العراق وبريطانيا يتفقان على مكافحة تهريب البشر

حزمة استثمارية واسعة... وإعادة مهاجرين «بالسرعة الممكنة»

رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر خلال استقباله السوداني في لندن يوم 14 يناير 2025 (أ.ب)
رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر خلال استقباله السوداني في لندن يوم 14 يناير 2025 (أ.ب)
TT

العراق وبريطانيا يتفقان على مكافحة تهريب البشر

رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر خلال استقباله السوداني في لندن يوم 14 يناير 2025 (أ.ب)
رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر خلال استقباله السوداني في لندن يوم 14 يناير 2025 (أ.ب)

اتفق العراق والمملكة المتحدة على معالجة الهجرة غير الشرعية، وإعادة الذين لا يملكون حق الوجود في الأراضي البريطانية، ضمن اتفاقية شراكة وتعاون تجاري واستثماري وصفتها بغداد بـ«التاريخية».

والتقى رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني في لندن، الثلاثاء، الملك تشارلز الثالث ونظيره البريطاني كير ستارمر، في زيارة تستمر 3 أيام وتستهدف إبرام اتفاقية تطغى عليها التجارة والأمن.

السوداني خلال لقائه الملك تشارلز الثالث في قصر باكنغهام في لندن (أ.ف.ب)

وقبل وصوله إلى لندن، تحدث السوداني عن «بداية عهد جديد في العلاقات الثنائية مع دولة صديقة ترتبط مع العراق بعلاقات تاريخية»، على حد قوله.

ومنح السفير البريطاني ستيفن هيتش زخماً للزيارة بالقول عبر حسابه في منصة «إكس»، إن «الجو بارد في لندن، لكن الترحيب بالسوداني سيكون حاراً جداً».

وعبر السوداني، خلال لقائه ملك بريطانيا في قصر باكنغهام بلندن، «عن التقدير للدعوة الرسمية التي تلقاها لزيارة بريطانيا».

ورحَّب الملك بزيارة رئيس الحكومة العراقية، وأشار إلى «عمق العلاقة التاريخية بين البلدين، والأهمية البارزة التي توليها الحكومتان لتطوير المصالح المشتركة، والتفاهمات على مختلف الصعد».

وبحسب بيان للحكومة العراقية، جرى خلال اللقاء استعراض التعاون الثنائي بين العراق والمملكة المتحدة، وسبل إقامة شراكة منتجة في مختلف المجالات الاقتصادية والتنموية، إلى جانب التعاون في مجال مواجهة تحديات التغيرات المناخية وفرص تعزيز التعاون الثقافي.

اتفاقية تاريخية

ووقَّع السوداني وستارمر على البيان المشترك حول العلاقات الدفاعية والأمنية الاستراتيجية الثنائية، «الذي يضع الأساس لحقبة تاريخية جديدة في التعاون الأمني ويمهد الطريق لاتفاق جديد يعكس طموح البلدين».

وقال البيان المشترك، إن «رئيسَي الوزراء اتفقا على مبادئ اتفاقية العودة عبر التزام مشترك بضمان إمكانية إعادة أولئك الذين ليس لديهم الحق في الوجود في المملكة المتحدة بالسرعة الممكنة».

ويضع رئيس الحكومة البريطانية كير ستارمر مسألة الحد من الهجرة إلى المملكة المتحدة على رأس أولوياته مع السوداني، ويسعى إلى معالجة ملفات آلاف العراقيين الذين يصلون إلى المملكة المتحدة كل عام، بطرق غير شرعية.

وأظهر بيان سابق للحكومة البريطانية أن ملف الاتجار بالبشر والمهاجرين غير الشرعيين أولوية قصوى بالنسبة للندن.

السوداني قال إنه وقَّع اتفاقية تاريخية مع المملكة المتحدة (أ.ف.ب)

ويشكّل العراقيون نسبة كبيرة من الذين يعبرون في قوارب صغيرة، حيث تظهِر أحدث الأرقام أن نحو 2500 شخص وصلوا عبر القناة الإنجليزية في 2023، و958 في النصف الأول من عام 2024.

ولدى المملكة المتحدة اتفاقيات مع الكثير من البلدان، تسمح بالعودة السريعة للمهاجرين الذين فشلت طلبات لجوئهم أو ليس لديهم الحق في البقاء في بريطانيا، وتريد إضافة العراق إلى تلك القائمة.

وكان العراق وقَّع اتفاقية مع بريطانيا خلال زيارة وزيرة الداخلية البريطانية إيفيت كوبرالى العراق في نوفمبر (تشرين الثاني) 2024 التي شهدت تعهداً بتمويل مخصص للعراق؛ لمساعدته في مكافحة عصابات تهريب البشر.

ومن المفترض أن تؤدي اتفاقية أمنية محدودة إلى «إعادة جميع العراقيين الذين دخلوا الأراضي البريطانية بطريقة غير شرعية، وليس لديهم حق الوجود، إلى بلادهم بسرعة»، وفق بيان نشره موقع الحكومة البريطانية.

وجهزت المملكة المتحدة معدات بقيمة 66.5 مليون جنيه إسترليني من لتعزيز حدود العراق وتعطيل عصابات التهريب.

وقال ستارمر، وفقاً لموقع الحكومة البريطانية، إن هذا الاتفاق «سيساعد في تفكيك نموذج عمل مهربي البشر من خلال إرسال رسالة واضحة مفادها أنه إذا أتيت إلى هنا بشكل غير قانوني، فلا يمكنك أن تتوقع البقاء».

تعاون واسع النطاق

وقال البيان العراقي - البريطاني، الثلاثاء، إن الاتفاقية الموقَّعة «واسعة النطاق بشأن التجارة والتعاون الاقتصادي والاستراتيجي، كما تم الاتفاق على حزمة تجارية بقيمة 12.3 مليار جنيه إسترليني».

وشملت الاتفاقية مجالات التجارة والاستثمار والتعليم والرياضة والمناخ، وقال البيان المشترك إنها ستشمل «إزالة ألغام من جميع أنحاء العراق، وإعادة تأهيل قاعدة القيارة الجوية العراقية، وتأمين نظمة نقل بريطانية للنقل البيني للكهرباء بين العراق والسعودية».

ونصت الاتفاقية كذلك على أن «تقوم شركة بريطانية بالمباشرة بمشروع مدّ سكة حديد جديدة في العراق بقيمة 82 مليون جنيه إسترليني».

السوداني وكير ستارمر في مقرّ الحكومة البريطانية بلندن (أ.ف.ب)

ويرافق السوداني نحو 70 من رجال الأعمال العراقيين الذين سيبحثون فرصاً استثمارية مع 24 شركة بريطانية في القطاع الخاص.

وتستند الحزمة إلى سلسلة من اتفاقيات التصدير التي من شأنها أن تعزز العلاقات التجارية المتنامية بين البلدين، وتمثل فرصاً كبيرة للشركات البريطانية وتساهم في مهمة الحكومة لتحقيق النمو الاقتصادي.

إلى ذلك، قال مصدر حكومي عراقي: «من المتوقع عودة شركة B.P البريطانية المتخصصة بالنفط للعمل في العراق مجدداً، بعد أن كانت قد غادرت قبل نحو عام من الآن».

وأكد المصدر أن «المباحثات مع الشركة النفطية ستهدف إلى حيث توقيع عقود جديدة تتجاوز صفقة شركة (توتال) الفرنسية، بسقوف تصل إلى 23 مليار دولار».


مقالات ذات صلة

السوداني: العراق نجح في البقاء خارج الصراعات الإقليمية

المشرق العربي السوداني خلال استقباله صحافيين عرباً وأجانب في العاصمة البريطانية لندن (إعلام حكومي)

السوداني: العراق نجح في البقاء خارج الصراعات الإقليمية

قال رئيس الحكومة العراقي، الأربعاء، إن العراق نجح في البقاء خارج الصراعات الإقليمية، في حين أكد الوقوف إلى جانب الشعب السوري في مواجهة الأزمات والتحديات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد السوداني ملتقياً ممثلي 24 شركة بريطانية كبرى خلال زيارته المملكة المتحدة (وكالة الأنباء العراقية)

السوداني: 63 مليار دولار حجم الاستثمارات العربية والأجنبية بالعراق خلال عامين

أعلن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، الأربعاء، أن العلاقة بين العراق وبريطانيا شهدت مشاريع حقيقية بقيمة 1.5 مليار دولار خلال عام 2024.

«الشرق الأوسط» (لندن - بغداد)
المشرق العربي رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر خلال استقباله السوداني في لندن يوم 14 يناير 2025 (أ.ب)

اتفاق بريطاني ــ عراقي على مكافحة تهريب البشر

اتفق العراق والمملكة المتحدة على معالجة الهجرة غير الشرعية، وإعادة الذين لا يملكون حق الوجود في الأراضي البريطانية ضمن اتفاقية شراكة وصفتها بغداد بـ«التاريخية».

«الشرق الأوسط» (لندن) حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي السوداني مترئساً إحدى جلسات مجلس الوزراء (إكس)

استقطاعات حكومية لدعم غزة ولبنان تغضب متقاعدي العراق

تفاجأ قطاع المتقاعدين في العراق باستقطاع ما نسبته 1 في المائة، وبأثر رجعي للشهرين الماضيين، ما أثار غضب كثيرين.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي السوداني يلقي كلمة أمام قوات الجيش العراقي في ذكرى تأسيسه (رئاسة الوزراء) play-circle 00:48

العراق يحتفل بالذكرى الـ104 لتأسيس جيشه الوطني

أحيا العراق، الاثنين، الذكرى الـ104 لتأسيس جيشه الوطني، في ظل تطورات إقليمية متسارعة تُثير مخاوف من انعكاس تداعياتها على البلاد.

فاضل النشمي (بغداد)

بريطانيا تدعو إلى إتمام «هدنة غزة» سريعاً

زحمة في سوق بخان يونس بالتزامن مع أنباء عن قرب التوصل إلى هدنة (رويترز)
زحمة في سوق بخان يونس بالتزامن مع أنباء عن قرب التوصل إلى هدنة (رويترز)
TT

بريطانيا تدعو إلى إتمام «هدنة غزة» سريعاً

زحمة في سوق بخان يونس بالتزامن مع أنباء عن قرب التوصل إلى هدنة (رويترز)
زحمة في سوق بخان يونس بالتزامن مع أنباء عن قرب التوصل إلى هدنة (رويترز)

دعت بريطانيا إلى إتمام اتفاق بين إسرائيل و«حماس» يقضي بوقف إطلاق النار بقطاع غزة، وإطلاق الأسرى «في أقرب وقت»، مشددة على دور وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين (أونروا) في توفير المساعدات للفلسطينيين في قطاع غزة.

وقال وزير شؤون الشرق الأوسط البريطاني هيمش فولكنر لـ«الشرق الأوسط»: «نأمل وندعو أن نحصل على أخبار سعيدة في أقرب وقت ممكن. وسواء كان الأمر يتعلق بعائلات الرهائن أو بكثير من الناس الذين يعيشون معاناة عميقة في غزة، يأمل الجميع أن نحقق التقدم الذي كنا ننادي به منذ فترة. ونأمل في المرونة».

ويسعى المفاوضون المجتمِعون، الأربعاء، إلى التوصل إلى وقف لإطلاق النار في قطاع غزة، إذ باتت المباحثات بشأنه في «مراحلها النهائية»، وفقاً لقطر، بعد حرب متواصلة منذ أكثر من 15 شهراً سقط فيها آلاف القتلى.

وقبل أيام قليلة من عودة دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، في 20 يناير (كانون الثاني) الحالي، تكثفت المباحثات غير المباشرة في الدوحة؛ من أجل التوصل إلى هدنة مصحوبة بالإفراج عن رهائن محتجَزين في قطاع غزة.

وتحدّث فولكنر، في تصريحه إلى «الشرق الأوسط»، عن انعكاس الاتفاق على الأزمة الإنسانية في القطاع، قائلاً: «من الملح حقاً إتاحة المساعدات التي يحتاجها سكان غزة، وأن تكون المرافق الطبية التي يحتاجونها قادرة على العمل».

وزير شؤون الشرق الأوسط البريطاني هيمش فولكنر (الشرق الأوسط)

وتابع: «لقد كنا واضحين بشأن مدى أهمية دور (أونروا) الحيوي في توفير تلك المساعدات، ومدى صعوبة الاستغناء عنها». وأضاف: «من الواضح أننا ندرك تماماً المواعيد النهائية التي حددتها الجهات المانحة لشهر يناير، والتزامات إسرائيل بصفتها السلطة القوية في قطاع غزة. ويقع على عاتقها ضمان تقديم المساعدات الإنسانية بموجب القانون الدولي الإنساني».

وعبّر فولكنر عن أمله في التوصل إلى وقف إطلاق النار، و«أن نكون في وضع أفضل بحلول نهاية الشهر، وأن يكون هناك دعم إنساني كافٍ للشعب الفلسطيني في غزة، وهو أمر سنناقشه عن كثب مع حلفائنا العرب، وكذلك مع جميع الأطراف الأخرى في المنطقة».

وكان المفوض العام لـ«الأونروا»، فيليب لازاريني، قد أكّد في أوسلو أن المنظمة ستواصل تقديم المساعدة لسكان الأراضي الفلسطينية، رغم الحظر الإسرائيلي لها الذي يدخل حيز التنفيذ في نهاية هذا الشهر.