العراقيون يطوون سنة 2024... وينتظرون توقعات المنجمين للعام الجديد

نظريات المؤامرة تشغل حيزاً واسعاً من تفكيرهم وتطلعاتهم

تجمُّع عشائري أُقيم في جنوب بغداد مؤخراً (أ.ف.ب)
تجمُّع عشائري أُقيم في جنوب بغداد مؤخراً (أ.ف.ب)
TT

العراقيون يطوون سنة 2024... وينتظرون توقعات المنجمين للعام الجديد

تجمُّع عشائري أُقيم في جنوب بغداد مؤخراً (أ.ف.ب)
تجمُّع عشائري أُقيم في جنوب بغداد مؤخراً (أ.ف.ب)

غالباً ما تأخذ نظريات المؤامرة حيزاً واسعاً من تفكير، بل حتى تطلعات العراقيين لأسباب تتعلق إما بانقسامات سياسية أو مجتمعية. الفضاء الإعلامي، خصوصاً السوشيال ميديا تتحول في العادة ميداناً لشتى أنواع الصراعات والمماحكات التي تعكس إما نمط الخلافات السياسية السائدة بين أبناء الطبقة السياسية أو أحياناً الخلافات المجتمعية حتى بنسختها الطائفية عندما يتعلق الأمر بطبيعة التحولات في المنطقة، وآخرها المتغير السوري الذي لم يكن مطروحاً على أجندة التوقعات والخلافات، لكنه فرض نفسه بقوة خلال الأسبوعين الأخيرين من نهاية العام الحالي (2024) وانتظار العام الجديد (2025).

على مدى العام المنصرم (2024) كانت توقعات السياسي والنائب العراقي السابق فائق الشيخ علي تشغل حيزاً واسعاً من تلك الاهتمامات، سواء بين أفراد الطبقة السياسية أو على مستوى طبيعة النقاشات والخلافات على صعيد وسائل الإعلام أو حتى البرامج الحوارية التلفازية. فالشيخ علي كان قد أعلن نهاية عام 2023 أن نهاية عام 2024 سوف تسقط العملية السياسية الحالية في العراق برمتها، مبيناً أن «قوة كاسحة ماحقة» سوف تقتلع هذه الطبقة. وبقي الشيخ علي الذي كان أيام المعارضة العراقية لنظام صدام حسين من بين أكثر المعارضين لذلك النظام على شاشات الفضائيات العربية، لكن سرعان ما تحول بعد النصف الثاني من عام 2003 واحداً من أبرز معارضي النظام الحالي رغم أنه أصبح نائباً في البرلمان العراقي لدورتين (2014 - 2018) و(2018 - 2919)، حيث لم يكمل الدورة الثانية بسبب انتفاضة أكتوبر (تشرين الأول) عام 2019، وانحيازه إلى تلك الانتفاضة التي سقط خلالها مئات القتلى والآف الجرحى. ومع أن الانتفاضة رشحته إلى منصب رئيس الوزراء بعد اضطرار رئيس الوزراء آنذاك عادل عبد المهدي إلى الاستقالة وقدم بالفعل أوراق ترشيحه إلى رئيس الجمهورية وقتذاك برهم صالح، لكن الفصائل المسلحة منعت ترشيحه.

قلق وترقب

ومع أن الكثير من السياسيين والناشطين الداعمين للعملية السياسية الحالية في العراق طالبوا فائق الشيخ علي بالاعتذار للشعب العراقي؛ كون أن توقعاته لم تتحقق في حين كانت مصدر قلق، لا سيما أن عام 2014 شهد المزيد من التصعيد، لا سيما بعد انخراط الفصائل المسلحة العراقية الموالية لإيران فيما سُمي «وحدة الساحات» في إطار استهداف القوات الأميركية في العراق أو استهداف مناطق داخل إسرائيل.

رئيس الوزراء محمد شياع السوداني وعمار الحكيم في قداس عشية عيد الميلاد في إحدى كنائس بغداد (رويترز)

في غضون ذلك، كان العراق قد انخرط في مباحثات مع الجانب الأميركي لإنهاء التحالف الدولي وانسحاب ما تبقى من القوات الأميركية في العراق، لكن واشنطن وجهت أوائل عام 2024 ضربات شديدة إلى مواقع وقيادات بارزة للفصائل المسلحة. أما إسرائيل وبعد تطور العمليات العسكرية بعد شهور من «طوفان الأقصى» لتشمل جنوب لبنان بعد غزة، فإن الحكومة العراقية سعت إلى منع توجيه ضربات إلى أهداف عراقية من قِبل إسرائيل، لا سيما في النصف الثاني من عام 2024 بعد أن بذل رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني جهوداً مضنية لدى الإدارة الأميركية نتج منها منع إسرائيل من توجيه ثلاث ضربات لتلك الفصائل بتدخل من قِبل الإدارة الأميركية شريطة أن تلتزم بالهدنة التي توسط السوداني لفرضها بين الطرفين. مع ذلك، بقي الترقب والقلق سيدَي الموقف بسبب استمرار التوتر طوال العام حتى بعد حصول متغيرات مهمة تمثلت في اغتيال أبرز قادة «وحدة الساحات» مثل حسن نصر الله ويحيى السنوار وإسماعيل هنية، وغيرهم من قيادات الخط الأول في هذا المحور.

بين ترمب والجولاني

ومع استمرار الجدل والترقب والانتظار ومعه المماحكات السياسية والمجتمعية، فإنه في وقت تصاعدت الخلافات داخل قوى «الإطار التنسيقي الشيعي» بعد ما سُمي «تسريبات جوحي» وهو موظف رفيع المستوى في مكتب رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، فإن المتغيرات الإقليمية والدولية ألقت بظلالها على تلك الخلافات. ففي حين استغلت بعض قيادات «الإطار الشيعي» هذا الخلاف للحد من طموحات السوداني إلى ولاية ثانية بعد سلسلة النجاحات التي حققها في الداخل ومقبوليته في الخارج، فإن فوز دونالد ترمب في الانتخابات الأميركية وبعده بفترة قصيرة سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد على يد أحمد الشرع (أبو محمد الجولاني) أديا إلى تغيير المعادلات في الداخل والخارج. وكان قد تزامن ذلك مع تهديدات أميركية - إسرائيلية لإيران وأذرعها في المنطقة، ومن بينها الفصائل المسلحة في العراق. هنا بدأ يبرز دور السوداني الذي أخذ زمام المبادرة على صعيد التعامل مع هذه التحولات، بينما بدأ يتراجع دور الفصائل المسلحة وداعميها داخل قيادات «الإطار التنسيقي». ومع نهاية العام المنصرم وبداية العام الجديد، لا تزال توقعات العراقيين تتفاعل بين سقوط توقع فائق الشيخ علي بانهيار النظام السياسي نهاية عام 2024 وانتظار تنبؤات المنجمين بشأن ما يمكن أن يحصل في العراق عام 2025.

أعمال البناء في مشروع مطار الموصل الدولي (أ.ف.ب)

كل ذلك يحصل في ظل انقسام سياسي ومجتمعي مع اختلاف السيناريوهات التي يجري تداولها بشأن ما يتمناه طرف بالضد مما لا يتمناه طرف سياسي أو اجتماعي مع استمرار ضخ الأخبار القلقة. ففي حين تبدو خطوات الجولاني (أحمد الشرع) في قيادة سوريا حتى الآن واثقة، فإن السيناريوهات المرسومة لما يمكن أن يفعله ترمب بعد وصوله إلى البيت الأبيض ترسم صورة قاتمة للداخل العراقي في ظل انقسام لا يزال يتصاعد دون أن يعرف أحد المدى الذي يمكن أن يصل إليه.


مقالات ذات صلة

إسرائيل تحشد دعماً دولياً لتحرير امرأة يعتقد أنها مخطوفة في العراق

شؤون إقليمية الإسرائيلية - الروسية إليزابيث تسوركوف

إسرائيل تحشد دعماً دولياً لتحرير امرأة يعتقد أنها مخطوفة في العراق

قال مسؤول إسرائيلي كبير إن الحكومة تعمل مع الحلفاء في جهد متجدد لتحرير باحثة إسرائيلية - روسية يعتقد أنه تم خطفها في العراق قبل نحو عامين.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي من اجتماع ولادة «ائتلاف القيادة السنية الموحدة»... (متداولة)

المشهداني يبدأ أولى خطوات توحيد «البيت السني» ويذكّر «الشيعة» بالتسوية الوطنية

مع أنه انتظر سنة كاملة لكي يصل إلى منصبه، فإن خطوات رئيس البرلمان العراقي محمود المشهداني الأولى بعد توليه المنصب، بدت لافتة للنظر، سواء داخل القوى السنية،…

حمزة مصطفى (بغداد)
شؤون إقليمية صورة نشرها موقع إيراني لعلي خامنئي لدى استقباله السوداني ويرافقه الرئيس مسعود بزشكيان play-circle 01:29

إيران والعراق يشتركان في «هاجس» سوريا

اتفقت إيران والعراق على أن سوريا هاجس مشترك بينهما، ودعا البلدان إلى حفظ سلامة الأراضي السورية، وضرورة العمل المشترك لإرساء الأمن والاستقرار فيها.

حمزة مصطفى (بغداد) «الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
المشرق العربي إحدى جلسات برلمان إقليم كردستان (أ.ف.ب)

الحزبان الكرديان ينهيان جولة ثالثة من مفاوضات تشكيل حكومة الإقليم

أنهى الحزبان الكرديان الرئيسيان؛ «الديمقراطي» و«الاتحاد الوطني»، الثلاثاء، الجولة الثالثة من مفاوضات تشكيل حكومة إقليم كردستان، دون أن تسفر عن اتفاق جدي ومعلن.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي السوداني يتوسط وزير الدفاع ثابت العباسي ورئيس أركان الجيش الفريق أول عبد الأمير رشيد يار الله خلال مراسم إحياء ذكرى تأسيس الجيش العراقي (رئاسة الوزراء)

أنباء عن زيارة قاآني لبغداد قبل زيارة السوداني إلى طهران

حسم رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، الجدل بشأن ما أُشيع عن تلقيه رسالة تحذير أميركية تتعلّق بـ«الحشد الشعبي» والفصائل المسلحة.

حمزة مصطفى (بغداد)

عائلات جنود إسرائيليين تناشد نتنياهو إنهاء الحرب في غزة

نتنياهو يلتقي مجندين في الجيش (إكس)
نتنياهو يلتقي مجندين في الجيش (إكس)
TT

عائلات جنود إسرائيليين تناشد نتنياهو إنهاء الحرب في غزة

نتنياهو يلتقي مجندين في الجيش (إكس)
نتنياهو يلتقي مجندين في الجيش (إكس)

دعت مجموعة من عائلات الجنود الإسرائيليين الخميس رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى إنهاء الحرب في قطاع غزة حفاظاً على حياة أبنائهم، متّهمين إياه بإطالة أمد هذا النزاع دون جدوى.

وتضم مجموعة «أهالي الجنود يصرخون كفى» أكثر من 800 من أهالي جنود ومجندين وقوات احتياط يخدمون في وحدات قتالية في غزة، وبينهم مَن يواصل القتال من دون توقف تقريباً منذ 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

ومنذ أشهر، يتعرض نتنياهو لاتهامات من منتقديه بإطالة أمد الحرب ضد حركة «حماس» لأسباب سياسية ومن دون جدوى. وشنّت الدولة العبرية هذه الحرب رداً على الهجوم غير المسبوق الذي شنته الحركة الفلسطينية على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر 2023.

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)

وفي رسالة وجّهتها مجموعة «أهالي الجنود يصرخون كفى» إلى نتنياهو كررت المجموعة هذه الاتهامات.

وجاء في الرسالة «نتّهمك بحرب بلا أفق، غير مسبوقة في تاريخ بلادنا. وهذا فقط لأسباب تتعلق ببقائك السياسي الشخصي».

وأضافت الرسالة «نتّهمك بالتخلي عن الرهائن والجنود! ونناشدك: أَنهِ الحرب!».

واعتبر أهالي الجنود أنّ «الجميع يعلمون، بمن فيهم هم (الجنود)، أن الحرب مستمرة بلا هدف وأن الرهائن لن يعودوا إلا في إطار اتفاق» يجري التفاوض عليه حالياً في قطر وهي إحدى الدول الثلاث الوسيطة إلى جانب الولايات المتحدة ومصر في محادثات السلام.

جنود إسرائيليون يقتحمون مقر «الأونروا» في غزة (أ.ب)

وتابعت مجموعة أهالي الجنود «لا يوجد لدى الجيش الإسرائيلي أيّ سبب للبقاء في غزة، سوى لتحقيق الرغبات المسيحانية (لبعض أعضاء اليمين المتطرف) في الاستيطان هناك».

واختتم الأهالي رسالتهم بالقول لنتنياهو «لن نسمح لك بمواصلة التضحية بأبنائنا كبارود للمدافع».

ولم يعلّق مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي على الرسالة بشكل فوري.

منذ بدء الهجوم العسكري الإسرائيلي في 7 أكتوبر 2023 قُتل 399 جندياً في قطاع غزة.