تواصل «محدود» بين لبنان وسوريا

لا زيارة مرتقبة لميقاتي لدمشق

TT

تواصل «محدود» بين لبنان وسوريا

معبر المصنع الحدودي بين لبنان وسوريا (أ.ف.ب)
معبر المصنع الحدودي بين لبنان وسوريا (أ.ف.ب)

تتعاطى الحكومة اللبنانية بحذر وترقب مع المتغيرات في سوريا، إذ لم يُسجّل رسمياً حتى الآن سوى تواصل محدود بين بيروت ودمشق، اقتصر على اتصالين، الأول بين رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي وقائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع، والثاني بين وزيري الخارجية اللبناني عبد الله بوحبيب والسوري أسعد الشيباني.

وبعدما كان بوحبيب قد أكد لنظيره نهاية الشهر الماضي، على وقوف حكومة لبنان مع الحكومة السورية، أتى اتصال ميقاتي بالشرع إثر الإشكالات الحدودية التي سُجلت يومي الخميس والجمعة بين الجيش اللبناني ومسلحين سوريين عند الحدود، ما أدى إلى اتخاذ الجانب السوري قراراً يقضي بوضع قيود غير مسبوقة على دخول اللبنانيين إلى سوريا من دون أي تفسيرات رسمية حتى الساعة.

وأعلن مكتب ميقاتي مساء الجمعة، في بيان، أن البحث تناول الملفات الطارئة، كما تطرق إلى ما تعرض له الجيش على الحدود مع سوريا في البقاع، مشيراً إلى أن الشرع أكد أن الأجهزة السورية المعنية قامت بكل ما يلزم لإعادة الهدوء على الحدود، ومنع تجدد ما حصل، ووجّه دعوة لميقاتي لزيارة سوريا من أجل البحث في الملفات المشتركة بين البلدين، وتمتين العلاقات الثنائية.

إلا أن مصادر رسمية استبعدت، عبر «الشرق الأوسط»، تلبية ميقاتي دعوة الشرع قريباً «على أساس أن الزيارة بحاجة إلى ترتيبات معينة ومرتبطة بما ستؤول إليه جلسة البرلمان الخميس 9 يناير (كانون الثاني) المقبل لانتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية»، لافتة إلى أن «البحث يتركز حول إمكانية أن يقوم وزير الخارجية بزيارة إلى دمشق».

ولم تتضح حتى الساعة خلفية الإجراءات السورية الحدودية الجديدة، مع ترجيح عدد من المصادر أن تكون بسبب تراكمات مرتبطة بتعامل أجهزة الدولة اللبنانية مع سوريين، كما تأتي في إطار دفع الإدارة السورية الجديدة لتنسيق رسمي رفيع معها بعدما اقتصر التنسيق الرسمي في الأيام والأسابيع الماضية على الأمن العام اللبناني.

وفي ديسمبر (كانون الأول) الماضي، تعهد الشرع خلال استقباله الزعيم اللبناني وليد جنبلاط بأن بلاده لن تمارس بعد الآن نفوذاً «سلبياً» في لبنان، وستحترم «سيادة هذا البلد المجاور».

صيغة جديدة للتعاون

ويعد النائب السابق علي درويش، المقرب من رئيس الحكومة، أن «الموقف الرسمي اللبناني واضح ويقوم بالتعامل مع أي جهة تحكم سوريا، أما صيغة التواصل والتعاون والتنسيق، فسوف تتضح بشكل تدريجي، خاصة وأن تسلُّم الإدارة الجديدة بالكاد أتم شهره الأول، كما أن أجهزة الدولة السورية لم تتكوّن بعدُ بشكل كامل، لذلك كان التنسيق يتولاه بشكل أساسي الأمن العام اللبناني بصفتها يوجد يومياً على الحدود».

ويرجح درويش في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن تكون الشروط الجديدة المفروضة لدخول اللبنانيين «ردة فعل على التشدد اللبناني الطبيعي في الإجراءات المفروضة لدخول السوريين إلى لبنان»، لافتاً إلى أن «وزير الداخلية اللبناني كان قد أعلن أنه يتم العمل على حل المسألة».

وعما إذا كان ميقاتي سيزور سوريا قريباً، يشير درويش إلى أن «هذا الموضوع يقيّم من قبل الرئيس ميقاتي، علماً بأنه في القريب العاجل لا معطى بهذا الشأن، مع التأكيد على كل الإيجابية في التعاطي مع الحكم الجديد في سوريا».

وعن مصير الاتفاقيات والمعاهدات بين البلدين، يقول درويش: «ستتم إعادة النظر بها، ودراسة كل معاهدة على حدة؛ لضمان أن تكون كلها متوازنة، وتؤمن مصلحة البلدين».

مواطنون ينتظرون عند معبر المصنع إثر اتخاذ القرار بفرض القيود على دخول اللبنانيين إلى سوريا (أ.ف.ب)

وترى عضو تكتل «الجمهورية القوية» النائبة غادة أيوب أنه «عندما تدخل أي دولة في مرحلة جديدة يجب إعطاؤها حقها من الوقت؛ لأن الإسراع في الضغط للحصول على أجوبة يكون في غير محله، بالرغم من كل التساؤلات المشروعة المطروحة».

شبكة علاقات

ولفتت أيوب، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أنه «يجب ألا ننسى أن هذه القيادة التي تسلمت السلطة في سوريا قد أتت بعد 60 عاماً من حكم حزب (البعث)، وبعد حرب متواصلة منذ 2011 أدت إلى دمار جزء كبير من سوريا، ووجود عدة ميليشيات على أرضها، أي هناك مرحلة انتقالية فرضت نفسها، لكي تستطيع السلطة الجديدة أن تستعيد زمام الأمور، وتضبط الأمن، وتنظم أمورها». وتضيف: «أما الوفود التي تزور سوريا، فيمكن وضعها في إطار التعارف، وشبكة العلاقات، وفتح خطوط، لكن لا يمكن رسم صورة واضحة لمستقبل العلاقة مع سوريا إلا بعد انتهاء الفترة الانتقالية، وتقوم السلطة الجديدة بالإمساك بزمام الأمور».

أما بالنسبة للدعوات لإعادة النظر بكل الاتفاقيات والمعاهدات بين الدولتين، فترى أيوب أنه «يفترض على الجانب اللبناني القيام بمراجعة شاملة لكل هذه الاتفاقيات، وإلغاء ما يضرّ منها بمصلحته، خاصة أنها عقدت بمعظمها في فترة الوصاية السورية، وذلك بانتظار أن تنشأ سلطة جديدة في سوريا يقابلها رئيس جمهورية في لبنان، تواكبه حكومة جديدة وفاعلة تعيد تنظيم العلاقة بين الدولتين».

ووقّع لبنان مع سوريا 42 اتفاقية، أغلبها بعد عام 1990، لكن لم تأخذ طريقها إلى التطبيق، وما طبّق منها صبّ في المصلحة السورية، أبرز هذه الاتفاقيات: «معاهدة الأخوة والتعاون والتنسيق»، و«اتفاقية الدفاع والأمن»، و«اتفاق التعاون والتنسيق الاقتصادي والاجتماعي»، و«اتفاق نقل الأشخاص المحكوم عليهم بعقوبات سالبة للحرية». ويرجح أن تكون هذه الاتفاقيات رهن الإلغاء أو التعديل.


مقالات ذات صلة

تفجيرات إسرائيلية تستهدف عدداً من المناطق في جنوب لبنان

المشرق العربي جندي إسرائيلي يقف بجوار حاجز على جبل الشيخ (أ.ف.ب)

تفجيرات إسرائيلية تستهدف عدداً من المناطق في جنوب لبنان

نفذت القوات الإسرائيلية تفجيرات في بلدة كفركلا وفي محيط بلدتي عيتا الشعب والوزاني، سُمع دويها في بلدات عدة بجنوب لبنان.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي الرئيس الجديد جوزيف عون جالساً على كرسي الرئاسة في قصر بعبدا لأول مرة بعد انتخابه الخميس (أ.ف.ب)

ماكرون قريباً في لبنان... وتأكيد فرنسي على دعم «غير مشروط» بعد انتخاب عون

بعد انتخاب العماد جوزيف عون، تؤكد باريس أن «دعمنا للبنان سيكون متواصلاً وتاماً وغير مشروط»، وتحث السياسيين اللبنانيين على تشكيل حكومة قوية تدعم الرئيس.

ميشال أبونجم (باريس)
المشرق العربي سفراء الدول والدبلوماسيون حاضرون في جلسة انتخاب الرئيس اللبناني (رويترز)

ترحيب عربي ودولي واسع بانتخاب عون رئيساً للبنان

لاقى انتخاب قائد الجيش العماد جوزيف عون رئيساً للبنان ردود فعل دولية وعربية مرحبّة ومشددة على أهمية أن تستعيد البلاد الأمن والاستقرار.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي قائد الجيش اللبناني جوزيف عون يسير في القصر الرئاسي بعد انتخابه رئيساً (رويترز) play-circle 01:12

البرلمان اللبناني ينتخب عون رئيساً... و«تعديل ضمني» للدستور

انتخب البرلمان اللبناني قائد الجيش العماد جوزيف عون رئيساً بـ99 صوتاً، وذلك بعد أكثر من عامين من الفراغ في سدة الرئاسة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي خلال عملية فرز أصوات النواب في جلسة انتخاب رئيس للجمهورية (د.ب.أ)

مفاوضات ما بين الجولتين تضم «الثنائي الشيعي» إلى التوافق النيابي

لم يكن إخراج انتخاب الرئيس جوزيف عون سهلاً، بسبب العائق الدستوري المتمثل في نص «المادة 49»، الذي يمنع انتخاب موظفي الفئة الأولى قبل مرور سنتين على استقالتهم.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

تفجيرات إسرائيلية تستهدف عدداً من المناطق في جنوب لبنان

جندي إسرائيلي يقف بجوار حاجز على جبل الشيخ (أ.ف.ب)
جندي إسرائيلي يقف بجوار حاجز على جبل الشيخ (أ.ف.ب)
TT

تفجيرات إسرائيلية تستهدف عدداً من المناطق في جنوب لبنان

جندي إسرائيلي يقف بجوار حاجز على جبل الشيخ (أ.ف.ب)
جندي إسرائيلي يقف بجوار حاجز على جبل الشيخ (أ.ف.ب)

نفذت القوات الإسرائيلية، مساء اليوم الخميس، تفجيرات في بلدة كفركلا وفي محيط بلدتي عيتا الشعب والوزاني، سمع دويها في بلدات عدة بجنوب لبنان.

وفجرت القوات الإسرائيلية، مساء اليوم، عدة منازل في منطقة الخرزة بين بلدتي رامية وعيتا الشعب الحدوديتين في قضاء بنت جبيل، وسمع دويها في قرى القضاء، بحسب ما أعلنت «الوكالة الوطنية للإعلام» اللبنانية الرسمية.

يذكر أن الرئيس الأميركي المنتهية ولايته جو بايدن قد أعلن، في 26 نوفمبر (تشرين الثاني)، عن اتفاق وقف لإطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل.

وبدأ تنفيذ وقف إطلاق النار، فجر اليوم التالي، بعد مساعٍ قام بها الموفد الأميركي إلى لبنان آموس هوكستين. وتنفذ إسرائيل منذ ذلك الحين عمليات تمشيط ومداهمات وتفجير بمنازل ومبانٍ في العديد من قرى جنوب لبنان.