ائتلاف فصائل مسلحة في جنوب سوريا يتمسك بسلاحه

رغم استعداده للانضواء في الجيش الجديد

أحمد العودة قائد «غرفة عمليات الجنوب» وهي ائتلاف فصائل في محافظة درعا، في مدينة بصرى بمحافظة درعا جنوب سوريا... 5 يناير 2025 (أ.ف.ب)
أحمد العودة قائد «غرفة عمليات الجنوب» وهي ائتلاف فصائل في محافظة درعا، في مدينة بصرى بمحافظة درعا جنوب سوريا... 5 يناير 2025 (أ.ف.ب)
TT
20

ائتلاف فصائل مسلحة في جنوب سوريا يتمسك بسلاحه

أحمد العودة قائد «غرفة عمليات الجنوب» وهي ائتلاف فصائل في محافظة درعا، في مدينة بصرى بمحافظة درعا جنوب سوريا... 5 يناير 2025 (أ.ف.ب)
أحمد العودة قائد «غرفة عمليات الجنوب» وهي ائتلاف فصائل في محافظة درعا، في مدينة بصرى بمحافظة درعا جنوب سوريا... 5 يناير 2025 (أ.ف.ب)

يتمسّك ائتلاف فصائل مسلحة في جنوب سوريا بسلاحه، رغم قرار السلطات الجديدة حل التشكيلات المسلحة كافة، مبديا في الوقت ذاته استعداده للانضواء تحت مظلة وزارة الدفاع، وفق ما قال متحدث باسمه لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وكانت السلطات الجديدة أعلنت في 25 ديسمبر (كانون الأول) التوصل إلى اتفاق مع «جميع الفصائل المسلحة» يهدف إلى حلها واندماجها تحت مظلة وزارة الدفاع، في اجتماع غابت عنه «غرفة عمليات الجنوب»، وهي ائتلاف فصائل في محافظة درعا، كان أول من دخل دمشق «لحماية مؤسساتها الحيوية» ويقوده أحمد العودة.

وقال الناطق باسم «غرفة عمليات الجنوب» التي تسيطر حاليا على محافظة درعا العقيد نسيم أبو عرة: «لا نقتنع بفكرة حل الفصائل، لدينا سلاح ومعدات ثقيلة وتجهيزات كاملة، وأرى أن نندمج كجسم عسكري مع وزارة الدفاع».

وخلال مقابلة مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في مدينة بصرى في جنوب سوريا، أوضح أبو عرة الذي انشق عن الجيش السوري عام 2012، وأصبح مسؤولا في ما عرف بغرفة عمليات الجنوب: «نحن قوة منظّمة في الجنوب السوري... لدينا ضباط منشقون يقومون بإدارة هذا الجسم».

وفي الثامن من ديسمبر (كانون الأول)، دخلت فصائل مسلحة بقيادة «هيئة تحرير الشام» إلى دمشق بعد هجوم مباغت بدأته من شمال سوريا في 27 نوفمبر (تشرين الثاني). وأدى ذلك إلى الإطاحة بالرئيس بشار الأسد ونهاية حكم عائلته الذي استمرّ أكثر من نصف قرن.

أحمد العودة قائد «غرفة عمليات الجنوب» وهي ائتلاف فصائل في محافظة درعا، في مدينة بصرى بمحافظة درعا جنوب سوريا... 5 يناير 2025 (أ.ف.ب)
أحمد العودة قائد «غرفة عمليات الجنوب» وهي ائتلاف فصائل في محافظة درعا، في مدينة بصرى بمحافظة درعا جنوب سوريا... 5 يناير 2025 (أ.ف.ب)

«فوضى»

وبدأ النزاع السوري في منتصف مارس (آذار) 2011 باحتجاجات شعبية مناهضة للأسد ما لبث أن قمعتها السلطات بالقوة، ثم تحولت نزاعا مدمرا قسّم البلاد إلى مناطق نفوذ متعددة. وأوقع النزاع أكثر من نصف مليون قتيل.

وتُعدّ محافظة درعا التي شكّلت مهد الاحتجاجات الشعبية، المنطقة الوحيدة التي لم يخرج منها جميع مقاتلي الفصائل المعارضة بعد استعادة القوات الحكومية السيطرة عليها في يوليو (تموز) 2018، إذ وضع اتفاق تسوية رعته موسكو حدّا للعمليات العسكرية وأبقى على وجود مقاتلين معارضين احتفظوا بأسلحة خفيفة.

وشكّل مقاتلون محليون من فصائل معارضة سابقة وآخرون ممن أجروا اتفاق تسوية مع النظام «غرفة عمليات الجنوب» في السادس من ديسمبر (كانون الأول).

وقال العرة إن قواتهم كانت «أول من دخل دمشق» فجر الثامن من ديسمبر (كانون الأول) عندما فرّ الأسد.

وأوضح: «مع انهيار جيش النظام شمالا... جهّزنا رتلا في ساعات متأخرة من الليل للدخول إلى العاصمة»، موضحا أن قواته «دخلت دمشق فجرا».

وقال شهود لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن مقاتلي أحمد العودة، الذين يمكن التعرف عليهم من خلال عمائمهم المعقودة الخاصة بمنطقتهم، انتشروا يومها حول البنك المركزي وكانوا في أحياء عدة، بما في ذلك ساحة الأمويين.

وتابع القائد العسكري الذي يُكنّى أيضا بأبو حسام: «كانت هناك فوضى كبيرة، لكن استطعنا خلال فترة وجيزة تأمين حماية المراكز الحيوية».

مقاتلون موالون للحكومة السورية المؤقتة يركبون سيارة في حي الزهراء بمدينة حمص بوسط غرب سوريا في 4 يناير 2025 (أ.ف.ب)
مقاتلون موالون للحكومة السورية المؤقتة يركبون سيارة في حي الزهراء بمدينة حمص بوسط غرب سوريا في 4 يناير 2025 (أ.ف.ب)

توفير الحماية

وأشار إلى أنهم أيضا وفّروا الحماية لمقرات تابعة للأمم المتحدة، ولسفارات عربية وغربية عدة بما يشمل سفارتي مصر والأردن. كما «رافقوا دبلوماسيين» إلى فندق «فور سيزنز» حيث «تجمع معظم الدبلوماسيين من الدول كافة».

ورافقت المجموعة كذلك رئيس الوزراء في حكومة النظام السابق محمّد الجلالي إلى الفندق نفسه «لتحضير لقاء بينه وبين القائد أحمد الشرع» الذي وصل لاحقا.

وانسحبت قوات أحمد العودة من العاصمة بعد وصول مقاتلي الشمال بقيادة «هيئة تحرير الشام» وذلك «خشية من حدوث فوضى أو تصادم مسلح» وفق أبو عرة. وأضاف: «عدنا أدراجنا إلى مدينة درعا» بعد ظهر الثامن من ديسمبر.

والتقى العودة بعد يومين من سقوط دمشق بقائد الإدارة الجديدة أحمد الشرع، لكنه لم يشارك بعد ذلك في الاجتماع الذي ترأسه الأخير في 25 ديسمبر الماضي وجمع فيه قادة فصائل مسلحة قبلوا بالانضواء تحت مظلة وزارة الدفاع.


مقالات ذات صلة

إردوغان يؤكد استئناف رحلات الخطوط الجوية السورية إلى تركيا «قريباً»

المشرق العربي الرئيس التركي رجب طيب إردوغان (رويترز)

إردوغان يؤكد استئناف رحلات الخطوط الجوية السورية إلى تركيا «قريباً»

أكد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، الاثنين، أن الخطوط الجوية السورية ستستأنف تسيير رحلات إلى تركيا «قريباً».

«الشرق الأوسط» (إسطنبول)
الخليج الأمير عبد العزيز بن سعود مستقبلاً الوزير أنس خطاب في جدة الاثنين (وزارة الداخلية السعودية)

السعودية وسوريا تبحثان تعزيز التعاون الأمني

بحث وزير الداخلية السعودي الأمير عبد العزيز بن سعود بن نايف مع نظيره السوري أنس خطاب، سبل تعزيز مسارات التعاون الأمني بين البلدين، والموضوعات المشتركة.

«الشرق الأوسط» (جدة)
المشرق العربي أهالي الموقوفين لدى «قسد» ينتظرون الإفراج عنهم في حلب يوم الاثنين (الإخبارية)

الحكومة السورية و«قسد» تتبادلان أسرى وجثامين في المرحلة الثانية للاتفاق

استأنفت «قوات سوريا الديمقراطية» والحكومة السورية المرحلة الثانية من عملية تبادل الأسرى في مدينة حلب شمالي البلاد، التي انطلقت أبريل الماضي.

كمال شيخو (القامشلي (سوريا))
الاقتصاد وزير المالية السوري محمد يسر برنية (سانا)

وزير المالية السوري لـ«الشرق الأوسط»: ملتقى استثماري سوري سعودي قريباً

أشاد وزيرا المالية والاقتصاد والصناعة السوريان، محمد يسر برنية ومحمد نضال الشعار، بالدعم المستمر الذي تقدمه المملكة العربية السعودية لسوريا الجديدة.

موفق محمد (دمشق)
المشرق العربي الرئيس السوري أحمد الشرع والمبعوث الأميركي إلى سوريا توماس براك (رويترز)

أميركا تعطي الضوء الأخضر لضم مقاتلين أجانب إلى الجيش السوري

قال توماس براك، مبعوث الرئيس الأميركي إلى سوريا، إن واشنطن وافقت على خطة طرحتها القيادة السورية الجديدة للسماح لآلاف من المقاتلين الأجانب بالانضمام للجيش.

«الشرق الأوسط» (دمشق)

ما التحديات التي تعترض سلطة الشرع بعد 6 أشهر من وصوله إلى دمشق؟

 الرئيس السوري أحمد الشرع (أ.ف.ب)
الرئيس السوري أحمد الشرع (أ.ف.ب)
TT
20

ما التحديات التي تعترض سلطة الشرع بعد 6 أشهر من وصوله إلى دمشق؟

 الرئيس السوري أحمد الشرع (أ.ف.ب)
الرئيس السوري أحمد الشرع (أ.ف.ب)

خلال الأشهر الستة الأولى من حكمه، تمكّن الرئيس السوري أحمد الشرع من استقطاب المجتمع الدولي ورفع عقوبات اقتصادية خانقة، لكنه يواجه تحديات كبرى، وفق محللين، أبرزها إرساء حكم فعال والنهوض بالاقتصاد، مع الحفاظ على بلده موحداً.

فكيف يمكن للشرع المضي قدماً في الحكم وتخطي تلك الصعوبات؟

بناء الدولة

حين وصل إلى دمشق في 8 ديسمبر (كانون الأول)، بعد إطاحة حكم الرئيس بشار الأسد، وجد الشرع نفسه أمام 4 سلطات: حكومة مركزية في دمشق، وحكومة إنقاذ تسيّر شؤون إدلب (شمال غرب)، وأخرى تتولى مناطق سيطرة فصائل موالية لأنقرة (شمال)، إضافة إلى الإدارة الذاتية الكردية. ولكل منها مؤسساتها الاقتصادية والعسكرية والقضائية والمدنية.

ويقول المدير التنفيذي للمركز السوري للدراسات السياسية والاستراتيجية في واشنطن، رضوان زيادة لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أن يتمكن الشرع من أن يضمن الاستقرار ببلد هش سياسياً في مرحلة عصيبة، فهذا إنجاز كبير يُحسب» له.

ويعد «إنجاح المرحلة الانتقالية» التي حدّد مدتها بخمس سنوات، «التحدي الأكثر صعوبة»، وفق زيادة.

وزعزعت أعمال العنف ذات الطابع الطائفي التي طالت الأقلية العلوية وأسفرت خلال يومين عن مقتل أكثر من 1700 شخص، ثم المكون الدرزي، الثقة بقدرة السلطة على فرض الاستقرار وحفظ حقوق أقليات قلقة على دورها ومستقبلها.

ويوضح زيادة «التعامل مع الأقليات من أبرز التحديات الداخلية، وبناء الثقة بين المكونات المختلفة يحتاج إلى جهد سياسي أكبر لضمان تحقيق التعايش والوحدة الوطنية».

وتصطدم مساعي الشرع لبسط سيطرته بمطلب الأكراد بصيغة حكم لا مركزي تمكنهم من مواصلة إدارة مؤسساتهم، وهو ما ترفضه دمشق.

ويقول القيادي الكردي البارز بدران جيا كورد للوكالة: «على الحكومة المؤقتة أن تبتعد عن الحلول الأمنية والعسكرية لمعالجة القضايا» العالقة، وأن «تنفتح أكثر على قبول المكونات السورية... وإشراكها في العملية السياسية».

ولا يلحظ الإعلان الدستوري إجراء أي انتخابات في الفترة الانتقالية، على أن يصار في ختامها وبعد وضع دستور جديد إلى إجراء انتخابات تشريعية.

وحذر وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو الشهر الماضي، من أن السلطة الانتقالية «في ضوء التحديات التي تواجهها، قد تكون على بعد أسابيع... من حرب أهلية شاملة» تؤدي «فعلياً إلى تقسيم البلاد».

ويقول الباحث لدى مركز «تشاتام هاوس» نيل كيليام للوكالة، إن أكبر تحديات الشرع هي «رسم مسار للمضي قدماً، يريد جميع السوريين أن يكونوا جزءاً منه، وأن يتم بذلك بسرعة كافية، ومن دون تهور».

تنظيم الأمن

مقارنة مع دول شهدت تبدلاً سريعاً في السلطة، تمكّن الشرع عموماً من ضمان استقرار نسبي، رغم حلّه أجهزة الأمن والجيش السابقة.

وأثارت أعمال العنف ذات الطابع الطائفي، خصوصاً ضد العلويين، شكوكاً إزاء قدرة الشرع على ضبط فصائل مختلفة، بينها مجموعات متطرفة تثير قلق المجتمع الدولي، وطالبت واشنطن الشرع بدعوتها إلى المغادرة.

واتخذت السلطات مؤخراً سلسلة إجراءات لتنظيم المؤسستين الأمنية والعسكرية، بينها وجوب انضمام قادة الفصائل إلى الكلية الحربية قبل درس ترقيتهم.

وقال مصدر سوري، من دون الكشف عن هويته للوكالة، إن السلطة الانتقالية وجّهت في وقت سابق رسالة إلى واشنطن تعهدت فيها «تجميد ترقيات المقاتلين الأجانب».

ويشكل ملف المقاتلين الأجانب، قضية شائكة، مع عدم قدرة الشرع على التخلي عنهم بعد قتالهم لسنوات إلى جانبه من جهة، ورفض دولهم عودتهم إليها من جهة أخرى.

ويضاف إليهم الآلاف من مقاتلي تنظيم «داعش» المحتجزين مع أفراد عائلاتهم لدى القوات الكردية. ولا تملك السلطة الحالية القدرة عددياً ولوجيستياً على نقلهم إلى سجون تحت إدارتها.

انفتاح اقتصادي ومطالب

ورث الشرع من الحكم السابق بلداً على شفير الإفلاس: اقتصاده مستنزف، ومرافقه الخدمية مترهلة، ونظامه المالي معزول عن العالم، وغالبية سكانه تحت خط الفقر، وفق الأمم المتحدة.

وانعكس التغيير على حياة الناس، لناحية توافر الوقود وسلع ومنتجات بينها فواكه لم يكن استيرادها ممكناً. وبات التداول بالدولار شائعاً بعدما كان محظوراً.

ومع رفع العقوبات الاقتصادية خصوصاً الأميركية، يولي الشرع، وفق مصدر مقرب منه، أولوية كبرى لمكافحة الفقر ورفع مستوى دخل الفرد. ويعدّ ذلك ممراً «لترسيخ الاستقرار».

لكن رفع العقوبات لا يكفي وحده، ويتعين على السلطات اتخاذ خطوات كثيرة.

ويقول الخبير الاقتصادي كرم الشعار للوكالة: «وضوح الأفق، بمعنى الاستقرار السياسي، يعد نقطة مهمة على طريق التعافي الاقتصادي، لكن هناك عوائق أخرى؛ أهمها الإطار الناظم ومجموعة القوانين اللازمة للاستثمار، والتي تبدو للأسف غامضة في جزئيات كبيرة».

وأعلنت السلطات أنها تعيد النظر حالياً بقانون الاستثمار، وتعمل على تهيئة بيئة جاذبة للاستثمارات الخارجية، وقال الشرع إن بلاده تعول عليها للنهوض بقطاعات البنى التحتية والمرافق الخدمية.

وتوفير خدمات الكهرباء والتعليم والإنتاج الزراعي، مسألة حيوية لإنماء المناطق المدمرة، من أجل عودة ملايين اللاجئين، وهو مطلب تريد تحقيقه دول أوروبية وأخرى مجاورة لسوريا، كتركيا والأردن ولبنان.

ولا يمر دعم سوريا ورفع العقوبات عنها من دون مطالب، عبّرت واشنطن عن أبرزها: الانضمام إلى اتفاقات التطبيع مع إسرائيل، التي شنت مئات الضربات الجوية في سوريا منذ إطاحة الأسد وتتوغل قواتها جنوباً.

ويقول كيليام إن استمرار التصعيد الإسرائيلي يجعل دمشق «بعيدة كل البعد عن التفكير في التطبيع، حتى لو تعرّضت لضغوط كبيرة من الولايات المتحدة أو المجتمع الدولي».

ولم تعلن دمشق موقفاً واضحاً من التطبيع، لكنها أقرت بتفاوض غير مباشر مع إسرائيل لاحتواء التصعيد.