سوريا تفرض «قيوداً» على دخول اللبنانيين... وبيروت تعلن أن «العمل جارٍ» لحلّ المسألة

سيارات تصطفّ لدخول لبنان بعد الإطاحة ببشار الأسد بالقرب من الحدود اللبنانية السورية (رويترز)
سيارات تصطفّ لدخول لبنان بعد الإطاحة ببشار الأسد بالقرب من الحدود اللبنانية السورية (رويترز)
TT

سوريا تفرض «قيوداً» على دخول اللبنانيين... وبيروت تعلن أن «العمل جارٍ» لحلّ المسألة

سيارات تصطفّ لدخول لبنان بعد الإطاحة ببشار الأسد بالقرب من الحدود اللبنانية السورية (رويترز)
سيارات تصطفّ لدخول لبنان بعد الإطاحة ببشار الأسد بالقرب من الحدود اللبنانية السورية (رويترز)

فرضت السلطات الجديدة في سوريا قيوداً على دخول اللبنانيين أراضيها، وفق ما أفاد مصدران أمنيان «وكالة الصحافة الفرنسية»، اليوم الجمعة.

وبعد نحو شهر على سقوط الحكومة السورية، وفرار بشار الأسد، وتسلُّم الإدارة الجديدة القيادة في البلاد، وبعدما توجه مئات اللبنانيين إلى دمشق، منذ 8 ديسمبر (كانون الأول) الماضي وحتى الأيام الماضية، بشكل طبيعي، بمن فيهم وفود إعلامية وسياسية ومدنيّون، برزت، في الساعات الأخيرة، أزمة عدم سماح السلطات السورية للّبنانيين بالعبور إلى الأراضي السورية.

فماذا جرى؟

نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» عن مسؤول في الأمن العام اللبناني، المشرف على المعابر الحدودية، أن الجهاز لم يُبلغ بأي «إجراء جديد من الجانب السوري»، لكنه «فوجئ بإغلاق الحدود» أمام اللبنانيين.

ووفق «وكالة الأنباء المركزية»، منع الأمن العام اللبناني اللبنانيين من عبور نقطة المصنع الحدودية في اتجاه سوريا، منذ ليل أمس الخميس، وتوقّف الأمن العام اللبناني عن السماح للمواطنين اللبنانيين بالعبور إلى الداخل السوري، على عدد من المعابر الحدودية البقاعية شرق لبنان وشماله أيضاً في العريضة والعبودية وجسر قمار.

ما السبب؟

وعن السبب الكامن وراء هذا الإجراء، رجّح مصدر عسكري لـ«الوكالة الفرنسية»، أن يكون الإجراء خطوة احتجاجية بعد «مناوشات بين الجيش اللبناني وعناصر مسلَّحة سورية على الحدود، حيث اعتقل الجيش عناصر من المسلَّحين ثم أخلى سبيلهم».

أما «وكالة الأنباء المركزية» فأفادت بأن القرار السوري أتى ردّاً على إجراءات لبنانية مماثلة تمنع دخول السوريين غير المستوفين للشروط اللبنانية، وأبرزها إقامة لبنانية سارية المفعول.

ووفق «المركزية»، فإنّ الإجراءات السورية الجديدة تتطلّب من اللبناني أن يكون حائزاً إقامة سوريّة سارية المفعول، أو عبر الحجز الفندقي ومبلغ ألفيْ دولار، أو لموعد طبيّ مع وجود كفيل سوري، مع الإشارة إلى أن «أيّ مخالفة بالإقامة داخل الأراضي السورية ليوم إضافي تفرض على اللبناني غرامة مالية، مع منعه من دخول سوريا لمدة عام».

رد لبنان

بدوره، أكد وزير الداخلية اللبناني، بسام المولوي، أن العمل «جارٍ» لحلّ مسألة «منع» دخول مواطنيه سوريا.

وقال المولوي، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إن «العمل جارٍ على حل مسألة منع اللبنانيين من دخول سوريا بين الأمن العام اللبناني والجانب السوري».

وفيما يخص المناوشات، أعلن الجيش اللبناني، في بيان، الجمعة، أنه «بتاريخ 3-1-2025، أثناء عمل وحدة من الجيش على إغلاق معبر غير شرعي عند الحدود اللبنانية السورية في منطقة معربون - بعلبك، حاول أشخاص سوريون فتح المعبر بواسطة جرافة، فأطلقت عناصر الجيش نيراناً تحذيرية في الهواء».

وأضاف أنه على أثر ذلك «عمد السوريون إلى إطلاق النار نحو عناصر الجيش، ما أدى إلى إصابة أحدهم، ووقوع اشتباك بين الجانبين».


مقالات ذات صلة

كيف يتسلّم الرئيس عون السلطة؟ ومتى يكلف رئيس حكومة؟

تحليل إخباري الرئيس اللبناني المنتخب جوزيف عون (أ.ف.ب)

كيف يتسلّم الرئيس عون السلطة؟ ومتى يكلف رئيس حكومة؟

فتح قصر بعبدا الجمهوري أبوابه لاستقبال الرئيس اللبناني الجديد جوزيف عون وتزينت باحاته بأبهى حلة ونفض عنه غبار الشغور.

لينا صالح (بيروت)
المشرق العربي جوزيف عون يصل إلى مبنى البرلمان في بيروت يوم انتخابه رئيساً للبلاد (رويترز)

جلسة انتخاب رئيس لبنان الـ14: سجالات دستورية وشتائم… واحتفالات في الخارج

قبل انطلاق الجلسة الـ13 لانتخاب رئيس للجمهورية، كان القصر الرئاسي في بعبدا يتهيّأ لاستقبال الرئيس جوزيف عون.

كارولين عاكوم (بيروت)
الخليج البديوي يأمل بأن تتعزز العلاقات التاريخية بين الخليج ولبنان (مجلس التعاون)

تطلُّع خليجي لعودة السلام في لبنان بعد انتخاب جوزيف عون

تطلّع جاسم البديوي، أمين عام مجلس التعاون الخليجي، لأن يسهم انتخاب العماد جوزيف عون رئيساً للبنان، في استعادة الأمن والسلام في البلاد وتحقيق تطلعات الشعب.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
المشرق العربي الرئيس اللبناني المنتخب جوزيف عون يؤدي اليمين الدستورية أمام رئيس مجلس النواب نبيه بري في بيروت 9 يناير 2025 (إ.ب.أ) play-circle 01:12

جوزيف عون: سأعمل على أن يكون حق حمل السلاح مقتصراً على الدولة

أعلن الرئيس اللبناني المنتخب جوزيف عون بدء «مرحلة جديدة» في تاريخ لبنان، داعياً إلى «تغيير الأداء السياسي»، وإلى بناء وطن يكون الجميع فيه تحت القانون.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الخليج خادم الحرمين الشريفين وولي العهد الأمير محمد بن سلمان (الشرق الأوسط)

خادم الحرمين وولي العهد يهنئان جوزيف عون بانتخابه رئيساً للبنان

هنأ خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي العهد الأمير محمد بن سلمان رئيس مجلس الوزراء، جوزف عون بانتخابه رئيساً للبنان.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

السلطة الفلسطينية تتهم جهات إقليمية بالوقوف خلف المسلحين بالضفة

العميد أنور رجب المتحدث باسم قوات الأمن الفلسطينية يتحدث عن عمل الأجهزة الأمنية في مخيم جنين خلال مؤتمر صحافي بالضفة الغربية المحتلة يوم الخميس (رويترز)
العميد أنور رجب المتحدث باسم قوات الأمن الفلسطينية يتحدث عن عمل الأجهزة الأمنية في مخيم جنين خلال مؤتمر صحافي بالضفة الغربية المحتلة يوم الخميس (رويترز)
TT

السلطة الفلسطينية تتهم جهات إقليمية بالوقوف خلف المسلحين بالضفة

العميد أنور رجب المتحدث باسم قوات الأمن الفلسطينية يتحدث عن عمل الأجهزة الأمنية في مخيم جنين خلال مؤتمر صحافي بالضفة الغربية المحتلة يوم الخميس (رويترز)
العميد أنور رجب المتحدث باسم قوات الأمن الفلسطينية يتحدث عن عمل الأجهزة الأمنية في مخيم جنين خلال مؤتمر صحافي بالضفة الغربية المحتلة يوم الخميس (رويترز)

اتهمت السلطة الفلسطينية جهات إقليمية بالسعي لتصعيد الأوضاع في الأراضي الفلسطينية، مستخدمةً المسلحين في مناطق في الضفة الغربية، فيما تعهدت بأن العملية في مخيم جنين شمال الضفة، ستستمر حتى السيطرة على المخيم.

وقال الناطق باسم قوى الأمن الفلسطينية، العميد أنور رجب، في مؤتمر صحافي في جنين، الخميس: «بعض الجهات الإقليمية تحاول تصعيد الأوضاع في فلسطين، من خلال الخارجين على القانون»، مهاجماً بعض وسائل الإعلام، التي قال إنها تبث الأكاذيب عن جنين.

وتشن السلطة عملية في جنين ضد مسلحين في المخيم، منذ نحو 4 أسابيع، في بداية تحرك هو الأقوى والأوسع من سنوات طويلة، ويُفترض أن يطول مناطق أخرى، في محاولةٍ لاستعادة المبادرة وفرض السيادة، لكنّ المسلحين في المخيم رفضوا تسليم أسلحتهم وأنفسهم، مما حوَّل العملية إلى مكلفة بشرياً، ومثار جدل داخلي.

أحد أفراد قوات الأمن الفلسطينية يقف حارساً ببندقية هجومية في مخيم جنين شمال الضفة الغربية المحتلة (أرشيفية - أ.ف.ب)

وتستمر العملية في جنين ضد المسلحين على الرغم من الخسائر البشرية والمادية، وتوسُّع الخلافات، والاتهامات الداخلية بين السلطة وفصائل أخرى، وعلى صعيد النسيج الاجتماعي، وعلى الرغم من أن إسرائيل بدأت عملية هي الأخرى ضد مناطق في شمال الضفة بعد هجوم مسلح قُتل فيه، الاثنين الماضي، 3 إسرائيليين قرب قلقيلية.

وأكد رجب أنه منذ بدء العملية منتصف الشهر الماضي قُتل 3 من المسلحين، واعتقل 247 من الخارجين عن القانون، 41 منهم تعرضوا للإصابة خلال مقاومتهم الاعتقال واشتباكهم مع الأجهزة الأمنية.

وقال رجب: «أبطلنا مفعول 17 سيارة مفخخة، وتم تفجير مركبتين، وسيطرنا على 3 معامل لتصنيع العبوات والمتفجرات، وجميعها كانت بين أماكن سكنية للمواطنين، كما سيطرنا على 16 موقعاً يستخدمها المسلحون لتخزين الأسلحة والغذاء، بعضها في مساجد أو جمعيات خيرية».

وأكد أن العملية طالت التمويل الخارجي للمسلحين، وهو تمويل -كما قال- يستهدف إدامة حالة الفوضى وتعزيزها. وحسبه، فقد اعتقلت السلطة 8 أشخاص متورطين بتمويل المسلحين في جنين وسيطرت على كثير من الخطوط التي كان يصل إليهم من خلالها التمويل الخارجي، وشمل ذلك «مصادرة مبالغ ضخمة من الدولار والشيقل كانت في طريقها للخارجين عن القانون».

وشدد رجب على أن الحملة هدفها بسط سيادة القانون في الأراضي الفلسطينية، وستستمر «حتى اعتقال كل الخارجين عن القانون وتفكيك هذه الحالة داخل المخيم».

مسلحون خلال تشييع جثمان الصحافية الفلسطينية شذى الصباغ في مخيم جنين (أرشيفية - رويترز)

الإعلان عن أن الحملة مستمرة، جاء على الرغم من عدة تدخلات ومطالبات مسؤولين وفصائل ومنظمات أهلية بالوصول إلى توافق داخلي خشية تمدد الاقتتال إلى مناطق أخرى في الضفة.

وكلَّفت الاشتباكات الفلسطينيين أكثر من 12 قتيلاً، نصفهم من الأجهزة الأمنية، وبينهم الصحافية شذى صباغ، وأب وابنه، وجميعهم يقول المسلحون إن السلطة قتلتهم، فيما تقول السلطة إن المسلحين هم الفاعلون.

وتدعم «منظمة التحرير الفلسطينية» وحركة «فتح» العملية في جنين، فيما تندد بها حركتا «حماس» و«الجهاد الإسلامي» وفصائل. وانتقل هذا الخلاف الواسع إلى مواقع التواصل الاجتماعي بين فريق يؤيد عملية السلطة وآخر يعارضها، وتحول إلى مناسبة للشتم والتخوين والتحريض والتهديد.

تأتي اشتباكات جنين في مرحلة حساسة، وتعد اختباراً مهماً لقدرة السلطة على فرض نفسها في الضفة الغربية قبل قطاع غزة.

وحسب القناة 12 العبرية فإن كثيرين في إسرائيل «يراقبون عن كثب تصرفات السلطة الفلسطينية في جنين ووضعوا إنذاراً نهائياً في محادثات مغلقة مع كبار المسؤولين في السلطة الفلسطينية، وأبلغوهم أنه إذا لم تأخذ السلطة زمام الأمور وتمكنت من التصرف، فإن إسرائيل ستدخل إلى هناك (مخيم جنين) وستتصرف».

تشييع أحد أفراد الأمن الفلسطيني بعد مقتله داخل مخيم جنين (أرشيفية - رويترز)

وترفض السلطة ربط العملية بإسرائيل، وتقول إنها مهمة للمصالح العليا للشعب الفلسطيني. لكنّ الإسرائيليين تحركوا في الضفة من جديد، وبدأوا عملية واسعة في الشمال، تستثني حتى الآن مخيم جنين. وبدأت العملية بعد قتل 3 إسرائيليين في هجوم تبنَّته «كتيبة جنين» التي تشتبك السلطة معها في مخيم جنين.

وتعهدت إسرائيل بالوصول إلى المنفّذين ومرسليهم. وتقول إسرائيل أيضاً إن إيران تحاول إشعال الضفة من خلال «حماس» و«الجهاد».

وقالت صحيفة «معاريف» الإسرائيلية إنه خلال الأيام الماضية، نفّذت القوات الإسرائيلية عملية واسعة في منطقة الأغوار وشمال الضفة استهدفت كتائب «حماس» و«الجهاد» التي تعمل بتمويل وحماية إيرانية. وتتهم مصادر إسرائيلية إيران بالعمل على إنشاء جبهة في شمال الضفة.

وأشارت «معاريف» إلى أن الجيش الإسرائيلي يستعد لسيناريوهات متطرفة تشمل اختراق جدار الفصل ومحاولات للاستيلاء على مستوطنات في مناطق التماس في سيناريو يحاكي هجوم 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وبعد هجوم الاثنين، وسَّعت إسرائيل عمليتها في الضفة الغربية وحوَّلتها إلى «ساحة رئيسية» في خريطة التهديدات.