قتال عنيف بين «قسد» والفصائل الموالية لتركيا على محور سد تشرين

دعم واسع للإدارة الجديدة... ووفد في دمشق السبت لبحث ملف الطاقة

«قسد» تواصل القتال على محور سد تشرين ضد الفصائل الموالية لتركيا بعدما سيطرت على منبج (غيتي)
«قسد» تواصل القتال على محور سد تشرين ضد الفصائل الموالية لتركيا بعدما سيطرت على منبج (غيتي)
TT

قتال عنيف بين «قسد» والفصائل الموالية لتركيا على محور سد تشرين

«قسد» تواصل القتال على محور سد تشرين ضد الفصائل الموالية لتركيا بعدما سيطرت على منبج (غيتي)
«قسد» تواصل القتال على محور سد تشرين ضد الفصائل الموالية لتركيا بعدما سيطرت على منبج (غيتي)

وقعت اشتباكات عنيفة بين فصائل «الجيش الوطني السوري» الموالي لتركيا، وقوات سوريا الديمقراطية «قسد» على محور سد تشرين بريف حلب الشرقي، أسفرت عن قتلى ومصابين من الجانبين.

في الوقت ذاته، تواصلت التصريحات التركية حول دعم الإدارة السورية الجديدة بقيادة أحمد الشرع في مختلف المجالات، ومنها الطاقة والزراعة.

واندلعت اشتباكات، يوم الجمعة، بالأسلحة الثقيلة مع تقدم قوات «قسد» وسيطرتها على قرية كيارية على محور الخفسة، ما أسفر عن مقتل عنصر من قوات «مجلس منبج العسكري»، وقيادية من «وحدات حماية المرأة» (الكردية)، و10 عناصر من فصائل «الجيش الوطني» وتدمير عربات عسكرية للفصائل، بحسب ما أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان».

وذكر «المرصد» أن 12 من عناصر الفصائل قتلوا، وأصيب 3 عناصر من «قسد»، إثر تصديهم، وقوات «مجلس منبج العسكري» التابعة لها، لعملية تسلل حاولت الفصائل تنفيذها على محور سد تشرين، ليرتفع عدد القتلى إلى 22 من الفصائل الموالية لتركيا، وقتيلين و3 مصابين من «قسد».

كما شهد محيط قلعة نجم في حلب، بعد منتصف ليل الخميس – الجمعة، اشتباكات عنيفة بين «قسد» والفصائل، تزامناً مع اشتباكات بالقرب من جبال نهر الفرات من الجهة الغربية، استخدمت فيها الأسلحة الثقيلة والمتوسطة.

الفصائل الموالية لتركيا تواصل القتال العنيف ضد «قسد» في شرق حلب (المرصد السوري)

تصعيد مستمر

ولا تزال الاشتباكات بين «قسد» والتشكيلات العسكرية التابعة لها، وفصائل «الجيش الوطني» الموالي لتركيا، مدعومة بالطيران المسيّر، مستمرة للأسبوع الثالث، حيث تتركز على جسر قرقوزاق وسد تشرين، بعد سيطرة الفصائل على منبج.

وتصاعدت الاشتباكات في الأيام الأخيرة مع تبادل تصريحات بين تركيا و«قسد» عن السيطرة والتقدم باتجاه منبج، وتهديد أنقرة بالتصعيد وسحق وحدات حماية الشعب الكردية، التي تعد العمود الفقري لـ«قسد»، بينما تواجه الجهود الأميركية للوساطة تعثراً في ظل الإصرار التركي على حل الوحدات الكردية وخروج المقاتلين الأجانب في صفوف «قسد» من سوريا.

وأحصى «المرصد السوري» مقتل 136 بين مدنيين وعسكريين خلال الـ15 يوماً الأخيرة من الاشتباكات المستمرة بين الطرفين.

في الوقت ذاته، اعتقل فصيل «السلطان مراد»، أحد أقرب الفصائل لتركيا، نحو 20 عنصراً من فصيل لواء «درع الحسكة» المنضوي ضمن صفوف «الجيش الوطني»، في أثناء اجتيازهم عند الساتر الترابي الفاصل بين مناطق سيطرة الأخير ومناطق سيطرة «قسد» بالقرب من صوامع عالية بريف رأس العين شمال الحسكة، لتسليم أنفسهم لـ«قسد» والعودة إلى مناطقهم، إلا أنه تم اعتقالهم واقتيادهم إلى جهة مجهولة دون معرفة مصيرهم، بحسب «المرصد السوري».

مساعدات طبية

مساعدات طبية مقدمة من الاتحاد الأوروبي بتنسيق مع منظمة الصحة العالمية وصلت إلى مطار إسطنبول تمهيداً لنقلها إلى سوريا براً (أ.ف.ب)

على صعيد آخر، جرى شحن 50 طناً من المستلزمات الطبية الممولة من الاتحاد الأوروبي قدمت إلى إسطنبول، الخميس، بتنسيق من منظمة الصحة العالمية، لإرسالها إلى داخل سوريا تمهيداً لتوزيعها على المرافق الصحية. وقال ممثل منظمة الصحة العالمية في تركيا، بيير نابيث، إن الإمدادات الطبية تم جلبها من دبي، التي تمتلك فيها المنظمة مستودعاً كبيراً لحالات الطوارئ، وسيتم نقلها إلى مرسين جواً، ومن هناك بالشاحنات إلى هطاي حيث ستنقل إلى داخل سوريا، لافتاً إلى أنه بجانب الإمدادات الطبية هناك أطقم جراحية لوحدات الصدمات وأدوية مختلفة.

وأضاف نابيث أنهم اختاروا تنفيذ هذه العملية عبر تركيا لأن الوضع الأمني ​​في سوريا لا يزال هشاً، مشيراً إلى أن الأنشطة الصحية في سوريا ليست جيدة جداً، وأن نصف المستشفيات فقط تعمل بنشاط، وأن الكثير من الناس لا يستطيعون الوصول إلى المرافق الصحية، وتنتشر حالات الكوليرا والأمراض المعدية الأخرى في بعض مناطق سوريا، وقد وصلت الإمدادات في وقت مهم للغاية.

وهناك 141 منشأة صحية في محافظتي إدلب وحلب كانت مهددة بالإغلاق بحلول نهاية العام بسبب نقص التمويل، وستساعد هذه الإمدادات في سد الثغرات الموجودة.

دعم قطاعي الطاقة والزراعة

بالتوازي، قال وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي، ألب أرسلان بيرقدار، إن بلاده تسعى لتزويد سوريا بالكهرباء وتعزيز بنيتها التحتية للطاقة، وقد تتعاون أيضاً مع القيادة السورية الجديدة في مشروعات النفط والغاز الطبيعي.

وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي ألب أرسلان بيرقدار (من حسابه في إكس)

وأضاف بيرقدار، في تصريحات، الجمعة، أن وفداً قد يكون برئاسته سيتوجه إلى دمشق، يوم السبت؛ لمناقشة نقل الكهرباء والبنية التحتية في مجال الطاقة ومسائل أخرى. وذكر بيرقدار أن تركيا قد ترسل الكهرباء إلى لبنان أيضاً عبر سوريا، وتعمل على استغلال موارد النفط والغاز الطبيعي في سوريا لإعادة إعمار البلاد، حيث انخفض إنتاجهما بشكل كبير خلال سنوات الحرب.

وأضاف أن هناك الكثير من المواضيع التي تحتاج إلى مناقشة مثل إنشاء خط لأنابيب النفط من سوريا إلى تركيا ودمجه مع خط الأنابيب بين العراق وتركيا، لافتاً إلى أن أنقرة ودمشق يمكن أن تتعاونا في مجالي النفط والغاز الطبيعي في المستقبل القريب.

وسبق أن أعلن وزير النقل والبنية التحتية التركي، عبد القادر أورال أوغلو، أن بلاده تخطط لتوقيع مذكرة تفاهم لترسيم الحدود البحرية مع سوريا في البحر المتوسط، ما أثار اعتراضاً من اليونان وقبرص.

وزير الزراعة التركي إبراهيم يوماكلي (من حسابه في إكس)

وقال وزير الزراعة التركي إبراهيم يوماكلي، الجمعة، إنه جرى إعداد خطة وتشكيل فريق من 14مختصاً، تم إرسالهم إلى سوريا لإجراء دراسات حول احتياجات الإنتاج الزراعي والثروة الحيوانية في البلاد. وأضاف: «ليس لدى سوريا حالياً أي إمكانات دخل أخرى غير الزراعة والموارد الطبيعية. بدأنا العمل منذ اللحظة التي طرحت فيها هذه القضية على جدول الأعمال، وأنشأنا فريقاً لتحديد الاحتياجات ونعد خطة عمل، وهو أمر مهم للغاية، لتتعافى سوريا تحت مسؤولية وزارتنا».

وقال رئيس اتحاد مصدري جنوب شرق الأناضول، أحمد فكرت كيلتشي، إن انتهاء الحرب السورية يفتح المجال لفرص اقتصادية جديدة، مشيراً إلى أن الأولوية تتمثل في رفع حجم الصادرات لأكثر من مليار دولار، وأن التطورات الأخيرة في سوريا تفتح آفاقاً إيجابية كبيرة أمام الشعبين التركي والسوري.

وأضاف أن عودة السوريين إلى بلادهم والمشاركة في جهود إعادة الإعمار يمكن أن يعزز التعاون الثنائي ويزيد من النشاط التجاري الإقليمي، لافتاً إلى أن الاستثمارات والإنتاج الذي سيقوم به رجال الأعمال السوريون في بلادهم من شأنها أن تساهم في زيادة الصادرات التركية.

نقص العمال السورية

ومع تزايد أعداد السوريين العائدين إلى بلادهم، تسود مخاوف في قطاع المنسوجات في تركيا، إذ يتوقع أن يفقد القطاع آلاف العمال السوريين المهرة. ويعمل بالقطاع، الذي يكافح للاستمرار في ظل ارتفاع الأسعار، أكثر من 150 ألف عامل سوري، من بين نحو 1.5 مليون عامل. ووفقاً للتقديرات، يتوقع أن يعود 4 في المائة من السوريين إلى بلادهم.

وقال رئيس إحدى شركات المنسوجات، مظفر جفيزلي، إن «هناك صعوبة في العثور على موظفين للعمل في هذا القطاع، الشباب الأتراك لا يفضلونه، لذا نعمل على سد هذه الفجوة من خلال العمالة السورية». وتوقع أنه مع تزايد أعداد السوريين العائدين إلى بلادهم سيكون من الصعب العثور على عمال في قطاعات النسيج والأثاث والبناء بشكل خاص.

وفي حي باغجلار في إسطنبول، حيث يعمل معظم السوريين، قال، محمود كايا، وهو صاحب ورشة للنسيج لـ«الشرق الأوسط»، إنهم يواجهون صعوبة في الاستمرار بعدما بدأ بعض السوريين المقيمين في إسطنبول العودة إلى بلادهم، وإن 5 من أصل 8 عمال في ورشته قرروا العودة بشكل مفاجئ.

سوريتان تعملان في أحد مصانع الألبسة الجاهزة في إسطنبول (إعلام تركي)

ويعد السوريون من العمال الأقل تكلفة لأصحاب العمل في تركيا، إذ يتقاضون أقل من الحد الأدنى للأجور، فضلاً عن أن معظمهم يعملون بلا تأمينات صحية أو اجتماعية، وهو ما يقلل الأعباء على أصحاب الأعمال في حال تشغيل الأتراك.

وقال عمر أوز، وهو صاحب مصنع نسيج: «نظراً لأننا نقوم بأعمال الإنتاج والبيع بالجملة، نكافح من أجل تلبية الطلبيات، لسوء الحظ، بدأنا نعاني نقصاً في الموظفين في مرحلة الإنتاج، ثمّ تأخيراً في التسليم».


مقالات ذات صلة

تركيا تكشف عن 4 مطالب دولية في سوريا

المشرق العربي وزير الخارجية التركي هاكان فيدان (الخارجية التركية)

تركيا تكشف عن 4 مطالب دولية في سوريا

كشفت تركيا عن إجماع دولي على 4 شروط يجب أن تتحقق في سوريا في مرحلة ما بعد بشار الأسد وهددت بتنفيذ عملية عسكرية ضد القوات الكردية في شمال سوريا وسط دعم من ترمب

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي مقاتلان من الفصائل الموالية لتركيا في جنوب منبج (أ.ف.ب)

تحذيرات تركية من سيناريوهات لتقسيم سوريا إلى 4 دويلات

تتصاعد التحذيرات والمخاوف في تركيا من احتمالات تقسيم سوريا بعد سقوط نظام الأسد في الوقت الذي تستمر فيه الاشتباكات بين الفصائل و«قسد» في شرق حلب.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي من أمام المقر الرئيسي للبنك المركزي السوري بينما يتحرك الناس لصرف الدولار الأميركي بأسعار أقل من السوق السوداء... دمشق 30 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

رخصة أميركية لسوريا تتيح معاملات مع مؤسسات حكومية

أصدرت الخزانة الأميركية، اليوم (الاثنين)، رخصة عامة لسوريا تسمح لها بإجراء معاملات مع مؤسسات حكومية وكذلك بعض معاملات الطاقة والتحويلات المالية الشخصية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
تحليل إخباري مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط) play-circle 02:28

تحليل إخباري هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

تزامناً مع الاستعداد لزيارة وفد من جامعة الدول العربية إلى دمشق، أثيرت تساؤلات بشأن ما إذا كان قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع سيشغل مقعد بلاده بالجامعة

فتحية الدخاخني (القاهرة)
المشرق العربي الرئيسان بوتين والأسد في قاعدة حميميم على الساحل السوري يوم 11 ديسمبر 2017 (سبوتنيك - أ.ب)

مدير مكتب بشار: بوتين لم يرد على اتصالات الأسد في الأيام الأخيرة لحكمه

تحدث مدير المكتب السياسي والإعلامي بالرئاسة السورية سابقاً عن الفترة الأخيرة لحكم بشار الأسد، من بينها أن بوتين لم يرد على اتصالاته على مدار أيام قبل رحيله.

«الشرق الأوسط» (لندن)

أوروبا تخطط لرفع جانب من العقوبات «الإنسانية» على سوريا

وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو (يسار) يرحب بنظيره الأميركي أنتوني بلينكن في مقر الخارجية الفرنسية قبل اجتماعهما بعد ظهر الأربعاء (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو (يسار) يرحب بنظيره الأميركي أنتوني بلينكن في مقر الخارجية الفرنسية قبل اجتماعهما بعد ظهر الأربعاء (أ.ف.ب)
TT

أوروبا تخطط لرفع جانب من العقوبات «الإنسانية» على سوريا

وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو (يسار) يرحب بنظيره الأميركي أنتوني بلينكن في مقر الخارجية الفرنسية قبل اجتماعهما بعد ظهر الأربعاء (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو (يسار) يرحب بنظيره الأميركي أنتوني بلينكن في مقر الخارجية الفرنسية قبل اجتماعهما بعد ظهر الأربعاء (أ.ف.ب)

قاعدة مزدوجة تتحكم في تعامل المسؤولين الأوروبيين مع الملف السوري: البراغماتية من جهة و«التدرجية» من جهة أخرى. فبداية، لم يتأخر الأوروبيون في إرسال ممثلين عنهم إلى دمشق لإطلاق حوار مع السلطات السورية الجديدة ممثلة بأحمد الشرع للتعرف على الشخصية الرئيسية التي أفرزتها التحولات الأخيرة وللاطّلاع على نياته وخططه لسوريا، ولكن أيضاً لعرض رؤيتهم وتوقعاتهم لما يمكن تسميته «سوريا الجديدة».

وليس من المبالغة في شيء القول إن الأوروبيين ممثلين بوزيري خارجية ألمانيا وفرنسا، استفادوا من اللقاءات لرسم «الخطوط الحمراء» التي يرون أن على السلطات الجديدة في دمشق تجنب تخطيها بالنظر لماضي الشرع (أبو محمد الجولاني) و«هيئة تحرير الشام» والمجموعات المنضوية تحت لوائها. أما التدرجية فتعني التروي في الانفتاح وعدم الارتماء في أحضان حكّام دمشق الجدد والتدرج في إقرار الخطوات الإيجابية التي يفترض أن تكتمل برفع العقوبات المفروضة على سوريا منذ أكثر من عقد وإزاحة «هيئة تحرير الشام» عن لائحة المنظمات الإرهابية، والاعتراف بالنظام الجديد وإقامة العلاقات الدبلوماسية معه وبعبارة واحدة: بلوغ مرحلة التطبيع الكامل.

وفق هذه المقاربة، يُعد رفع العقوبات التي يفرضها الاتحاد الأوروبي على سوريا والتي تعوق إيصال المساعدات الإنسانية والتعاملات المالية الفردية، عملياً، أول قرار أوروبي ملموس في خصوص الحكم الجديد في دمشق. واللافت أن الرغبة الأوروبية المرتقبة التي يمكن أن تترجم إلى قرار في الأيام القليلة المقبلة، لم تر النور إلا بعد أن جاء الضوء الأخضر، الاثنين الماضي، من الولايات المتحدة. وكانت واشنطن قد قررت إمهال سوريا ستة أشهر يتم خلالها رفع العقوبات عن التعامل مع المؤسسات الحكومية الجديدة لغرض تسهيل وصول المساعدات الإنسانية. وفلسفتها أن العقوبات كانت تستهدف نظام بشار الأسد وبسقوطه انتفت أسباب بقاء هذا النوع من العقوبات.

وفي التعاطي الأميركي والأوروبي، لا يتعين اعتبار رفع جانب من العقوبات بمثابة «شيك على بياض» للنظام الجديد الذي سيخضع، لأشهر، لمراقبة دقيقة لأدائه ولمعرفة مدى تطابقه مع ما يريده الأوروبيون والغربيون بشكل عام.

الوفدان الفرنسي والأميركي خلال اجتماعهما في مقر الخارجية الفرنسية بعد ظهر الأربعاء (رويترز)

أوروبا تريد تعاملاً جماعياً مع السلطات السورية

هذه المقاربة أكدها، الأربعاء، وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو في حديث لإذاعة «فرنس أنتير»، حيث أعلن أن هناك «عقوبات مفروضة على بشار الأسد وجلادي نظامه، هذه العقوبات بطبيعة الحال لن ترفع. وثمة عقوبات أخرى تعرقل راهناً وصول المساعدة الإنسانية ما يمنع انتعاش البلاد، وهذه قد ترفع سريعاً». وأردف بارو بأن هناك «عقوبات أخرى هي أيضاً موضع نقاش مع شركائنا الأوروبيين التي قد ترفع لكن وفقاً للوتيرة التي تأخذ توقعاتنا الأمنية حول سوريا في الحسبان». وكان بارو يشير إلى ما يمكن اعتباره «عقوبات سياسية» كانت مفروضة على نظام الأسد والتي لا يتوقع التخلي عنها في القريب العاجل. وربط بارو مصير هذا النوع من العقوبات بكيفية قيادة الحكام الجدد للفترة الانتقالية وضمانهم أن تكون شاملة لجميع السوري فضلاً عن توافر الأمن وكيفية التعامل مع كافة مكونات الشعب السوري ومع المرأة على وجه الخصوص. يريد الأوروبيون أن يكون التعامل مع سوريا «جماعياً» وليس على مستوى كل دولة على حدة. من هنا، امتناع بارو عن إعطاء تاريخ محدد لرفع بعض العقوبات «الإنسانية» بانتظار ما سيسفر عنه الاجتماع الذي سيعقده وزراء الخارجية الأوروبيون يوم 27 الجاري للبحث في الوضع السوري وفي الإجراءات الواجب اتخاذها وعلى رأسها مصير العقوبات. ونقلت «رويترز» عن مصدرين دبلوماسيين قولهما إن «أحد الأهداف (الإجراءات المرتقبة) هو تسهيل المعاملات المالية للسماح بعودة الأموال إلى البلاد، وتخفيف النقل الجوي، وتخفيف العقوبات التي تستهدف قطاع الطاقة لتحسين إمداداتها» (في إشارة إلى التيار الكهربائي) بالنظر إلى النقص الحاد الذي تعاني منه البلاد في الوقت الحاضر.

لقاء روما الأوروبي - الأميركي

بانتظار اجتماع وزراء خارجية التكتل الأوروبي نهاية يناير، كان الملف السوري حاضراً في اللقاء الذي جمع في باريس الأربعاء بارو بنظيره الأميركي أنتوني بلينكن الذي جاء إلى باريس، أساساً، لتلقي وسام جوقة الشرف من الرئيس إيمانويل ماكرون مع قرب انتهاء مهمته على رأس الدبلوماسية الأميركية. بيد أن الاجتماع الأهم سوف تستضيفه روما، الخميس، بدعوة منها، حيث سيلتقي وزراء خارجية إيطاليا والولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا وفرنسا وبكلام آخر وزراء خارجية الدول الغربية الرئيسية المؤثرة في الملف السوري وذلك وفق البيان الصادر الثلاثاء عن الخارجية الإيطالية. وبحسب وزير الخارجية الإيطالية أنطونيو تاياني، فإن غرض الاجتماع تقييم الوضع في سوريا بعد شهر على سقوط نظام الأسد. في المقابل، رأت الخارجية الأميركية أن اجتماع روما «يوفر فرصة للدفاع عن انتقال سياسي سلمي وشامل للجميع يقوده السوريون ويعود القرار فيه إليهم». ومن المقرر أن يقيّم الوزراء الخمسة الإجراءات والتدابير الانتقالية التي اتخذتها السلطات الجديدة حتى اليوم وملف التعافي الاقتصادي لسوريا فضلاً عن ملف مسودة الدستور الجديد إضافة إلى المرتقب من مؤتمر الحوار الوطني الذي أعلن أسعد الشيباني، وزير الخارجية السوري الجديد، إرجاءه إلى أجل لاحق.

وزيرا خارجية فرنسا وألمانيا جان نويل بارو وأنجلينا بيربوك لدى لقائهما أحمد الشرع في دمشق يوم 3 يناير (رويترز)

حقيقة الأمر أن ثمة مخاوف عديدة تنتاب الأوروبيين وبعضها شدد عليها بارو مجدداً بقوله: «طلبنا أن تتمثل في المرحلة الانتقالية السياسية كل أطياف المجتمع السوري ولا سيما النساء». كذلك يريد الأوروبيون، مع اقتراب عودة الرئيس ترمب إلى البيت الأبيض، معرفة خطط دمشق إزاء الأكراد وذلك على خلفية التهديدات التركية المتواصلة بالقيام بعملية عسكرية للقضاء على الإرهاب. كذلك يريد الأوروبيون التأكد من أن النظام الجديد سيكون حازماً في التعاطي مع تنظيم «داعش» وفي محاربته والقضاء على مخزون سوريا من الأسلحة الكيميائية وتوفير الأمن للاجئين السوريين وقيام سوريا ديمقراطية تحترم التعددية الأثنية والطائفية والسياسية فضلاً عن ضمان الأمن والاستقرار الإقليميين ومحاربة إنتاج وتهريب المخدرات وبناء دولة المؤسسات. وبعضهم من يريد (على غرار ألمانيا) أن تتخلص من الحضور المزدوج الروسي والإيراني، والبعض الآخر (فرنسا) ألا تقوم أي قوة أجنبية (في إشارة إلى تركيا) بإضعاف سوريا.

هل ستنجح السلطات في تحقيق كافة المطالب؟ السؤال مطروح والإجابة عنه مستحيلة قبل أن تمر على الأقل عدة أشهر على التحولات المتسارعة في سوريا راهناً.