المعارضة تتحسب لتعذُّر تعديل الدستور لانتخاب قائد الجيش رئيساً للبنان

خلال اجتماع المعارضة يوم الأربعاء في مقر رئيس حزب «الكتائب اللبنانية» النائب سامي الجميّل (الكتائب)
خلال اجتماع المعارضة يوم الأربعاء في مقر رئيس حزب «الكتائب اللبنانية» النائب سامي الجميّل (الكتائب)
TT

المعارضة تتحسب لتعذُّر تعديل الدستور لانتخاب قائد الجيش رئيساً للبنان

خلال اجتماع المعارضة يوم الأربعاء في مقر رئيس حزب «الكتائب اللبنانية» النائب سامي الجميّل (الكتائب)
خلال اجتماع المعارضة يوم الأربعاء في مقر رئيس حزب «الكتائب اللبنانية» النائب سامي الجميّل (الكتائب)

يدخل انتخاب رئيس للجمهورية في لبنان في مرحلة غربلة أسماء المرشحين مع دعوة «اللقاء الديمقراطي» الذي يرأسه النائب تيمور جنبلاط لانتخاب قائد الجيش العماد جوزف عون في الجلسة المقررة في التاسع من يناير (كانون الثاني) المقبل، ومضي رئيس تيار «المردة» النائب السابق سليمان فرنجية في ترشحه، وتفاهم قوى المعارضة على وضع الخطوط العريضة لخريطة الطريق في تعاملها مع الاستحقاق الرئاسي، استعداداً منها لمواجهة كل الاحتمالات في حال امتناع الثنائي الشيعي عن تعديل الدستور لانتخاب عون رئيساً بوصفه أحد أبرز خياراتها الرئاسية.

ويأتي تأييد «اللقاء الديمقراطي» للعماد عون انسجاماً مع الموقف الذي أعلنه الرئيس السابق للحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط فور حصول الشغور الرئاسي، وبقي على قناعته في مقاربته لانتخاب الرئيس مع ارتفاع منسوب التأييد العربي والدولي له، والذي لم يعد خافياً على الكتل النيابية، ومنها تلك التي تتموضع في مكان آخر بحثاً عن بديل، ولم يخف قراره عن حليفه رئيس المجلس النيابي نبيه بري، واستمزج رأيه بتعديل الدستور على نحو يسمح بإيصاله إلى رئاسة الجمهورية، وهذا ما انسحب أيضاً على رئيس حزب «الكتائب» النائب سامي الجميل، بإيفاده النائب إلياس حنكش للقاء بري للغاية نفسها، من دون أن يعطي جواباً قاطعاً إفساحاً في المجال أمام التشاور مع حليفه «حزب الله»، مكتفياً بقوله للذين يسألون عن رأيه بترشيح قائد الجيش بأنه بحاجة إلى تعديل دستوري.

«اللقاء الديمقراطي» أراد بتأييد عون إحداث صدمة سياسية؛ لحث معظم الكتل النيابية على ضرورة الخروج عن صمتها والانخراط في غربلة أسماء المرشحين للتوافق على رئيس يُنتخب بشراكة نيابية متعددة الانتماءات تتولى، بحسب المصدر لـ«الشرق الأوسط»، ترجيح كفة المرشح الذي يحظى بتأييد عربي ودولي وقادر، بالتعاون مع حكومة فاعلة تلتزم، فعلاً لا قولاً، بالإصلاحات المطلوبة لإنقاذ لبنان من أزماته المتراكمة.

حتى إن فرنجية بإعلانه المضي في ترشحه يتقاطع مع الكتل النيابية والنواب المستقلين بدعوته للتوافق على رئيس يكون على قدر المرحلة التي يمر بها لبنان، وبحجم الموقع الذي يشغله، مع أن مضيه بالترشح، كما يقول المصدر النيابي، يشكل إحراجاً للثنائي الشيعي، وما إذا كان الثنائي سيتجاوز الخطوط الحمر التي رسمها فرنجية لنفسه في حال اضطراره للعزوف عن الترشح للإتيان برئيس بخلاف المواصفات التي حددها، وبذلك يكون قد حجز مكاناً له، بخلاف حلفائه، وإن كان لا يود الاختلاف معهم.

وفي المقابل، فإن المعارضة في اجتماعها توصلت إلى ما يشبه التفاهم التام بوضع خريطة الطريق في مقاربتها لانتخاب الرئيس على قاعدة أن العماد عون يبقى على رأس خياراتها الرئاسية، لكن من حقها التحسب لكل الاحتمالات في حال تعذّر تأمين أكثرية ثلثي أعضاء البرلمان (86 نائباً) لتعديل الدستور لإيصاله إلى الرئاسة، وإلا فلا بد من إجراء مشاورات من باب الاحتياط المسبق مع الكتل النيابية، لقطع الطريق على الفريق الآخر لتمرير رئيس من طرف واحد، رغم أن هذا الفريق سيواجه صعوبة في تأمين نصف عدد النواب زائداً واحداً أي 65 نائباً لتأمين انتخابه، ما يضطره للتواضع والتسليم بميزان القوى بداخل البرلمان للتوافق على رئيس يلتزم بتطبيق الدستور، ويتمتع بالمواصفات التي حددتها اللجنة «الخماسية»، والتي من دونها لا يمكن للعبور بلبنان لمرحلة الإنقاذ.

ويأتي تحسب المعارضة لكل الاحتمالات في محله، بحسب مصادرها لـ«الشرق الأوسط»، وهي تتريث في حسم موقفها من الرئاسة ريثما تتمكن من اختبار مدى تجاوب الثنائي الشيعي مع تعديل الدستور، أو أن البديل هو التوصل إلى تسوية وازنة تكون بمثابة خريطة طريق لانتخاب رئيس يحظى بأوسع تأييد مسيحي ويرضى عنه الثنائي وحلفاؤه، آخذاً بعين الاعتبار بأن لا خيار أمامه سوى مد اليد للتعاون مع المعارضة والكتل النيابية الوسطية التي أخذ بعضها يتفلت من التحاقه بمحور الممانعة الذي أصبح من الماضي.

ولفتت المصادر إلى أن الخطة الوقائية التي تعدها المعارضة تحسباً لمواجهة كل الاحتمالات تلحظ ضرورة الانفتاح على «اللقاء الديمقراطي» والكتل النيابية التي تتموضع في الوسط، ويستعد معظمها للخروج من المنطقة الرمادية للإعلان بوضوح عن خياره الرئاسي، علماً بأن معظمها، كما يقول مصدر سياسي مواكب للحراك النيابي، بات يميل إلى حسم موقفه في ظل تزايد الحديث عن تحول لدى الغالبية من النواب السنّة على نحو يمكنهم بأن يكونوا في عداد الناخبين الكبار، لا أن يقتصر دورهم على الاقتراع للمرشحين من دون التأثير في النتائج.

وأكدت أنها ترفض الربط بين انتخاب الرئيس وتسمية من سيكلَّف بتشكيل الحكومة؛ لأنه لا مكان، لأي مقايضة من هذا القبيل، لأن تكليفه يبقى حصراً بيد النواب، ولا يمكن القفز فوق صلاحياتهم الدستورية.

وبالمناسبة، حذرت المعارضة من أي محاولة لقيادة «حزب الله» للالتفاف على ما نص عليه اتفاق وقف النار تطبيقاً للقرار 1701، وقالت إنه لا مجال للعب بمندرجاته والاجتهاد بتطبيقها، ما يترتب عليه من ردود فعل جامعة على كل المستويات، وبالتالي فإن إبقاء «حزب الله» على ازدواجية السلاح سيلحق الضرر بصدقية لبنان أمام المجتمع الدولي، ويشكل إحراجاً للحكومة التي كانت تبنّت الاتفاق بحذافيره بلا أي تعديل، ولم يعد أمامه سوى الخروج من حالة الإكبار والإنكار والإقرار بالتحولات التي امتدت من لبنان إلى سقوط الرئيس بشار الأسد في سوريا، وصولاً إلى انكفاء إيران في الداخل وتشتت محور الممانعة وتفكيك أذرعه في المنطقة، ولم يعد له من تأثير بالعودة بلبنان إلى الوراء.


مقالات ذات صلة

بري لـ«الشرق الأوسط»: انتخابات الرئاسة في موعدها... ولا نشترط تفاهمات مسبقة حول الحكومة

المشرق العربي برّي مُصرّ على عدم تأجيل موعد الانتخابات (الوكالة الوطنية للإعلام)

بري لـ«الشرق الأوسط»: انتخابات الرئاسة في موعدها... ولا نشترط تفاهمات مسبقة حول الحكومة

أكد رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري أن المساعي مستمرة لإنجاح الجلسة النيابية المقررة في 9 يناير (كانون الثاني) المقبل لانتخاب رئيس للجمهورية.

ثائر عباس (بيروت)
المشرق العربي رجل ينصب شجرة عيد الميلاد وسط أنقاض كنيسة ضربتها غارة إسرائيلية في جنوب لبنان (أ.ف.ب)

الأمم المتحدة: لبنان بدأت «رحلة التعافي الشاقة» وإعادة البناء

قالت المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان، الجمعة، إن رحلة التعافي الشاقة وإعادة البناء في لبنان قد بدأت، مشيرة إلى استمرار وقوف الأمم المتحدة إلى جانب لبنان.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
تحليل إخباري عناصر الدفاع المدني يبحثون عن جثث تحت الأنقاض في ضاحية بيروت الجنوبية (أ.ب)

تحليل إخباري عملية انتشال جثث ضحايا الحرب الإسرائيلية على لبنان متواصلة

رغم مرور أكثر من 3 أسابيع على اتفاق وقف إطلاق النار لا تزال عمليات البحث عن مفقودين تحت الأنقاض مستمرة سواء في الضاحية أم في جنوب لبنان.

بولا أسطيح
المشرق العربي نزلاء سجن رومية ينتظرون قانون العفو العام (الوكالة الوطنية للإعلام)

لبنان يحضّر ملفات تسليم السجناء السوريين إلى بلادهم

بدأت وزارتا الداخلية والعدل في لبنان درس ملفات السجناء السوريين الموجودين لدى بيروت، تمهيداً لتسليمهم إلى بلادهم، تنفيذاً لقرار رئيس الحكومة نجيب ميقاتي.

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي وزير الداخلية بسام مولوي يجول في مطار رفيق الحريري الدولي (الوكالة الوطنية)

لبنان عمم صور المطلوبين من المسؤولين السوريين السابقين على المنافذ الحدودية

أعلن وزير الداخلية اللبنانية بسام مولوي عن وجود إجراءات مشددة في مطار رفيق الحريري الدولي بحق مسؤولين سوريين سابقين مطلوبين.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

بري لـ«الشرق الأوسط»: انتخابات الرئاسة في موعدها... ولا نشترط تفاهمات مسبقة حول الحكومة

برّي مُصرّ على عدم تأجيل موعد الانتخابات (الوكالة الوطنية للإعلام)
برّي مُصرّ على عدم تأجيل موعد الانتخابات (الوكالة الوطنية للإعلام)
TT

بري لـ«الشرق الأوسط»: انتخابات الرئاسة في موعدها... ولا نشترط تفاهمات مسبقة حول الحكومة

برّي مُصرّ على عدم تأجيل موعد الانتخابات (الوكالة الوطنية للإعلام)
برّي مُصرّ على عدم تأجيل موعد الانتخابات (الوكالة الوطنية للإعلام)

أكد رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري أن المساعي مستمرة لإنجاح الجلسة النيابية المقررة في 9 يناير (كانون الثاني) المقبل لانتخاب رئيس للجمهورية بعد فراغ في المنصب مستمر منذ أكثر من سنتين، مكرراً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أنه لا نية لديه لتأجيلها، وأنه لم يصله أي طلب بهذا المعنى من القوى السياسية.

وأكد بري أن المساعي منصبة الآن على إنجاح الانتخابات، نافياً ما يتردد عن مسعى يقوم به للوصول إلى تفاهمات مسبقة حول الحكومة المقبلة واسم رئيسها وتركيبتها وبيانها الوزاري، جازماً بأن «الرئاسة أولاً»، ومشيراً إلى أن الأمور الأخرى لديها مسار سياسي ودستوري واضح. في إشارة إلى الاستشارات النيابية الملزمة التي يُجريها رئيس الجمهورية لاختيار رئيس الحكومة، والاستشارات غير الملزمة التي يجريها الرئيس المكلف تشكيلها مع النواب حول شكل هذه الحكومة.

ورفض بري التعليق على تأييد حليفه، النائب السابق وليد جنبلاط، لقائد الجيش العماد جوزف عون رئيساً، معتبراً أن «كل شيء سيتضح في الجلسة». وكان بري قال في تصريحات سابقة إن انتخاب عون يحتاج تعديلاً للدستور الذي يفرض استقالة موظفي الفئة الأولى، وقائد الجيش منهم، قبل سنتين على الأقل من انتخابهم، فيما تذهب الترجيحات الأخرى نحو حصوله على 86 صوتاً على الأقل في الجلسة، ما يجعل من انتخابه «تعديلاً ضمنياً»، كما حصل عند انتخاب الرئيس السابق ميشال سليمان.

وفي هذا الإطار، ألمح عضو كتلة «حزب الله» البرلمانية، النائب حسين الحاج حسن، إلى أن عون لا يحظى بهذا الإجماع، بقوله في تصريح، أدلى به يوم الجمعة، إنه حتى «الآن لا يوجد اسم يتوافق عليه كامل النصاب لانتخاب رئيس جديد للجمهورية»، باعتبار أن نصاب جلسة الانتخاب هو 86 نائباً.

وفي تصريح لوكالة «سبوتنيك»، أشار الحاج حسن إلى أن «حزب الله» جزء من الاتصالات الجارية لانتخاب رئيس، ولكن الحزب لا يملك في الوقت الراهن ما يعلنه حول مسار هذه المشاورات، كون المرحلة الحالية هي مرحلة مشاورات واتصالات مستمرة بين الفرق المعنية. وأضاف أن هذه الاتصالات والاجتماعات ستزداد في الفترة المقبلة، على أن تترجم نتائجها في جلسة مجلس النواب المقررة في 9 يناير. وقال الحاج حسن إن كتلته «لم تُسقط أي مرشح للرئاسة بعد»، موضحاً أن النقاش حول الأسماء المطروحة ما زال مستمراً. وأكد أن موقف الكتلة الرسمي سيتم الإعلان عنه بعد التنسيق مع حلفائها السياسيين، مشدداً على أنه من الأفضل الانتظار في الوقت الراهن للحصول على صورة واضحة حول المرشح الذي ستحظى بتأييده.

وأوضح الحاج حسن أن «حزب الله» لا يتجاهل مسألة السيادة في الانتخابات الرئاسية، حيث أشار إلى أن معظم الأطراف السياسية تتحدث عن «صفة السيادة»، لكنه أكد أن هناك العديد من الصفات التي يجب أن تتوفر في الرئيس المقبل، مثل القوة والمشروع والمبادرة والإرادة على الإصلاح والتغيير.

وتابع قائلاً: «نريد رئيساً إصلاحياً يعمل على إصلاح الإدارة والاقتصاد، ويحسن السياسات المالية والنقدية، ويعيد بناء مؤسسات الدولة، وفي الوقت نفسه يحافظ على عناصر قوة لبنان ويطورها، ويحفظ للبنان ما تحقق من إنجازات في مواجهة العدو الصهيوني».

وفي السياق نفسه، أكّد النّائب ​عبد الرحمن البزري أنّ «المطلوب في هذه المرحلة أن يكون لدينا رئيس جمهوريّة توجّهه واضح ولديه قناعة باتفاق الطائف، من أجل إجراء الإصلاحات الضّروريّة». وأشار، في حديث لقناة «LBCI»، إلى أنّ «قائد الجيش العماد شخصيّة مارونيّة، وقد نجحت في إدارة ملف الجيش، لكن انتخابها يحتاج إلى تعديل دستوري، وهناك مجموعة من الأسماء العسكريّة والاقتصاديّة والسّياسيّة للرّئاسة»، مركّزاً على أنّ «السّؤال يبقى؛ هل نحن بحاجة إلى شخصيّة سياسيّة أو اقتصاديّة أو عسكريّة في هذه المرحلة؟ أظنّ أنّنا بحاجة إلى شخصيّة سياسيّة».