تململ داخل بيئة «حزب الله» نتيجة البطء في دفع التعويضات والمحسوبية

بعد انتهاء الحرب مع إسرائيل بدمار واسع

TT

تململ داخل بيئة «حزب الله» نتيجة البطء في دفع التعويضات والمحسوبية

عناصر في الجيش اللبناني أمام مبنى مدمر في بلدة الخيام في جنوب لبنان (رويترز)
عناصر في الجيش اللبناني أمام مبنى مدمر في بلدة الخيام في جنوب لبنان (رويترز)

رغم التطمينات التي يحاول «حزب الله» بثّها في أوساط جمهوره لجهة التعويضات عن الخسائر الناتجة عن الحرب، فإن التململ من التباطؤ في عملية الدفع والمحسوبيات بدأ يتوسّع تدريجياً في بيئته.

وبينما يحرص البعض، من البيئة الضيقة للحزب، على مراعاة الوضع وعدم الانتقاد علناً، فإن هناك مَن يعلن جهاراً؛ إمَّا عبر وسائل التواصل الاجتماعي وإما في القرى والبلدات، استياءه من طريقة توزيع التعويضات لجهة ما يعدونها محسوبيات وتمييزاً، أو لجهة المبالغ القليلة التي تقدَّم مقارنةً مع الخسائر التي تكبَّدها أهل الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية لبيروت.

وربما ارتفاع هذه الأصوات هو الذي أدى بـ«حزب الله» إلى إصدار، يوم الاثنين، بيان، أكد فيه مواصلة متابعة الترميم وإعادة الإعمار، متحدثاً عن بعض التفاصيل التقنية واللوجيستية التي يعمل وفقها.

مع العلم أن الحزب وعلى لسان أمينه العام نعيم قاسم، كان قد أعلن، منذ سريان اتفاق وقف إطلاق النار، التزامه دفع بدل إيواء لمن دُمِّرت منازلهم، لمدة عام، فيما رمى كرة التعويضات لإعادة الإعمار في ملعب الحكومة.

الأمين العام لجماعة «حزب الله» اللبنانية نعيم قاسم (أ.ف.ب)

وبعد مرور نحو شهر على توقف الحرب، يبدو واضحاً أن عملية دفع بدلات الإيواء والكشف عن الأضرار بطيئة، ويعدها البعض غير عادلة، كما أن المشكلة الكبرى تكمن في تخمين الخسائر بحيث تكون في كثير من الأحيان أقل من الواقع، وهو ما ينعكس على المبالغ التي تُدفع، إضافةً إلى الطلب من العائلات إصلاح الأضرار وتقديم فواتير ليصار بعدها إلى الدفع.

محسوبيات في توزيع بَدل الإيواء والتعويضات

ويؤكد س. عبد الله، أنه وأهله وشقيقه وشقيقته الذين يملكون منازل في بلدة الخيام وفي الضاحية الجنوبية لبيروت، لم يحصلوا من «حزب الله» على دولار واحد حتى الآن، متحدثاً عن فوضى ومحسوبيات تتحكم في توزيع المساعدات. ويؤكد لـ«الشرق الأوسط» أن من يحصلون على الأموال هم من الحزبيين فقط، وكل من هو بعيد عن «حزب الله» يتم تجاهله ولا ينفع التقديم على هذه المنصة أو تلك. وفي حين يقول عبد الله الذي يسكن وعائلته في بيوت مستأجرة منذ بدء الحرب بعدما تضررت منازلهم في الضاحية بشكل كبير، ودُمرت منازلهم في الخيام: «نحن نتدبر أمورنا في دفع بدلات الإيجار، لكن ما ليس مقبولاً أن يُدخلونا بالحرب ومن ثم يطلقون وعود التعويضات لتكون النتيجة ازدواجية ومحسوبية». ويقول: «كنت قد بدأت العمل على مشروع سياحي في الخيام لأنتقل للسكن إلى هناك ودفعت مبلغاً كبيراً لإنجاز جزء كبير منه»، سائلاً: «اليوم بعدما خسرت كل شيء هل سيعوضونني وهم لم يدفعوا بدل الإيجار حتى الآن؟».

ويضيف: «معظم الذين حصلوا على مساعدات كانوا من أوائل الناس الذين غادروا لبنان ولم يتشردوا كما غيرهم»، مضيفاً: «لم تعد هناك قيادات في الحزب، والفوضى متحكمة في إدارة الأمور حيث يتم نهب الأموال».

وفي حين يؤكد عبد الله أن ما يقوله هو لسان حال معظم أهالي بلدته والقرى المجاورة، «وإن كان البعض لا يجرؤ على الحديث علناً بهذا الموضوع»، يقول: «من الواضح أن المرحلة المقبلة لن تكون كما السابق بالنسبة إلى بيئة (حزب الله)، هناك أمور كثيرة تغيرت وهذا ما سيظهر في المستقبل».

شرط الترميم قبل القبض عبء على أصحاب الدخل المحدود

وتحول طلب «حزب الله» إصلاح الأضرار، ومن ثم تقديم الفواتير لقبض التعويضات، في البيوت التي بقيت صالحة للسكن، إلى عبء بالنسبة إلى عدد كبير من ذوي الدخل المحدود الذين لا يملكون مدخرات، مما يَحول دون قدرتهم على إصلاح منازلهم، بحيث إن المتنقل في الضاحية والجنوب سيرى بشكل واضح النوافذ المغطاة بالنايلون بدل الزجاج المكسور.

هذا الواقع تتحدث عنه أم أحمد، التي تؤكد أن أضراراً متوسطة أصابت منزلها في الجنوب، من الزجاج إلى أثاث المنزل، لكن بقي منزلها صالحاً للسكن، وتقول: «راتب زوجي 400 دولار يجب أن يكفينا للأكل والمصاريف وأقساط المدرسة لابني وابنتي»، وتسأل: «من أين يمكن لي أن أؤمّن مبلغ ألف دولار لإصلاح الأضرار ومن ثم الانتظار لأقبضها؟».

أما سامية التي حصلت على بدل إيواء لا يكفي لاستئجار منزل بعد ارتفاع أسعار الإيجارات، فتقول: «قبل الحرب كان إيجار بيتي 300 دولار، واليوم بات بين 600 و700 دولار إذا وُجد البيت»، مضيفةً: «خسرت منزلي في الجنوب وانتقلت إلى منطقة أخرى، بعدما خسر زوجي أيضاً عمله، ولم أتمكن من تسجيل أولادي في المدرسة، هذا باختصار ما أصابنا نتيجة الحرب»، رافضةً في الوقت عينه اتهامها من البعض الذين ينتمون إلى بيئة «حزب الله» بالخيانة إذا عبّرت عن هواجسها، وتقول: «لا يزايدوا علينا ونحن لطالما كنا مع الخط، لكن من حقنا أيضاً أن نعبّر عن معاناتنا».

صور لأمين عام «حزب الله» السابق حسن نصر الله في الضاحية الجنوبية لبيروت ضمن مبانٍ مدمّرة نتيجة القصف الإسرائيلي (رويترز)

«حزب الله»: نواصل متابعة ملف الترميم وإعادة الإعمار

وفي بيان له، أعلن «حزب الله»، الاثنين، أنه «يواصل متابعة ملف ترميم وإعادة الإعمار، موضحاً أن «هناك ثلاثة أقسام من الملفات يجري العمل عليها، هي: ملف الهدم الكلي، وملف الأبنية التي تحتاج إلى فحص إنشائي، وملف الترميم»، مشيراً إلى أنه «جرى إنهاء الكشف على 4350 وحدة سكنية تقريباً في ملف الهدم الكلي في قرى جنوب الليطاني».

وتحدث عن «ملفات تفصيلية داخل كل كشف في ملف الهدم الكلي، وقد أنجز منها نحو 640 ملفاً بشكل تفصيلي، كما أنّ هناك ملفات جزئية أُنجز فيها نحو 300 وحدة سكنية».

وأضاف: «في ملف الأبنية التي تحتاج إلى فحص إنشائي، أحصينا نحو 250 وحدة سكنية، وهي الوحدات السكنية المعرّضة للانهيار، ويجري رفع ملف هذه الوحدات إلى للجنة مركزية وهي تعيد أيضاً عملية الكشف والفحص. أمّا فيما يتعلق بملف الترميم، هناك ما يصل إلى 200 ألف متضرر وقد أُنجز إلى الآن نحو 25 ألف استمارة، وجرت مكننة 5 آلاف منها جرى البدء بصرف الأموال لهم»، لافتاً إلى «أنّه عندما تُرفع الاستمارة تُصرف خلال 10 أيام».

وقال: «صدّرنا سبع دفعات فيما يتعلق بالمتضررين جزئياً كالأبواب والنوافذ وما شابه، لتتمكن العائلات من السكن فيها بشكل عاجل، أمّا المتضررة بيوتهم بشكل كامل فأصحابها يتقاضون بدل إيواء وأثاث وباستطاعتهم تأمين أمورهم».

ولفت إلى أنه «يجري العمل حالياً على توسيع فريق المكننة من أجل إنجاز أكبر عدد ممكن من الاستمارات، ونحاول أن نُنهي جميع الملفات في فترة زمنية قليلة».


مقالات ذات صلة

«حزب الله» يطالب باستراتيجية دفاعية تبرّر احتفاظه بسلاحه

المشرق العربي عناصر من الجيش اللبناني ينتشرون في بلدة الخيام الجنوبية بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي (رويترز)

«حزب الله» يطالب باستراتيجية دفاعية تبرّر احتفاظه بسلاحه

دعا «حزب الله» بعد الحرب الأخيرة ونتائجها التدميرية إلى وضع «الاستراتيجية الدفاعية»، محاولاً بذلك إيجاد الوسيلة التي تبقي سلاحه جزءاً من تلك المعادلة.

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي آليات عسكرية تابعة لقوات «يونيفيل» في بلدة الخيام بجنوب لبنان (أ.ف.ب)

الـ«يونيفيل»: قلقون إزاء استمرار تدمير إسرائيل المناطق السكنية بجنوب لبنان

أكدت قيادة «قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل)»، اليوم الخميس، أن «أي أفعال تهدد الوقف الهش للأعمال العدائية، يجب أن تتوقف».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي جنديان إسرائيليان خلال عمليات تمشيط جنوبي لبنان (موقع الجيش الإسرائيلي)

عمليات نسف إسرائيلية لمنازل في يارون وكفركلا بجنوب لبنان

أقدمت القوات الإسرائيلية على نسف عدد من المنازل، مساء الأربعاء، في بلدتَي يارون وكفركلا في جنوب لبنان.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي رئيس الحكومة نجيب ميقاتي مجتمعاً مع لجنة مراقبة اتفاق وقف إطلاق النار يوم الثلاثاء بالسراي الحكومي (أ.ب)

لبنان يتمسك بتحييد شمال الليطاني عن جنوبه والكلمة لهوكستين

الجديد في مواصلة إسرائيل خرقها لوقف النار منذ دخوله حيز التنفيذ في 27 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي يكمن في قيام الطيران الحربي الإسرائيلي بشن غارة على بلدة…

محمد شقير (بيروت)
المشرق العربي الأمين العام لجماعة «حزب الله» اللبنانية نعيم قاسم (أ.ف.ب)

هاجس إنهاء «المقاومة» يسكن «حزب الله»

استخدم أمين عام «حزب الله» الشيخ نعيم قاسم 7 مرات في خطابه الأخير مصطلحي «استمرارية المقاومة» و«المقاومة مستمرة»، حيث أقر أيضاً بخسارة طريق إمداده عبر سوريا

بولا أسطيح (بيروت)

وفد عراقي التقى في دمشق الإدارة السورية الجديدة

برج مراقبة تابع للجيش العراقي لجزء من الحدود العراقية مع سوريا التي يبلغ طولها 600 كيلومتر (أ.ف.ب)
برج مراقبة تابع للجيش العراقي لجزء من الحدود العراقية مع سوريا التي يبلغ طولها 600 كيلومتر (أ.ف.ب)
TT

وفد عراقي التقى في دمشق الإدارة السورية الجديدة

برج مراقبة تابع للجيش العراقي لجزء من الحدود العراقية مع سوريا التي يبلغ طولها 600 كيلومتر (أ.ف.ب)
برج مراقبة تابع للجيش العراقي لجزء من الحدود العراقية مع سوريا التي يبلغ طولها 600 كيلومتر (أ.ف.ب)

التقى وفد عراقي يرأسه رئيس جهاز المخابرات العراقية، حميد الشطري، في دمشق الإدارة السورية الجديدة، وفق ما قال المتحدث باسم الحكومة العراقية، الخميس، وذلك بعد أكثر من أسبوعين على سقوط نظام بشار الأسد.

وكانت حكومة بغداد قد شددت بعد سقوط الأسد على «ضرورة احترام الإرادة الحرّة» للسوريين والحفاظ على وحدة أراضي سوريا التي يتشارك معها العراق حدوداً يزيد طولها على 600 كيلومتر، وفقاً لما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وأكّد رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، في مقابلة تلفزيونية الأسبوع الماضي أن بلده «ليس ضد التواصل مع الإدارة (الجديدة) في سوريا طالما هناك مصلحة لاستقرار سوريا والمنطقة».

وقال المتحدث باسم الحكومة العراقية، باسم العوادي، لـ«وكالة الأنباء العراقية»، الخميس، إن «وفداً عراقياً برئاسة رئيس جهاز المخابرات، حميد الشطري، التقى الإدارة السورية الجديدة، وجرى بحث التطورات على الساحة السورية، ومتطلبات الأمن والاستقرار في الحدود المشتركة بين البلدين».

ولفت أحد المسؤولين المشاركين في الوفد، طالباً من «وكالة الصحافة الفرنسية» عدم الكشف عن هويته، إلى أن الوفد «حمل رسالة تحذير للسلطات السورية الجديدة من أن تستغل الجماعات المسلحة الفراغ الأمني في بعض المناطق لشنّ هجمات ضد العراق ومناطق أخرى».

وأضاف: «يرغب العراق في الحصول على تطمينات من الجانب السوري بشأن قضايا الحدود، والاستقرار الأمني داخل سوريا، والحفاظ على النسيج الداخلي»، مؤكداً ضرورة «عدم تدخل أي طرف في شؤون سوريا الداخلية».

وعدّ السوداني الأسبوع الماضي أنه «ثمة حالة من القلق من طبيعة الوضع في الداخل السوري»، داعياً السلطات الجديدة إلى أن «تعطي ضمانات ومؤشرات إيجابية حول (...) إعدادها لعملية سياسية لا تقصي أحداً».

وأشار حينئذ إلى استئناف عمل بعثة العراق الدبلوماسية في دمشق بعدما غادر طاقمها إلى لبنان في 8 ديسمبر (كانون الأول) الحالي.