مطالبة أورتاغوس بإقصاء «حزب الله» من الحكومة اللبنانية هل تقلب الطاولة؟

موفدة ترمب تبنّت النصائح العربية والدولية باستبعاده

نائبة المبعوث الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط مورغان أورتاغوس في القصر الرئاسي اللبناني (أ.ب)
نائبة المبعوث الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط مورغان أورتاغوس في القصر الرئاسي اللبناني (أ.ب)
TT

مطالبة أورتاغوس بإقصاء «حزب الله» من الحكومة اللبنانية هل تقلب الطاولة؟

نائبة المبعوث الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط مورغان أورتاغوس في القصر الرئاسي اللبناني (أ.ب)
نائبة المبعوث الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط مورغان أورتاغوس في القصر الرئاسي اللبناني (أ.ب)

يدخل تشكيل الحكومة اللبنانية في إجازة قسرية، ليست محصورة باستحالة التفاهم حتى الساعة بين الرئيس المكلف بتشكيلها القاضي نواف سلام، ورئيس المجلس النيابي نبيه بري، على اسم الوزير الشيعي الخامس فحسب، وإنما لحاجة المعنيين بولادتها إلى فسحة من الوقت لاستقراء مضامين الرسالة الأميركية التي حملتها نائبة المبعوث الأميركي للشرق الأوسط مورغان أورتاغوس، إلى رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون بمطالبتها، من أمام قصر بعبدا، بإقصاء «حزب الله» عن المشاركة في الحكومة، وما إذا كانت محصورة بحل عقدة الوزير الخامس، أم أنها مؤشر لقلب الطاولة على نحو يفتح الباب أمام إعادة النظر بأسماء بعض المرشحين الشيعة، رغم أن مكتب الإعلام في الرئاسة أكد أن ما قالته من بعبدا يعبر عن وجهة نظرها، والرئاسة غير معنية بها، فيما يبحث سلام عن مخرج للخروج من المأزق وتطويق ذيوله.

فالخلاف بين بري وسلام على تسمية الوزير الشيعي الخامس أدى إلى تباطؤ في اندفاعة رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون نحو التحرك عربياً ودولياً، بعد أن حظي انتخابه بتأييد عربي ودولي غير مسبوق، وقوبل بارتياح لبناني، وما لم تشكل حكومة على قياس الآمال المعقودة على خطاب القسم والموقف الذي أعلنه سلام فور تكليفه بتشكيلها.

ومع أن الخلاف بين الرئيسين أدى إلى تجميد البحث باسم الوزير الخامس، فإن الوساطة سرعان ما تحركت بينهما لترطيب الأجواء إفساحاً في المجال أمام التوافق لإخراج ولادة الحكومة من التأزم، وأدت إلى معاودة التواصل بين الرئيسين. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية بارزة أن الرئيس السابق للحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط بادر للتحرك بين الرئيسين بحثاً عن مخرج، وأوفد لهذه الغاية العضو في «اللقاء الديمقراطي» النائب وائل أبو فاعور، وطرح على بري بأن يكون الوزير السابق ناصر الصعيدي الاسم الشيعي الخامس، وكان جوابه بأنه يدرس الاقتراح ليعود لاحقاً ويلتقي سلام لهذا الغرض، وبحسب المعلومات فإن الصعيدي لم يتردد في الاعتذار.

وقالت المصادر السياسية إن سلام ليس في وارد الاعتذار، وإنه وعون يعطيان الفرصة للتوافق على اسم الوزير الشيعي الخامس؛ لأنهما لا يؤيدان تشكيل حكومة أمر واقع، ويصران على أن تكون على مستوى التحديات التي حددها عون في خطاب القسم. وأكدت أنهما لا يتطلعان إلى إقصاء أي مكون طائفي.

ولفتت إلى أن الهم الأول والأخير لعون وسلام يتلخص بإصرارهما على الإتيان بحكومة كاملة الأوصاف، ومحصنة بدفتر شروط تتوافر فيها المواصفات المؤدية لفك الحصار الدولي والعربي المفروض على لبنان، في ضوء الارتياح الذي قوبل به انتخاب عون رئيساً للجمهورية.

وأكدت المصادر نفسها أن لا خلاص للبنان ما لم يلتزم بدفتر الشروط هذا؛ كونه الممر الإلزامي لإدراج اسمه على لائحة الاهتمام الدولي، مع أن مورغان أدخلت بنداً جديداً عليه بدعوتها بوضوح استبعاد «حزب الله» من الحكومة. وسألت: «هل يمكن تجاوز ما حملته من واشنطن في هذا الخصوص؟ وكيف سيكون الرد عليها؟»، خصوصاً أن موقفها ينسحب على أصدقاء لبنان؛ أكانوا في عداد الدول العربية أو الأوروبية التي تضع شروطاً لمساعدته على قاعدة تعاطيه بإيجابية مع التحولات التي شهدتها المنطقة، ومن غير الجائز أن ينأى بنفسه عنها، لا سيما أن ما حصل في جنوب لبنان تحت ضغط الحرب التي دارت بين إسرائيل و(حزب الله) كان بمثابة زلزال ضرب معظم البلدات الجنوبية، وحوّلها أرضاً محروقة غير صالحة للسكن، وتحتاج إلى نحو عامين للتخلص من الركام الذي خلفه العدوان الإسرائيلي.

ورأت أن دفتر الشروط الذي يفترض بلبنان أن يتقدم به للحصول على جواز مرور لاستعادة دوره عربياً ودولياً وصولاً للاهتمام به ومساعدته، يفرض على الحكومة الالتزام بتطبيق القرار 1701 الذي ينص على حصر السلاح بيد الدولة، وسيطرتها على كامل أراضيها، وعدم السماح بالتعايش مع أي سلاح خارج الشرعية.

وقالت المصادر إنه لا إمكانية للتعايش بين حصر احتكار الدولة السلاح، كما تعهد عون في خطاب القسم، ونقيضه، وهذا يعني حكماً أنه لا مكان لثلاثية «الجيش والشعب والمقاومة» التي يتمسك بها «حزب الله» لاسترضاء محازبيه. وأكدت أن القرار 1701 يعيد للدولة إمساكها بزمام المبادرة في الجنوب، والضغط على إسرائيل للانسحاب منه، خصوصاً أن ما نص عليه ما هو إلا نسخة طبق الأصل مما ورد في اتفاق الطائف الذي لم يطبق كما يجب، وأُخضع لاجتهادات ليست في محلها، وبالتالي لم يعد في مقدور «حزب الله» التصرف، كما في السابق، وكأن الجنوب بألف خير، وأنه في مأمن عن تفرّده بقراره إسناد غزة من دون العودة للحكومة، وسوء تقديره لرد فعل إسرائيل وادعائه بأنه منعها من التقدم، رغم أنها كانت تحتل 63 بلدة قبل أن ينتشر الجيش في البلدات التي أخلتها بمؤازرة «يونيفيل».

لذلك، فإن دفتر الشروط لن يكتمل إلا بإقرار الحزب بأن هناك ضرورة ليعيد النظر في سلوكه السياسي على خلفية ضرورة تموضعه تحت سقف الدولة التي وحدها، في حال تيسّر تطبيق الـ1701، تبقى القادرة على توفير الحماية للجنوبيين، شرط أن تقوم هيئة الرقابة الدولية المشرفة على تطبيق الهدنة بمنع إسرائيل من مواصلة خروقها إلى أن تتوفر الشروط السياسية لتطبيق القرار الدولي.

وعليه، فإن أورتاغوس تتوخى من جولتها على الرؤساء، بدءاً بعون، إيداعهم «الوصفة الأميركية» للبنان التي من دونها سيبقى الوضع يراوح مكانه، ويجد صعوبة في حث المجتمع الدولي، وعلى رأسه دول الخليج العربي، لمساعدته لإعادة إعمار ما هدّمته إسرائيل.

فالموفدة الأميركية لم تنطق بالتحذيرات والتهديدات التي أطلقتها كشرط ليستعيد لبنان عافيته السياسية والاقتصادية بلسان الإدارة الأميركية فحسب، وإنما تحدثت بالإنابة عن أصدقاء لبنان، مع فارق أساسي يتعلق بأنها استخدمت نبرة عالية شديدة اللهجة، بخلاف الموفدين العرب والأجانب إلى بيروت الذين كانوا أحاطوا أركان الدولة بتحذيرات ومواقف مماثلة، وقدموها على شكل نصائح دبلوماسية بعدم إضاعة الفرص المتاحة لإنقاذ بلدهم.


مقالات ذات صلة

إسرائيل تعلن مقتل 9 من «حزب الله» في غارات على لبنان الأسبوع الماضي

شؤون إقليمية جندي لبناني يقف بجانب سيارة محترقة في موقع انفجار في بريقع بقضاء النبطية جنوب لبنان (أ.ف.ب)

إسرائيل تعلن مقتل 9 من «حزب الله» في غارات على لبنان الأسبوع الماضي

أعلن الجيش الإسرائيلي أنه قتل تسعة عناصر من «حزب الله»، وضرب أكثر من 40 موقعاً تابعاً للجماعة في ملخصٍ لأنشطته في لبنان خلال الأسبوع الماضي.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي قوات الأمن اللبنانية تتفقد موقع غارة جوية إسرائيلية بالقرب من بلدة الدامور الساحلية 22 أبريل 2025 والتي ورد أنها قتلت قائداً عسكرياً في «الجماعة الإسلامية» المتحالفة مع «حماس» (أ.ف.ب)

قتيل من «الجماعة الإسلامية» وآخر من «حزب الله» بغارتين إسرائيليتين في لبنان

قتل قيادي في «الجماعة الإسلامية» في لبنان الحليفة لـ«حركة المقاومة الإسلامية» (حماس) وعنصر في «حزب الله» جراء غارتين نفذتهما إسرائيل في بلدة تقع جنوب بيروت.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
العالم العربي توقيف ضابط بارز من المخابرات الجوية خلال حكم الأسد (الشرق الأوسط)

السلطات السورية توقف ضابط أمن سابقاً «متورطاً بجرائم حرب»

أعلنت وزارة الداخلية السورية توقيف ضابط بارز من المخابرات الجوية خلال الحكم السابق، قالت إنه ضالع في ارتكاب «جرائم حرب»، ونسَّق بين «حزب الله» ومجموعات مسلحة.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي عنصر في الجيش اللبناني في موقع استهداف قيادي في «الجماعة الإسلامية» جنوب بيروت (أ.ف.ب)

إسرائيل تغتال عضواً في «الجماعة الإسلامية» جنوب بيروت

أعلنت «الجماعة الإسلامية» في لبنان، الحليفة لحركة «حماس» الفلسطينية و«حزب الله»، الثلاثاء، مقتل أحد قيادييها بغارة إسرائيلية استهدفت سيارة جنوب بيروت.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي الرئيس اللبناني جوزيف عون (د.ب.أ)

الرئيس اللبناني: لا أحد يريد العودة إلى الحرب وأي خلاف يُحل بالحوار

نقلت «الوكالة الوطنية اللبنانية للإعلام» اليوم (الثلاثاء) عن الرئيس اللبناني جوزيف عون قوله إنه لا أحد يريد العودة إلى الحرب، وإن أي مسألة خلافية تُحل بالحوار.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

الأردن يُداهم «الإخوان» بالحل والحظر والمصادرة

الأردن يُداهم «الإخوان» بالحل والحظر والمصادرة
TT

الأردن يُداهم «الإخوان» بالحل والحظر والمصادرة

الأردن يُداهم «الإخوان» بالحل والحظر والمصادرة

داهم الأردن جماعة «الإخوان المسلمين»، أمس، بقرارات حلّ وحظر ومصادرة، وأغلقت أجهزة الأمن مكاتبها في العاصمة والمحافظات، بعد نحو 8 عقود من نشاطها في البلاد.

وأعلن وزير الداخلية، مازن الفراية، خلال مؤتمر صحافي، في عمّان، حظر نشاطات «الإخوان» كافة، مشدداً على «اعتبار أي نشاط مرتبط بها مخالفاً للقانون». وقال وزير الداخلية إنه «ثبت قيام عناصر ما يسمى بجماعة (الإخوان المسلمين) بنشاطات من شأنها زعزعة الاستقرار والعبث بالأمن».

واتهمت أجهزة أمنية أردنية، الأسبوع الماضي، 16 شخصاً بالمشاركة في قضية عرفت باسم «خلايا الفوضى»، وقالت إنها تضمنت «حيازة مواد متفجرة وإخفاء صاروخ، ومشروع تصنيع طائرات مسيَّرة، بالإضافة إلى تجنيد وتدريب عناصر داخل المملكة وإخضاعها للتدريب بالخارج».

وطالبت حركة «حماس»، يوم الثلاثاء، بالإفراج عن المتهمين في القضية، وعدّت أن «أعمالهم جاءت بدافع النصرة لفلسطين».

ولم تعلق «الإخوان» على القرار بأي وسيلة، لكن ذراعها السياسية «حزب جبهة العمل الإسلامي»، الممثل في البرلمان بعشرات النواب، قال أمس إنه «مستمر في أداء دوره الوطني كحزب سياسي أردني مستقل استقلالية تامة عن أي جهة أخرى».