الطبيب حسام أبو صفية... رمز النظام الصحي المدمّر في قطاع غزة

لم تُعرف أي معلومات عن مدير مستشفى كمال عدوان منذ اعتقله الجيش الإسرائيلي

الدكتور حسام أبو صفية خلال علاج مصاب فلسطيني في مستشفى كمال عدوان (أ.ف.ب)
الدكتور حسام أبو صفية خلال علاج مصاب فلسطيني في مستشفى كمال عدوان (أ.ف.ب)
TT

الطبيب حسام أبو صفية... رمز النظام الصحي المدمّر في قطاع غزة

الدكتور حسام أبو صفية خلال علاج مصاب فلسطيني في مستشفى كمال عدوان (أ.ف.ب)
الدكتور حسام أبو صفية خلال علاج مصاب فلسطيني في مستشفى كمال عدوان (أ.ف.ب)

أصبح مدير مستشفى كمال عدوان، الطبيب حسام أبو صفية، الذي اعتقلته إسرائيل خلال عملية عسكرية على المرفق للاشتباه بانتمائه إلى حركة «حماس» الفلسطينية، رمزاً لنظام صحي دمرته الحرب في شمال قطاع غزة.

على مدى أسابيع، ومع تكثيف الغارات الإسرائيلية حول المستشفى في بيت لاهيا في شمال قطاع غزة، حض الدكتور أبو صفية المجتمع الدولي على التدخل «قبل فوات الأوان».

ورغم توجيه أبو صفية نداءات للمساعدة انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي وفي وسائل الإعلام، شن الجيش الإسرائيلي عملية عسكرية واسعة النطاق، صباح الجمعة، ضد مستشفى كمال عدوان قائلاً إنه يضم «مركز قيادة تابعا لـ(حماس)».

الدكتور حسام أبو صفية يتلقى العلاج من قبل زملائه في مستشفى كمال عدوان بعد إصابته نتيجة غارة إسرائيلية (أ.ف.ب)

وخرج المستشفى عن الخدمة بعدما كان آخر مرفق صحي كبير عامل في شمال القطاع المحاصر والمدمر جراء تواصل الحرب بين إسرائيل و«حماس» منذ أكثر من عام بعدما شنت الحركة هجوماً غير مسبوق على جنوب الدولة العبرية في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

واعتقل الجيش الإسرائيلي أكثر من 240 شخصاً خلال العملية بينهم أبو صفية.

«إجرام»

لم تُعرف أي معلومات عن الطبيب أبو صفية البالغ 51 عاماً منذ اعتقاله. ولم يحدد الجيش الإسرائيلي الذي اتصلت به «وكالة الصحافة الفرنسية» مكان وجوده.

وتعتقد عائلته أنه محتجز في معسكر «سديه تيمان» الواقع في صحراء النقب في جنوب إسرائيل على مقربة من غزة.

وقال نجله إدريس أبو صفية، مساء الاثنين، في مقطع فيديو إن الطبيب «في معتقل سديه تيمان الإسرائيلي المعروف بإجرامه بحق الأسرى المسجونين فيه».

وأضاف: «وردتنا شهادات من معتقلين مفرج عنهم تؤكد تعرضه للإهانة وسوء المعاملة، بما في ذلك إجباره على خلع ملابسه واستخدامه درعا بشريا».

ولم يُجب الجيش الإسرائيلي أيضاً عن سؤال بهذا الشأن.

ويشكل إخراج مستشفى كمال عدوان عن الخدمة واعتقال مديره وأفراد آخرين في طاقمه الطبي ضربة جديدة للخدمات الصحية المنهكة أصلاً في قطاع غزة.

«بطل برداء أبيض»

وقال الناطق باسم الدفاع المدني في غزة، محمود بصل، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إنه «لا شيء يبرر هذه الاعتقالات سوى الطموح بتدمير النظام الصحي»، مؤكداً أن «الوضع كارثي ومأساوي».

وناشدت عائلة أبو صفية المجتمع الدولي أن يضغط على إسرائيل بهدف إطلاق سراحه في أسرع وقت ممكن. وردت منظمة الصحة العالمية على لسان مديرها العام، تيدروس أدهانوم غيبرييسوس، طالبة «الإفراج الفوري» عن مدير مستشفى كمال عدوان.

كذلك دعت منظمة العفو الدولية إلى جانب العديد من العاملين في مجال الصحة حول العالم إلى الإفراج عن أبو صفية، وأُطلق وسم «FreeDrHussamAbuSafiya#» على وسائل التواصل الاجتماعي.

ويُعرف أبو صفية بأنه «بطل برداء أبيض» واصل تأدية مهامه، بينما كثّف الجيش الإسرائيلي هجومه البري والجوي على شمال قطاع غزة في مطلع أكتوبر، قائلاً إن الهدف هو منع «حماس» من إعادة تنظيم صفوفها في المنطقة.

وأكدت منظمة «ميد غلوبال» الأميركية غير الحكومية التي توظف أبو صفية أن الطبيب فقد أحد أبنائه، إبراهيم، البالغ نحو خمسة عشر عاماً في هجوم إسرائيلي نهاية أكتوبر، وأصيب هو نفسه في ساقه في نوفمبر (تشرين الثاني)، لكنه أكد في مقطع فيديو تم تصويره وهو على سريره في المستشفى أن ذلك لن يمنعه من إنجاز مهمته «مهما كلف الأمر».


مقالات ذات صلة

إسرائيل تفاوض في الدوحة... وتجعل الحياة مستحيلة في غزة

شؤون إقليمية انفجار أعقب غارة إسرائيلية في دير البلح وسط قطاع غزة الجمعة (رويترز)

إسرائيل تفاوض في الدوحة... وتجعل الحياة مستحيلة في غزة

يجري قادة اليمين الحاكم مداولات حول مشاريع إعادة الاستيطان اليهودي في قطاع غزة وتوفير الظروف لجعل حياة الفلسطينيين فيه مستحيلة.

نظير مجلي (تل أبيب)
المشرق العربي مدرسة مدمَّرة نتيجة القصف الإسرائيلي على خان يونس في جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

الجيش الإسرائيلي ينشر لقطات لمدرسة في غزة كانت «مأوى لمقاتلي حماس» (فيديو)

نشر الجيش الإسرائيلي، اليوم الجمعة، لقطات صوَّرتها مسيّرة لـ«مدرسة سابقة» في جباليا شمال قطاع غزة، قائلة إن مقاتلي حركة «حماس» كانوا يتحصنون فيها.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي فلسطينية تبكي خارج مستشفى شهداء الأقصى بدير البلح الخميس (إ.ب.أ)

عشرات القتلى بغارات إسرائيلية على غزة

أدت غارات جوية إسرائيلية إلى قتل ما لا يقل عن 37 فلسطينياً في أنحاء قطاع غزة الخميس من بينهم 11 بمخيم يؤوي عائلات نازحة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية مبان مدمرة جراء القصف الإسرائيلي على غزة الخميس (رويترز)

نواب ائتلاف نتنياهو يطالبونه بتطبيق خطة الجنرالات في غزة

ينشط قادة اليمين الحاكم بإسرائيل لأجل إجهاض أي محاولة للانفراج، غير آبهين لمصير المحتجزين لدى «حماس»، وللقتلى الذين يتساقطون في الحرب.

نظير مجلي (تل أبيب)
شؤون إقليمية جنود إسرائيليون يجلسون في مركبة عسكرية على طريق يؤدي إلى قطاع غزة (رويترز)

إسرائيل تدرس بديل «حماس» في «اليوم التالي»

في الوقت الذي بدأت فيه إسرائيل بمناقشة قضية «اليوم التالي» للحرب على قطاع غزة ومستقبل حكم «حماس»، تتواصل العمليات العسكرية في مختلف أنحاء القطاع.

«الشرق الأوسط» (غزة)

السوداني يحمل «الصندوق الأسود» إلى طهران

رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني خلال جلسة لمجلس الوزراء (رويترز)
رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني خلال جلسة لمجلس الوزراء (رويترز)
TT

السوداني يحمل «الصندوق الأسود» إلى طهران

رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني خلال جلسة لمجلس الوزراء (رويترز)
رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني خلال جلسة لمجلس الوزراء (رويترز)

في وقت تتضارب فيه المعلومات حول موعد زيارة رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، إلى إيران، ما بين هذا الأسبوع، وآخر الأسبوع المقبل، قالت مصادر عراقية، إن السوداني يحمل إلى طهران ملفات إقليمية وداخلية ساخنة، من بينها ملف حل الفصائل العراقية المسلحة الموالية لإيران، وربما «رسائل تحذيرية شديدة الوضوح» تلقاها العراق من الجانب الأميركي أخيراً حول حصر السلاح بيد الدولة فقط.

وطبقاً لما أعلنه المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيراني، إسماعيل بقائي، لوكالة «تسنيم» الإيرانية، المقربة من «الحرس الثوري»، فإن «الزيارة تأتي في إطار تعزيز التشاور المستمر بين البلدين؛ لتطوير العلاقات الثنائية وتبادل الرؤى بشأن التطورات الإقليمية الجارية»، وستشمل إجراء محادثات مكثفة مع كبار المسؤولين الإيرانيين.

ولم تنفِ الحكومة العراقية، هذه الأخبار أو تؤكدها، لكنها تجيء وسط قلق متزايد في مختلف الأوساط، سواء داخل العراق، لا سيما على صعيد الفصائل المسلحة الموالية لإيران أو حتى داخل إيران، بعد أن نشط المرشد الإيراني علي خامنئي في الفترة الأخيرة على صعيد توضيح عدد من المسائل التي تتعلق بما حصل داخل ما يُسمى «محور المقاومة» بعد سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد.

صندوق السوداني الأسود

وسرت في بغداد أخبار غير رسمية، تتحدَّث عن تلقي العراق «رسالة تحذيرية» من الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، كشف بعضاً منها زعيم تيار «الحكمة» عمار الحكيم، مساء الخميس. وفي التفاصيل فإن الرسالة التي وصلت إلى السوداني، مثلت تحولاً حاداً في الموقف الأميركي، جاءت عن طريق مبعوث سري من الرئيس المنتخب ترمب، بينما أشارت مصادر أخرى إلى أنها تمت عن طريق اتصال هاتفي غير معلن أجراه ترمب مع السوداني.

وأكد الحكيم، وهو أحد قادة «الإطار التنسيقي» الشيعي الحاكم، وجود معلومات من الإدارة الأميركية حول استهداف فصائل مسلحة عراقية. لكنه رأى أن إدارة الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب، «لا تنوي إسقاط النظام في إيران، أو استهداف النظام السياسي في العراق».

السوداني خلال مشاورات مع رئيس تيار «الحكمة» عمار الحكيم (رئاسة الوزراء)

وقال الحكيم، خلال تجمع جماهيري في مدينة النجف جنوبي بغداد، «هناك موقف سيُتَّخذ ضد الفصائل... هذا ما وصلنا من الإدارة الأميركية وبعض قوى الإطار التي تمتلك فصائل مسلحة». وأضاف: «هذا الاستهداف لا علاقة له بالإطار التنسيقي بوصفه قوةً سياسيةً رسميةً، ولكنه موجه بصورة مباشرة للفصائل المسلحة الموالية لإيران (مثل كتائب حزب الله، والنجباء وغيرهما)... هذا ما يظهر ويبدو حتى هذه اللحظة».

وفيما يخص ما يُشاع حول إجراء عملية تغيير سياسي في العراق، قال: «هذا ما يتردد في وسائل التواصل الاجتماعي، ولم أسمعه من سياسيين دوليين وإقليميين، ولا خلال اتصالاتنا المباشرة مع الوفود الرسمية التي جاءت إلينا بعد أحداث سوريا».

وبدا الحكيم مطمئناً بوجود ما أسماها «إرادة دولية» بعدم استهداف النظام السياسي في العراق. وفي هذا السياق قال الحكيم: «هناك إرادة دولية للحفاظ على استقرار العراق؛ لأن أي فوضى فيه تعني إخلالاً بأمن المنطقة بالكامل، وهذا ما ترفضه دول المنطقة، وهناك توجه للحفاظ على النظام الحالي بتركيبته نفسها».

ومع تطمينات الحكيم على بقاء النظام السياسي لكن دون فصائل مسلحة، فإن الأنظار تتجه نحو الزيارة المرتقبة لرئيس الوزراء العراقي إلى طهران، الذي يبدو أنه يحمل «الصندوق الأسود» الذي سيفتحه أمام القيادة الإيرانية، من منطلق أن مسألة حل الفصائل المسلحة، وإن كانت قراراً عراقياً لجهة حصر السلاح بيد الدولة، لكن كثيراً من الفصائل المسلحة في العراق مرتبطة بإيران عقائدياً وليس تسليحياً فقط، وهو ما يتطلب مباحثات صريحة مع الجانب الإيراني حيالها.