الجيش يخمد توتراً في شمال لبنان أجّجته أحداث الساحل السوري

أنباء عن دخول آلاف النازحين حتى طرابلس

جنود من الجيش اللبناني ينتشرون في بيروت (أرشيفية - رويترز)
جنود من الجيش اللبناني ينتشرون في بيروت (أرشيفية - رويترز)
TT

الجيش يخمد توتراً في شمال لبنان أجّجته أحداث الساحل السوري

جنود من الجيش اللبناني ينتشرون في بيروت (أرشيفية - رويترز)
جنود من الجيش اللبناني ينتشرون في بيروت (أرشيفية - رويترز)

أخمد الجيش اللبناني توتراً طائفياً في طرابلس بشمال لبنان، كان اندلع على خلفية الاقتتال الأهلي في الساحل السوري، حيث سارعت وحدات من الجيش إلى الانتشار في أحياء طرابلس، ليل الجمعة - السبت، وتحديداً في الشوارع الفاصلة بين مناطق يسكنها سنة وعلويون، بغرض تطويق أي محاولة لتجديد التوتر، في وقت تواصل فيه تدفق العلويين النازحين من الساحل السوري إلى شمال لبنان.

وخرج متظاهرون غاضبون في أحياء طرابلس بشمال لبنان إثر انتشار معلومات عن تعرض فتى سوري قاصر يتحدر من مدينة إدلب، لطعنات بالسكين، تبين فيما بعد أنه من «النَوَر»، وفق ما أفادت به «الوكالة الوطنية للإعلام» الرسمية. وبعد انتشار الخبر في مواقع التواصل الاجتماعي، توجهت الاتهامات باتجاه شاب يتحدر من منطقة جبل محسن (وهي منطقة تسكنها أغلبية علوية في طرابلس).

وأخرج هذا الخبر المتظاهرين والمحتجين إلى شوارع طرابلس، وقطع عدد من الشبان بمنطقة البقار الطريق المؤدية إلى جبل محسن، وشهدت منطقة القبة حالة من الغليان، حيث خرج شبان من منطقة البقار في مسيرات احتجاجية مطالبين الأجهزة الأمنية بتوقيف المعتدين. وتطورت الأمور بسرعة، فبدأ إطلاق النار، مما أثار حالة من الهلع بين السكان، وفق ما أفادت به «الوكالة الوطنية للإعلام». وقالت إن وحدات من الجيش اللبناني سارعت إلى «الانتشار بكثافة في مناطق التوتر، لا سيما في أحياء البقار والجبل وشارع سوريا الفاصل بين باب التبانة والجبل، وأعادت الهدوء إليها».

بيان «المجلس العلوي»

وقال «المجلس الإسلامي العلوي»، في بيان، إن «السلم الأهلي والاستقرار الأمني خط أحمر، وتجاوباً مع طلب الأجهزة الأمنية تسليم الشاب أحمد البيطار، بادرنا بالتواصل مع الشاب الذي قابل هذا المطلب بإيجابية، ولنا كامل الثقة بالأجهزة الأمنية أنها ستقوم بواجبها وبكل شفافية للكشف عن ملابسات الحادث وكشف الحقيقة»، مشيراً إلى أن «طرابلس كانت وما زالت أنموذجاً للانصهار الوطني، وسداً منيعاً في وجه الفتنة».

احتقان مذهبي

وقال مصدر أمني لبناني لـ«الشرق الأوسط» إن هذا التوتر اندلع بسبب الاحتقان الناتج عن التطورات في الساحل السوري، مشيراً إلى أن الاحتقان «غذته منشورات في مواقع التواصل، أججت المشاعر؛ مما أدى إلى التوتر وتبادل الاتهامات».

وقال المصدر إنه «لم يوثَّق أي تدخل خارجي على مستوى المتحركين في لبنان، كما لم يثبت أي تحريض خارجي أو سياسي أدى إلى هذا التوتر» الذي شهدته طرابلس ليل الجمعة - السبت، مضيفاً أن التفاعل مع طرفي النزاع في الساحل السوري «دفع لتلك التحركات التي أخمدها الجيش اللبناني فوراً».

انتشار أمني واسع

وتحرك الجيش بسرعة كبيرة بالآليات والدوريات المؤللة، ونفذ انتشاراً واسعاً في أحياء طرابلس وضبط التوتر الأمني، فيما أُجريت اتصالات أمنية مع فعاليات المدينة، وفعاليات من الطائفتين السنية والعلوية في طرابلس، لضبط التوتر، ومنع تمدد الاقتتال والاحتقان من الداخل السوري إلى الداخل اللبناني. وشدد المصدر على أن «الحفاظ على الاستقرار يحتاج إلى أن تُواكَب الإجراءات الأمنية بتحركات الفعاليات المؤثرة على القوى الموجودة في المنطقة لتثبيت التهدئة ومنع التوتر»، مشيراً إلى أن التواصل مع الفعاليات يشمل أيضاً المؤسسات الدينية لكلا الفريقين، في إشارة إلى «دار الفتوى» و«المجلس الإسلامي العلوي».

حركة نزوح

وعلى إيقاع التطورات في سوريا، تواصلت حركة نزوح من مئات العلويين السوريين إلى شمال لبنان. وقالت مصادر أمنية لـ«الشرق الأوسط» إن النازحين السوريين ينتقلون عبر معابر غير شرعية إلى الداخل اللبناني في الشمال، ومنه ينتقلون إلى قرى تسكنها أغلبية علوية، أو إلى جبل محسن في مدينة طرابلس بالشمال.

وقالت المصادر الأمنية المحلية إن النازحين «انتقلوا بالمئات، لكننا لا نملك تقديرات واضحة عن الأعداد؛ لأنهم لم يعبروا من المسالك الشرعية»، لافتة إلى أن المعابر الشرعية الثلاثة مع سوريا في الشمال («العريضة» و«العبودية» و«البقيعة»)، مقفلة نتيجة القصف الإسرائيلي، مضيفة أن المعبر الشرعي الوحيد العامل بين لبنان وسوريا، هو معبر «المصنع» (شرقاً).

وتحدثت تقارير إعلامية ومصادر محلية عن أن أعداد المتوافدين من العلويين السوريين إلى شمال لبنان، تخطت 10 آلاف شخص خلال 3 أيام، مشيرة إلى أن حركة النزوح متواصلة عبر الحدود، بعد مقتل المئات في أحداث الساحل السوري.


مقالات ذات صلة

رئيس وزراء لبنان يؤكد للاتحاد الأوروبي ضرورة دعم الجيش والضغط على إسرائيل

المشرق العربي رئيس الوزراء اللبناني نواف سلام يُشير بيده أثناء حديثه خلال اجتماع مع وفد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة (أ.ف.ب)

رئيس وزراء لبنان يؤكد للاتحاد الأوروبي ضرورة دعم الجيش والضغط على إسرائيل

قالت الحكومة اللبنانية اليوم (السبت) إن رئيس الوزراء نواف سلام التقى بالممثلة العليا للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني خلال استقباله رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام (رئاسة الحكومة)

سلام: حصر السلاح بجنوب الليطاني شارف على الاكتمال

أكد رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام، أن الجيش «يواصل القيام بمهامه في بسط سلطة الدولة بقواها الذاتية، بدءاً من جنوب الليطاني».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بشار الأسد يقود سيارته في الغوطة الشرقية في 2018 (أرشيفية - متداول)

مناصرون لـ«حزب الله» يسخرون من الأسد ويذكّرون بحقبات القتال

سخر مناصرون لـ«حزب الله» في لبنان من تصريحات لونا الشبل، مستشارة الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد، التي وردت في مقاطع فيديو مسربة بثتها «العربية».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
خاص جنود من الجيش اللبناني أمام مبنى استُهدف بغارة جوية إسرائيلية في قرية دير كيفا جنوب لبنان الشهر الماضي (أ.ف.ب)

خاص التأخر بإعادة إعمار الجنوب يفجّر الاحتقان ضد الدولة اللبنانية و«حزب الله»

عكست الوقفات والتحركات الاحتجاجية في قرى الحافة الأمامية في جنوب لبنان، احتقاناً شعبياً على خلفية التأخر في دفع التعويضات للمتضررين

حنان حمدان (بيروت)
خاص عمال يستخدمون رافعة لتعليق زينة شجرة عيد الميلاد المقامة أمام مسجد محمد الأمين في وسط بيروت (إ.ب.أ)

خاص النمو المستدام للاقتصاد اللبناني مشروط بتقدم الإصلاحات الهيكلية

خفّضت وكالة التصنيف الدولية «موديز» سقف ترقبات النمو الحقيقي للاقتصاد اللبناني هذا العام، من 5 في المائة المرتقبة محلياً، إلى 2.5 في المائة.

علي زين الدين (بيروت)

الشرع: لن نصدّر العنف إلى إسرائيل

الشرع: لن نصدّر العنف إلى إسرائيل
TT

الشرع: لن نصدّر العنف إلى إسرائيل

الشرع: لن نصدّر العنف إلى إسرائيل

رفض الرئيس السوري أحمد الشرع، أمس، مطلب إسرائيل بإقامة منطقة منزوعة السلاح جنوب سوريا، معتبراً أن ذلك من شأنه أن يدخل بلاده في «مكان خطر»، ومؤكداً في الوقت ذاته «(أننا) لسنا معنيين بأن نكون دولة تصدّر العنف، بما في ذلك إلى إسرائيل».

وتعهد الشرع، في حوار على هامش مشاركته في منتدى الدوحة، «محاكمة مرتكبي الجرائم في الساحل والسويداء»، في إشارة إلى مواجهات دموية شهدتها مناطق يقطنها دروز وعلويون في وقت سابق من هذا العام.

وعشية ذكرى مرور سنة على إسقاط حكم الرئيس السابق بشار الأسد، بثت قناة «العربية/ الحدث» تسجيلات مصوَّرة تجمع الرئيس المخلوع بمستشارته لونا الشبل، التي قُتلت في ظروف غامضة عام 2024. وتتضمن «تسجيلات الأسد» ومستشارته سخرية من الجنود السوريين الذين كانوا يقاتلون في صفوف قواته، وشتائم وجهها الرئيس المخلوع لغوطة دمشق (يلعن أبو الغوطة)، كما تتضمن انتقادات للقائد العسكري سهيل الحسن الملقب بـ«النمر»، ولـ«حزب الله» اللبناني.

واعتبر سوريون أن ما كشفت عنه التسريبات بصوت الأسد يشير إلى أنه سقط مرة ثانية الآن في أعين مناصريه والذين قاتلوا إلى جانبه في سوريا ومن دول الجوار، بعدما سقط في المرة الأولى عسكرياً بدخول فصائل المعارضة دمشق، وإطاحة نظامه قبل سنة من الآن.


احتقان متزايد ضد الدولة و«حزب الله»

الدخان يتصاعد في بلدة المجادل في جنوب لبنان إثر استهدافها بقصف إسرائيلي يوم الخميس (أ.ف.ب)
الدخان يتصاعد في بلدة المجادل في جنوب لبنان إثر استهدافها بقصف إسرائيلي يوم الخميس (أ.ف.ب)
TT

احتقان متزايد ضد الدولة و«حزب الله»

الدخان يتصاعد في بلدة المجادل في جنوب لبنان إثر استهدافها بقصف إسرائيلي يوم الخميس (أ.ف.ب)
الدخان يتصاعد في بلدة المجادل في جنوب لبنان إثر استهدافها بقصف إسرائيلي يوم الخميس (أ.ف.ب)

عكست وقفات وتحركات احتجاجية في قرى الحافة الأمامية في جنوب لبنان، احتقاناً شعبياً ضد الدولة و«حزب الله»، على خلفية التأخر في دفع التعويضات للمتضررين، مما اضطر كثيرين إلى الخروج وبدء حياة جديدة خارج قراهم.

تأتي هذه التحركات بعد مرور أكثر من عامين على بدء الحياة المأساوية التي يعيشها سكان البلدات الحدودية، الذين ما زالوا يعانون تجربة النزوح بعدما خسروا منازلهم وممتلكاتهم، ولم يحصلوا على تعويضات إعادة الإعمار بعد، علماً أن الاستهدافات الإسرائيلية لا تزال شبه يوميّة هناك، والأضرار قابلة للازدياد أكثر مع الوقت.

في هذا الإطار، يقول المحلل السياسي علي الأمين، لـ«الشرق الأوسط»، إن بروز مثل هذه التحركات «أمر طبيعي، لأن هذه القرى شبه متروكة»، ويؤكد «أن هذه الاحتجاجات تأتي في وجه من أدار ظهره للناس، وفي ذهن المحتجين أن مواقفه (أي حزب الله) تسهم في إغلاق الأفق أمام أي إمكانية للمعالجة».


انشغال عربي بمنع تهجير سكان غزة عبر رفح

منظر عام لمخيم للنازحين الفلسطينيين في الجامعة الإسلامية بمدينة غزة (أ.ف.ب)
منظر عام لمخيم للنازحين الفلسطينيين في الجامعة الإسلامية بمدينة غزة (أ.ف.ب)
TT

انشغال عربي بمنع تهجير سكان غزة عبر رفح

منظر عام لمخيم للنازحين الفلسطينيين في الجامعة الإسلامية بمدينة غزة (أ.ف.ب)
منظر عام لمخيم للنازحين الفلسطينيين في الجامعة الإسلامية بمدينة غزة (أ.ف.ب)

مع مواصلة إسرائيل تدمير ما تبقّى في المناطق الخاضعة لسيطرتها داخل قطاع غزة، استباقاً للمرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار ووسط مشهد غير واضح، انشغلت دول عربية وإسلامية بالتصدي المسبق لخطر تهجير الغزيين عبر رفح.

وقال وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، خلال منتدى الدوحة، أمس، إن «معبر رفح لن يكون بوابةً لتهجير الفلسطينيين، بل فقط لإغراق غزة بالمساعدات الإنسانية والطبية».

وكان مكتب منسق أنشطة الحكومة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية قد أعلن، الأربعاء الماضي، فتح معبر رفح «خلال الأيام المقبلة حصرياً لخروج سكان قطاع غزة إلى مصر بالتنسيق مع القاهرة».

إلى ذلك، شدد وزراء خارجية كل من السعودية ومصر والأردن والإمارات وإندونيسيا وباكستان وتركيا وقطر، مساء الجمعة، على «الرفض التام لأي محاولات لتهجير الشعب الفلسطيني من أرضه».