة لدراسة هذا الموضوع».

حسن خليل

بدوره، لفت النائب علي حسن خليل إلى أن «اقتراح القانون مقدم من كتلة (التنمية والتحرير) منذ 6 سنوات»، وقال: «توافقنا مع خطاب القسم والبيان الوزاري في تقديمنا هذا المقترح واستكمال بنود (اتفاق الطائف) والعمل على تطوير النظام. وأردنا تحصين الوفاق الوطني من خلال هذا الاقتراح؛ لأن الانتخابات النيابية هي الأساس في هذا الإطار، والخروج من (شرنقة) الطائفية وبناء دولة المواطنة».

وقال: «من عدّ أن الاقتراح ضرب للميثاقية، فلا نوافقه، بل نحن منفتحون على نقاش هادئ للوصول إلى أفضل صيغة انتخابات ترتكز على (الطائف)». وقال: «كنت أتمنى إنشاء هيئة مستقلة لإدارة الانتخابات النيابية وألا نهرب من هذا النقاش».

خلافات

وعكست تلك السجالات التي احتواها نائب رئيس البرلمان بإرجاء بحث القانون، نموذجاً لحجم الخلافات بين الأفرقاء اللبنانيين. ورد رئيس جهاز العلاقات الخارجية في «القوات اللبنانية»، الوزير السابق ريشار قيومجيان، على اقتراح «التنمية والتحرير» اعتماد لبنان دائرة واحدة، بالقول: «في زمن الاحتلال البعثي: مطلب انسحاب الجيش السوري وفق (الطائف) كان يُواجَه بمطلب إلغاء الطائفية السياسية ولبنان دائرة انتخابية واحدة. ونشهد اليوم الأسلوب نفسه: قانون انتخاب على قاعدة الأكثرية العددية لمواجهة مطلب تطبيق القرارات الدولية وتسليم سلاح (حزب إيران). نغمة قديمة تخفي نيات خبيثة».

واستبق النائب غياث يزبك الجلسة بالقول إن «طرح الاقتراح بشأن قانون الانتخاب على النواب مساء الجمعة ليعالَج لدى اللجان النيابية المشتركة الاثنين صباحاً (تهريبة) وأرنب من بين الأرانب التي يخرجها الرئيس نبيه بري». وقال في حديث إذاعي: «يبدو العمل السياسي الجاد الذي تقوم به الحكومة لتطبيق مندرجات (اتفاق الطائف) والقرار (1701) قد أزعج الثنائي الشيعي (حزب الله وحركة أمل)، فأوعز إلى الرئيس بري بالتحرك في هذا الاتجاه، فتحرك النائب علي حسن خليل وقدم هذا القانون، فهذه هي روحية العمل مع (الثنائي)».

«الوطني الحر»

في المقابل، تقدم تكتل «لبنان القوي» باقتراح قانون لانتخاب أعضاء المجلس النيابي، مبني على «القانون الأرثوذكسي» الذي ينص على أن كل طائفة تختار ممثليها في البرلمان، «مع تعديلات لتحسين إدارة العملية الانتخابية والتمثيل»، وفق ما قال النائب سيزار أبي خليل في مؤتمر صحافي عقده مع النائبين جورج عطا الله ونقولا الصحناوي.

وقال أبي خليل: «نحن مع مقاربة جذرية في هذا الموضوع تقوم على إلغاء شامل للطائفية وصولاً إلى العلمانية الشاملة. فإلغاء الطائفية السياسية وحدها لا يؤدي إلى الهدف المنشود المتمثل في إلغاء الطائفية من كل جوانب الحياة السياسية والاجتماعية، وذلك يبدأ بقانون الأحوال الشخصية، وينسحب على أمور أخرى، والوصول إلى انتخاب أعضاء مجلس النواب».

وأضاف: «لذلك؛ فالنقاش هو في الأساس إما مناصفة وميثاقية حقيقية وينتج عنها مجلس نواب يمثل فعلاً المكونات فيه ويكون مخولاً دراسة تطوير النظام، وإما الذهاب إلى ورشة علمانية شاملة وإلغاء الطائفية في جوانب الحياة السياسية والاجتماعية».