توقعات أممية بانعدام الغذاء لـ17 مليون يمني

جبايات الحوثيين تضرب الأسواق وتسبب مزيداً من الجوع

الجماعة الحوثية تستغل مختلف المناسبات وبينها رمضان لفرض مزيد من الجبايات (أ.ف.ب)
الجماعة الحوثية تستغل مختلف المناسبات وبينها رمضان لفرض مزيد من الجبايات (أ.ف.ب)
TT

توقعات أممية بانعدام الغذاء لـ17 مليون يمني

الجماعة الحوثية تستغل مختلف المناسبات وبينها رمضان لفرض مزيد من الجبايات (أ.ف.ب)
الجماعة الحوثية تستغل مختلف المناسبات وبينها رمضان لفرض مزيد من الجبايات (أ.ف.ب)

توقعت الأمم المتحدة أن يواجه أكثر من 17 مليون يمني، أغلبهم في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، انعدام الأمن الغذائي الحاد خلال العام الجاري، وهو رقم يساوي نصف سكان البلاد، وفق التقديرات.

وأورد تقرير لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، في تقرير خطة الاستجابة للاحتياجات الإنسانية في اليمن للعام الجاري أن 17.1 مليون شخص، أي نحو 49 في المائة من سكان البلاد، سيعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد خلال هذا العام، وبانخفاض قدره نصف مليون شخص عن العام السابق له الذي كان يُقدر بـ17.6 مليون شخص.

الأمم المتحدة تخطط للوصول إلى 12 مليون يمني بحاجة إلى المساعدة هذا العام (إ.ب.أ)

وطبقاً للتقرير، فإن أزمة الغذاء الممتدة في اليمن، نتيجة تفاعل معقد بين نقاط الضعف والعوامل المتفاقمة التي تشمل «الصراعات المتقطعة، والنزوح، والاضطرابات الاقتصادية، وعدم استقرار العملة، وارتفاع أسعار المواد الغذائية، وفرص الدخل، وسبل العيش المحدودة، وتأثيرات تغير المناخ».

وبيَّن التقرير أن 12.4 مليون شخص، أو ما نسبته 73 في المائة من إجمالي الأشخاص الذين سيعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد هذا العام، يوجدون في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، مقابل 4.7 مليون شخص في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة الشرعية.

ومن بين هؤلاء سيعاني 5.1 مليون شخص من مستويات حرجة من انعدام الأمن الغذائي الحاد، وبواقع 4 ملايين شخص في مناطق الحوثيين و1.1 مليون آخرين في مناطق الحكومة.

وتستهدف خطة الاستجابة الإنسانية لهذا العام الوصول إلى 12 مليوناً من الأشخاص الأكثر عرضةً لانعدام الأمن الغذائي الحاد؛ من بينهم 6.6 مليون طفل، و2.6 مليون امرأة، و2.8 مليون رجل من خلال توفير المساعدات الغذائية الطارئة ودعم سبل العيش.

مع اقتراب شهر رمضان المبارك، تشهد مناطق سيطرة الحوثيين في اليمن ركوداً اقتصادياً متفاقماً، إذ تعاني الشركات التجارية الكساد بفعل تراجع القدرة الشرائية للسكان وتأثيرات أحداث البحر الأحمر بالإضافة إلى الجبايات المفروضة عليها، وسط توقعات أممية بمعاناة نصف سكان البلاد من الجوع خلال العام الجاري، أغلبهم في مناطق سيطرة الحوثيين.

أكثر من 4 ملايين يمني في مناطق سيطرة الحوثيين يواجهون مستوى حرجاً من الجوع (الأمم المتحدة)

أزمة الشركات

إلى ذلك، ذكرت مصادر تجارية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن غالبية الشركات تبحث عن وسائل وتدابير لتخفيف الأعباء المالية، حيث لجأ بعضها إلى إغلاق عدد من فروعها ونقاط البيع التابعة لها، والاعتماد على وكلاء محليين من تجار الجملة والتجزئة، كما اتجه عدد منها إلى تسريح العمال والموظفين والتخفيف من الإعلانات التجارية بمختلف أشكالها.

وكشف موظف في إحدى الشركات التجارية عن أنه وزملاءه حصلوا على إجازة من دون راتب تبدأ قبل شهر رمضان بأسبوع، وتنتهي بعده بأسبوعين على الأقل، حسبما سيجري من تطورات تمكِّن الشركة من الحصول على بضائعها المستوردة وإيصالها إلى الأسواق اليمنية بأقل التكاليف.

وحسب إفادة المصدر لـ«الشرق الأوسط» منحت الشركة الموظفين مبالغ مالية في صورة مكافآت وسلة غذائية لشهر رمضان، وأبلغت الموظفين أن أسباب ذلك تعود إلى حالة الكساد التي تعاني منها، والتكاليف الإضافية التي اضطرت إلى تحملها من أجل وصول البضائع المستوردة، بسبب اضطرابات البحر الأحمر وتراجع كفاءة ميناء الحديدة بعد الضربات الجوية الإسرائيلية التي استهدفته.

حملة جبايات حوثية في أسواق صنعاء خلال أواخر العام الماضي (فيسبوك)

ودأبت الجماعة الحوثية على استغلال المناسبات لفرض جبايات على الشركات والتجار والباعة والمحلات تحت مسميات مختلفة، ومع قدوم شهر رمضان فإن الجبايات التي يجري فرضها تتخذ مسميات دعم الهيئات والمؤسسات الحوثية.

وتمنع الجماعة التجار والشركات من تقديم أي مساعدات مباشرة للسكان تحت أي مبرر، وتفرض توجيه تلك التبرعات عبر القنوات التي تديرها وتسيطر عليها، في ظل اتهامات لها باستخدام الأموال التي تجمعها بالإكراه في إثرائها أو تقديمها لأتباعها ومقاتليها في الجبهات.

كما تُتهم الجماعة باستخدام المساعدات في إغراء العائلات بتجنيد أطفالها واستقطاب أتباع جدد.

ركود قطاع الإعلانات

ويشتكي التجار من أن الجماعة الحوثية لا تكتفي بفرض الجبايات والإتاوات عليهم، بل تجبرهم على البيع بالأسعار التي تحددها لهم، وتوقع العقوبات والغرامات المتنوعة عليهم في حال مخالفتهم لها، وهو ما يزيد من الأعباء المالية عليهم، لعدم قدرتهم على تحقيق الأرباح بعد ما أُجبروا على دفعه من أموال، وعدم تمكنهم من زيادة الأسعار.

الضربات الجوية الإسرائيلية على ميناء الحديدة عطلت الاستيراد وأضرَّت بالقطاع التجاري (رويترز)

وقال أحد التجار في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» إن الجماعة الحوثية باتت تدرك مستوى تراجع القدرة الشرائية للسكان، وما يلحق بالتجار من خسائر نتيجة ذلك، فلجأت إلى فرض جبايات وإتاوات سابقة على المناسبات التي كانت في السابق تمثل مواسم تجارية تحقق مزيداً من الأرباح.

ووفقاً للتاجر، فإن الجماعة الحوثية تبدأ موسم الجبايات عن شهر رمضان قبل قدومه بأسابيع، كي تتجنب شكاوى التجار من الكساد والركود.

وبينما يشتكي قطاع الإعلانات من تراجع سوق الدعاية خلال شهر رمضان، وعزوف الشركات التجارية عن الإعلان عن منتجاتها وسلعها في وسائل الإعلام ورعاية البرامج التلفزيونية بسبب الكساد والركود؛ يشكو عدد من أكبر البيوت والشركات التجارية من إجبارها على الإعلان في وسائل الإعلام التابعة للجماعة الحوثية من خلال الابتزاز.

وأوضحت المصادر التجارية أن الشركات تراجعت خلال السنوات الأخيرة عن بث إعلاناتها على وسائل الإعلام في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية بسبب تراجع مبيعاتها وأرباحها وانخفاض القدرة الشرائية للسكان.

مشرفون حوثيون ينفّذون حملة جبايات في الحديدة تحت مسمى رقابة الأسعار والجودة (إعلام حوثي)

لكنَّ السبب الأهم في التراجع عن الإعلانات هو استغلال الجماعة الحوثية تلك الإعلانات لفرض مزيد من الجبايات والإتاوات عليها، بحجة أن الإعلانات تسبِّب لها مزيداً من المكاسب المالية.

وفي ظل تراجع الشركات عن الإعلان عن منتجاتها وخدماتها أُصيبت سوق الإعلانات بالركود بدورها، وزادت معاناة العاملين في هذا القطاع من البطالة وتردي المداخيل.


مقالات ذات صلة

هوس قادة الحوثيين بالشهادات العليا يفاقم انهيار التعليم الجامعي

العالم العربي الجماعة الحوثية منحت مهدي المشاط رئيس مجلس حكمها شهادة الماجستير (إعلام حوثي)

هوس قادة الحوثيين بالشهادات العليا يفاقم انهيار التعليم الجامعي

يتعرض طلاب الدراسات العليا في الجامعات اليمنية لابتزاز قادة حوثيين لإعداد رسائلهم للماجستير، والدكتوراه، في حين يجري إغراق التعليم الجامعي بممارسات كسب الولاء

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي طائرة أميركية مسيرة من طراز «إم كيو - 9» (أرشيفية - أ.ب)

اليمن: مقتل قيادي بارز بـ«القاعدة» بغارة أميركية في مأرب

أكد مصدر أمني يمني، مساء السبت، مقتل قيادي بارز في تنظيم «القاعدة»، في ضربة بطائرة أميركية من دون طيار في محافظة مأرب، شرق البلاد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي عناصر حوثيون أمام شاشة كبيرة تنقل صوراً لهجمات نفَّذتها الجماعة في البحر الأحمر (غيتي)

سباق الظلام… الحوثيون يحاولون تجاوز اختراقهم من إسرائيل

لجأ الحوثيون لتشديد إجراءاتهم الأمنية لحماية قياداتهم من الاستهداف الإسرائيلي، كتعطيل كاميرات المراقبة وتغيير هوياتهم يومياً وتنويع وسائل تنقلهم وتمويه تحركاتهم

وضاح الجليل (عدن)
خاص باتريك سيمونيه رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي لدى اليمن (تصوير: صالح الغنام)

خاص الاتحاد الأوروبي لـ«الشرق الأوسط»: لا تساهل مع الحوثيين... وهدفنا عودة اليمنيين للمفاوضات

تؤكد بروكسل أنها لا تتساهل مع الحوثيين، وكل جهودها تنصب لإعادة الأطراف لطاولة المفاوضات وتطبيق خريطة السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي الرئيس رشاد العليمي يستقبل الوزير البريطاني في عدن (سبأ)

وزير بريطاني: شراكتنا مع اليمن «ركيزة أساسية» لاستقرار البلاد وأمن المنطقة والعالم

وصف وزير شؤون الشرق الأوسط البريطاني هيمش فولكنر الشراكة مع اليمن بأنها «ركيزة أساسية» لاستقرار البلاد وأمن المنطقة والعالم.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

توافق رئاسي ثلاثي لبناني على الجانب «التقني - الأمني» للمفاوضات

رئيس البرلمان نبيه بري مجتمعاً مع وفد مجلس الأمن في بيروت الجمعة (رئاسة البرلمان)
رئيس البرلمان نبيه بري مجتمعاً مع وفد مجلس الأمن في بيروت الجمعة (رئاسة البرلمان)
TT

توافق رئاسي ثلاثي لبناني على الجانب «التقني - الأمني» للمفاوضات

رئيس البرلمان نبيه بري مجتمعاً مع وفد مجلس الأمن في بيروت الجمعة (رئاسة البرلمان)
رئيس البرلمان نبيه بري مجتمعاً مع وفد مجلس الأمن في بيروت الجمعة (رئاسة البرلمان)

أكّدت مصادر وزارية أنه لا خلاف بين الرؤساء الثلاثة، مع دخول المفاوضات اللبنانية - الإسرائيلية مرحلةً جديدةً بإدخال مدني إليها، هو سفير لبنان السابق لدى واشنطن، المحامي سيمون كرم، لترؤس الوفد اللبناني للجنة الـ«ميكانيزم»، بغية تفعيل اجتماعاتها للتوصل إلى اتفاق أمني، قاعدته الأساسية تطبيق وقف الأعمال العدائية، بخلاف اجتماعاتها السابقة التي غلبت عليها المراوحة، وتشاركت وقيادة القوات الدولية «اليونيفيل» في تعداد الخروق والغارات الإسرائيلية.

ولفتت إلى أن توافق الرؤساء على إخراج الـ«ميكانيزم» من الدوران في حلقة مفرغة، تلازم مع رسم حدود سياسية للتفاوض، محصورة بوقف الخروق والاعتداءات الإسرائيلية، والانسحاب من الجنوب، وإطلاق الأسرى اللبنانيين، وإعادة ترسيم الحدود وتصحيحها، انطلاقاً من التجاوب مع تحفّظ لبنان على النقاط المتداخلة الواقعة على الخط الأزرق والعائدة لسيادته.

رئيس الحكومة نواف سلام مجتمعاً مع السفير سيمون كرم (رئاسة الحكومة)

وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إن لبنان يصر على حصر جدول أعمال المفاوضات ببنود أمنية لا يمكن تجاوزها للبحث في تطبيع العلاقات اللبنانية - الإسرائيلية، والتوصل إلى اتفاقية سلام بين البلدين، وهذا ما أجمع عليه رؤساء «الجمهورية»، العماد جوزيف عون، و«الحكومة»، نواف سلام، و«المجلس النيابي»، نبيه بري، الذي كان أول من اقترح إدخال مدنيين للـ«ميكانيزم»، ومن ثم أصروا على تكرار موقفهم في هذا الخصوص استباقاً لانعقاد الجولة الأولى من المفاوضات، بحضور الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس ومشاركة كرم فيها، بما يتعارض مع جدول أعمالها الذي حدده رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو.

وقالت إن نتنياهو يريد تكبير الحجر لتحريض «حزب الله» على الدولة وإرباكها، فيما يواصل جيشه خروقه واعتداءاته لتأليب بيئته عليه، وهذا ما تبين باستهدافه عدداً من المنازل الواقعة بين جنوب نهر الليطاني وشماله، رغم خلوها من مخازن لسلاح الحزب. ورأت بأنه يواصل ضغطه بالنار لإلزام لبنان بالتسليم لشروطه، وإن كان يدرك سلفاً أنه لا مجال أمام المفاوضات لخروجها عن جدول أعمالها التقني - الأمني، بالتلازم مع إصرار الحكومة اللبنانية على تطبيق حصرية السلاح بيد الدولة، ولا عودة عنه.

وتوقفت المصادر أمام تأكيد بري أنه كان أول مَن اقترح إدخال مدنيين للـ«ميكانيزم»، وسألت، أين يقف الأمين العام لـ«حزب الله» الشيخ نعيم قاسم من اقتراحه؟ وهل سبق أن اعترض على اقتراح «أخيه الأكبر» في هذا الخصوص؟ رغم أنه في كتابه المفتوح إلى الرؤساء الثلاثة أكّد رفضه للمفاوضات مع إسرائيل، ليعود لاحقاً إلى تصويب ما حمله كتابه هذا، بتكليفه قيادياً في الحزب بأن ينقل رسالة إليه مفادها أنه لم يكن هو المقصود به، لقطع الطريق على افتعال مشكلة داخل البيت الشيعي.

كما سألت قاسم، ألم يوافق الحزب على اجتماعات الـ«ميكانيزم»، ما دام «أخوه الأكبر» هو مَن يفاوض باسمه وكان وراء التوصل لاتفاق وقف النار مع الوسيط الأميركي آنذاك أموس هوكستين؟ وقالت إنه ليس لدى الحزب من أوراق سوى رفع سقف اعتراضه على المفاوضات، ولم يعد يملك ما يسمح له بأن يعيد خلطها في ضوء اختلال ميزان القوى لمصلحة إسرائيل، بعد أن أفقده إسناده غزة منفرداً توازن الردع وقواعد الاشتباك.

الدخان يتصاعد في بلدة المجادل في جنوب لبنان إثر استهدافها بقصف إسرائيلي يوم الخميس (أ.ف.ب)

ولفتت المصادر إلى أن الحزب يفتقد إلى أي بدائل لقلب موازين القوى، ويكتفي بتسجيل اعتراض من العيار الثقيل على المفاوضات، من دون أن يكون في وسعه ترجمته عسكرياً، رغم إصراره على تمسكه بسلاحه واتهامه حكومة سلّام بارتكاب خطيئة بموافقتها على حصرية السلاح التي يُفترض أن تتقدم بدءاً من شمال الليطاني حتى حدود لبنان الدولية مع سوريا، بالتلازم مع تسجيل تقدم في المفاوضات.

ورأت أن الحزب مضطر لوزن موقفه، لأنه ليس وارداً كسر علاقته بعون وتهديد تحالفه ببري، ما يُسبّب انكشافه فيما هو بأمس الحاجة لحماية الداخل، إضافة لما يترتب على «خدش» علاقته بهما من تداعيات سلبية على الطائفة الشيعية، لا يريدها ويتفداها، وما هو المانع من أن يضع ما لديه من أوراق بعهدة بري، كونه الأقدر منه على مراعاته للمزاج الشيعي الذي ينشد تحرير الجنوب، وإفساحاً في المجال أمام عودة أهله إلى قراهم، ولا يرى من منقذ غيره، ويتطلع إليه خصومه على أنه الممر الإلزامي للتوصل إلى تسوية تُعيد إدراج لبنان على لائحة الاهتمام الدولي، وتفتح كوّة لإعادة إعمار البلدات المدمرة، خصوصاً أنه يحظى بعلاقات دولية وعربية، بخلاف الحزب الذي لم يعد له سوى إيران.

وأكدت المصادر أن دخول المفاوضات في مرحلة جديدة كان وراء الضغط الأميركي على إسرائيل لمنعها من توسعتها للحرب، بعد أن استجاب لبنان لطلبها بتطعيم الـ«ميكانيزم» بمدني كُلّف برئاسة وفده، وتمنت على «حزب الله» الوقوف خلف الدولة في خيارها الدبلوماسي، وأن مخاوفه من أن تؤدي إلى ما يخشاه بالتوصل مع إسرائيل إلى اتفاقية سلام ليست في محلها، ما دام أن حليفه بري هو أول من أيد تطعيمها بمدنيين، وبالتالي ما المانع لديه من أن يعطيها فرصة ليكون في وسعه بأن يبني على الشيء مقتضاه لاحقاً، بدلاً من أن يُبادر من حين لآخر إلى «فش خلقه» بسلام، رغم أنه ليس فاتحاً على حسابه، وينسق باستمرار مع عون، ويتعاونان لتطبيق حصرية السلاح التي نص عليها البيان الوزاري للحكومة.

وكشفت أن التواصل بين عون وبري لم ينقطع، وهما قوّما قبل انعقاد الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء الأجواء التي سادت اجتماع الـ«ميكانيزم» في الناقورة، وقالت إن بري كان أوصى النواب المنتمين لكتلته النيابية، والمسؤولين في حركة «أمل»، بعدم التعليق لا سلباً ولا إيجاباً على كل ما يختص بالمفاوضات، وأن توصيته جاءت بناءً على رغبته في حصر الموقف به شخصياً لتفادي إقحام محازبي الطرفين في سجال، سرعان ما يتحول إلى مناوشات في الشارع، فيما الحزب يحرص، كما تقول قيادته، على تحصين علاقته بحليفه الأوحد في الساحة اللبنانية، بعد أن تفرّق عنه شركاؤه السابقون في محور الممانعة بتأييدهم حصرية السلاح.

وقالت المصادر إن الحزب يدرك جيداً أن الأبواب ما زالت مقفلة أمام تصويب علاقاته العربية والدولية، بخلاف بري. وسألت على ماذا يراهن، بعد أن رفضت قيادته المبادرة المصرية إصراراً منها، حسب مصادر دبلوماسية غربية لـ«الشرق الأوسط»، بأن ترهن موقفها بالمفاوضات الأميركية - الإيرانية، ليكون بمقدورها أن تضعه في سلة إيران، لعلها تتمكن من الحفاظ على نفوذها في لبنان بعد تراجع محور الممانعة في الإقليم؟

لذلك، سيأخذ الحكم والحكومة علماً باعتراض «حزب الله»، من دون أن يكون له مفاعيل تصعيدية بتحريك الشارع لتفادي الاحتكاك مع محازبي «أمل»، ما دام أن انطلاقة المفاوضات لا تلقى اعتراضاً من بري، وتبقى تحت سقف تحرير الجنوب تطبيقاً للـ«1701»، إلا إذا ارتأى الدخول في مزايدة شعبوية مع حليفه لا طائل منها، وستؤثر سلباً على حمايته، على الأقل داخل طائفته.


قاسم: ضم مدني لبناني إلى لجنة وقف إطلاق النار مع إسرائيل سقطة

نعيم قاسم خلال خطابه عبر الشاشة اليوم (الوكالة الوطنية)
نعيم قاسم خلال خطابه عبر الشاشة اليوم (الوكالة الوطنية)
TT

قاسم: ضم مدني لبناني إلى لجنة وقف إطلاق النار مع إسرائيل سقطة

نعيم قاسم خلال خطابه عبر الشاشة اليوم (الوكالة الوطنية)
نعيم قاسم خلال خطابه عبر الشاشة اليوم (الوكالة الوطنية)

رأى الأمين العام لـ«حزب الله» نعيم قاسم، الجمعة، أن تسمية السلطات اللبنانية مدنياً في اللجنة المكلفة مراقبة تطبيق وقف إطلاق النار مع إسرائيل، هي بمثابة «سقطة» تضاف إلى «خطيئة» الحكومة بقرارها نزع سلاح الحزب.

وخلال حفل حزبي، قال قاسم في خطاب عبر الشاشة: «نرى أن هذا الإجراء هو سقطة إضافية تُضاف إلى خطيئة قرار الخامس» من أغسطس (آب)، في إشارة إلى القرار الحكومي بنزع سلاح الحزب، لكنه أكد في الوقت نفسه تأييده خيار الدبلوماسية الذي تتبعه السلطات لوقف الهجمات الإسرائيلية.

وانضم، الأربعاء، مندوبان مدنيان لبناني وإسرائيلي إلى اجتماعات اللجنة المكلفة مراقبة وقف إطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل، في أول لقاء مباشر منذ عقود، قالت الرئاسة اللبنانية إن هدفه «إبعاد شبح حرب ثانية» عن لبنان.


سلّام لوفد مجلس الأمن: نحتاج إلى قوة أممية مساندة بعد انتهاء ولاية «اليونيفيل»

جانب من استقبال سلّام وفد سفراء وممثلي بعثات الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي (حساب رئاسة مجلس الوزراء على «إكس»)
جانب من استقبال سلّام وفد سفراء وممثلي بعثات الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي (حساب رئاسة مجلس الوزراء على «إكس»)
TT

سلّام لوفد مجلس الأمن: نحتاج إلى قوة أممية مساندة بعد انتهاء ولاية «اليونيفيل»

جانب من استقبال سلّام وفد سفراء وممثلي بعثات الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي (حساب رئاسة مجلس الوزراء على «إكس»)
جانب من استقبال سلّام وفد سفراء وممثلي بعثات الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي (حساب رئاسة مجلس الوزراء على «إكس»)

طالب رئيس الوزراء اللبناني نواف سلّام خلال لقاء مع وفد من سفراء وممثلي بعثات الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي (الجمعة)، بتوفير قوة أممية مساندة لملء أي فراغ محتمل بعد انتهاء ولاية قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل) بنهاية عام 2026.

وذكرت الرئاسة اللبنانية في بيان أن سلّام طرح خلال اللقاء مع وفد مجلس الأمن إمكانية أن تعمل هذه القوة تحت إطار «هيئة الأمم المتحدة» لمراقبة الهدنة، أو أن تكون قوة حفظ سلام محدودة الحجم ذات طابع مشابه للقوة العاملة في هضبة الجولان بسوريا.

وقرر مجلس الأمن الدولي في أغسطس (آب) الماضي تمديد ولاية «اليونيفيل»، التي أنشئت في 1978 بعد الاجتياح الإسرائيلي لجنوب لبنان، حتى نهاية العام المقبل. ومن المنتظر أن تبدأ «اليونيفيل» عملية انسحاب تدريجي من جنوب لبنان بعد انتهاء ولايتها.