هاجس إنهاء «المقاومة» يسكن «حزب الله»

قاسم تحدث 7 مرات في خطابه عن استمراريتها

الأمين العام لجماعة «حزب الله» اللبنانية نعيم قاسم (أ.ف.ب)
الأمين العام لجماعة «حزب الله» اللبنانية نعيم قاسم (أ.ف.ب)
TT

هاجس إنهاء «المقاومة» يسكن «حزب الله»

الأمين العام لجماعة «حزب الله» اللبنانية نعيم قاسم (أ.ف.ب)
الأمين العام لجماعة «حزب الله» اللبنانية نعيم قاسم (أ.ف.ب)

استخدم أمين عام «حزب الله» الشيخ نعيم قاسم 7 مرات في خطابه الأخير مصطلحي «استمرارية المقاومة» و«المقاومة مستمرة». خطاب أقر فيه بخسارة طريق إمداده البري الوحيد عبر سوريا، وبمحدودية إمكانات الحزب، بعد الحرب الأخيرة التي شنتها إسرائيل عليه، فبدا واضحاً أن الهدف الوحيد من الإطلالة التأكيد على مواصلة دوره العسكري، خاصة مع ارتفاع الأصوات في الداخل والخارج الداعية لنزع سلاح الحزب بعد انتهاء دوره جنوبي الليطاني، كما نص اتفاق وقف النار الذي وافق عليه.

وحصر قاسم ما حققه الحزب في الحرب الأخيرة بأنه «منع العدو من القضاء على ‫المقاومة وسحقها»، ليتبين من كل ذلك أن هاجس إنهاء «المقاومة» بات يسكن «حزب الله».

تشييع قتلى لـ«حزب الله» في ضاحية بيروت الجنوبية (رويترز)

حوار ونقاش

وكان لافتاً في خطابات وتصريحات قاسم كما مسؤولين آخرين في الحزب، الحديث عن أن المواضيع الإشكالية الداخلية؛ كمصير سلاح الحزب هي مواضيع لـ«الحوار والنقاش الداخلي»، علماً بأن قيادته طوال السنوات الماضية كانت ترفض رفضاً قاطعاً مجرد الحديث عن الموضوع، بعدما كان نفوذ «حزب الله» الداخلي والإقليمي بأوْجِه.

والأرجح أنه ولاستيعاب التطورات الكبرى التي أدت لتحجيم هذا النفوذ والدور لحدوده الدنيا، يعتمد الحزب راهناً خطاباً أكثر مرونة؛ إما ليمهد لجمهوره التحولات المقبلة في دوره، وإما بإطار سعيه لكسب الوقت بانتظار تطورات إقليمية ودولية أخرى تعيد تعويمه.

أشكال جديدة من المقاومة؟

ويشير الكاتب السياسي الدكتور قاسم قصير إلى أنه «صحيح أن الحزب يؤكد استمرار المقاومة في مواجهة الاحتلال، لكن في آخر خطابين للشيخ نعيم قاسم أكد أن المقاومة لها أشكال متعددة وفقاً للظروف والمعطيات الواقعية»، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى وجوب التوقف عند حديث الشيخ قاسم عن «الاستعداد للحوار الوطني لبحث كل المواضيع».

«حزب الله» جديد؟

من جهته، يرى أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأميركية في بيروت الدكتور هلال خشان، أن «موضوع المقاومة والجهاد بالنسبة لـ(حزب الله) متشعب، بحيث إن هناك إلى جانب الجهاد العسكري، جهاد النفس الذي يقول بضبط النفس والاستمرار على نهج المقاومة عقائدياً، باعتبار أن (حزب الله)، بصفته منظمة عسكرية، انتهى بعد انقطاع طريق إمداده عن طريق سوريا، ما يعني أن سبل تزويده بالسلاح انعدمت نهائياً».

وينبه خشان في تصريح لـ«الشرق الأوسط» من أن «لدى الحزب سلاحاً كافياً لافتعال مشاكل في الداخل اللبناني، والضغط على الحكومة؛ لأنه يدرك أنه ومن دون قدرة على المقاومة عسكرياً، فهو ينتهي سياسياً، وسيتحول لحزب صغير تحت سلطة وقيادة حركة (أمل)». ويضيف: «(حزب الله) الذي نعرفه انتهى، وسيحتاج وقتاً ليُدرك هذا الواقع ويتعايش معه».

للتمييز بين القيادة والجمهور

ويرى كُثر أن قيادات «حزب الله» الجديدة بدأت تستخدم خطاباً يُمهد لبيئتها أن هناك وضعية جديدة يفترض أن يعتادوا عليها؛ إذ لا يمكنها الخروج للحديث المباشر عن هزيمة كاملة.

وترى الدكتورة بريجيت خير، الدبلوماسية السابقة في الأمم المتحدة، أنه «يجب التمييز بين وضع قيادات (حزب الله) وجمهوره، فالقيادة تعي ما يحصل، وأنها أخطأت بالحسابات، وأن إيران تخلت عنها وانهار المحور الذي تنتمي إليه، وأنها عندما وافقت القيادات على اتفاق وقف النار كانت تدرك أنه لا خيار آخر أمامها، أما الجمهور فتحاول القيادة امتصاص غضبه بعدما هُجّر ودمرت منازله وقراه وبلداته، لذلك نراها تصوب مجدداً باتجاه خصوم الداخل».

وتوضح خير في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن هناك «5 مراحل للحزن، بحيث يبدأ بالإنكار، ثم الغضب، فالمساومة، والاكتئاب والتقبّل»، لافتة إلى أن جمهور «حزب الله» «لا يزال في مرحلة ما بين الغضب والمساومة على أمل أن نصل سريعاً لمرحلة التقبل؛ لأنه إذا طالت المكابرة فإسرائيل ستعود لتستكمل ما بدأته».

لا تكرار لسيناريو 2006

ولا يزال الخلاف قائماً في الداخل اللبناني حول قراءة اتفاق وقف النار، وما إذا كانت مضامينه تلحظ جنوبي الليطاني حصراً أم كل الأراضي اللبنانية.

ويرى العميد المتقاعد جورج نادر أن «(حزب الله) هو الذي وافق على اتفاق وقف النار الذي ينص على سحب السلاح، وتفكيك كل البنى العسكرية غير التابعة للدولة اللبنانية جنوبي وشمالي نهر الليطاني، لكنه يصر على المكابرة فيشدد على أن الاتفاق يسري جنوب الليطاني حصراً، وعلى أن المقاومة مستمرة، علماً بأنه لم يعد لديه مقاتلون صف أول، الذخيرة كلها دمرت، ووافق على اتفاقية استسلام، وسقط حليفه بشار الأسد، وتم قطع طريقه من وإلى طهران».

ويشير نادر إلى أن «تسليم السلاح إما يحصل طوعاً، كما ورد في الاتفاق الذي وافق هو عليه، وإما أن إسرائيل ستعود لتدمير ما تبقى منه، أما سيناريو 2006 الذي يقول بغض النظر وإعادة بناء قدراته العسكرية، فلن يتكرر».


مقالات ذات صلة

توغل إسرائيلي يثير مخاوف لبنانية من تجدد الحرب

المشرق العربي يقف أفراد من الجيش اللبناني بالقرب من الأنقاض في قرية الخيام (رويترز)

توغل إسرائيلي يثير مخاوف لبنانية من تجدد الحرب

صعّدت تل أبيب بتوغلها، الخميس، في مناطق بعيدة عن الحدود، وبالتحديد في وادي الحجير الذي له رمزية بالنسبة لـ«حزب الله» وإسرائيل.

بولا أسطيح (بيروت)
المشرق العربي عناصر من الجيش اللبناني ينتشرون في بلدة الخيام الجنوبية بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي (رويترز)

«حزب الله» يطالب باستراتيجية دفاعية تبرّر احتفاظه بسلاحه

دعا «حزب الله» بعد الحرب الأخيرة ونتائجها التدميرية إلى وضع «الاستراتيجية الدفاعية»، محاولاً بذلك إيجاد الوسيلة التي تبقي سلاحه جزءاً من تلك المعادلة.

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي سوريون في منطقة بالقرب من معبر المصنع الحدودي اللبناني مع سوريا (د.ب.أ)

لبنان يتطلع إلى «أفضل علاقات الجوار» مع الحكومة الجديدة في سوريا

قال لبنان، اليوم (الخميس)، إنه يتطلع إلى «أفضل علاقات الجوار» مع سوريا، في أول رسالة رسمية للإدارة الجديدة في دمشق.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي رئيس الحكومة نجيب ميقاتي مجتمعاً مع لجنة مراقبة اتفاق وقف إطلاق النار يوم الثلاثاء بالسراي الحكومي (أ.ب)

لبنان يتمسك بتحييد شمال الليطاني عن جنوبه والكلمة لهوكستين

الجديد في مواصلة إسرائيل خرقها لوقف النار منذ دخوله حيز التنفيذ في 27 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي يكمن في قيام الطيران الحربي الإسرائيلي بشن غارة على بلدة…

محمد شقير (بيروت)
المشرق العربي عنصر من الجيش اللبناني يسير بالقرب من الأنقاض في الخيام (رويترز)

إسرائيل تواصل خرق الهدنة... غارة شرقاً وراياتها على مركز للجيش اللبناني جنوباً

واصلت إسرائيل خروقاتها لاتفاق وقف إطلاق النار حيث أغارت للمرة الأولى منذ سريان الاتفاق على بلدة طاريا في منطقة بعلبك شرق لبنان.

لينا صالح (بيروت)

مقتل 15 فلسطينياً في غارتين إسرائيليتين على منزلين في غزة

دخان يتصاعد بعد غارة جوية إسرائيلية على غزة (رويترز)
دخان يتصاعد بعد غارة جوية إسرائيلية على غزة (رويترز)
TT

مقتل 15 فلسطينياً في غارتين إسرائيليتين على منزلين في غزة

دخان يتصاعد بعد غارة جوية إسرائيلية على غزة (رويترز)
دخان يتصاعد بعد غارة جوية إسرائيلية على غزة (رويترز)

قتل الجيش الإسرائيلي، اليوم الخميس، 15 فلسطينياً على الأقل في هجمتين جويتين على منزلين في مدينة غزة.

وقال محمود بصل الناطق باسم جهاز الدفاع المدني في اتصال هاتفي مع «وكالة الأنباء الألمانية»: «قتل الجيش الإسرائيلي 13 فلسطينياً بقصف منزل لعائلة هتهت في حي الشيخ رضوان فيما أصيب 40 آخرون ظلوا عالقين تحت الأنقاض».

فلسطينيون يتفقدون الأضرار في موقع غارة إسرائيلية بدير البلح وسط قطاع غزة (رويترز)

وأضاف: «قتل الجيش الإسرائيلي فلسطينيين اثنين وأصاب 20 آخرين في قصف منزل لعائلة اسليم في حي الصبرة وسط مدينة غزة».

وأوضح أن طواقم الدفاع المدني لا تزال تواصل عمليات إنقاذ الضحايا، مشيراً إلى أنهم يواجهون صعوبة في عمليات الإنقاذ.