​ترمب يصر على «تملّك» غزة ونتنياهو «يبارك» خطط ترحيل الفلسطينيين

لا يرى حاجة لجنود أميركيين وإدارته تدرس «كل الخيارات» في «العرض السخيّ»

TT

​ترمب يصر على «تملّك» غزة ونتنياهو «يبارك» خطط ترحيل الفلسطينيين

الرئيس دونالد ترمب يتحدث مع زعيم الأكثرية في مجلس الشيوخ جون ثون ورئيس مجلس النواب مايك جونسون بمبنى الكابيتول بواشنطن (أ.ب)
الرئيس دونالد ترمب يتحدث مع زعيم الأكثرية في مجلس الشيوخ جون ثون ورئيس مجلس النواب مايك جونسون بمبنى الكابيتول بواشنطن (أ.ب)

عاند الرئيس الأميركي دونالد ترمب في إصراره على ترحيل الفلسطينيين من غزة و«تملك» الولايات المتحدة للقطاع من دون الحاجة إلى نشر جنود أميركيين هناك، في تصريحات نارية جديدة تلت الرفض العربي القاطع والتنديد الدولي الواسع، فضلاً عن المعارضة الداخلية في واشنطن لمثل هذه الاقتراحات التي أطلقها يوم استقباله رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي عبّر عن إعجابه الشديد بالفكرة.

ووسط الزوبعة التي أحدثتها فكرة ترمب، واحتمال أن تكون بديلاً من خطط «اليوم التالي» التي أعدتها إدارة الرئيس السابق جو بايدن لغزة ما بعد الحرب، تركت تصريحات ترمب الأولى ليل الثلاثاء آثاراً مفاجئة حتى عند المسؤولين الكبار في إدارته، الذين اضطروا إلى إطلاق التوضيح تلو الآخر في شأن كيفية تنفيذ عمليات ترحيل أكثر من مليونين من الفلسطينيين من غزة في اتجاهات مختلفة من منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ومنها أولاً مصر والأردن، ثم المغرب والصومال، ودول أخرى. وتعاقب على التصريح والتوضيح كل من الناطقة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت، ووزيرا الخارجية ماركو روبيو، والدفاع بيت هيغسيث. وفجر الخميس، تدخل ترمب مجدداً ليكتب عبر منصته «تروث سوشيال» للتواصل الاجتماعي أن «إسرائيل ستسلم قطاع غزة إلى الولايات المتحدة بعد انتهاء القتال»، مضيفاً أن ذلك سيحصل بعد إعادة «توطين الفلسطينيين بالفعل في مجتمعات أكثر أمناً وجمالاً، مع منازل جديدة وحديثة في المنطقة»، حيث «ستتاح لهم الفرصة بالفعل للعيش بسعادة وأمان وحرية». وأكد أنه بعد ذلك «ستبدأ الولايات المتحدة، بالتعاون مع فرق التنمية العظيمة من مختلف أنحاء العالم، ببطء وحذر في بناء ما سيصبح أحد أعظم وأروع مشاريع التنمية من نوعها على وجه الأرض»، عادّاً أنه «لن تكون هناك حاجة إلى جنود أميركيين! وسيسود الاستقرار في المنطقة».

وكان ترمب قال للصحافيين الأربعاء إن «الجميع يحبها»، في إشارة إلى فكرته بشأن غزة. ولكن بدا أن اقتراح ترمب يتعارض مع الرأي العام الأميركي، الذي أظهرت الاستطلاعات معارضته الساحقة لأي تورط جديد في مناطق النزاع بعد التدخل العسكري الطويل الأجل في كل من العراق وأفغانستان.

تراجع عن جوانب

وجاء ذلك بعدما تراجع ترمب ومسؤولون كبار في الإدارة عن بعض جوانب الاقتراح، ولكن من دون تقديم سوى القليل من التفاصيل حول الخطة، ومنها قوله إنه يريد توطين الفلسطينيين في أماكن عدة «بصورة دائمة»، والسيطرة على غزة وتحويلها إلى «ريفييرا الشرق الأوسط»، من دون أن يستبعد إرسال الجيش الأميركي إلى القطاع. وبدا أن المسؤولين الأميركيين تراجعوا، إذ أكد عدد منهم أن إعادة التوطين «ستكون مؤقتة»، مضيفين أن ترمب لم يلتزم بوضع قوات أميركية على الأرض، أو إنفاق أموال دافعي الضرائب الأميركيين في غزة.

وخلال إحاطتها اليومية، أشادت الناطقة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت بمقترح ترمب بوصفه تفكيراً «من خارج الصندوق»، مؤكدة أنه لم يلتزم بوضع «جنود على الأرض» في غزة، علماً أنها رفضت استبعاد ذلك. وكذلك تراجعت عن تأكيد ترمب السابق على أن سكان غزة بحاجة إلى إعادة توطين دائم في الدول المجاورة، قائلة بدلاً من ذلك إنه يجب «نقلهم مؤقتاً» بهدف إعادة بناء القطاع. وأكدت أن المكلفين الأميركيين لن يدفعوا الفاتورة، وأن ترمب سيعقد صفقة مع الشركاء الإقليميين.

الناطقة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت تعرض صوراً للدمار في غزة خلال مؤتمر صحافي بالبيت الأبيض (إ.ب.أ)

إلى ذلك، كرر وزير الخارجية ماركو روبيو الذي كان يسعى على ما يبدو إلى احتواء موجة الانتقادات العالمية، أن الفكرة هي أن يغادر سكان غزة «مؤقتاً» لإزالة الأنقاض وإعادة الإعمار. وقال إن ما عرضه ترمب «بسخاء شديد هو قدرة الولايات المتحدة على الذهاب والمساعدة في إزالة الأنقاض، والمساعدة في إزالة الذخائر، والمساعدة في إعادة الإعمار، وإعادة بناء المنازل والشركات، وأشياء من هذا القبيل حتى يتمكن الناس من العودة».

وعندما سئل عن احتمال نشر جنود أميركيين في غزة، قال وزير الدفاع بيت هيغسيث، قبيل اجتماع مع نتنياهو، إنه «مستعد للنظر في كل الخيارات» المتعلقة بغزة. وأضاف: «نحن نتطلع إلى العمل مع حلفائنا ونظرائنا، دبلوماسياً وعسكرياً، لكي ندرس كل الخيارات».

وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو خلال مؤتمر صحافي في غواتيمالا (رويترز)

جمهوريون ضد الفكرة

في غضون ذلك، أثار اقتراح ترمب تنديداً واسعاً من المشرعين الديمقراطيين، لكنه أثار ارتباكاً وتشكيكاً من جانب بعض زملائه الجمهوريين، في حين أشاد آخرون بالخطوات بوصفها «جريئة».

وكتب السيناتور الجمهوري راند بول عبر منصة «إكس» للتواصل: «اعتقدت أننا صوتنا لأميركا أولاً. ليس لدينا أي عمل في التفكير في احتلال آخر لتدمير كنزنا وسفك دماء جنودنا».

وكذلك وصف السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام، وهو حليف لترمب، الأمر بأنه «إشكالي». وقال إن «فكرة دخول الأميركيين إلى غزة على الأرض غير مقبولة بالنسبة لكل عضو في مجلس الشيوخ»، مقترحاً أن «نعود إلى ما كنا نحاول القيام به وهو تدمير (حماس)، وإيجاد طريقة للعالم العربي للسيطرة على غزة والضفة الغربية، بطريقة تؤدي إلى دولة فلسطينية يمكن لإسرائيل أن تعيش معها».

وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث خلال اجتماع مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في البنتاغون بفيرجينيا (إ.ب.أ)

ولم يلتفت ترمب ونتنياهو إلى تحذيرات خبراء القانون الدولي من أن الإجراءات المقترحة قد تنتهك القانون الدولي، وترقى إلى «تطهير عرقي»، فضلاً عن أنها غير قابلة للتطبيق.

نتنياهو «معجب للغاية»

وأبدى نتنياهو إعجابه الشديد بفكرة ترمب، على الرغم من تنديد جماعات حقوق الإنسان بها بوصفها «تطهيراً عرقياً». وقال عبر شبكة «فوكس نيوز» الأميركية للتلفزيون إنه يؤيد «السماح لسكان غزة الذين يريدون المغادرة بالمغادرة». وأضاف: «ما الخطأ في ذلك؟ يمكنهم المغادرة، ويمكنهم العودة، ويمكنهم الانتقال والعودة. لكن عليك إعادة بناء غزة»، موضحاً أنه لا يعتقد أن ترمب اقترح إرسال قوات أميركية لمحاربة «حماس» أو أن واشنطن ستمول جهود إعادة الإعمار. وكرر أن ما قاله ترمب «فكرة رائعة، وأعتقد أنه ينبغي متابعتها وفحصها ومتابعتها وتنفيذها، لأنني أعتقد أنها ستخلق مستقبلاً مختلفاً للجميع».

الرئيس الأميركي دونالد ترمب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال مؤتمر صحافي في البيت الأبيض (أ.ف.ب)

وكذلك نقلت صحيفة «تايمز أوف إسرائيل» عن نتنياهو أنه يتعامل مع مقترح ترمب بوصفه خطة «اليوم التالي» البديلة لمقترحات الرئيس السابق جو بايدن في شأن إنهاء الحرب في غزة. وأفاد بأنه تحادث مع ترمب «في شأن اليوم التالي، وطرح فكرة جديدة مختلفة تماماً (...) اليوم التالي لـ(حماس)».

وبالتزامن مع ذلك، قال وزير الدفاع الإسرائيلي إسرائيل كاتس إنه أمر الجيش بالاستعداد لتسهيل انتقال عدد كبير من الفلسطينيين من غزة عبر المعابر البرية، وكذلك إعداد «ترتيبات خاصة للخروج عن طريقي البحر والجو».


مقالات ذات صلة

بريطانيا وفرنسا وألمانيا تطالب بوقف فوري لإطلاق النار في غزة

شؤون إقليمية جثامين ضحايا غارة جوية إسرائيلية شمال قطاع غزة أمس الخميس (ا.ب)

بريطانيا وفرنسا وألمانيا تطالب بوقف فوري لإطلاق النار في غزة

دعت حكومات ألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة في بيان مشترك، إلى العودة إلى وقف إطلاق النار في غزة على الفور، وطالبت إسرائيل بالسماح بدخول المساعدات الإنسانية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الولايات المتحدة​ أحد مناصري ترمب يواجه متظاهرين داعين لإطلاق سراح خليل في نيويورك في 12 مارس 2025 (أ.ف.ب)

ترمب بين الاحتجازات والترحيل

يستعرض «تقرير واشنطن»، وهو ثمرة تعاون بين «الشرق الأوسط» و«الشرق»، الأسس القانونية لممارسات الإدارة الأميركية في قضية الطالب محمود خليل وغيرها من قضايا الترحيل.

رنا أبتر (واشنطن)
شؤون إقليمية مطار بن غوريون في تل أبيب (أرشيفية - رويترز)

الحوثيون يعلنون استهداف مطار بن غوريون بصاروخ باليستي

أعلن متحدث عسكري حوثي، استهداف مطار بن غوريون في تل أبيب بصاروخ باليستي فرط صوتي.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي مشيعون فلسطينيون يحملون جثة طفل قُتل في غارة جوية إسرائيلية على مدينة غزة (د.ب.أ) play-circle 00:31

مقتل 6 أطفال في غارة إسرائيلية على مبنى بمدينة غزة

لقي 6 أطفال حتفهم وأصيب آخرون إثر قصف إسرائيلي استهدف شقة سكنية بمدينة غزة، حسبما أفادت وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، اليوم الجمعة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس (الجيش الإسرائيلي) play-circle

وزير الدفاع الإسرائيلي يهدد بضم مساحات من قطاع غزة

هدد وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس باحتمال ضمّ أجزاء من قطاع غزة ما لم تفرج حركة «حماس» عن الرهائن، مع توسيع نطاق عمليات الجيش الإسرائيلي في القطاع.

«الشرق الأوسط» (غزة)

رسالة قاآني تجلي جماعة الحوثي من بغداد

الجيش الأميركي أكد أن حملته مستمرة للقضاء على الحوثيين في اليمن (رويترز)
الجيش الأميركي أكد أن حملته مستمرة للقضاء على الحوثيين في اليمن (رويترز)
TT

رسالة قاآني تجلي جماعة الحوثي من بغداد

الجيش الأميركي أكد أن حملته مستمرة للقضاء على الحوثيين في اليمن (رويترز)
الجيش الأميركي أكد أن حملته مستمرة للقضاء على الحوثيين في اليمن (رويترز)

اضطرت جماعة «الحوثي» اليمنية إلى إخلاء مقر لها في العاصمة العراقية بغداد، بعد رسالة تحذير إيرانية، وإجماع داخل تحالف «الإطار التنسيقي» على تجنب التصعيد مع الأميركيين.

وكشفتْ مصادر موثوقة لـ«الشرق الأوسط»، أن إسماعيل قاآني، قائد «فيلق القدس» التابع لـ«الحرس الثوري»، حذر قادة فصائل عراقية من أن «هجمات الجيش الأميركي ضد منشآت تابعة لجماعة الحوثي قد ترتد سريعاً على بغداد». وطالب «بعدم القيام بأي نشاط عسكري خلال هذه المرحلة الحساسة».

وفي تطور متزامن قالت المصادر إن جماعة «الحوثي» أخلت مقراً استراتيجياً في أحد الأحياء الراقية وسط بغداد، وقد تغلق مقرين آخرين بعد ضغوط من «الإطار التنسيقي».

وفي طهران، تبرَّأ المرشد الإيراني علي خامنئي من «وكلاء» طهران في المنطقة، ووصفهم بـ«قوى مستقلة تدافع عن نفسها»، في حين توعَّد الولايات المتحدة بـ«صفعة رنانة لو شرعت في عمل ما» ضد بلاده.