مدينة تعز تستقبل آلاف المرضى النفسيين جراء الصراع

جهود دولية ومحلية لتقديم الرعاية للمصابين

مرضى نفسيون في مستشفى بمدينة تعز يعاني من ضغط شديد على خدماته (أ.ف.ب)
مرضى نفسيون في مستشفى بمدينة تعز يعاني من ضغط شديد على خدماته (أ.ف.ب)
TT

مدينة تعز تستقبل آلاف المرضى النفسيين جراء الصراع

مرضى نفسيون في مستشفى بمدينة تعز يعاني من ضغط شديد على خدماته (أ.ف.ب)
مرضى نفسيون في مستشفى بمدينة تعز يعاني من ضغط شديد على خدماته (أ.ف.ب)

يعاني الآلاف من السكان في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية بمحافظة تعز اليمنية من اضطرابات نفسية، بسبب الخوف من تعرضهم للانتهاكات وممارسات الإفقار، ويضطرون لتلقي العلاج في مناطق الحكومة الشرعية، في ظل تدهور عام للصحة النفسية والعقلية وجهود من قبل المنظمات الأممية والدولية لتقديم الرعاية.

وكشفت مصادر طبية محافظة تعز لـ«الشرق الأوسط»، عن ارتفاع كبير في أعداد المرضى النفسيين القادمين من مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، منذ منتصف العام الماضي، ما أدى إلى ضغط شديد على مستشفيات المدينة المحاصرة التي استقبلت أكثر من 11 ألفاً من الحالات المصابة باضطرابات نفسية خلال العام الماضي. وتقول المصادر إن هذا العدد يعدّ ضعف ما استقبلته المستشفيات نفسها خلال العام قبل الماضي.

ويعدّ مستشفى الأمراض النفسية والعصبية في مركز المحافظة الأكثر نشاطاً في استقبال مرضى الاضطرابات النفسية، وشهد لوحده استقبال أكثر من ثلثي الحالات التي ترددت على مستشفيات المحافظة خلال العام نفسه.

تضافر بين الحرب والممارسات الحوثية والأوضاع المعيشية في مضاعفة الأعباء النفسية على اليمنيين (أ.ف.ب)

وتشير المصادر إلى أن فتح الطريق الذي يربط مدينة تعز بالضاحية الشرقية لها (الحوبان) التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منتصف العام الماضي، أسهم في الزيادة الكبيرة للمرضى النفسيين المترددين على مستشفيات المدينة.

ووافقت الجماعة الحوثية في يونيو (حزيران) الماضي، على فتح المنفذ الشرقي لمدينة تعز بعد 9 أعوام من إغلاقه وفرض حصار خانق على المدينة، وسعي متواصل لاقتحامها، واستهداف سكانها بالقصف العشوائي وأعمال القنص.

ونوهت المصادر بأن إقبال المقيمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية على التردد على المستشفيات داخل مدينة تعز المحاصرة، يعدّ مؤشراً واضحاً على مدى سوء الأوضاع الصحية، خصوصاً في الجانب النفسي لسكان تلك المناطق.

وطبقاً للمصادر، فإن غالبية المترددين على مستشفيات مدينة تعز من مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشكون من خوفهم من الاختطاف والتعرض للتعذيب، ويواجهون مخاوف من الخروج من المنازل أو الاختلاط بالمجتمع والتردد على الأماكن العامة، كما يبدون قلقاً كبيراً عند المرور في نقاط التفتيش أو التعامل مع الغرباء.

برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ومركز الملك سلمان يرعيان مساحات آمنة للرعاية الاجتماعية والنفسية (الأمم المتحدة)

ويعاني كثير من هؤلاء من اضطرابات بسبب الأوضاع الاقتصادية المتردية وصعوبتها، ومخاوف من مصادرة أملاكهم أو حرمانهم من مصادر دخلهم، إلى جانب ما تتسبب به الجبايات والإتاوات التي تفرضها الجماعة الحوثية من معاناة مستمرة لهم.

وواجه مستشفى الأمراض النفسية والعصبية، وهو المستشفى العمومي التخصصي الوحيد في المدينة، صعوبات في تقديم خدمات الرقود لأكثر من 500 نزيل، في حين تزيد عدد الحالات التي تحتاج إلى هذه الخدمات على ثلث عدد المترددين على المستشفى، كما قدم العون النفسي لما يزيد على 400 حالة، بينما تحتاج غالبية الحالات لهذه الخدمة الطبية باستمرار.

رعاية نفسية أممية

يتبنى برنامج الأمم المتحدة الإنمائي مشروعاً لدعم المساحات الآمنة في اليمن لتعزيز قدرة المجتمعات المتضررة من الصراع على الصمود وتحقيق الرفاه، وتشمل هذه المساحات توفير خدمات الدعم النفسي إلى جانب الفرص التعليمية والحماية للفئات الضعيفة، مثل النساء والأطفال، لتعزيز التماسك الاجتماعي وتوفير الدعم الأساسي للمجتمعات الضعيفة.

صندوق أممي قدم دعماً للرعاية النفسية لأكثر من 10 آلاف يمني عبر مؤسسات محلية العام الماضي (فيسبوك)

ويرعى البرنامج الأممي، بدعم من مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، 6 مساحات آمنة في محافظات عدن وحضرموت ولحج في اليمن، بالتعاون مع عددٍ من المنظمات المحلية، تقدم خدمات استشارية سرية لسكان المناطق المستهدفة، إلى جانب ورش عمل مختلفة لبناء القدرات والتثقيف لتعزيز الصحة العقلية ومعالجة الصدمات النفسية، وبناء الثقة بالنفس، وتحسن العلاقات الأسرية، وتعزز الأدوار المجتمعية.

ويسهم اتحاد نساء اليمن، وهو أكبر منظمة نسوية في البلاد، إلى جانب مؤسسات أخرى تنشط في دعم وحماية النساء والأطفال، في أنشطة مشروع البرنامج التي تتضمن جلسات لحماية التماسك الاجتماعي، وفيها يجتمع الرجال والنساء من كل مجتمع لمناقشة كيفية دعم الأفراد المعرضين للخطر، وتمكينهم من التعافي والتعلم وإعادة بناء حياتهم.

برامج دولية متنوعة

تواصل المنظمة الدولية للهجرة تقديم الدعم النفسي للنازحين والمهاجرين في اليمن، للمساعدة في تخطي الآثار النفسية للحرب.

جلسة توعوية نفسية للنساء في مدينة تعز (الأمم المتحدة)

وبلغ عدد الذين قدمت المنظمة الدعم النفسي لهم خلال العام قبل الماضي 50 ألف شخص من المهاجرين والنازحين في مختلف أنحاء البلاد، سعت إلى تأهيلهم للتعامل مع الصدمات النفسية التي تعرضوا لها نتيجة الحرب، والتغلب على مشاعر القلق والاكتئاب، وتحسين صحتهم النفسية بشكل عام.

وتركز المنظمة الأممية أنشطة الرعاية النفسية التي تقدمها على المحافظات التي تؤوي أعداداً كبيرة من النازحين، وفي مقدمتها محافظة مأرب التي افتتحت فيها عيادة صحية متكاملة التجهيزات.

ومن جهتها، تقدم «اليونيسيف» الدعم والرعاية النفسيين لآلاف الأطفال، إلى جانب الدورات التدريبية للمعلمين والمختصّين العاملين في التعليم والمتعاملين مع الأطفال.

وأنشأت المنظمة المعنية بالأمومة والطفولة 15 مساحة آمنة للأطفال في مدينة عدن، للأطفال ذوي الإعاقة والنازحين، تقدم لهم فيها الدعم النفسي والاجتماعي، وتُوجههم للتعامل مع الأوضاع الجديدة التي أجبروا عليها، والحفاظ على سلامتهم النفسية والعقلية.

المنظمة الدولية للهجرة تقدم رعاية نفسية في مخيمات النزوح (الأمم المتحدة)

وخصصت منظمة «أطباء بلا حدود» جزءاً من تمويلها لصالح برنامج متكامل للصحة النفسية في عدد من محافظات شمال غربي البلاد، الخاضعة لسيطرة الجماعة الحوثية، لإعادة تأهيل المصابين بالأزمات النفسية وعلاجهم ودمجهم في المجتمع.

وترعى المنظمة الدولية أقساماً للرعاية النفسية في عدد من المستشفيات العمومية في تلك المحافظات، ضمن برنامجها الذي يقدم جلسات فردية وجماعية يديرها مختصّون نفسيون، بالإضافة إلى أنشطة منتظمة للتوعية بالصحة النفسية وكيفية تحقيق التوازن العقلي خلال الأزمات والضغوط، والدعم الاجتماعي للسكان.

وخلال النصف الأول من العام الماضي، قدمت منظمات محلية خدمات الرعاية النفسية لأكثر من 10 آلاف امرأة ضمن برنامج «خدمات الصحة النفسية والدعم النفسي للنساء»، بدعم من صندوق الأمم المتحدة للسكان.


مقالات ذات صلة

​ضربات أميركية مركّزة على مخابئ الحوثيين في صنعاء وصعدة

العالم العربي حملة ترمب ضد الحوثيين في اليمن دخلت يومها العاشر (رويترز)

​ضربات أميركية مركّزة على مخابئ الحوثيين في صنعاء وصعدة

دخلت الحملة الأميركية التي أمر بها الرئيس الأميركي دونالد ترمب ضد الحوثيين يومها العاشر غداة ضربات مركزة استهدفت صنعاء وصعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي اليمن يواجه إحدى أشد أزمات المياه حدة في العالم (الأمم المتحدة)

تحذيرات أممية من استنفاد طبقات المياه الجوفية في عدن

أطلق «البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة» تحذيراً من استنفاد طبقات المياه الجوفية لمدينة عدن خلال هذا العام، واقترح تحلية مياه البحر لمواجهة الأزمة.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي الدخان يتصاعد من موقع غارة جوية أميركية على صنعاء (رويترز) play-circle

إعلام حوثي: قتلى ومصابون في هجوم أميركي على صنعاء

أفاد إعلام حوثي بسقوط قتلى وجرحى في هجوم أميركي استهدف مبنى سكنياً في مديرية معين بصنعاء، الأحد، مع استمرار الهجمات الأميركية على مناطق سيطرة الحوثيين باليمن.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي مقاتلة «إف 18» تُقلع لضرب الحوثيين من على متن حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» (أ.ف.ب)

غارات أميركية ليلية ضربت الحوثيين في 3 محافظات يمنية

ضربت غارات أميركية ليلية أهدافاً حوثية في 3 محافظات، فيما تبنت الجماعة مهاجمة إسرائيل بصاروخ باليستي أعلنت الأخيرة اعتراضه على غرار 4 صواريخ منذ الثلاثاء.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي تراجع كبير شهدته المساعدات الغذائية في اليمن (أ.ف.ب)

تحذيرات من عواقب إنسانية جرَّاء التصعيد العسكري في اليمن

مع ارتفاع معدلات انتشار سوء التغذية الحاد في عدة مناطق يمنية بصورة تبعث على القلق، حذَّرت منظمات دولية من عواقب التصعيد العسكري الأخير على الوضع الإنساني.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)

«المركزي» اللبناني يصدّ طروحات لاستثمار مخزون الذهب

زائر يتفحص وزن سبيكة ذهبية في متحف مصرف لبنان للعملات (موقع مصرف لبنان)
زائر يتفحص وزن سبيكة ذهبية في متحف مصرف لبنان للعملات (موقع مصرف لبنان)
TT

«المركزي» اللبناني يصدّ طروحات لاستثمار مخزون الذهب

زائر يتفحص وزن سبيكة ذهبية في متحف مصرف لبنان للعملات (موقع مصرف لبنان)
زائر يتفحص وزن سبيكة ذهبية في متحف مصرف لبنان للعملات (موقع مصرف لبنان)

تثير الارتفاعات القياسية في القيمة السوقية لاحتياطي الذهب لدى مصرف لبنان المركزي، شهية غير مسبوقة في طرح خيارات متنوعة تتوخى، بحذر واضح، تحقيق معادلة تجمع بين المحظورات التشريعية للتصرف بهذا المخزون الثمين، وإمكانية استثماره في إنتاج مردود استثماري دائم يساهم بفعالية في تسريع خطة الإنقاذ والتعافي المنشودة.

ولا يقلّل مسؤول مالي معني، في اتصال مع «الشرق الأوسط»، من الأهمية الاستثنائية لهذه الطروحات، تزامناً مع سطوع أرقام تناهز 28 مليار دولار مقابلة لقيمة احتياطي الذهب في البيانات المحدثة للبنك المركزي، من دون احتساب القيمة المضافة لعشرات آلاف السبائك ومئات آلاف العملات الذهبية المخزّنة على مدى يزيد على عقدين من منتصف القرن الماضي.

سبائك الذهب المحفوظة في خزائن مصرف لبنان في صورة وزعها المصرف لحاكمه السابق رياض سلامة نوفمبر 2022 (رويترز)

ووسط تأكيدات يؤيدها المسؤول المالي المعني، لما يزخر به المخزون الذهبي من فرادة في بعض مكوناته وميزات خاصة وذات جاذبية شاملة لمجمله، يبقى الأهم أولاً المبادرة إلى إجراء جردة نوعيّة جديدة تستكمل الفحص الكمّي المنجز سابقاً، بحيث تفضي إلى التدقيق التفصيلي في كل سبيكة أو عملة، وبما يشمل خصوصاً تحديد مصادرها وأوزانها وتواريخ تعدينها وصكوكها وعلاماتها الفارقة، توخياً لإدراك تقديرات تكفل زيادة القيمة المضافة على القيمة الدفترية المحتسبة بوحدة الوزن.

286 طناً

وأكد حاكم البنك المركزي بالإنابة الدكتور وسيم منصوري هذه الوقائع، وأوعز إلى المديريّة المعنيّة بالعمل على إنجاز هذه الدراسة لتحديد الكمية وقيمتها الحقيقية، طالما أن القيمة الدفترية باتت معروفة، وهي تنشر دورياً في الميزانية، مع التقدير بأن تزيد القيمة الفعلية للذهب بنسبة 10 في المائة أو مائة في المائة في بعض الأحيان. وبذلك «يمكن أنْ نتخيّل الآفاق التي يمكن أن تأتينا من جرّاء ذلك». وهذه نظرة جديدة حول كيفية تقييم مخزون الذهب.

ويحوز لبنان رسمياً مخزوناً يبلغ نحو 286.8 طن من الذهب، أي ما يناهز نحو 9.25 مليون أونصة من حيث الوزن، جمعها البنك المركزي التزاماً بتحديد قيمة الليرة اللبنانية بالذهب الخالص، الذي تم تكريسه في المادة الثانية من قانون النقد والتسليف الصادر عام 1963، في حين تتوزع الكميات، وفق المعلومات، بنسبة الثلثين في مستودعات آمنة ومحميّة لدى البنك المركزي وبنسبة الثلث مودعة في قلعة «فورت نوكس» بولاية كنتاكي الأميركية، وهي الخزانة الرئيسية لاحتياطي الذهب في الولايات المتحدة.

زائر يتفحص وزن سبيكة ذهبية في متحف مصرف لبنان للعملات (موقع مصرف لبنان)

ووفق التوصيف القانوني، فإن «ملكية» الذهب تعود للبنك المركزي الحائز امتياز إصدار النقد، وباعتباره «شخصاً معنوياً من القانون العام ويتمتع بالاستقلال المالي»، مما يؤكد دوره المحوري في اقتراح أي خيارات استثمارية مستقبلاً، بينما يشير المسؤول المالي إلى أولوية تعديل التشريع في مرحلة الإقرار، حيث يمنع القانون رقم 42 الصادر في عام 1986، «مطلقاً» التصرف بالموجودات الذهبية مهما كانت طبيعة هذا التصرف وماهيته، سواء أكان بصورة مباشرة أو غير مباشرة إلا بنص تشريعي يصدر عن مجلس النواب.

منع قانوني مطلق

وتكفل هذه الموانع القانونية المتعددة المرجعيات والسقوف، تحصين التعامل مع هذه الأصول الثمينة التي يملكها لبنان رغم ما يعانيه من أزمات وانهيارات. وهو ما يتطابق مع تأكيد حاكم البنك المركزي بالإنابة بأنه «ولو مهما حصل، لا يمكن أن أوقّع على تحريك غرام من غرامات الذهب الموجود».

وفي إشارة معبرّة عن المخاطر الكامنة، يشير إلى أنه عشية انفجار الأزمات في خريف عام 2019، كان إجمالي الاحتياطيات النقدية لدى المصرف المركزي نحو 33 مليار دولار، وقيمة الذهب وقتها كانت نحو 16 مليار دولار. فما الذي فعلناه بالأموال النقدية؟ «وضعناها في سياسة الدعم». لتتحدر إلى نحو 8.5 مليار دولار. وبذلك «خسرنا مرة ونصف المرة قيمة الذهب حينها ولم نصل إلى نتيجة. الحديث عن استعمال الذهب أمر غير مقبول».

وبالمثل، يؤكد المسؤول المالي أن الاستسهال في مقاربة خيارات استثمار هذه الثروة جزئياً أو كلياً، قد يؤدي إلى تبديد مفاعيلها والفوائد المرجوّة، بينما ينبغي بالأولوية المطلقة إنجاز إصلاحات هيكلية وبنيوية على المستويات كافة وإنجاز الاتفاق النهائي مع صندوق النقد الدولي توخياً لإشراك المؤسسات المالية الدولية واعتماد معاييرها والشفافية في الإصلاحات والخيارات. علماً بأن أي استعمال للذهب من قبل البنك المركزي، يستوجب الاستحصال على موافقة السلطة التشريعية والمشروطة بعرض أسباب موجبة وشروحات واضحة لطبيعة الاستخدام وأهدافه.

مجموعة من عملات العالم معروضة في متحف المصرف المركزي (مصرف لبنان)

وبالفعل، فإن الأملاك العامة والأميرية من أصول ثابتة وحقوق حصرية ومرافق ومؤسسات تفوق بأضعاف قيمة احتياط الذهب وتؤكد مقولة إن الدولة «منهوبة». فمن دون حصر، يقع في سجلات ملك الدولة الأملاك البحرية والنهرية وما لا يقل عن 850 مليون متر مربع من الأراضي والمشاعات البلدية ومنشآت مبنية وعقارات عالية التصنيف جاذبة للاستثمارات في العاصمة والمدن الكبرى وشبكات الطرقات وسكة الحديد وقطاعات الكهرباء والمياه والاتصالات ومرافق المطارات الجوية والمرافئ البحرية، واللائحة تطول مع حكايات أصول مهملة وعقم إنتاجي مشوب بالفساد والهدر والتهرب الضريبي.

ومن شأن استعادة انتظام مؤسسات الدولة، حسب المسؤول المالي، وحضورها المركزي المعزّز بسلطاتها وبالاحتكام إلى القوانين النافذة والقضاء المستقل، استعادة هذه الثروات المنهوبة وتشغيلها ضمن مشاريع شراكة منتجة مع القطاع الخاص، بما يحقق استهداف تكبير حجم الاقتصاد والنمو المستدام والتنمية الشاملة، ورفد الموازنة العامة بعوائد أعلى قيمة وأكثر فعالية لتساهم بحصتها في ردم الفجوة المالية المقدرة بنحو 72 مليار دولار وتسريع التعافي الاقتصادي المنشود.