سكان القنيطرة السورية محبطون بسبب عدم اتخاذ إجراءات لوقف التقدم الإسرائيلي

سيارات تمر أمام دوار يرفع العلم السوري الجديد بعد الإطاحة بنظام الأسد في مدينة السلام التي كانت تُسمّى سابقاً مدينة البعث نسبة للحزب الحاكم في القنيطرة بسوريا 5 يناير 2025 (أ.ب)
سيارات تمر أمام دوار يرفع العلم السوري الجديد بعد الإطاحة بنظام الأسد في مدينة السلام التي كانت تُسمّى سابقاً مدينة البعث نسبة للحزب الحاكم في القنيطرة بسوريا 5 يناير 2025 (أ.ب)
TT

سكان القنيطرة السورية محبطون بسبب عدم اتخاذ إجراءات لوقف التقدم الإسرائيلي

سيارات تمر أمام دوار يرفع العلم السوري الجديد بعد الإطاحة بنظام الأسد في مدينة السلام التي كانت تُسمّى سابقاً مدينة البعث نسبة للحزب الحاكم في القنيطرة بسوريا 5 يناير 2025 (أ.ب)
سيارات تمر أمام دوار يرفع العلم السوري الجديد بعد الإطاحة بنظام الأسد في مدينة السلام التي كانت تُسمّى سابقاً مدينة البعث نسبة للحزب الحاكم في القنيطرة بسوريا 5 يناير 2025 (أ.ب)

أُغلق طريق رئيسي في عاصمة محافظة القنيطرة في جنوب سوريا بأكوام من التراب وأشجار النخيل المتساقطة وعمود معدني، يبدو أنه كان في السابق إشارة مرور، بينما يمكنك رؤية دبابة إسرائيلية وهي تتجول في منتصف الشارع على الجانب الآخر من الحواجز.

ودخلت القوات الإسرائيلية المنطقة -التي تقع في منطقة عازلة تحرسها الأمم المتحدة في مرتفعات الجولان التي تم إنشاؤها بموجب اتفاق وقف إطلاق النار لعام 1974 بين سوريا وإسرائيل- بعد وقت قصير من سقوط الرئيس بشار الأسد الشهر الماضي في الحرب الأهلية التي استمرت 13 عاماً في البلاد. كما توغل الجيش الإسرائيلي في الأراضي السورية خارج المنطقة العازلة، مما أثار احتجاجات السكان المحليين.

مدرعات عسكرية إسرائيلية تغلق الطريق المؤدي إلى مدينة القنيطرة السورية، 5 يناير 2025 (أ.ب)

وقال سكان إن القوات الإسرائيلية هدمت منازل ومنعت المزارعين من الذهاب إلى حقولهم في بعض المناطق. وفي مناسبتين على الأقل، ورد أن القوات الإسرائيلية أطلقت النار على المتظاهرين الذين اقتربوا منها. وقال سكان القنيطرة -وهي منطقة ريفية تتألّف من قرى صغيرة وبساتين زيتون- إنهم يشعرون بالإحباط، سواء بسبب التقدم الإسرائيلي أو بسبب الافتقار إلى التحرك من جانب السلطات السورية الجديدة والمجتمع الدولي، حسبما أفادت وكالة «أسوشييتد برس».

وقالت سيدة تُدعى ريناتا، إن القوات الإسرائيلية داهمت مباني الحكومة المحلية، ولكنها لم تدخل الأحياء السكنية حتى الآن. ويقع منزل ريناتا داخل المنطقة المحاصرة حديثاً في العاصمة الإقليمية التي كانت تُسمّى سابقاً مدينة البعث، على اسم الحزب الحاكم السابق للأسد، التي سُمّيت الآن «مدينة السلام». وأضافت أنها تخشى أن تتقدم القوات الإسرائيلية إلى أبعد من ذلك.

رجل يجمع الخشب من شجرة أزالها الجيش الإسرائيلي خلال توغل في قريته الرفيد على مشارف القنيطرة في سوريا، 5 يناير 2025 (أ.ب)

ولا تزال إسرائيل تسيطر على مرتفعات الجولان التي استولت عليها من سوريا خلال حرب عام 1967، وأعلنت ضمها لاحقاً من طرف واحد. ويعدّها المجتمع الدولي، باستثناء الولايات المتحدة، منطقة محتلة.

وقالت ريناتا إنها تدرك أن سوريا التي تحاول الآن بناء مؤسساتها الوطنية وجيشها من الصفر، ليست في وضع يسمح لها بمواجهة إسرائيل عسكرياً. وتساءلت: «لكن لماذا لا يخرج أحد في الدولة السورية الجديدة ويتحدث عن الانتهاكات التي تحدث في محافظة القنيطرة وضد حقوق شعبها؟».

واتهمت الأمم المتحدة إسرائيل بانتهاك اتفاق وقف إطلاق النار لعام 1974 بدخول المنطقة العازلة. قال رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إن قوات بلاده ستبقى «حتى يتم التوصل إلى ترتيب آخر يضمن أمن إسرائيل». وكان نتنياهو يتحدث من قمة جبل الشيخ المغطاة بالثلوج، وهو أعلى جبل في سوريا، والمعروف عند الإسرائيليين بجبل حرمون، الذي استولت عليه القوات الإسرائيلية الآن.

صبي عائد إلى منزله بينما تغلق مدرعات الجيش الإسرائيلي طريقاً يؤدي إلى مدينة القنيطرة في سوريا، 5 يناير 2025 (أ.ب)

قال مسؤول إسرائيلي -تحدّث شرط عدم الكشف عن هويته، لأنه غير مخوّل بالتعليق- إن الجيش سيبقى في المنطقة التي استولى عليها حتى يقتنع بأن السلطات السورية الجديدة لا تشكل خطراً على إسرائيل.

وقد تقدّمت الحكومة السورية الجديدة بشكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، بشأن الغارات الجوية الإسرائيلية والتقدم داخل الأراضي السورية. وتبدو الأولوية لحكام سوريا الجدد محاولة تعزيز السيطرة على البلاد، وتحويل خليط من الفصائل المعارضة السابقة إلى جيش وطني جديد، والدفع نحو رفع العقوبات الغربية.

كما قال الزعيم الفعلي الجديد للبلاد، أحمد الشرع إن سوريا لا تسعى إلى صراع عسكري مع إسرائيل، ولن تشكل تهديداً لجيرانها أو للغرب. في غضون ذلك، تُرِك سكان القنيطرة إلى حد كبير ليدافعوا عن أنفسهم.

عمر محمود إسماعيل، مسؤول محلي، يجلس على أنقاض منزل هدمه الجيش الإسرائيلي في قرية الرفيد على مشارف القنيطرة، سوريا 5 يناير 2025 (أ.ب)

«أنت لست صديقي»

في قرية الرفيد داخل المنطقة العازلة، قال السكان المحليون إن الجيش الإسرائيلي هدم منزلين مدنيين وبستان أشجار بالإضافة إلى موقع سابق للجيش السوري. وقال رئيس البلدية عمر محمود إسماعيل إنه عندما دخلت القوات الإسرائيلية القرية استقبله ضابط إسرائيلي وقال له: «أنا صديقك». وقال إسماعيل: «قلت له: أنت لست صديقي، وإذا كنت كذلك فلن تدخل بهذه الطريقة».

وواجه السكان المحليون الذين نظموا احتجاجاً نيراناً إسرائيلية في الدوايا، وهي قرية خارج المنطقة العازلة، كان عبد الرحمن خالد العقة البالغ من العمر 18 عاماً مستلقياً في منزل عائلته يوم الأحد، ولا يزال يتعافى بعد إصابته برصاصة في ساقيه. وقال العقة إنه انضم إلى نحو 100 شخص من المنطقة في 25 ديسمبر (كانون الأول) احتجاجاً على التوغل الإسرائيلي، مرددين هتافات «سوريا حرة... إسرائيل اخرجي!».

وقال: «لم يكن معنا أي أسلحة، كنا هناك فقط بالملابس التي نرتديها»، وأضاف: «لكن عندما اقتربنا منهم، بدأوا إطلاق النار علينا».

وفقاً لسكان وتقارير إعلامية، أُصيب ستة متظاهرين. كما أُصيب رجل آخر في 20 ديسمبر في حادث مماثل بقرية المعرية. وقال الجيش الإسرائيلي، في ذلك الوقت، إنه أطلق النار؛ لأن الرجل كان يقترب بسرعة ويتجاهل دعوات التوقف.

عادل صبحي العلي، وهو مسؤول محلي، أصيب ابنه البالغ من العمر 21 عاماً برصاصة في البطن أثناء احتجاج على التوغل العسكري الإسرائيلي في قريته سويسة على مشارف القنيطرة في سوريا، 5 يناير 2025 (أ.ب)

«يحتلون أرضنا»

كان عادل صبحي العلي، وهو مسؤول ديني سني محلي، يجلس مع ابنه البالغ من العمر 21 عاماً، معتصم، الذي كان يتعافى بعد إصابته برصاصة بالمعدة في احتجاج 25 ديسمبر. فقد تم نقل ابنه أولاً إلى مستشفى محلي لم تكن لديه القدرة على علاجه، ثم إلى دمشق حيث خضع لعملية جراحية.

عندما رأى العلي الدبابات الإسرائيلية تتقدم، قال: «شعرنا أنهم يحتلون أرضنا. لذلك كان علينا الدفاع عنها، على الرغم من أننا لم نكن نملك أسلحة... من المستحيل أن يستقرّوا هنا».

جندي إسرائيلي يسير بالقرب من معبر القنيطرة التابع للأمم المتحدة، 5 يناير 2025 (أ.ب)

وقال إنه منذ يوم الاحتجاج، لم يعد الجيش الإسرائيلي إلى المنطقة. ودعا العلي المجتمع الدولي إلى «الضغط على إسرائيل للعودة إلى ما تم الاتفاق عليه مع النظام السابق»، في إشارة إلى اتفاق وقف إطلاق النار لعام 1974، وإعادة مرتفعات الجولان إلى سوريا. لكنه أقر بأن بلاده ليس لديها نفوذ يُذكر.

وقال العلي، مردداً صدى زعماء سوريا الجدد: «نحن نبدأ من الصفر، نحن بحاجة إلى بناء دولة». وتابع: «نحن بصفتنا دولة لسنا مستعدين الآن لفتح حروب مع دولة أخرى».


مقالات ذات صلة

بلينكن: نعمل مع تركيا لتجنّب عملية عسكرية ضد الأكراد في سوريا

الولايات المتحدة​ وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (رويترز)

بلينكن: نعمل مع تركيا لتجنّب عملية عسكرية ضد الأكراد في سوريا

أكد وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، اليوم (الأربعاء)، أن واشنطن تبذل جهوداً مع أنقرة للحؤول دون أن تشنّ عملية عسكرية ضد الأكراد في سوريا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي فهد العصيمي في معبر نصيب الحدودي بين أطفال سوريين (مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية)

«مركز الملك سلمان للإغاثة»: جسر المساعدات إلى سوريا مستمر حتى تحقيق النتائج المرجوة

قال فهد العصيمي، مدير إدارة الإغاثة العاجلة في مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، وقائد فريق المركز في دمشق، إن الجسرين البري والجوي المقدمين من…

كمال شيخو (دمشق )
الخليج السعودية شدّدت على ضرورة احترام سيادة الدول وحدودها (الشرق الأوسط)

السعودية ترفض خريطة مزعومة لإسرائيل تضم أراضي عربية

أعربت السعودية عن رفضها ادعاءات إسرائيل الباطلة حيال خريطة نشرتها حسابات رسمية تضم أجزاءً من الأردن ولبنان وسوريا.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
المشرق العربي وزير الخارجية التركي هاكان فيدان (الخارجية التركية)

تركيا تكشف عن 4 مطالب دولية في سوريا

كشفت تركيا عن إجماع دولي على 4 شروط يجب أن تتحقق في سوريا في مرحلة ما بعد بشار الأسد وهددت بتنفيذ عملية عسكرية ضد القوات الكردية في شمال سوريا وسط دعم من ترمب

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي مرهف أبو قصرة

وزير الدفاع السوري: نعمل على ترميم الفجوة بين القوات المسلحة والشعب

أكد وزير الدفاع السوري اللواء المهندس مرهف أبو قصرة العمل على ترميم الفجوة بين القوات المسلحة والشعب السوري.

«الشرق الأوسط» (دمشق)

مسؤولان أمميان ينقلان المخاوف السورية إلى مجلس الأمن

المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسن يتحدث عبر دائرة تلفزيونية مغلقة من جنيف لأعضاء مجلس الأمن في نيويورك (الأمم المتحدة)
المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسن يتحدث عبر دائرة تلفزيونية مغلقة من جنيف لأعضاء مجلس الأمن في نيويورك (الأمم المتحدة)
TT

مسؤولان أمميان ينقلان المخاوف السورية إلى مجلس الأمن

المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسن يتحدث عبر دائرة تلفزيونية مغلقة من جنيف لأعضاء مجلس الأمن في نيويورك (الأمم المتحدة)
المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسن يتحدث عبر دائرة تلفزيونية مغلقة من جنيف لأعضاء مجلس الأمن في نيويورك (الأمم المتحدة)

حض مسؤولان أمميان من أعضاء مجلس الأمن على مواكبة العملية الانتقالية في سوريا بعد الإطاحة بنظام الرئيس بشار الأسد. وشدّدا على التمسك بمقتضيات القرار «2254» رغم أن السلطات المؤقتة، برئاسة زعيم «هيئة تحرير الشام» أحمد الشرع، «أبدت تحفظات» على بعض مندرجاته.

وحذّر المسؤولان الأمميان من أن «الفشل في تحقيق انتقال شامل قد يؤدي مرة أخرى إلى اضطرابات»، في ظل مخاوف زائدة من العمليات العسكرية الإسرائيلية من جهة، واحتمال استغلال «داعش» للوضع الراهن من جهة أخرى.

وعقد مجلس الأمن جلسته هذه حول سوريا، الأربعاء، فاستمع إلى إفادتين، الأولى من المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسن، حول الأوضاع السياسية، ومن وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية منسق المعونة الطارئة، توم فليتشر، حول الحال الإنسانية في سوريا بعد شهر واحد من انهيار نظام الأسد.

وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية منسق المعونة الطارئة توم فليتشر يقدم إفادة لأعضاء مجلس الأمن حول سوريا (الأمم المتحدة)

وفي مستهل كلامه، أطلع بيدرسن أعضاء مجلس الأمن على التطورات الأخيرة في سوريا، وانخراطه مع السلطات المؤقتة بقيادة أحمد الشرع، الذي أعلن اتفاقات مع عدد من الفصائل المسلحة لحلها ودمجها في الجيش السوري الموحد، مشيراً إلى إعلان السلطات المؤقتة خططاً لعقد مؤتمر حوار وطني لجمع القوى السياسية والطائفية المختلفة لمناقشة العملية الانتقالية. ولاحظ أنه رغم أن التقارير الإعلامية تشير إلى أن المؤتمر قد يعقد الشهر الحالي، فإن وزير خارجية الحكومة المؤقتة أسعد الشيباني أفاد بأن الأمر يتطلب مزيداً من الوقت، موضحاً أن الاستعدادات جارية لتشكيل لجنة تحضيرية تكفل أوسع تمثيل لشرائح الشعب السوري، علماً بأن الشيباني ووزير الدفاع مرهف أبو قصرة قاما بزيارات دبلوماسية إلى كل من المملكة العربية السعودية وقطر والإمارات العربية المتحدة والأردن، بهدف بناء الدعم لـ«استقرار سوريا وأمنها وانتعاشها الاقتصادي وبناء شراكات متميزة».

6 نقاط

وعدّد بيدرسن ست نقاط رئيسة، أولها: «مواصلة السلطات المؤقتة العمل على هيكلة وتعزيز سلطتها». وأشار في الثانية إلى «علامات على عدم الاستقرار داخل المناطق الخاضعة لسيطرة السلطات المؤقتة»، بما في ذلك «تقارير متعددة عن حوادث عنف - في المنطقة الساحلية وحمص وحماة على وجه الخصوص - بما في ذلك روايات عن المعاملة المهينة والمذلة»، فضلاً عن «مقاطع فيديو لما يبدو أنها انتهاكات أو عمليات قتل خارج نطاق القضاء لمسؤولين من النظام السابق». وتتعلق الثالثة بوجود «مناطق كبيرة خارج سيطرة السلطات المؤقتة»، إذ «يستمر الصراع» وسط «تهديدات حقيقية لسيادة سوريا ووحدتها وسلامة أراضيها». وأوضح أنه «لا تزال مناطق الشمال الشرقي، وكذلك أجزاء من مدينة حلب، تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية ووحدات حماية الشعب» في ظل «اشتباكات وتبادل لإطلاق النار بالمدفعية بين قوات سوريا الديمقراطية وقوات الجيش الوطني السوري على وجه الخصوص». وحض على «تطوير كل قنوات الحوار ودعمها، كما حض كل الأطراف على إيجاد طريق للمضي قدماً من دون مواجهة عسكرية». وعبّر عن «قلق عميق إزاء استمرار الوجود العسكري الإسرائيلي والنشاط العسكري، بما في ذلك خارج منطقة الفصل، في انتهاك لاتفاق فك الارتباط لعام 1974»، مضيفاً أنه «لا بد من وقف الهجمات على سيادة سوريا وسلامة أراضيها». وشدّد على أن «(داعش) لا يزال يشكل قلقا كبيرا، مع استمرار نشاطاته، والمخاوف من أنه قد يسعى إلى الاستفادة من التقلبات الأمنية في بعض المناطق».

وإذ ركز في النقطة الرابعة على الحاجات الإنسانية الملحة للشعب السوري، أكد في الخامسة أن «الطريق إلى الأمام في الانتقال السياسي غير واضح»، علماً بأن «هناك عناصر إيجابية يمكن البناء عليها، ولكن هناك أيضاً عدة نقاط مثيرة للقلق يعبر عنها السوريون»، بما في ذلك «التعبير عن المواقف بشأن طبيعة الدولة قبل العملية الدستورية، أو إصدار قرارات سياسية طويلة الأجل فيما يتعلق بقطاع الأمن، أو في مجالات مثل التعليم». وقال: «تلقى بعض السوريين إشارات إيجابية من السلطات المؤقتة، خصوصاً من حيث التأكيد على الشمولية والحاجة إلى إشراك طيف واسع من السوريين في تشكيل المرحلة الانتقالية (...) وفي الوقت ذاته، سمعنا مخاوف بشأن الافتقار إلى الشفافية حول التوقيت والإطار والأهداف والإجراءات في أي مؤتمر للحوار الوطني - وكذلك المشاركة، من حيث معايير الحضور وتوازن التمثيل».

وأكد في النقطة السادسة أنه «مستعد للعمل مع السلطات المؤقتة بشأن كيفية تطوير الأفكار والخطوات الناشئة والمهمة التي تم التعبير عنها حتى الآن والمبادرة بها نحو انتقال سياسي موثوق وشامل»، طبقاً للمبادئ المنصوص عليها في القرار «2254». ومع ذلك، أشار إلى أن «السلطات السورية المؤقتة أبدت تحفظات بشأن استمرار أهمية القرار (2254)»، داعية إلى مراجعته. وأكد أنه «شجع السلطات المؤقتة على الانخراط في حوار بشأن مخاوفها»، محذراً من أن «الفشل في تحقيق انتقال شامل قد يؤدي مرة أخرى إلى اضطرابات مدنية».

الدعم المطلوب

أما فليتشر، فقدّم لمحة عامة عن الوضع الإنساني الصعب في البلاد، والجهود التي تبذلها الوكالات الإنسانية لتوصيل المساعدات في كل أنحاء البلاد. وقال إن الوضع الإنساني في سوريا «لا يزال مأسوياً» رغم الاستقرار النسبي في الأسابيع الأخيرة. وأضاف أن «الخدمات الأساسية تحتاج إلى إعادة البناء، ويحتاج المدنيون إلى الحماية، وتواجه النساء والفتيات التهميش». وأكد أن «حماية المدنيين أمر بالغ الأهمية، مع نزوح أكثر من 620 ألف شخص، ويواجه الكثير منهم ظروف الشتاء القاسية».

وطلب فليتشر من مجلس الأمن «دعم الضمانات باحترام القانون الإنساني الدولي، وتمكين المنظمات الإنسانية من العمل بحرية»، فضلاً عن «زيادة التمويل للدعم الأطول أمداً»، و«ضمان تدفق الدعم بكفاءة إلى داخل سوريا ومن خلالها، مع عدم إعاقة العقوبات للمساعدات الإنسانية والدعم من البلدان المجاورة».

مواقف الأعضاء

وعبّر أعضاء المجلس عن دعمهم لجهود بيدرسن، ودور الأمم المتحدة في «تيسير العملية الانتقالية والمبادئ المنصوص عليها في القرار (2254)». وتحدث بعضهم عن القلق من استمرار الأعمال العدائية في بعض أجزاء البلاد، خصوصاً الشمال، داعين إلى معالجة التوترات بين الفصائل العسكرية المختلفة، والحفاظ على الهدوء، والاتفاق على وقف النار على مستوى البلاد، فضلاً عن حماية المدنيين، بما في ذلك الأقليات الدينية والعرقية، في ظل «تقارير مقلقة» عن عمليات قتل خارج نطاق القضاء وأعمال انتقامية.

وسلط أعضاء مجلس الأمن الضوء أيضاً على أهمية مكافحة الإرهاب في سوريا، والحاجة إلى منع «داعش» والجماعات الإرهابية الأخرى من إعادة بناء قدراتها. وطالب البعض بـ«احترام سيادة سوريا وسلامة أراضيها»، مندداً بالغارات الجوية الإسرائيلية المتواصلة.