تسيطر مشاعر الهلع والخوف على مربِّي الحيوانات والمواطنين بشكل عام في العراق، نتيجة تفشى الإصابات بمرض الحمى القلاعية، خصوصاً مع التأكيدات الرسمية التي أعلنتها وزارة الزراعة حول إصابة أكثر من 3 آلاف رأس ونفوق 654 رأساً من الجاموس.
ويبدو أن العاصمة بغداد كانت الأكثر تأثراً بفيروس الحمى، إذ قال المتحدث باسم وزارة الزراعة محمد الخزاعي، إن إصابات حدثت بمرض الحمى القلاعية لحيوان الجاموس في مناطق، الفضيلية وجرف النداف وحي الوحدة والنهروان في محافظة بغداد.
ورافق الخوف من تضرر الثروة الحيوانية للبلاد مشاعر القلق من تأثير فيروس الحمى القلاعية على المواطنين العاديين، الأمر الذي اضطر السلطات الحكومية إلى نفيه مراراً.
ونفت الحكومة بعد إيعاز رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، بتشكيل لجنة تحقيقية في إصابات الجاموس والأبقار بالحمى القلاعية، أن يكون للفيروس تأثيراً على صحة المواطنين، وقالت في بيان، إن «هذا المرض الذي يصيب الماشية لا ينتقل إلى الإنسان من خلال استهلاك المنتجات الحيوانية كاللحوم والحليب ومشتقاته».
وتحدث البيان الحكومي عن حالة «التنسيق مع وزارة الزراعة ومنظمة الغذاء والزراعة الدولية (فاو)، لغرض فحص العينات في المختبرات المرجعية العالمية».

وحتى مع الإجراءات التي تقوم بها الحكومة وتشكيل لجان خاصة للتحقيق، تظل الأسباب الكامنة وراء تفشي المرض محل جدل وسجالات تتداخل فيها الاتهامات الضمنية بين الأطراف السياسية وشبه السياسية، مما يزيد من قلق وانزعاج أصحاب المواشي.
وتعددت الاتهامات والروايات المتعلقة بأسباب تفشى وباء الحمى القلاعية وما إذا كان للشحنات الحيوانية المستوردة إلى العراق دخل في الموضوع أم لا.
وقالت النائبة في البرلمان ساهرة عبد الله الجبوري، في تصريحات صحافية، الأربعاء، إن «شحنة العجول المصابة بالطاعون تابعة لشركة عراقية مقرَّبة لإحدى الجهات المتنفذة، ودخلت بأوراق مزوَّرة بشهادة منشأ وأوراق صحيحة صادرة من اليمن». فيما تشير إحدى الروايات إلى تورط بعض الأشخاص المحسوبين على التيار الصدري في استيراد 17 رأس عجل من كولومبيا على متن الباخرة «كويت».
وتشير رواية ثالثة إلى أن «باخرة أفريقية تحمل نحو 2400 عجل مصاب بمرض الحمى القلاعية وصلت مؤخراً إلى العراق ودخلت بعد تزوير أوراقها أنها من منشأ يمني خالية من أي مرض».
وتعدد الروايات بشأن أسباب تفشي فيروس الحمى يكشف عن حالة من الانقسام وعدم اليقين والثقة بما تعلنه السلطات العراقية، إلى جانب قضية الاستثمار التي تمارسها بعض الجهات السياسية في مثل هذا نوع من الكوارث الصحية المتعلقة بالثروة الحيوانية بهدف التشكيك في عمل الحكومة وإجراءاتها.
وأكد وزير الزراعة عباس جبر، الأربعاء، أن «عدد الإصابات بمرض الحمى القلاعية بين الماشية وصل إلى 3 آلاف رأس»، لكنه شدد على أن «المرض ليس جديداً، بل موجود منذ أكثر من 90 عاماً».
وأوضح الوزير في مؤتمر صحافي أن «الأدوية واللقاحات متوفرة مجاناً، مطمئناً المربين باتخاذ الإجراءات اللازمة للحد من انتشار المرض».
الحمى القلاعية تفتك بجواميس بابل.. والبيطرة تؤكد أن الإصابات هي الأقوى منذ أعوام#أخبار_UTV pic.twitter.com/ynWh6h8rXM
— Utv (@UtvIraq) February 18, 2025
كما شدد على أن «انتقال الحمى القلاعية إلى الإنسان عبر اللحوم أو الألبان مجرد إشاعة»، ودعا إلى «الاعتماد على المعلومات الرسمية وعدم الانجرار وراء الأخبار غير الموثوقة».
وجدد تأكيده أن «الحمى القلاعية لا تشكل أي خطر على صحة الإنسان، وأنها مرض فيروسي يصيب فقط الحيوانات المجترة، مثل الأبقار والأغنام والماعز والجاموس، ولا ينتقل إلى البشر حتى عند استهلاك اللحوم أو الحليب».
وأعلنت وزارة الصحة، الثلاثاء، عدم تسجيل أي إصابة بشرية بالحمى القلاعية في البلاد.
وقال المتحدث باسم وزارة الصحة سيف البدر، إن «المؤسسات الصحية التابعة للوزارة لم تسجل أي إصابة بشرية بالحمى القلاعية سابقاً ولا حالياً».
وفي ظل التخوفات التي انتشرت مؤخراً حول تفشي الحمى القلاعية بين الثروة الحيوانية في العراق، تشدد وزارة الصحة على أن « الأوضاع تحت السيطرة، وأنها تتخذ جميع الإجراءات اللازمة للحد من انتشار المرض».
الحمى القلاعية تصيب مئات الجواميس الملقحة بمنطقة العيفار وسط مدينة الحلة pic.twitter.com/bKt7w8otPa
— J.S.Hadi (@JSHadi82) February 17, 2025
وقالت وزارة الصحة إن الإصابات الحالية بالحمى القلاعية ظهرت في 5 فبراير (شباط) الماضي، حسب وزارة الزراعة، وإنها بدأت فوراً في اتخاذ الإجراءات اللازمة لاحتواء المرض عبر إرسال الفرق البيطرية المتخصصة التي «تعمل على علاج الأبقار المصابة، مع التركيز على تلقيح الأبقار غير الملقحة، خصوصاً الصغيرة منها، إذ إن معظم الإصابات تتركز في هذه الفئة».
وأعلنت وزارة الزراعة، في وقت سابق، تشكيل غرفة عمليات للحد من انتشار مرض الحمى القلاعية، وخلصت غرفة العمليات إلى أن الإصابات تركزت في العاصمة بغداد.
الدكتور محمد الفحام: خسائر الحمى القلاعية بالملايين | #مواقف#وان_نيوز#المنصة_الإخبارية_الأولى_في_العراق pic.twitter.com/bReXoKCdOR
— 1 News - وان نيوز (@onenewsiq) February 19, 2025
وأضافت أن «الإصابات تركزت في الحيوانات غير الملقحة والمواليد الصغيرة، وهناك إجراءات فنية ومهنية وفرض حجر، فضلًا عن تحديد حركة الحيوانات، وأن الوفيات بلغت 654 في إحصائية أولية».
وتابع أن «المعدل الحالي للإصابات لم يخرج عن 3.9 في المائة وهو ضمن المعدلات المقبولة، وهناك قرارات ستصدر في القريب العاجل تدعم وتدفع الضرر عن المربين».
من جانبها، أعلنت محافظة بغداد، الثلاثاء، مخاطبة قيادة العمليات لمنع حركة الحيوانات بالأقضية والنواحي ومداخل العاصمة.
وقال بيان للمحافظة إن المخاطبة جاءت استناداً إلى كتاب عاجل من مديرية الزراعة في المحافظة تضمن توصيات توجيه الوحدات الإدارية لغرض «الإيعاز إلى الجهات الأمنية بمنع حركة الحيوانات، فضلاً عن مفاتحة أمانة بغداد بضرورة توجيه البلديات التابعة لها، وتشكيل لجان لمتابعة رفع ودفن الحيوانات النافقة بشكل أصوليّ بعيداً عن مجاري الأنهار والمنازل والمناطق السكنية».

ووجَّه بيان المحافظة «المجازر بعدم الذبح إلا بعد استحصال موافقات دائرة البيطرة مع متابعة حالات وظواهر الجَزْر العشوائي، حرصاً على منع أي حالات لانتشار أمراض الحيوانات».
وينتشر في بغداد كثير من الأماكن التي يقوم خلالها أصحاب المواشي بعمليات الذبح بعيداً عن المجازر الرسمية، ودون الالتزام بالشروط التي تفرضها السلطات الصحية.