فلسطينيون حول بقايا حافلة أصيبت بقصف إسرائيلي في خان يونس الاثنين (أ.ف.ب)
القاهرة - تل أبيب:«الشرق الأوسط»
TT
القاهرة - تل أبيب:«الشرق الأوسط»
TT
«هدنة غزة»... الخلافات تتواصل والتفاؤل يتراجع
فلسطينيون حول بقايا حافلة أصيبت بقصف إسرائيلي في خان يونس الاثنين (أ.ف.ب)
تحدثت تقديرات إسرائيلية جديدة عن «تصاعد الخلافات وتراجع التفاؤل» في أروقة مفاوضات الهدنة في قطاع غزة، بموازاة محادثات شهدتها القاهرة، وأخرى لا تزال تستضيفها الدوحة منذ الأسبوع الماضي لحسم الاتفاق، واتهامات نقلها إعلام أميركي لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بـ«تعمد» إفشال الصفقة المرتقبة.
وسط هذه الأجواء، أعلن نتنياهو، أمس، أنه تم إحراز تقدم في المفاوضات الجارية مع «حركة المقاومة الإسلامية» الفلسطينية (حماس) بشأن الرهائن المحتجزين في غزة، لكنه لا يعرف متى ستظهر نتائج ذلك. وتحدث خلال كلمة ألقاها في الكنيست عن «إنجازات عظيمة» عسكرياً على جبهات عدة دفعت بـ«حماس» وقادتها إلى تخفيف مطالبها السابقة.
وسارع أبو عبيدة، المتحدث باسم «كتائب القسام» للرد بمنشور على «تلغرام»، قال فيه إن مصير الرهائن «مرهون بتقدم الجيش الإسرائيلي لمئات الأمتار في بعض المناطق التي تتعرض للعدوان».
ذكرت صحيفة «نيويورك تايمز»، اليوم الخميس، أن الجيش الإسرائيلي خفف قواعد الاشتباك في بداية الحملة العسكرية بقطاع غزة؛ لتمكين القادة من إصدار أوامر بشن هجمات.
يقف أفراد من الجيش اللبناني بالقرب من الأنقاض في قرية الخيام (رويترز)
لم تنفع كل الاحتجاجات الرسمية التي حملتها الحكومة اللبنانية والجيش إلى لجنة مراقبة تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار، وإلى قوات «اليونيفيل»، والوسيط الأميركي، بالحد من الخروقات الإسرائيلية المتواصلة للاتفاق، بل صعّدت تل أبيب منها متوغلة، الخميس، في مناطق بعيدة عن الحدود، وبالتحديد في وادي الحجير الذي له رمزية بالنسبة لـ«حزب الله» وإسرائيل، حيث شهد عام 2006 معركة كبيرة عُرفت بـ«المعركة الكبرى» وبـ«مجزرة الدبابات»، وأدت نتائجها لوقف الحرب ووقف التقدم الإسرائيلي.
وكان لافتاً خروج أحد نواب «حزب الله» ليصف الأداء الرسمي في مجال التصدي للخروقات الإسرائيلية بـ«الفشل الذريع»، وعدَّ أحد وزراء الحزب أن «الحل والخيار الوحيد هو المقاومة».
الجيش يعزز انتشاره
وأعلن الجيش اللبناني في بيان عن «توغل قوات تابعة للعدو الإسرائيلي في عدة نقاط في مناطق القنطرة وعدشيت القصير ووادي الحجير - الجنوب»، لافتاً إلى أنه «عزز انتشاره في هذه المناطق، فيما تتابع قيادة الجيش الوضع بالتنسيق مع قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل) واللجنة الخماسية للإشراف على اتفاق وقف إطلاق النار».
وقالت مصادر أمنية لبنانية لـ«الشرق الأوسط» إن «الخروقات الإسرائيلية تتمادى ونحن نرفع الصوت عبر اللجنة الخماسية و(اليونيفيل) والأميركيين، ونواصل نقل احتجاجاتنا والمطالبة بردع العدو».
من جهتها، أشارت «الوكالة الوطنية للإعلام» إلى أن «آليات جيش العدو تقدمت عبر وادي الحجير جنوب لبنان، وقامت بعمليات تمشيط واسعة بالأسلحة الرشاشة الثقيلة خلال تقدمها». كذلك عملت الجرافات الإسرائيلية في وقت لاحق على إقامة سواتر ترابية بين وادي الحجير ووادي السلوقي لقطع طريق الوادي، وتزامن هذا التقدم مع تحليق للطيران الاستطلاعي والمسير الإسرائيلي فوق المنطقة.
وفي وقت لاحق قالت قناة «المنار» التابعة لـ«حزب الله» إن القوة الإسرائيلية التي توغلت باتجاه وادي الحجير تراجعت باتجاه وادي السلوقي، وتزامنت هذه التطورات مع ما نقلته صحيفة «هآرتس» عن مصادر بالجيش الإسرائيلي، أن «الجيش الإسرائيلي سيبقى في لبنان أكثر من 60 يوماً خلافاً لما هو متفق عليه»، وأفاد المصدر بأن «الجيش الإسرائيلي سيبقى بلبنان حتى يسيطر الجيش اللبناني على جنوب البلاد بالكامل».
اختطاف مواطن لبناني
وخلال توغلها، اختطفت القوات الإسرائيلية، بحسب «الوكالة الوطنية للإعلام» مواطناً لبنانياً قبل أن تعود لتسليمه إلى قوات «اليونيفيل» والصليب الأحمر اللبناني، «بعدما أطلقت النار على رأسه وخطفته في وادي الحجير، وقد نقلته سيارة إسعاف تابعة للجيش».
وأدى التوغل الإسرائيلي المفاجئ إلى حركة نزوح في المنطقة، بحيث أفيد عن وصول عدد من الأهالي إلى بلدتي الغندورية وصريفا القريبتين من وادي الحجير، فيما قالت بلدية مجدل سلم: «على المواطنين، بسبب الظروف الأمنية المستجدة، عدم سلوك طريق السلوقي - الحجير نحو النبطية، بما فيها المتفرعات من بلدة قبريخا».
دخول مؤقت
ووصف العميد المتقاعد، الدكتور حسن جوني، التقدم الإسرائيلي باتجاه وادي الحجير بـ«الخرق الفاضح لاتفاق وقف إطلاق النار»، موضحاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «القوات الإسرائيلية التي لم تتمكن حتى من دخول المناطق المحيطة بالوادي خلال هذه الحرب، تتقدم اليوم باستغلال وقح للاتفاق». ورجح جوني أن تكون القوات الإسرائيلية «لا تزال في بدايات الوادي الذي هو وادٍ طويل ويبعد عن الحدود بين 8 كم (عند بداياته) و15 كلم»، مشيراً إلى أن «التمركز فيه من الناحية العسكرية صعب إلا من خلال احتلال التلال المشرفة عليه، وسيحتاج إلى منظومة دفاعية لذلك»، وأضاف: «أتوقع أن تكون عملية دخول مؤقت للتفتيش أو للقيام بتخريب معين وتفجيرات معينة، لأن الوجود في هذه المنطقة خطير جداً على القوات الإسرائيلية».
وشدد جوني على أنه «يفترض في هذه المرحلة أن يقوم الجيش الإسرائيلي بالانسحاب والتراجع لا التقدم»، مرجحاً أن يكون، بعد التطورات التي حصلت في المنطقة وبالتحديد في سوريا، «في حالة من التريث وتنفيذ بنود اتفاق وقف إطلاق النار».
وفي بيان، عبّرت قوات «اليونيفيل» عن قلقها «إزاء استمرار التدمير الذي يقوم به الجيش الإسرائيلي في المناطق السكنية والأراضي الزراعية وشبكات الطرق في جنوب لبنان»، منبهة أن ذلك «يشكل انتهاكاً للقرار 1701». وأكدت «اليونيفيل» أنها مستمرة في حثّ الجيش الإسرائيلي على الانسحاب في الوقت المحدد ونشر القوات المسلحة اللبنانية في جنوب لبنان، والتنفيذ الكامل للقرار 1701 بوصفه مساراً شاملاً نحو السلام، مشيرة إلى أنها «تعمل بشكل وثيق مع القوات المسلحة اللبنانية بينما تقوم بتسريع جهود التجنيد وإعادة نشر القوات إلى الجنوب».
الحل بالمقاومة
وعدَّ عضو كتلة «حزب الله» النيابية، علي فياض، أن «توغل قوات العدو الإسرائيلي في الأراضي اللبنانية وصولاً إلى وادي الحجير، يشكّل تطوراً شديد الخطورة، وتهديداً جدياً لإعلان الإجراءات التنفيذية للقرار 1701، وتقويضاً للمصداقية الواهنة للجنة المشرفة على تنفيذه»، لافتاً إلى أن «هذا التطور الذي يظهر تعدياً إسرائيلياً خارج أي التزام أو إجراءات، وكأن لا وجود لأي تفاهم أو التزامات. يجب على الدولة اللبنانية حكومةً وجيشاً وجهات معنية، إعادة تقييم الموقف بصورة فورية، ومراجعة الأداء الحالي الذي أظهر فشلاً ذريعاً في الحد من الإمعان الإسرائيلي في استمرار الأعمال العدائية على المستويات كافة، بما فيها التوغل في الأراضي اللبنانية، وقتل واعتقال المدنيين اللبنانيين».