«حزب الله» يضغط على بيئته لأوسع مشاركة في تشييع نصرالله

استنفار أمني لبناني للتعامل مع أي سيناريو

مناصرون لـ«حزب الله» يتجمعون في موقع اغتيال أمين عام الحزب السابق حسن نصرالله بعد أيام على وقف إطلاق النار في شهر نوفمبر الماضي (رويترز)
مناصرون لـ«حزب الله» يتجمعون في موقع اغتيال أمين عام الحزب السابق حسن نصرالله بعد أيام على وقف إطلاق النار في شهر نوفمبر الماضي (رويترز)
TT
20

«حزب الله» يضغط على بيئته لأوسع مشاركة في تشييع نصرالله

مناصرون لـ«حزب الله» يتجمعون في موقع اغتيال أمين عام الحزب السابق حسن نصرالله بعد أيام على وقف إطلاق النار في شهر نوفمبر الماضي (رويترز)
مناصرون لـ«حزب الله» يتجمعون في موقع اغتيال أمين عام الحزب السابق حسن نصرالله بعد أيام على وقف إطلاق النار في شهر نوفمبر الماضي (رويترز)

يستنفر «حزب الله» منذ أكثر من شهر استعداداً لتشييع أمينيه العامين السابقين حسن نصر الله وهاشم صفي الدين، إذ يريد أن يتحوّل هذا التشييع إلى استفتاء على شعبيته وتمسك جمهوره بخياراته، واضعاً له «إنّا على العهد» شعاراً.

وتتواصل الجهود الحزبية للحشد من كل المناطق اللبنانية، بالتوازي مع جهود مماثلة تبذل لحث المغتربين على القدوم إلى لبنان للمشاركة في التشييع. وشكّل قرار الحكومة اللبنانية وقف وصول الطائرات الإيرانية إلى مطار رفيق الحريري الدولي أزمة حقيقية للحزب وحلفائه الإقليميين ما اضطرهم لتحويل مطار بغداد معبراً لهم إلى بيروت، وهو ما أدى لحجز كامل الرحلات بين العاصمتين منذ مطلع الأسبوع الحالي. وتحدثت مصادر مطلعة عن «عمل منظم من أذرع إيرانية في العراق لإرسال وفود للمشاركة في التشييع».

وشهد مطار رفيق الحريري في اليومين الماضيين أكثر من إشكال بين المسافرين، على خلفية إصرار القادمين للمشاركة في التشييع على رفع صور نصرالله، وترداد هتافات مؤيدة للحزب.

نجل نصرالله يتدخل للحشد

دخل نجل نصرالله، محمد مهدي نصرالله، على خط تجييش جمهور الحزب للمشاركة في التشييع، فنشر مقطع فيديو على حسابه عبر تطبيق «إنستغرام» قال فيه إن «الأعداء والمبغضين تكالبوا علينا سعياً منهم لمنع حصول هذا التشييع بكافة الوسائل». وتوجه إلى «الذين باستطاعتهم النزول ولن ينزلوا، ويتحججون بحجج واهية مثل الازدحام، وأن التشييع لن يتوقف على شخص، أو الأمطار».

الإجراءات الأمنية

تحسباً لإشكالات قد يشهدها يوم التشييع بين المشاركين في التشييع ومعارضي الحزب، استنفرت الأجهزة الأمنية من جهتها، ورفعت جهوزيتها إلى درجات قصوى. وترأس رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون الجمعة اجتماعاً أمنياً حضره وزيرا الدفاع والداخلية وقادة الأجهزة الأمنية تم خلاله البحث بالإجراءات الأمنية المتخذة لمواكبة التشييع.

وقال مصدر أمني لـ«الشرق الأوسط» إن «الأجهزة الأمنية كافة في أقصى درجات الجهوزية التي تصل إلى مائة بالمائة في كل المناطق اللبنانية استعداداً ليوم التشييع»، لافتاً إلى أنه «تم اتخاذ كل الاحتياطات ووضع خطط للتعامل مع كل السيناريوهات والفرضيات».

ومن المتوقّع أن تشلّ مراسم التشييع البلاد مع تدفّق مناصري «حزب الله» إلى بيروت من مناطق عدة، وتعليق السلطات الرحلات الجوية من الساعة الثانية عشرة ظهر الأحد حتى الساعة 4.00 من بعد ظهر اليوم نفسه. ودعا الحزب المسؤولين اللبنانيين إلى الحضور. وأعلنت اللجنة العليا لمراسم التشييع، الأسبوع الماضي، مشاركة «نحو 79 دولة من مختلف أنحاء العالم، بين مشاركات شعبية ورسمية».

ضغط معنوي... والغياب خيانة!

ويعدُّ الناشط السياسي ورئيس تحرير موقع «جنوبية» علي الأمين أن التشييع الذي يتم التحضير له هو «لاعتبارات سياسية لا علاقة لها بعملية الدفن، ولذا فإن (حزب الله) يحاول أن يضع كل ما لديه من إمكانات من أجل التحشيد، فنراه يستخدم كل وسائل الضغط المعنوي على محازبيه وداخل البيئة الشيعية في محاولة لإظهار أن الغياب عن التشييع هو خيانة، وأن عدم المشاركة تجعل صاحبها في موقع الانتقاد، وربما التضييق، فالحزب يريد من التحشيد أن يفرض معادلات داخلية جديدة تنقلب على مسار تعزيز مشروع الدولة بالمعنى الفعلي»، مضيفاً: «ما يحصل أكثر من تكليف شرعي. وواضح أن الحزب يركز في الحشد على المكون الشيعي لاعتباره أن شد العصب الشيعي يشكل له حماية وحصانة».

ويرى الأمين، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «شد العصب وإقامة مقام لمدفن نصرالله بعشرات ملايين الدولارات، هو فعل استنقاذ للحزب من خلال محاولة تقديس نصرالله وجعل مدفنه مزاراً أسوة بمزارات الأئمة عند الشيعة في العراق وسوريا ومشهد».

شبان لبنانيون يحملون صورة نصرالله في مطار بغداد حيث ينتظرون للسفر إلى بيروت (أ.ف.ب)
شبان لبنانيون يحملون صورة نصرالله في مطار بغداد حيث ينتظرون للسفر إلى بيروت (أ.ف.ب)

كيف سيتعامل لبنان مع مطالبته بتوقيف قيادات حوثية؟

من جهة أخرى، ومع توافد المشاركين، لا سيما من إيران والعراق واليمن، لحضور التشييع، حيث زادت الخطوط الجوية العراقية وشركة طيران الشرق الأوسط عدد رحلاتهما هذا الأسبوع بين بغداد وبيروت قبيل التشييع مع ارتفاع الطلب عليها.

ولن يكون لبنان الرسمي ملزماً أو قادراً على التجاوب مع مطالبة وزير الإعلام في الحكومة اليمنية معمر الإرياني توقيف قيادات حوثية خلال وصولها إلى مطار وفيق الحريري الدولي في بيروت للمشاركة في تشييع أمين عام «حزب الله» السابق حسن نصرالله.

مسافرون في مطار بغداد يتجهون نحو بيروت للمشاركة في تشييع نصرالله (أ.ف.ب)
مسافرون في مطار بغداد يتجهون نحو بيروت للمشاركة في تشييع نصرالله (أ.ف.ب)

فحسب نقيب المحامين السابق في الشمال والوزير السابق الدكتور رشيد درباس، «يفترض أن تكون هناك مذكرات توقيف واسترداد صادرة عن الإنتربول، تُعرض على النائب العام التمييزي الذي يعرضها بدوره على الحكومة الذي يكون عليها اتخاذ قرار التسليم أو عدمه»، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه طالما ليست هناك مذكرات مماثلة بحق القيادات التي يطالب اليمن بتسليمها لن تكون الأجهزة الأمنية اللبنانية قادرة على توقيفها».

وكان الإرياني تحدث عن «مغادرة مجموعة من قيادات جماعة (الحوثي) (حركة أنصار الله)، صنعاء للمشاركة في التشييع»، وطالب الحكومة اللبنانية بـ«ضبط قيادات الحوثي المتورطة في جرائم حرب وانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، والمصنفة في عدد من الدول بينها أميركا، جماعة إرهابية، فوراً، وتسليمهم للحكومة اليمنية، وعدم السماح بأن يكون لبنان ملاذاً آمناً لهم، امتثالاً للقرارات الدولية».

وغادر الجمعة وفدٌ من جماعة الحوثي اليمنية، العاصمة صنعاء، للمشاركة في تشييع نصرالله، وفق ما ذكرت قناة «المسيرة» الفضائية التابعة للحوثيين، مشيرة إلى أن وفداً رفيع المستوى من الجماعة «غادر مطار صنعاء الدولي للمشاركة في التشييع»، وأوضحت أن الوفد «برئاسة مفتي الديار اليمنية (يتبع الحوثيين) شمس الدين شرف الدين»، دون ذكر مزيد من المعلومات.


مقالات ذات صلة

بري: الغارة الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية محاولة «لاغتيال» القرار 1701

المشرق العربي مبنى مدمر جراء غارة جوية إسرائيلية في الضاحية الجنوبية لبيروت (د.ب.أ) play-circle

بري: الغارة الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية محاولة «لاغتيال» القرار 1701

قال رئيس مجلس النواب نبيه بري إن الغارة الإسرائيلية الأخيرة على ضاحية بيروت الجنوبية هي محاولة «لاغتيال» قرار مجلس الأمن رقم 1701.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي مبنى متضرر بشدة جراء الغارة التي شنتها إسرائيل على ضاحية بيروت الجنوبية (أ.ف.ب) play-circle

الأمم المتحدة: قصف ضاحية بيروت الجنوبية جاء رغم اتخاذ حكومة لبنان خطوات إيجابية

قالت المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان إن الغارة الأخيرة التي شنتها إسرائيل على ضاحية بيروت الجنوبية جاءت رغم اتخاذ الحكومة اللبنانية خطوات إيجابية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي الدخان يتصاعد عقب غارة جوية إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ب) play-circle 00:35

مقتل قيادي في «حزب الله» بضربة إسرائيلية على ضاحية بيروت

أعلن الجيش الإسرائيلي، الثلاثاء، أنّه شنّ غارة جوية على الضاحية الجنوبية لبيروت، استهدفت عنصراً في «حزب الله»، في ثاني ضربة من نوعها منذ بدء سريان وقف النار.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي نساء يبكين عند قبور مقاتلين لجماعة «حزب الله» اللبناني قُتلوا في الصراع مع إسرائيل في مقبرة بقرية عيتا الشعب بالقرب من الحدود مع إسرائيل في جنوب لبنان... 31 مارس 2025 (أ.ف.ب)

جنوب لبنان في «عيد حزين» وسط زيارات قبور أحباء قضوا في الحرب

أحيا سكان في جنوب لبنان، اليوم الاثنين، عيد الفطر بغصّة في قراهم المدمّرة بفعل المواجهة الدامية بين «حزب الله» وإسرائيل.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي عيّن مجلس الوزراء الأسبوع الماضي حاكماً لمصرف للبنان هو كريم سعيد والنائب العام التمييزي القاضي جمال الحجار وأيمن عويدات رئيساً لهيئة التفتيش القضائي والقاضي يوسف الجميّل رئيساً لمجلس شورى الدولة (الرئاسة اللبنانية)

ورشة إصلاح القضاء اللبناني تبدأ بالتعيينات وإنجاز قانون استقلاليته

تسلك التعيينات القضائية في لبنان طريقها على أن يستكمل تعيين أعضاء مجلس القضاء الأعلى نهاية الأسبوع الحالي ويكون ذلك منطلقاً لبدء ورشة الإصلاح بالسلك القضائي

يوسف دياب (بيروت)

إسرائيل تفرج عن مصطفى شتا مدير «مسرح الحرية» في جنين

مصطفى شتا مدير «مسرح الحرية» في صورة ملتقطة من مقطع فيديو على «فيسبوك»
مصطفى شتا مدير «مسرح الحرية» في صورة ملتقطة من مقطع فيديو على «فيسبوك»
TT
20

إسرائيل تفرج عن مصطفى شتا مدير «مسرح الحرية» في جنين

مصطفى شتا مدير «مسرح الحرية» في صورة ملتقطة من مقطع فيديو على «فيسبوك»
مصطفى شتا مدير «مسرح الحرية» في صورة ملتقطة من مقطع فيديو على «فيسبوك»

أفرجت السلطات الإسرائيلية عن مصطفى شتا، المدير الإداري لـ«مسرح الحرية» في جنين بشمال الضفة الغربية، بعد اعتقال إداري استمرّ عاماً ونصف عام.

ووفق وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية (وفا)، اليوم الثلاثاء، خرج شتا في ظروف إنسانية صعبة أثرت على ملامحه.

ودعا وزير الثقافة عماد حمدان، إلى إطلاق الأسرى الفلسطينيين جميعاً، مستنكراً استمرار «العدوان» الإسرائيلي على المثقفين والقطاع الثقافي الفلسطيني، وفق ما نقلته «وكالة الأنباء الألمانية».

وأشار حمدان إلى الاقتحام الأخير لـ«مسرح الحرية» في مخيم جنين، وما تعرَّض له من تدمير وتخريب، في محاولة لقتل الأمل بالحياة داخل المخيم.

وأكد أن «سياسات الاحتلال تهدف إلى طمس الهوية والثقافة الوطنية الفلسطينية، والحد من نشر الوعي والفكر في المجتمع الفلسطيني»، داعياً الجهات الدولية إلى التحرك العاجل لوقف هذه الاعتداءات.