السلطات العراقية تراقب محاولات لتسويق «داعش»

رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني يترأس اجتماعاً لقيادات الأجهزة الأمنية والعسكرية في محافظة نينوى (رئاسة الوزراء)
رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني يترأس اجتماعاً لقيادات الأجهزة الأمنية والعسكرية في محافظة نينوى (رئاسة الوزراء)
TT

السلطات العراقية تراقب محاولات لتسويق «داعش»

رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني يترأس اجتماعاً لقيادات الأجهزة الأمنية والعسكرية في محافظة نينوى (رئاسة الوزراء)
رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني يترأس اجتماعاً لقيادات الأجهزة الأمنية والعسكرية في محافظة نينوى (رئاسة الوزراء)

بعد أيام من رفع علم تنظيم «داعش» في إحدى قرى محافظة كركوك شمال بغداد، رصدت القوات الأمنية الاثنين في بغداد عبارات تمجد تنظيم «داعش» الإرهابي على جدران إحدى المدارس في منطقة الزعفرانية جنوب شرقي العاصمة العراقية بغداد.

ووفقاً لمصدر أمني، فقد وصلت قوة أمنية فور اكتشاف العبارات إلى موقع الحادث، حيث قامت بمسحها على الفور من الجدران، كما شرعت في متابعة تسجيلات كاميرات المراقبة بالمنطقة في محاولة للتعرف على هوية الفاعلين.

وأضاف المصدر أن الأجهزة الأمنية تواصل تحقيقاتها لضمان عدم تكرار مثل هذه الحوادث في المنطقة.

وكانت القوات الأمنية قد طوّقت يوم الجمعة الماضي قرية «خالد» في داقوق جنوب كركوك بعد العثور على علم تنظيم «داعش» مرفوعاً على بوابة إحدى المدارس. وباشرت القوات عملية تفتيش واسعة للبحث عن المتورطين.

وفيما قلل خبير أمني متخصص من أهمية مثل هذه الأفعال، اتخذت السلطات العراقية المزيد من التدابير الاحترازية لتعزيز الأمن على الحدود العراقية - السورية. وتشمل هذه التدابير تقوية الحواجز الحدودية عبر الأسلاك الشائكة، ونقاط المراقبة المزودة بالرادارات، بالإضافة إلى إرسال تعزيزات عسكرية إضافية.

وقال الخبير الأمني فاضل أبو رغيف لـ«الشرق الأوسط»، إن الوضع الحالي لتنظيم «داعش» في سوريا بعد سقوط نظام الأسد «لا يزال مقلقاً لأسباب عدة، أبرزها المخاوف من إطلاق سراح أكثر من 8000 قيادي من عناصره عبر ما يسميه بهدم الأسوار، إلى جانب احتمالات اقتحامه سجوناً تابعة لـ(قوات سوريا الديمقراطية - قسد) رغم أن هذه السجون منيعة ومحمية أميركياً».

وبخصوص رفع علم «داعش» أو الكتابة على الجدران، أوضح أبو رغيف: «هذه الأفعال لا تثير القلق؛ إذ تبقى مجرد سلوك فردي من أشخاص تم القبض عليهم، وانتهى الأمر عند هذا الحد؛ لأن هناك محاولات للترويج بطريقة لم تعد تقلق الأجهزة الأمنية ولا حتى المواطنين العراقيين».

وكان رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني قد ترأس اجتماعاً الأحد لقيادات الأجهزة الأمنية والعسكرية في محافظة نينوى، المحاذية للحدود مع سوريا.

وشدد السوداني على «ضرورة المحافظة على المنجز الأمني (...)، وعدم التهاون مع أيّ حدث مهما كان»، مشيراً إلى أن الحكومة استطاعت أن تبعد المخاطر عن العراق، خصوصاً مع ما شهدته المنطقة من تحديات أمنية، من بينها التحول الذي حصل في سوريا.

وزير الخارجية فؤاد حسين يجري مباحثات مع وزير الدفاع الهولندي روبن بريكلمانس الأحد (الخارجية العراقية)

جهود دبلوماسية

وفي الوقت الذي حذر فيه وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين من أن «تنظيم (داعش) يحاول إعادة تنظيم صفوفه»، شهدت الأيام الأخيرة حراكاً دولياً مكثفاً لتطويق أي محاولة لإعادة إحياء أنشطة التنظيم في العراق، خاصة بعد سلسلة الهزائم التي مُني بها في السنوات الماضية.

وأكد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، خلال زيارته إلى بغداد الأسبوع الماضي، التزام بلاده بحماية أمن العراق واستمرار التحالف الدولي في محاربة «داعش».

من جهته، قال فؤاد حسين إن «تنظيم (داعش) الإرهابي يعيد تنظيم صفوفه، حيث تمكن من الاستيلاء على كميات من الأسلحة نتيجة انهيار الجيش السوري وتركه مخازن أسلحته، مما سمح له بتوسيع سيطرته على مناطق إضافية». كما حذر الوزير من «خطورة فرار عناصر (داعش) من السجون، وتدهور الأوضاع في معسكر الهول، وانعكاسات ذلك على الأمن في سوريا والعراق».

وفي السياق نفسه، أكد وزير الدفاع الهولندي روبن بريكلمانس، خلال زيارته إلى بغداد ولقائه كبار المسؤولين العراقيين، وفي مقدمتهم رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، التزام بلاده بمحاربة «داعش» ضمن الجهود الدولية الرامية إلى القضاء على التنظيم.

وخلال زيارته إلى إقليم كردستان، الاثنين، التقى الوزير الهولندي برئيس الإقليم نيجرفان بارزاني، حيث بحث الجانبان أهمية استمرار التنسيق بين قوات «البيشمركة» والجيش العراقي والقوات الهولندية ضمن إطار التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب.

وأوضح بيان صادر عن رئاسة إقليم كردستان أن الاجتماع تناول العلاقات بين هولندا والعراق والإقليم، خاصة في مجالَي الدفاع والتدريب العسكري. كما ناقش الاجتماع الوضع السياسي والأمني في العراق والمنطقة، ودور إقليم كردستان في تعزيز الاستقرار، إلى جانب جهود الإصلاح وتوحيد قوات «البيشمركة» ضمن إطار وزارة «شؤون البيشمركة».


مقالات ذات صلة

الإمارات والعراق يؤكدان أهمية إيجاد تسويات سلمية لنزاعات المنطقة

الخليج الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات ومحمد شياع السوداني رئيس وزراء العراق (وام)

الإمارات والعراق يؤكدان أهمية إيجاد تسويات سلمية لنزاعات المنطقة

الإمارات والعراق أكدا أهمية إيجاد تسويات سلمية للنزاعات والأزمات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط ودعم كل ما من شأنه تحقيق الاستقرار والازدهار لشعوبها

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)
تحليل إخباري السوداني خلال حديثه عن مبادرته لإرساء الأمن في سوريا أول من أمس في الموصل (رئاسة الوزراء)

تحليل إخباري العراق... انكفاء أم خشية من الحدث السوري الجديد؟

رغم تسارع وتيرة الزيارات الدبلوماسية العربية والإقليمية والأجنبية إلى دمشق بعد إطاحة نظام الأسد، خصوصاً في الأيام الأخيرة، ما زالت الحكومة العراقية «مترددة».

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي عرض عسكري للجيش العراقي و«الحشد الشعبي» في الموصل مؤخراً (أ.ف.ب)

العراق: «كتائب سيد الشهداء» توقف عملياتها و«الفتح» يرفض حل «الحشد»

في حين أكدت كتائب «سيد الشهداء»، أحد الفصائل المسلحة المنضوية في «محور المقاومة»، توقف هجماتها ضد إسرائيل، رفض تحالف «الفتح» الذي يقوده هادي العامري حل «الحشد».

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي المشهداني لدى استقباله السفير السعودي في بغداد (البرلمان العراقي)

المشهداني يدعو إلى تعزيز التعاون بين بغداد والرياض

دعا رئيس البرلمان العراقي الدكتور محمود المشهداني إلى إيلاء التعاون مع المملكة العربية السعودية أهمية قصوى في هذه المرحلة.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي جنديان عراقيان مع آلية يقفان عند نقطة حراسة على الحدود العراقية - السورية 5 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

العراق: مساعٍ لتطوير المؤسسة العسكرية

كشفت لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي عن الحاجة لتطويع عشرات الآلاف بالجيش وسط تحديات أمنية إقليمية.

حمزة مصطفى (بغداد)

وفود عربية تزور دمشق دعماً لبناء سوريا الجديدة

TT

وفود عربية تزور دمشق دعماً لبناء سوريا الجديدة

القائد العام للإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع بصحبة وزير الدولة في وزارة الخارجية القطرية محمّد الخليفي في دمشق 23 ديسمبر 2024 (رويترز)
القائد العام للإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع بصحبة وزير الدولة في وزارة الخارجية القطرية محمّد الخليفي في دمشق 23 ديسمبر 2024 (رويترز)

التقى القائد العام للإدارة الجديدة في سوريا أحمد الشرع، في دمشق، الاثنين، مسؤولين عرباً قدموا تباعاً دعماً للشعب السوري، وناقش معهم الجهود المركزة في الفترة المقبلة، بينهم وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، الذي يعد أول وزير خارجية عربي يزور دمشق منذ سقوط بشار الأسد. وكذلك كانت مستجدات سوريا محور اتصالات عربية.

وبحث الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي، مع نظيره المصري بدر عبد العاطي، في اتصال هاتفي، الاثنين، مستجدات الأوضاع على الساحة السورية، اتصالاً بالتطورات السياسية والميدانية الأخيرة، وفق ما جاء في بيان للخارجية المصرية.

وأكد عبد العاطي «أهمية دعم الدولة السورية خلال هذه المرحلة الفاصلة في تاريخ سوريا الشقيقة، وضرورة احترام سيادتها ووحدة وسلامة أراضيها، وتمكين مؤسساتها الوطنية من الاضطلاع بدورها، وتبني عملية سياسية شاملة بملكية وقيادة سورية يشارك فيها جميع مكونات الشعب السوري لاستعادة الاستقرار في أراضي سوريا كافة».

وفد سعودي في دمشق

كان وفد سعودي قد زار دمشق، الأحد، والتقى الشرع، وفق ما قال مصدر مقرّب للحكومة السعودية، الاثنين، لوكالة الصحافة الفرنسية. وأشار المصدر إلى أن المحادثات «ركزت على الوضع في سوريا والقضاء على الكبتاغون وغيرها من الموضوعات».

وكرر الصفدي خلال زيارته دمشق أن بلاده تدعم الشعب السوري في مرحلة انتقالية بعد سنوات من القتل والتشريد والدمار، ليصل إلى مرحلة مستقبلية يكون فيها نظام سياسي جديد يبنيه السوريون، ويحمي حقوق كل السوريين.

تحذير أردني

وحذر الصفدي، في تصريحات نُشرت على «إكس»، من أي اعتداء على سيادة سوريا وأمنها، مشيراً إلى أن التوغل الإسرائيلي في الأراضي السورية هو احتلال جديد يجب أن ينتهي، وإلى ضرورة أن يمارس المجتمع الدولي ضغوطاً على إسرائيل بألا تعبث بسوريا في هذه المرحلة الانتقالية. وذكّر الصفدي بأن البيان الختامي لاجتماعات العقبة قبل عشرة أيام كان واضحاً بأن الهدف من الاجتماعات هو تنسيق موقف عربي مع المجتمع الدولي من أجل دعم سوريا في بناء المستقبل الذي يكون آمناً مشرقاً لكل السوريين.

وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي والقائد العام للإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع في دمشق (أ.ف.ب)

كما شدد الصفدي على أن بلاده ستدعم سوريا في الانطلاق لبناء دولة حرة مستقلة منجزة كاملة السيادة لا إرهاب فيها ولا إقصاء، وتلبي طموحات جميع مواطنيها وحقوقهم، معبراً عن استعداد بلاده لمساعدة دمشق في إعادة بناء قدرات المؤسسات الحيوية.

وقال الصفدي إنه اتفق مع أحمد الشرع على التعاون في مكافحة تهريب المخدرات والأسلحة من سوريا إلى الأردن، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

وعانى الأردن خلال السنوات الماضية بشكل مستمر من عمليات تسلل وتهريب أسلحة ومخدّرات، لا سيّما الكبتاغون، برّاً من سوريا التي شهدت منذ عام 2011 نزاعاً دامياً تسبب بمقتل أكثر من نصف مليون شخص، وألحق دماراً هائلاً، وأدى إلى نزوح ملايين السكان وتشريدهم داخل البلاد وخارجها.

وفد قطري

كما وصل إلى دمشق، الاثنين، وزير الدولة في وزارة الخارجية القطرية محمّد الخليفي، على رأس وفد دبلوماسي لإجراء مباحثات مع مسؤولين سوريين، وفق ما أعلن المتحدث باسم الخارجية ماجد الأنصاري بعد 13 عاماً من القطيعة الدبلوماسية. ونشر الأنصاري على «إكس»: «وصل الخليفي إلى دمشق (...) على متن أول طائرة تابعة للخطوط الجوية القطرية تهبط في مطار سوري منذ سقوط نظام بشار الأسد»، مضيفاً أن الوفد سيُجري لقاءات مع مسؤولين سوريين «تجسيداً لموقف قطر الثابت في تقديم كل الدعم للشعب السوري».

وأشار الأنصاري إلى أن هذه اللقاءات تجسد موقف بلاده «الثابت في تقديم كل الدعم للأشقاء في سوريا». وجاء في بيان لوزارة الخارجية القطرية: «تعد هذه الزيارة تأكيداً جديداً على متانة العلاقات الأخوية الوثيقة بين دولة قطر والجمهورية العربية السورية الشقيقة، وحرص قطر التام (...) من أجل النهوض بسوريا والمحافظة على سيادتها». وقال مسؤول قطري لوكالة الصحافة الفرنسية إن فريقاً فنياً للطيران رافق الوفد من أجل «تقييم جاهزية مطار دمشق الدولي لاستئناف الرحلات» بين البلدين. وأكد أن «قطر عرضت تقديم الدعم الفني لاستئناف الرحلات التجارية والشحن، فضلاً عن صيانة المطار خلال المرحلة الانتقالية».

من جانبه قال الشرع إن الدوحة أبدت اهتمامها بالاستثمار في قطاعات من بينها الطاقة في سوريا في المستقبل. وأضاف الشرع أنه دعا أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني لزيارة سوريا.

القائد العام للإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع يصافح الوفد القطري في دمشق 23 ديسمبر 2024 (رويترز)

اتصال إماراتي

وفي سياق الاتصالات، أجرى وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، الاثنين، اتصالاً هاتفياً بنظيره السوري الجديد أسعد حسن الشيباني، ناقشا خلاله تعزيز العلاقات الثنائية.

وقالت وكالة الأنباء الإماراتية: «ناقش الجانبان سبل تعزيز العلاقات الأخوية الوطيدة بين البلدين والشعبين الشقيقين في المجالات ذات الاهتمام المشترك».

وأضافت أن وزير الخارجية الإماراتي «شدّد خلال الاتصال مع الشيباني على أهمية الحفاظ على وحدة وسلامة وسيادة سوريا، كما أكّد موقف دولة الإمارات الداعم لجميع الجهود والمساعي المبذولة للوصول إلى مرحلة انتقالية شاملة وجامعة تحقق تطلعات الشعب السوري في الأمن والتنمية والحياة الكريمة، حيث تؤمن دولة الإمارات بأهمية إعادة التفاؤل إلى الشعب السوري الشقيق من أجل مستقبل مزدهر».