صدمة وسط النازحين العائدين في أول يوم من بدء «اتفاق غزة»

«الشرق الأوسط» ترصد ذهول الناس بعد عودتهم إلى منازلهم المدمرة بـ«جباليا»

0 seconds of 1 minute, 37 secondsVolume 90%
Press shift question mark to access a list of keyboard shortcuts
00:00
01:37
01:37
 
TT
20

صدمة وسط النازحين العائدين في أول يوم من بدء «اتفاق غزة»

غزيون نازحون لدى عودتهم إلى منازلهم المدمرة في مخيم جباليا الأحد مع بدء تنفيذ اتفاق وقف النار (الشرق الأوسط)
غزيون نازحون لدى عودتهم إلى منازلهم المدمرة في مخيم جباليا الأحد مع بدء تنفيذ اتفاق وقف النار (الشرق الأوسط)

صُدم آلاف الفلسطينيين لدى عودتهم إلى منازلهم في قطاع غزة الأحد تزامناً مع بدء تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار وانسحاب القوات الإسرائيلية، لمشاهد الدمار التي لحقت بالمباني المدمرة بفعل آلة الحرب الإسرائيلية. ورصدت «الشرق الأوسط» الذهول الذي أصاب النازحين العائدين بعدما اكتشفوا مدى الدمار الذي لحق بمنازلهم وأحيائهم المدمرة.

لم ينتظر سكان المناطق التي تمركزت بها القوات الإسرائيلية دخول موعد اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، فسارعوا لتفقد مناطق سكنهم، إلا أن هول المشاهد كان أكبر من كل التوقعات بعد مسح مربعات سكنية بأكملها.

 

غزيون في حالة صدمة لدى عودتهم إلى أحيائهم المدمرة في مخيم جباليا الأحد مع بدء تنفيذ اتفاق وقف النار (الشرق الأوسط)
غزيون في حالة صدمة لدى عودتهم إلى أحيائهم المدمرة في مخيم جباليا الأحد مع بدء تنفيذ اتفاق وقف النار (الشرق الأوسط)

«أين بيتنا؟!»

«وين بيتنا؟!»... بهذه الكلمات عبرت آمال العسكري، من سكان مخيم جباليا، عن صدمتها الكبيرة بعدما فشلت في التعرف على منزلها الذي سُوِّي بالأرض أسوة بالمنازل المجاورة له والتي تحولت إلى كومة ركام. وقالت العسكري لـ«الشرق الأوسط» بلغة غاضبة: «ما بقي لنا شيء، حياتنا ومستقبلنا وعمرنا... دمروا بيوتنا ومستقبل أولادنا!». وأضافت: «جئت إلى جباليا على أمل أن أجد شيئاً من رائحة بيتي من ملابس وأثاث، لكن ما وجدنا شيئاً. كل البيت مدمر عن بكرة أبيه!».

تعرض مخيم جباليا إلى جانب بلدتَي بيت لاهيا وبيت حانون، إلى عملية عسكرية إسرائيلية استمرت أكثر من 100 يوم، استخدمت فيها إسرائيل كل قوتها العسكرية من قصف جوي وعمليات برية ونسف للمنازل والمستشفيات وغيرها.

ولم يكن حال العسكري أفضل من المواطن محمود السحار الذي كان يعتقد أن بيته ما زال قائماً، خاصة أنه شاهد منذ أيام صورة التقطها الجيش الإسرائيلي لقواته بالمكان الذي ظهر متضرراً جزئياً. ويقول السحار: «كانت صدمة كبيرة عندما وصلت إلى مخيم جباليا، ووجدت منزلي مدمراً، وهو الذي بنيته حجراً حجراً، حتى أضمن مستقبل عائلتي المكونة من 16 فرداً». وأشار إلى أن تدمير المنزل ربما تم قبل وقت قصير من انسحاب القوات الإسرائيلية، خلال عمليات النسف التي كانت تقوم بها تلك القوات، والتي كثفتها بشكل كبير في اليومين والساعات الأخيرة.

وقامت «الشرق الأوسط» برصد الأوضاع في المخيم، ولاحظت أنه لا يمكن لأي جهة في الفترة الزمنية القريبة أن تكون قادرة على تقدير حجم الدمار الهائل والخسائر المادية.

لم يستطع السكان أن يجدوا طرقاً ليسلكوها بهدف الوصول إلى مناطق سكنهم، وبعضهم لم يتعرف على الشوارع وكأنهم ضلوا طريقهم في مناطق لا يعرفونها.

ويبدو أن خطط بعض الجهات الحكومية والبلديات والفعاليات، ببدء إزالة الركام من الشوارع للسماح للسكان بالتحرك فيها بسهولة، اصطدمت بواقع لم يكن أحد يتخيله. ويمكن القول إن مخيم جباليا تحول إلى أكبر كومة ركام في القطاع.

 

غزيون نازحون يتفقدون منازلهم المدمرة في مخيم جباليا الأحد مع بدء تنفيذ اتفاق وقف النار (الشرق الأوسط)
غزيون نازحون يتفقدون منازلهم المدمرة في مخيم جباليا الأحد مع بدء تنفيذ اتفاق وقف النار (الشرق الأوسط)

«لم أتعرف على شارعنا»

لم يجد السكان أي مركبات أو حتى عربات تجرها حيوانات قادرة على الوصول لمخيم جباليا وغيره. وقال الشاب نمر النمنم: «تربيت منذ صغري في المخيم، لكنني لم أعرف شوارعه المدمرة». وأضاف: «قطاع غزة، وخاصة مخيم جباليا والمناطق المحيطة به، سيحتاج إلى أعوام لإزالة الركام من شوارعه ومنازله. وإعادة الإعمار قد تحتاج لعقود في ظل الظروف الحالية».

وأشار إلى أنه كان يأمل أن يعود سريعاً للسكن في مخيم جباليا، سواء داخل خيام أو مراكز إيواء، إلا أنه قال: «لا يوجد أي أثر يمكن أن يظهر أن هناك معالم للحياة... لا مياه ولا مكان يمكن أن يؤوينا. أتينا ووجدنا زلزالاً قد دمر المخيم!».

ولوحظ تعمد تدمير قوات الاحتلال الإسرائيلي لمقرات وكالة «الأونروا» والمقرات الخدماتية الحياتية، وتدمير آبار المياه وغيرها، في محاولة لمنع أي بوادر لإعادة الحياة في المنطقة سريعاً، خاصة أن البنية التحتية مدمرة بأكملها.

وأمام هذا الوضع، قدم البعض نصائح إلى الغزيين النازحين، ومنهم أقاربهم، بعدم العودة لمناطق سكنهم والتوجه بدلاً من ذلك إلى جنوب قطاع غزة.

وقالت الشابة دعاء منير لـ«الشرق الأوسط»، إنها نصحت أقاربها بالتوجه إلى جنوب القطاع؛ لأنه لا يوجد مكان يعودون إليه، «حتى لا توجد هناك ساحات يمكن استغلالها لإنشاء مخيمات نزوح من الخيام وغيرها». وسُمعت مثل هذه الدعوات من العديد من الغزيين خلال تفقدهم لمناطق سكنهم في مخيم جباليا.

ويوجد في جنوب قطاع غزة أكثر من مليون نازح من سكان شمال القطاع، يعيش غالبيتهم في خيام على شاطئ البحر وسط القطاع وجنوبه.

ووفقاً لما نص عليه اتفاق وقف إطلاق النار، فإنه سيُسمح لهم بالعودة من اليوم السابع منذ دخول الاتفاق حيز التنفيذ. ويتوق النازحون إلى لحظة عودتهم إلى مدينة غزة وشمالها، وكثيراً ما كانوا يرددون أنهم يفضلون نصب خيام عند منازلهم على أن يبقوا في مناطق مفتوحة قرب شواطئ وسط وجنوب القطاع.

واستغل مواطنون وقتهم في البحث في الشوارع عن جثث ضحايا سقطوا بتلك المناطق، والعمل على دفنهم، في حين تفقد آخرون قبوراً لأقاربهم في بعض المدافن التي تعرضت إلى النبش وأضرار نتيجة القصف. وعُثر على جثث متحللة إلى جانب أخرى يظهر أنها قُتلت حديثاً، وسط عمليات لإجلائها ونقلها للدفن.

يُذكر أنه منذ بدء الحرب بين إسرائيل و«حماس»، نزح معظم سكان غزة البالغ عددهم الإجمالي 2.4 مليون نسمة، مرة واحدة على الأقل، إلى أنحاء أخرى من القطاع. ويؤشر حجم الدمار اللاحق بغزة من جراء الضربات الجوية الإسرائيلية والقصف المدفعي وقتال الشوارع، إلى أن إعادة الإعمار قد تستغرق أكثر من خمس سنوات، وفق وكالات دولية. وبحسب آخر تقييم للأضرار أجراه مركز الأمم المتحدة للأقمار الاصطناعية (يونوسات)، فقد تضرّر حتى الأول من ديسمبر (كانون الأول)، أو دُمّر، ما يقرب من 69 بالمائة من مباني القطاع؛ أي ما مجموعه 170.812 مبنى. ووفق برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، فإن إعادة الإعمار قد لا تنجز قبل عام 2040. وأكّدت إسرائيل وقطر الأحد أن وقف إطلاق النار الذي طال انتظاره في غزة بين إسرائيل وحركة «حماس» دخل حيز التنفيذ بعد تأخير، بعدما تلقت إسرائيل من «حماس» قائمة بأسماء ثلاث رهينات سيتم إطلاق سراحهن الأحد. وبحسب خطة وقف إطلاق النار، ستستعيد إسرائيل 33 رهينة تحتجزهم «حماس» في غزة منذ هجومها المفاجئ على جنوب إسرائيل في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، في سياق هدنة أولية. وأحصت وزارة الصحة التابعة لـ«حماس» الأحد مقتل 15 فلسطينياً وإصابة 25 آخرين بنيران الجيش الإسرائيلي خلال الساعات الـ24 الأخيرة في قطاع غزة، لافتة إلى أن حصيلة القتلى ارتفعت إلى 46913 شخصاً منذ بدء الحرب بين الحركة وإسرائيل قبل أكثر من خمسة عشر شهراً. وقالت الوزارة في بيان إن حصيلة الحرب «ارتفعت إلى 46913 شهيداً و110750 إصابة» منذ السابع من أكتوبر عام 2023.


مقالات ذات صلة

«حماس» توافق على إطلاق جندي إسرائيلي - أميركي وتسليم 4 جثث

المشرق العربي صورة ملتقطة في 15 فبراير 2025 في مدينة خان يونس بقطاع غزة تُظهر مقاتلين من حركة «الجهاد الإسلامي» و«كتائب عز الدين القسام» الجناح العسكري لحركة «حماس» أثناء تسليم 3 رهائن إسرائيليين لممثلي «الصليب الأحمر» في المدينة (د.ب.أ)

«حماس» توافق على إطلاق جندي إسرائيلي - أميركي وتسليم 4 جثث

أعلنت حركة «حماس» موافقتها على إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي عيدان ألكسندر الذي يحمل الجنسية الأميركية، إضافة إلى جثامين أربعة آخرين من مزدوجي الجنسية.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي أطفال فلسطينيون ينتظرون الحصول على وجبة مجانية قبيل الإفطار في رفح بقطاع غزة (رويترز)

أميركا وإسرائيل تواصلتا مع دول أفريقية لاستقبال الفلسطينيين من غزة

نقلت وكالة «أسوشييتد برس» للأنباء اليوم (الجمعة) عن مسؤولين أميركيين وإسرائيليين قولهم إن الولايات المتحدة وإسرائيل تواصلتا مع مسؤولين في 3 دول بشرق أفريقيا

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي طفلة فلسطينية تنتظر الحصول على طعام من أحد المطابخ الخيرية في رفح جنوب قطاع غزة (رويترز) play-circle

«حماس»: التقارير عن تقديم مقترحات جديدة تهدف للقفز على اتفاق غزة ‎

قال حازم قاسم الناطق باسم حركة ‏«حماس» إن اللقاءات مستمرة مع الوسطاء في الدوحة بشأن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
تحليل إخباري وزراء خارجية السعودية ومصر وقطر والأردن ووزير الدولة بالخارجية الإماراتية وأمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية يلتقون المبعوث الأميركي للشرق الأوسط ستيفين ويتكوف بالدوحة 12 مارس (الخارجية المصرية)

تحليل إخباري «تراجع ترمب»... هل نجحت التحركات العربية في صد مخطط «التهجير»؟

ثمَّنت القاهرة تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترمب عن «عدم طرد الفلسطينيين من غزة»، وعدَّتها «توجهاً إيجابياً» لإحلال السلام بالمنطقة.

هشام المياني (القاهرة)
شؤون إقليمية عائلات الأسرى الإسرائيليين بغزة يتظاهرون أمام منزل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في القدس (أرشيفية - أ.ب) play-circle

عائلات الأسرى الإسرائيليين تضغط على نتنياهو بالتظاهر

رغم أجواء متفائلة تُبثّ من مفاوضات الدوحة عن موجة ثانية من تبادل الأسرى بين إسرائيل و«حماس»، دعت عائلات الأسرى الإسرائيليين إلى تظاهرات للضغط على نتنياهو

نظير مجلي (تل أبيب)

«حماس» توافق على إطلاق جندي إسرائيلي - أميركي وتسليم 4 جثث

صورة ملتقطة في 15 فبراير 2025 في مدينة خان يونس بقطاع غزة تُظهر مقاتلين من حركة «الجهاد الإسلامي» و«كتائب عز الدين القسام» الجناح العسكري لحركة «حماس» أثناء تسليم 3 رهائن إسرائيليين لممثلي «الصليب الأحمر» في المدينة (د.ب.أ)
صورة ملتقطة في 15 فبراير 2025 في مدينة خان يونس بقطاع غزة تُظهر مقاتلين من حركة «الجهاد الإسلامي» و«كتائب عز الدين القسام» الجناح العسكري لحركة «حماس» أثناء تسليم 3 رهائن إسرائيليين لممثلي «الصليب الأحمر» في المدينة (د.ب.أ)
TT
20

«حماس» توافق على إطلاق جندي إسرائيلي - أميركي وتسليم 4 جثث

صورة ملتقطة في 15 فبراير 2025 في مدينة خان يونس بقطاع غزة تُظهر مقاتلين من حركة «الجهاد الإسلامي» و«كتائب عز الدين القسام» الجناح العسكري لحركة «حماس» أثناء تسليم 3 رهائن إسرائيليين لممثلي «الصليب الأحمر» في المدينة (د.ب.أ)
صورة ملتقطة في 15 فبراير 2025 في مدينة خان يونس بقطاع غزة تُظهر مقاتلين من حركة «الجهاد الإسلامي» و«كتائب عز الدين القسام» الجناح العسكري لحركة «حماس» أثناء تسليم 3 رهائن إسرائيليين لممثلي «الصليب الأحمر» في المدينة (د.ب.أ)

أعلنت حركة «حماس» اليوم (الجمعة) عن تسلّم وفد قيادتها، أمس، مقترحاً من الوسطاء لاستئناف المفاوضات، فتعاملت معه الحركة، بحسب البيان، بـ«مسؤولية وإيجابية، وسلمت ردّها عليه فجر اليوم، متضمناً موافقتها على إطلاق سراح الجندي الصهيوني عيدان ألكسندر الذي يحمل الجنسية الأميركية، إضافة إلى جثامين أربعة آخرين من مزدوجي الجنسية».

وأكدت الحركة في بيانها جاهزيتها التامة لبدء المفاوضات والوصول إلى اتفاق شامل حول قضايا المرحلة الثانية، داعيةً إلى إلزام الاحتلال بتنفيذ التزاماته كاملة.

من جهته، أكد القيادي في حركة «حماس»، حسام بدران، اليوم، إصرار الحركة على تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار بمراحله المختلفة.

وقال بدران في بيان نشرته «حماس»، إن عدم التزام إسرائيل بما تم الاتفاق عليه «سيعيدنا إلى الصفر»، موضحاً أن الحركة طالبت الوسطاء بـ«إلزام إسرائيل باتفاق وقف إطلاق النار ووقف الخروقات، واستكمال كل البنود التي تم إقرارها».

وأضاف بدران أن «حماس» ترحب بـ«أي مقترحات» تدفع باتجاه تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل، «بما يضمن حقوق أبناء شعبنا».

صورة التقطتها طائرة من دون طيار تُظهر منازل دُمرت خلال الحرب في بيت حانون شمال قطاع غزة في 5 مارس 2025 (رويترز)
صورة التقطتها طائرة من دون طيار تُظهر منازل دُمرت خلال الحرب في بيت حانون شمال قطاع غزة في 5 مارس 2025 (رويترز)

وكان موقع «أكسيوس» الإخباري أفاد، أمس (الخميس)، بأن المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف قدّم اقتراحاً مُحدثاً لتمديد وقف إطلاق النار في غزة حتى 20 أبريل (نيسان) المقبل.

ونقل «أكسيوس» عن مصادر قولها إن المقترح المُحدّث يشمل تمديد وقف إطلاق النار لعدة أسابيع، مقابل إطلاق «حماس» سراح مزيد من المحتجزين، واستئناف المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة.