من «إدارة إدلب» إلى «حكم سوريا»... الفارق بين «النموذج» و«الواقع»

الرئيس السوري زار المدينة لساعات وتفقد مخيماً للاجئين

رئيس حكومة تصريف الأعمال محمد البشير يتحدث في 28 نوفمبر 2024 في إدلب (أ.ف.ب)
رئيس حكومة تصريف الأعمال محمد البشير يتحدث في 28 نوفمبر 2024 في إدلب (أ.ف.ب)
TT

من «إدارة إدلب» إلى «حكم سوريا»... الفارق بين «النموذج» و«الواقع»

رئيس حكومة تصريف الأعمال محمد البشير يتحدث في 28 نوفمبر 2024 في إدلب (أ.ف.ب)
رئيس حكومة تصريف الأعمال محمد البشير يتحدث في 28 نوفمبر 2024 في إدلب (أ.ف.ب)

اختار الرئيس السوري، أحمد الشرع، محافظة إدلب لتكون الجهة المحلية الأولى التي يزورها، منذ معركة «ردع العدوان» التي قادها انطلاقاً من هذه المحافظة، وانتهت بإطاحة نظام بشار الأسد في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

هذه الزيارة السريعة إلى ما يمكن تسميته «نقطة الانطلاق» وصولاً إلى تسلم مقاليد بلد كبير، بإمكانياته ومتاعبه ومشكلاته، تفرض مقارنة بين «حكم سوريا» و«حكومة الإنقاذ» القادمة من إدلب، بخبرات متواضعة، في إدارة دفة البلاد، مع تساؤلات في الشارع السوري عن مدى قدرة حكومة دمشق الجديدة على إيصال البلاد كاملة إلى بر الأمان، متجاوزة تحديات جمة تفوق بكثير تلك التي كانت تحيط بعملها في إدلب، شمال غربي سوريا.

تجربة إدلب... إدارة خدمية متعددة

كثيراً ما تحدث كبار مسؤولي الإدارة السورية الجديدة، وعلى رأسهم الشرع، عن نجاح تجربة إدارتهم لإدلب ومحيطها، وعبروا عن ذلك منذ وصولهم إلى قصر الشعب في دمشق، وفي عشرات المقابلات والمؤتمرات.

باتجاه إدلب (المرصد السوري)

في مطلع نوفمبر (تشرين الثاني) 2017، وُلدت «حكومة الإنقاذ» بمحافظة إدلب؛ كي تكون جسماً إدارياً، وذلك بعد «المؤتمر السوري العام» الذي انعقد في سبتمبر (أيلول) من العام نفسه، وتمكنت على مدار كل تلك السنوات من المحافظة على حالة من الاستقرار النسبي في مناطق عملها. فقد أعادت تأهيل شبكات المياه والكهرباء، وعملت على استجرار الكهرباء من تركيا، واستدامة توافرها ضمن المناطق التي تحكمها. ونجحت المؤسسة العامة لمياه الشرب في إدارة عملية ضخّ المياه، وإيصالها ضمن وحدات موزعة على المدن والقرى، وجهّزت البنية التحتية للكهرباء وإيصالها وإدارتها تحت غطاء شركات خاصة. ووفق موقعها الرسمي، تمكنت «الإنقاذ» من تنفيذ مشاريع تأهيل وتعبيد طرقات محورية وعادية، ومرافق خدمية، يجري استخدامها منذ سنوات. وسعت بعد مرحلة التأسيس، التي ركزت فيها على هيكلة مؤسسات خدمية، إلى تنفيذ مئات المشاريع التي تنوعت بين تركيب الإنارة في الساحات والشوارع، وتأهيل ومد شبكات جديدة لمياه الشرب والصرف الصحي.

منظر عام لمخيم للنازحين في شمال إدلب 25 سبتمبر 2022 (رويترز)

وفي عام 2023، أُنجز نحو 710 مشروعات طرقية بطول 50 كيلومتراً، و1854 مشروع تمديد صرف صحي بطول 4 كيلومترات، و185 مشروع إنارة وتجميل وصيانة. وفي مجال التعليم، وفرت «حكومة الإنقاذ» الدعم لـ1658 مدرسة، بلغ عدد طلابها 474 ألف طالب وطالبة، تلقوا التعليم، إلى جانب 410 مدارس جرى إنجازها في مخيمات النزوح، و571 مدرسة للتعليم الخاص، ضمت 109 آلاف طالب وطالب، إلى جانب إنشاء عدد من الجامعات التي استفاد منها مئات الطلاب. ولعل أبرز ما يميز إدارتها لإدلب، هو اعتمادها على حرية اقتصادية واسعة وإعفاءات جمركية، خففت الأعباء المالية على السكان، وشجعت حركة التجارة، فانتعشت الأسواق.

انتقادات قديمة جديدة

رغم كل الإنجازات التي كانت تخرج من جعبة «حكومة الإنقاذ» فإنها كانت تحت مجهر النقد من قبل عدد من سكان إدلب، بسبب بعض الممارسات على مستوى الإدارات وتولية المقربين منها على حساب الكفاءات، إضافة إلى بعض الاحتكارات. كذلك سجل عليها توجسها تجاه منظمات المجتمع المدني، الأمر الذي قد يعزز عند البعض المخاوف من نقل التجربة من إدلب إلى عموم سوريا.

وحاولت «الشرق الأوسط» التواصل لمرات عدة مع مكتب رئيس الوزراء في الحكومة السورية الانتقالية محمد البشير، ومع عدد من وزرائه لاستيضاح رؤيتهم للمرحلة المقبلة لكن من دون رد.

موظف يعدّ نقوداً في «البنك المركزي السوري» بدمشق بعد الإطاحة بالرئيس بشار الأسد (أرشيفية - رويترز)

إلا أن مصدراً في رئاسة مجلس الوزراء رد على عدد من التساؤلات التي نقلتها «الشرق الأوسط» من بعض المتخوفين من عدم قدرة حكومة البشير على إدارة كامل البلاد بالطريقة التي يتمناها السوريون، إلى جانب النقد من اختيارات اللون الواحد للمؤسسات.

وقال المصدر، الذي فضل عدم ذكر اسمه: «لا شك أن إدارة إدلب شكلت مرحلة مهمة ونقطة تحول نحو المأسسة، وهي نواة تم البناء عليها، لكن إدارة بلد بحجم سوريا وموارده تتطلب ترتيباً مختلفاً، والطموح هو تحقيق نتائج سريعة على جميع الأصعدة، بما يناسب تاريخ سوريا ومكانتها بين دول المنطقة ودول العالم، حيث نسعى للاستفادة من تجارب عالمية رائدة لتحقيق النمو والتطور الذي ينشده السوريون».

وأضاف المصدر: «أما بالنسبة للون الواحد، فإن التعيينات بعد مرحلة التحرير أخذت هذا الطابع وهذا بديهي، وهو من مقتضيات المرحلة، فالمرحلة تطلبت فريق عمل منسجماً لفترة من الزمن لتحقيق نتائج مُرضية على جميع الملفات».

بسطات البالة (الملابس المستعملة) تأتي من تركيا عبر إدلب وحلب في منطقة الفحامة وسط دمشق (الشرق الأوسط)

تحديات الواقع تفوق النموذج

مما لا شك فيه أن سوريا تواجه تحدياً أكثر تعقيداً من تلك التي واجهتها «حكومة الإنقاذ» في إدلب. وعليه، فهناك أصوات تطالب الحكومة الجديدة في دمشق باتباع نهج اقتصادي شامل يراعي ضغوط العقوبات الدولية، وضرورة تحقيق التنمية الشاملة، حيث لا يمكن، وفق المطالبين، الاعتماد على نموذج إدلب بوصفه إطاراً شاملاً لإدارة الاقتصاد، بل يمكن الاستفادة من مرونته في التعامل مع الأزمات. وما يزيد من حجم التحديات وجود نحو 4 ملايين نازح، يعتمد غالبيتهم على المساعدات الإنسانية، بحسب تقارير الأمم المتحدة، منهم نحو 80 في المائة من النساء والأطفال، إضافة إلى معاناة الكثير منهم من فقدان الأمن الغذائي، إلى جانب عشرات المدن والبلدات المدمرة في كل سوريا.

رئيس حكومة تصريف الأعمال محمد البشير يتحدث في 28 نوفمبر 2024 في إدلب (أ.ف.ب)

ووفق نظرة عامة لسوريا، فإن الحرب على مدار 14 عاماً خلقت أعباء كبيرة على القطاعات الخدمية التي تحتاج قدراً كبيراً من الميزانية الحكومية، وخصوصاً في قطاعي الصحة والتعليم، التي تراجعت بشكل كبير. وفي سعيها للتخفيف من وطأة هذه التحديات لم توفر إدارة سوريا الجديدة فرصة للمطالبة برفع العقوبات عن سوريا، أبرزها على لسان الرئيس الشرع، الذي قال غير مرة إن «الجلاد ذهب، والضحية موجودة في سوريا»، مطالباً برفع العقوبات.

ويتوقع أن تلعب الإعفاءات الأميركية عن قطاعات مرتبطة بتلبية الاحتياجات الإنسانية، إلى جانب التحركات الأوروبية لرفع القيود عن قطاعات رئيسة في الاقتصاد السوري، مثل النفط والخدمات المصرفية والتجارة، إلى جانب العقوبات الفردية التي تستهدف النخب التابعة للنظام، دوراً في دفع عجلة التعافي في البلاد.

المحلل الاقتصادي، فراس شعبو شرح لـ«الشرق الأوسط» الفرق بين إدارة إدلب وسوريا، وأشار إلى قدرة الحكومة الانتقالية من الاستفادة من تاريخها العملي، وسبل التغلب على أي عوائق من الممكن أن تواجهها، قائلاً: «إن نموذج إدارة إدلب مختلف عن نموذج إدارة سوريا؛ إذ إن المساحة والجغرافيا مختلفتان، إلى جانب الوضع الديمغرافي. في إدلب كانت (الإنقاذ) تدير مؤسسات صغيرة في حيز جغرافي صغير ومعقد، أما اليوم فنحن أمام نظام دولة لديها موارد ومقدرات... حتى على الصعيد المالي والنقدي لم يكن في إدلب شيء اسمه مصرف مركزي ولا ضبط للعملة النقدية؛ لأن الناس كانت تتداول إما الدولار الأميركي وإما الليرة التركية؛ بمعنى أنه لم يكن هناك إدارة مالية بالمعنى الحقيقي، أما في الدولة فيوجد عملة وجمارك وضرائب ومصرف مركزي». وأضاف شعبو: «أعتقد أن الحكومة بحاجة لإدارة هذا الملف بحرص شديد؛ لأنها تسلّمت بلداً منهاراً متداعياً على جميع الأصعدة، ولذلك فإن وجوب الاستعانة بالكفاءات ولخبرات ضرورة لوضع الخطط لتحسين الوضع المعيشي والخدمي والاقتصادي».

وأشار إلى أن الأمر ليس سهلاً، «حيث لم يدخل إلى البلاد أي أموال من المساعدات في الوقت الذي لا تزال فيه العقوبات المصرفية موجودة، وهو ما يعني مشكلة معيقة». وتابع: «شهران على تسلم بلد مدمر ومنهك لا يمكن من خلالهما قياس عمل أي حكومة، وبالنسبة للتعافي فستظهر نتائجه خلال نحو سنتين»، مؤكداً إعطاء دور مؤثر للخبرات، وفسح المجال لتغيير كثير من الأنظمة والقوانين التي كانت سائدة وتلعب دوراً معيقاً في الانفتاح الاقتصادي. وأعرب عن اعتقاده بأن حكومة البشير ستستمر في تطبيق تجربة الاقتصاد الحر بسبب كثرة الملفات المحيطة، وأنها ستلجأ لخصخصة جزء كبير من القطاعات الحكومية؛ لأنها غير قادرة على إدارتها.


مقالات ذات صلة

قطبا الحركة الكردية في سوريا يعلنان اتفاقاً تاريخياً

المشرق العربي اجتماع سابق بين أحزاب المجلس الوطني الكردي والوحدة الكردية بحضور السفير الأميركي وليام روباك

قطبا الحركة الكردية في سوريا يعلنان اتفاقاً تاريخياً

أعلنت أحزاب كردية في سوريا، الاثنين، توصلها إلى صياغة اتفاق تاريخي يحدد رؤية موحدة بشأن مستقبلها في بلادها.

كمال شيخو (القامشلي (سوريا))
المشرق العربي جمع قطع حياكة الكروشيه المتبرع بها ضمن مبادرة «الحرامات السورية» للأطفال (الشرق الأوسط)

كيف احتوى السوريون خطاب العنف بعد أحداث الساحل في البلد المنكوب؟

تشكّلت مبادرات أهلية تطوعية لتقديم الدعم الإغاثي الطارئ للمتضررين من موجة العنف التي اجتاحت مناطق الساحل السوري قبل أسبوعين.

سعاد جرَوس (دمشق)
المشرق العربي جهاز الأمن العام يعتقل 15 شخصاً من فلول النظام البائد في مدينة جسر الشغور بريف إدلب (حساب محافظة إدلب)

توقيف تاجر مخدرات مقرب من ماهر الأسد وآخرين متورطين في مجزرة التضامن

توقيف تاجر مخدرات مقرب من ماهر الأسد وآخرين متورطين في مجزرة التضامن، وحملة أمنية واسعة في جسر الشغور بريف إدلب والقبض على 15 مطلوباً من فلول الأسد.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي وزير الدفاع ميشال منسى مجتمعاً مع قائد الجيش العماد رودولف هيكل الاثنين (تويتر)

وزير الدفاع اللبناني في دمشق الأربعاء

يجري وزير الدفاع اللبناني ميشال منسى زيارة إلى دمشق، الأربعاء، يلتقي خلالها نظيره السوري مرهف أبو قصرة للبحث في الوضع الأمني عند الحدود بين البلدين.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس خلال مؤتمر صحافي إلى جانب وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر في القدس (أ.ف.ب) play-circle

الاتحاد الأوروبي يحذر من ضربات إسرائيل على سوريا ولبنان

حذّرت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس من أن الضربات الإسرائيلية على سوريا ولبنان من شأنها أن تؤدي إلى «مزيد من التصعيد».

«الشرق الأوسط» (القدس)

تمهيداً للحوار مع دمشق... قطبا الحركة الكردية في سوريا يعلنان اتفاقاً تاريخياً

قطبا الحركة الكردية يعقدان مؤتمراً صحافياً بمشاركة السفير الأميركي وليام روباك وقائد «قسد» مظلوم عبدي (أرشيفية نهاية 2020)
قطبا الحركة الكردية يعقدان مؤتمراً صحافياً بمشاركة السفير الأميركي وليام روباك وقائد «قسد» مظلوم عبدي (أرشيفية نهاية 2020)
TT

تمهيداً للحوار مع دمشق... قطبا الحركة الكردية في سوريا يعلنان اتفاقاً تاريخياً

قطبا الحركة الكردية يعقدان مؤتمراً صحافياً بمشاركة السفير الأميركي وليام روباك وقائد «قسد» مظلوم عبدي (أرشيفية نهاية 2020)
قطبا الحركة الكردية يعقدان مؤتمراً صحافياً بمشاركة السفير الأميركي وليام روباك وقائد «قسد» مظلوم عبدي (أرشيفية نهاية 2020)

أعلنت أحزاب كردية في سوريا، الاثنين، توصلها إلى صياغة اتفاق تاريخي يحدد رؤية موحدة بشأن مستقبلها في بلادها.

وتدعو هذه الوثيقة إلى الاعتراف بحق الأكراد في التمثيل السياسي، وضمان اعتراف الدستور بالشعب الكردي ولغته القومية، وأنجز الاتفاق برعاية أميركية - فرنسية، وبإشراف الزعيم الكردي العراقي مسعود بارزاني، وقائد «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) مظلوم عبدي.

وبحسب مصادر مشاركة في الاجتماعات، توصل قطبا الحركة الكردية «المجلس الوطني الكردي» و«الوحدة الوطنية» الكردية بقيادة «حزب الاتحاد الديمقراطي»، لتوقيع هذه الوثيقة بجهود ومساعٍ حثيثة فرنسية، ومشاركة المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا سكوت بولز، التي أقرت الاتفاق الذي وقع في 10 الشهر الحالي بين رئيس المرحلة الانتقالية لسوريا أحمد الشرع، ومظلوم عبدي، والذي سيشكل أحد أساسات رؤية الأكراد المستقبلية.

الرئيس السوري أحمد الشرع وقائد «قسد» مظلوم عبدي يوقعان على الاتفاق بينهما بدمشق 10 مارس 2025 (أ.ف.ب)

ونص مشروع الاتفاق على أن تكون سوريا «دولة ديمقراطية تعددية لا مركزية سياسية»، واتفقت الأحزاب الكردية على أن تعتمد هذه الرؤية خلال التفاوض مع دمشق.

وينص الاتفاق بين الأحزاب الكردية على مجموعة مبادئ تشكل أرضية تفاوضية مع الإدارة الانتقالية الجديدة في سوريا، تتضمن حماية حقوق الشعب الكردي وكيفية صيانتها دستورياً، إلى جانب رؤية الكرد لمستقبل بلدهم، إضافة إلى أن تشكيل وفد موحد مشترك في محادثاته مع حكومة دمشق، واللامركزية السياسية، مطلب رئيسي للكرد، على أن يكون نظام الحكم فيدرالياً.

وجاء الإعلان عن الاتفاق بعد اجتماع تاريخي ضم رئاسة «المجلس الوطني الكردي» وقيادة «حزب الاتحاد الديمقراطي» الذي يقود أحزاب «الوحدة الوطنية الكردية»، في 18 الشهر الحالي، حيث التقوا لأول مرة في القاعدة الأميركية للتحالف الدولي في مدينة الحسكة، بمشاركة المبعوث الأميركي سكوت بولز، بعد قطعية استمرت نحو 5 سنوات منذ نهاية 2020.

واتفق الجانبان على رسم خريطة طريق مشتركة تفاوضية مع سلطات دمشق وتوحيد الصف الكردي في المرحلة الحالية، وتشكيل وفد موحد للدخول في مفاوضات مع الإدارة الانتقالية.

اجتماع سابق بين أحزاب المجلس الوطني الكردي والوحدة الكردية بحضور السفير الأميركي وليام روباك

وتتوزع الجماعات السياسية الكردية في سوريا بين إطارين؛ هما حزب «الاتحاد الديمقراطي السوري» الذي يعدّ أبرز الأحزاب التي أعلنت الإدارة الذاتية بداية 2014، ويمثل سياسياً «وحدات حماية الشعب» الكردية العماد العسكري لقوات «قسد»، في حين يمثل «المجلس الوطني الكردي» الإطار الثاني وتشكل نهاية 2011، ويمثل سياسياً قوة «بيشمركة روج أفا» التي ينتمي أفرادها إلى المناطق الكردية في سوريا، لكنها منتشرة في إقليم كردستان العراق المجاور، إلى جانب حزبي التقدمي والوحدة الكرديين، وأحزاب ثانية تعمل خارج هذه الأطر.

وتطرح قوات و«قسد» ومجلسها السياسي «مسد»، النظام الفيدرالي نظام حكم جديداً لسوريا المستقبل، وهذا ما يتفق عليه أحزاب «المجلس الكردي»، وتقديم شكل الحكم اللامركزية السياسية بمثابة إصلاح دستوري يعزز استقرار البلاد، وليس للتقسيم. وتؤكد هذه الجهات العسكرية والسياسية، أن توزيع السلطات لا يعني تفكيك الدولة، بل يضمن مشاركة جميع المكونات في الحكم، بعدما أثار «الإعلان الدستوري» انتقادات حادة بين الأوساط السياسية والشعبية الكردية، وعدّه «يتنافى» مع تنوع سوريا، ويضم بنوداً تتشابه مع حقبة حكم حزب «البعث» ونظام الأسد المخلوع.

يذكر أن الاتفاق الذي وقعه رئيس المرحلة الانتقالية أحمد الشرع، وقائد «قسد» مظلوم عبدي، نص على دمج المؤسسات المدنية والعسكرية، التي تسيطر عليها القوات في شمال شرقي البلاد ضمن هياكل الدولة، ووضع المعابر الحدودية ومطار القامشلي وحقول النفط والغاز والطاقة الواقعة بريف محافظة دير الزور هناك، تحت سيطرة الإدارة الجديدة في دمشق.