مواقع التواصل ميداناً للشائعات وإثارة الفتن في المجتمع السوري

بعضها ينشأ للهو … والآخر يذكر الخبر ولا ينشر التصحيح

مقاتل من إدارة العمليات العسكرية في سوريا يوقف شابين على متن دراجة نارية عند تقاطع في حي الزهراء بمدينة حمص 4 يناير (أ.ف.ب)
مقاتل من إدارة العمليات العسكرية في سوريا يوقف شابين على متن دراجة نارية عند تقاطع في حي الزهراء بمدينة حمص 4 يناير (أ.ف.ب)
TT

مواقع التواصل ميداناً للشائعات وإثارة الفتن في المجتمع السوري

مقاتل من إدارة العمليات العسكرية في سوريا يوقف شابين على متن دراجة نارية عند تقاطع في حي الزهراء بمدينة حمص 4 يناير (أ.ف.ب)
مقاتل من إدارة العمليات العسكرية في سوريا يوقف شابين على متن دراجة نارية عند تقاطع في حي الزهراء بمدينة حمص 4 يناير (أ.ف.ب)

لا تزال الشائعات والمبالغات وخلط الوقائع، سبباً رئيساً في تعزيز القلق والمخاوف في أوساط السوريين عموماً والموالين السابقين للنظام السابق بشكل خاص.

واللافت أن الشائعات والأخبار الكاذبة تستمر بالتفاعل، حتى بعد نفيها، منها خبر بثته وكالة «سبوتنيك» الروسية حول تعرض القائمين على كنيسة «آيا صوفيا» في بلدة السقيلبية بريف حماة لتهديدات بالحرق والتدمير «من متطرفين يتبعون (هيئة تجرير الشام)»، إلا أن مصادر أهلية في المدينة أكدت عبر العديد من وسائل التواصل الاجتماعي على أن إغلاق الكنيسة بالبلوك جاء لعدة أسباب، منها بعد موقع الكنيسة عن البلدة، وتعرضها لأعمال تخريب من قبل مجهولين، وصعوبة تأمين حماية لها في الوقت الراهن. ونفت المصادر وجود تهديدات للقائمين عليها من عناصر يتبعون «هيئة تحرير الشام».

يزداد استعمال الذكاء الاصطناعي لترويج أخبار مغلوطة على وسائل التواصل (رويترز)

وفي شائعات مماثلة، تداولت صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي وثيقة منسوبة لوزارة الدفاع في إدارة العمليات الجديدة، تحمل توقيع قائد الإدارة، أحمد الشرع، وتدّعي إصدار أوامر عسكرية بحرق المقامات الشيعية في سوريا، وعلى رأسها مقام السيدة زينب في دمشق، واتهام «فلول النظام السابق» بالمسؤولية عن ذلك. الوثيقة المزيفة تضمنت توجيهات بتوثيق عملية الحرق عبر تصويرها ونشر الفيديوهات على حسابات لعناصر قوات النظام السابق المحتجزين لدى إدارة العمليات العسكرية.

كنيسة آيا صوفيا مصغرة في السقيلبية وسط سوريا (فيسبوك)

من جهته، نفى «المرصد السوري لحقوق الإنسان» صحة تلك الوثيقة، مؤكداً «أنها مزورة ومفبركة باستخدام برامج تحرير الصور».

ونقل المرصد عن مصادره، القول بأن «مضمون البيان لا يتوافق مع سياسات الوزارة ولا مع الإجراءات التي تتبعها القوات حالياً والتي تنشر عناصر لحماية المقامات، وأبدت منذ سقوط النظام احتراماً واضحاً للمقامات والمواقع الدينية المختلفة في سوريا».

الناشطة المدنية حنان عيسى التي تعيش في حمص قالت لـ(الشرق الأوسط) إن هناك حسابات ظهرت بعد سقوط النظام هدفها تهويل التجاوزات وتكريس الشائعات التي من شأنها إشعال الفتن، بينها صفحات تدعي أنها تهدف إلى «توثيق التجاوزات»، لكنها تذكر التجاوز معزولاً عن حيثياته، كما أنها لا تنشر ما يصدر لاحقاً من توضيحات أو نفي في حال تم النفي، لتبقى الشائعات تتفاعل عبر وسائل التواصل الاجتماعي. كما لفتت إلى وجود حالات من العبث، مثل إنشاء مجموعة من الشباب قناة على تطبيق «واتساب»، ينشرون من خلاله صوراً لأصدقائهم ممهورة بختم «مطلوب للهيئة» بهدف اللهو!

وتؤكد حنان: «حالة الفوضى التي نعيشها اليوم تجعل تمييز الحقائق عملية شاقة»، مشيرة إلى أن محاولتها بما أنها ناشطة دحض الشائعات وتوضيح الحقائق، عبر حساباتها في وسائل التواصل الاجتماعي، تجعلها عرضة للاتهامات من حسابات بأسماء مستعارة. فعندما نشرت تأكيدات أن الأمور في مدينة حمص ليست على النحو السيئ الذي يتم الحديث به، تعرضت لحملة انتقادات مرعبة وصلت حد التهديد، «لأني قلت إن عناصر الأمن التابعين لإدارة العمليات كانوا مهذبين مع المدنيين والنساء والأطفال أثناء حملة التمشيط، ومنهم من خلع حذاءه عند الباب قبل التفتيش»، في مقارنة مع حملات الدهم التي كان تقوم بها عناصر الأمن في النظام المخلوع، والتي يعرف الجميع الانتهاكات من جرائم القتل والسرقة التي كانوا يقومون بها أثناء تنفيذ المداهمات.

صبية على ظهر شاحنة في حمص وسط سوريا الجمعة (أ.ب)

وردت حنان الهجوم عليها وأمثالها من المتصدين للأخبار الكاذبة لأسباب، أهمها «الحالة النفسية الضاغطة التي يعيشها المطلوبون وأهاليهم، والتي تعوق التفكير السليم والتروي، فيصبحون جاهزين لرفض تصديق أي معلومة تقلل من مخاوفهم، بالإضافة إلى الخطاب التحريضي السائد على وسائل التواصل الاجتماعي».

وتكرر حنان ما كنا نشرناه عن مصدر آخر في حمص: «لغاية اليوم أغلب الجرائم التي حصلت دافعها ثأري انتقامي، يجري تهويلها وتقديمها على أنها عمل انتقامي ممنهج من قبل الإدارة الجديدة». مؤكدة على أن «فرض سيادة القانون وتفعيل قانون الجرائم الإلكترونية وملاحقة مروجي الشائعات والمجرمين إحدى الوسائل الفعالة في الحد من الأخبار الكاذبة وخطاب الكراهية وإثارة الفتن، والتي تتحول من العالم الافتراضي إلى الواقع وتترجم إلى فعل عنيف».

«المرصد السوري لحقوق الإنسان»، من جهته، قال في تقرير له، الاثنين، إن «بعض الجهات وعلى رأسها الميليشيات الإيرانية»، تستغل حالة الفوضى المنتشرة في سوريا عقب سقوط النظام، لفبركة أخبار تهدف إلى ترويع المدنيين وخلق فتن «طائفية»، لافتاً إلى تداول الكثير من الصفحات عبر مواقع التواصل الاجتماعي يوم الأحد خبراً يتحدث عن «دخول عناصر من إدارة العمليات العسكرية إلى أحد المنازل في حي الأرمن بحمص وذبح صاحب المنزل وابنه واغتصاب زوجته وابنته وهي طفلة تبلغ من العمر 7 سنوات، ثم قتل الجميع بالرصاص بشكل مباشر»، ليتضح فيما بعد أنه لا أساس من الصحة للخبر. وقد تأكد 4 من نشطاء «المرصد السوري لحقوق الإنسان» في حمص من عدم صحة هذا الخبر.


مقالات ذات صلة

الغرب يحذّر سوريا من تعيين «مقاتلين أجانب» في الجيش

المشرق العربي مقاتلون من «هيئة تحرير الشام» في دمشق (رويترز)

الغرب يحذّر سوريا من تعيين «مقاتلين أجانب» في الجيش

حذّر مبعوثون أميركيون وفرنسيون وألمان الحكام الجدد في سوريا من أن تعيينهم لـ«مقاتلين أجانب» في مناصب عسكرية عليا يمثّل مصدر قلق أمني ويسيء لصورتهم.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي سيارة جيب إسرائيلية الجمعة في المنطقة العازلة على الحدود بين إسرائيل وسوريا بالقرب من قرية مجدل شمس الدرزية في مرتفعات الجولان التي ضمتها إسرائيل (إ.ب.أ)

إسرائيل تريد الاحتفاظ بمجالي «سيطرة» و«نفوذ» في عمق سوريا

تخطط إسرائيل للاحتفاظ بمجالي «سيطرة» (احتلال) و«نفوذ» (استخباراتي) في الأراضي السورية للتعامل مع الواقع الجديد الذي نشأ عقب سقوط نظام بشار الأسد.

كفاح زبون (رام الله)
المشرق العربي أحمد الشرع مستقبلاً أنطونيو تاياني في دمشق (سانا)

وزير الخارجية الإيطالي: الشرع أعرب عن استعداده «لمنع الهجرة غير الشرعية»

أعلن وزير الخارجية الإيطالي، الجمعة، أن قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع الذي التقاه في وقت سابق في دمشق، أعرب عن استعداده «لمنع الهجرة غير الشرعية».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
آسيا وزير الخارجية التركي هاكان فيدان في إسطنبول (رويترز)

تركيا تستبعد أي دور لفرنسا في ملف الأكراد بشمال شرقي سوريا

استبعد وزير الخارجية التركي هاكان فيدان أي دور للقوات الفرنسية في سوريا عادّاً أن الولايات المتحدة هي المحاور الوحيد لبلاده.

«الشرق الأوسط» (إسطنبول)
المشرق العربي رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي (د.ب.أ)

ميقاتي إلى دمشق لتدشين العلاقة الرسمية مع القيادة الجديدة

يتوجّه رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي إلى دمشق، السبت، للقاء قائد الإدارة الجديدة في سوريا أحمد الشرع.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

انطلاق عملية ترميم المؤسسات الدستورية اللبنانية… باستشارات تسمية رئيس الحكومة

TT

انطلاق عملية ترميم المؤسسات الدستورية اللبنانية… باستشارات تسمية رئيس الحكومة

انطلاق عملية ترميم المؤسسات الدستورية اللبنانية… باستشارات تسمية رئيس الحكومة

باشر رئيس الجمهورية اللبناني الجديد، جوزيف عون، مهامه بإعلان موعد سريع للاستشارات النيابية التي يختار من خلالها النواب اسم الرئيس المُكلف بتشكيل الحكومة الجديدة، وطلب من رئيس الحكومة نجيب ميقاتي استمرار مجلس الوزراء في عملية تصريف الأعمال، إلى حين تشكيل الحكومة الجديدة.

وأعلن مكتب رئاسة الجمهورية عن مواعيد الاستشارات النيابية الملزمة لتسمية الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة الجديدة، وذلك طوال يوم الاثنين المقبل، من الساعة الثامنة صباحاً وحتى الخامسة والنصف مساءً.

وكان ميقاتي قد التقى رئيس الجمهورية، صباح الجمعة، في القصر الرئاسي؛ حيث كان قد بحث في العمل الذي تحقق الفترة الماضية، وفي التحديات الموجودة، وعن خطاب القسم الذي حدد التوجهات لأي حكومة جديدة، وفق ما قال بعد اللقاء، متمنياً أن يكون عهد عون «عهد نجاح وبحبوحة وازدهار للبنان».

ولفت ميقاتي إلى أنه خلال سنتين وشهرين، منذ انتهاء عهد الرئيس ميشال عون، عقدت 60 جلسة لمجلس الوزراء، وصدر خلالها أكثر من 1211 قراراً، كما صدر أكثر من 3700 مرسوم، مشيراً إلى أن «كل الأمور التي قمنا بها كانت بهدف الإبقاء على عجلة الدولة، وتسيير أمورها، وأعتقد أن الجميع شهدوا أننا استطعنا تمرير هذه المرحلة، وحافظنا على استمرارية الدولة، وبشكل خاص من خلال العمود الفقري للدولة وهو الجيش بقيادة العماد جوزيف عون، وبالتعاون الذي حصل بيننا وبينه».

وقال إنه تم أيضاً بحث «التحديات الموجودة، وخطاب القسم الذي حدد التوجهات لأي حكومة جديدة، من أجل تنفيذ ما ورد فيه عبر الخطوات الدستورية اللازمة. كما تحدّثنا عن الوضع في الجنوب، وضرورة إتمام الانسحاب الإسرائيلي السريع والكامل، وإعادة بسط الاستقرار في الجنوب، ووقف الخروقات الإسرائيلية على لبنان».

وعن العناوين التي تحدّث عنها الرئيس عون، والحكومة التي يمكنها ترجمة هذه العناوين، قال ميقاتي: «الخطوط العريضة التي حددها فخامة الرئيس مهمة جداً، والنية موجودة لدى قيادة هذا البلد، وكثير من العناوين التي حددها فخامة الرئيس يمكن أن تُنجز سريعاً من خلال حكومة نشطة تواكب توجه فخامته».

وعن قول الرئيس بحصرية السلاح في يد الدولة، والقرار «1701»، سأل: «هل ننتظر من رئيس البلاد أن يقول إن السلاح مشرّع للجميع؟ هل ننتظر من حكومة جديدة أن تقول إن السلاح مشرّع بيد جميع المواطنين؟ نحن اليوم أمام مرحلة جديدة تبدأ من جنوب لبنان وجنوب الليطاني بالذات، من أجل سحب السلاح، وأن تكون الدولة موجودة على كل الأراضي اللبنانية، وأن يكون الاستقرار بدءاً من الجنوب».

وردّاً على سؤال عن الحكومة التي يحتاج إليها لبنان، وهل سيكون رئيس الحكومة المقبل أجاب: «الرئيس الذي سيُكلف بتشكيل الحكومة هو الذي سيرد على هذه الأسئلة. ولكن من دون شك، فإن الحكومة يجب أن تكون قادرة على ترجمة التوجه الذي تحدّث عنه فخامة الرئيس. نحن أمام ورشة عمل جديدة تقتضي من الجميع التعاون للقيام بعمل جدّي من أجل إنقاذ الوطن».

وعن موقف رئيس حزب «القوات اللبنانية»، سمير جعجع، الذي أعلن عن عدم الاتجاه لتسميته لرئاسة الحكومة المقبلة قال ميقاتي: «نحن نقدر كل الآراء والمواقف السياسية، ولكل إنسان حرية قول ما يريد، وفي النهاية فإن الإجراءات الدستورية ستأخذ مجراها».