جلسة انتخاب رئيس للبنان قائمة... فهل تنتج مرشحاً توافقياً؟

جعجع لم يُعلم المعارضة بترشحه ورهان نيابي على خلط الأوراق

رئيس البرلمان نبيه بري مجتمعاً مع رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» السابق وليد جنبلاط والحالي نجله رئيس كتلة «اللقاء الديمقراطي» النائب تيمور جنبلاط (الوكالة الوطنية للإعلام)
رئيس البرلمان نبيه بري مجتمعاً مع رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» السابق وليد جنبلاط والحالي نجله رئيس كتلة «اللقاء الديمقراطي» النائب تيمور جنبلاط (الوكالة الوطنية للإعلام)
TT

جلسة انتخاب رئيس للبنان قائمة... فهل تنتج مرشحاً توافقياً؟

رئيس البرلمان نبيه بري مجتمعاً مع رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» السابق وليد جنبلاط والحالي نجله رئيس كتلة «اللقاء الديمقراطي» النائب تيمور جنبلاط (الوكالة الوطنية للإعلام)
رئيس البرلمان نبيه بري مجتمعاً مع رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» السابق وليد جنبلاط والحالي نجله رئيس كتلة «اللقاء الديمقراطي» النائب تيمور جنبلاط (الوكالة الوطنية للإعلام)

تبقى جلسة انتخاب رئيس للجمهورية قائمة في موعدها 9 يناير (كانون الثاني) المقبل، ولا مجال لتأجيلها، ومن يقاطعها من النواب يتحمل ردّ فعل الرأي العام اللبناني والمجتمع الدولي ممثلاً باللجنة «الخماسية». لكن هل تنتج رئيساً توافقياً في جلسة الانتخاب الأولى بدورات متتالية، أم ستُرفع لأيام معدودة إفساحاً في المجال أمام النواب للانصراف إلى غربلة أسماء المرشحين لعلهم يتوافقون على حصر المنافسة بعدد قليل منهم، يُترك للنواب اختيار أحدهم، شرط أن يتمتع بالمواصفات المطلوبة التي تعيد إدراج لبنان على لائحة الاهتمام الدولي؟

ومع أن الجلسة قائمة، فإن الظروف السياسية ليست ناضجة حتى الساعة للتوصل إلى رئيس توافقي، طالما أن الكتل النيابية لم تقرر التلاقي في منتصف الطريق لإخراج انتخابه من التأزم، وهذا ما ينطبق على بطء التواصل بين حزب «القوات اللبنانية» ورئيس المجلس النيابي نبيه بري، خصوصاً أنه لم يعد من مبرر لعدم رفع منسوبه، لأن المفتاح السياسي لإنتاج تسوية رئاسية يستدعي من المعارضة انفتاحها على بري، ومن دونه يتعذر الوصول إليها، كونه يمثل، بتحالفه مع «حزب الله»، كتلة نيابية تضم 31 نائباً.

فتأجيل جلسة الانتخاب لأسبوع أو أسبوعين، وربما أكثر، ليس مطروحاً، وتحذر منه اللجنة «الخماسية» خشية أن يتعرقل انتخابه، كما يقول مصدر مواكب لمداولات «الخماسية» مع الكتل النيابية، في ظل غياب الضمانات لمعاودة انعقاد الجلسة التي يمكن أن يحاصرها تبادل الشروط، وصولاً للجوء بعض الكتل إلى رفع سقوفها السياسية.

ويسأل المصدر؛ ما ضمانة أن التأجيل سيفتح الباب أمام انتخاب الرئيس؟، ويقول لـ«الشرق الأوسط» إن انتخابه اليوم قبل الغد بات مطلوباً لإعادة الانتظام للمؤسسات الدستورية، وليأخذ على عاتقه تثبيت وقف النار في الجنوب، والالتزام بتطبيق القرار 1701 بكل مندرجاته.

ويلفت إلى أن هناك ضرورة لاستكمال عقد المؤسسات الدستورية كممر إلزامي لتحصين لبنان، وهو يتابع المرحلة الانتقالية التي تمر بها سوريا بعد سقوط الرئيس بشار الأسد، لتطويق ما يمكن أن يترتب عليها من ارتدادات على الداخل اللبناني، مع أن الأيام الأولى التي أعقبت الإطاحة به لم تسجل حصول حوادث تدعو للقلق. ويؤكد أن «الخماسية» تنأى بنفسها عن التدخل في أسماء المرشحين، وتترك القرار للنواب، لكنها باتت على قناعة بأن الخيار الرئاسي الثالث يتقدم على الخيارات الأخرى، في ظل تعذر قدرة أي فريق على حسم المعركة لصالحه.

ويعترف المصدر، الذي فضّل عدم ذكر اسمه، بأن الكتل النيابية تعرف جيداً بما لديها من تواصل مع الأطراف الدولية والإقليمية المعنية بانتخاب الرئيس، أن اسم قائد الجيش العماد جوزف عون يتقدم على سواه من المرشحين، وهذا ما لا تستطيع أن تخفيه وتتصرف وكأن المداولات ما زالت في بدايتها، مع أن مهمة «الخماسية» محصورة بتقديم الدعم والمساندة للنواب لتسهيل انتخابه.

ويؤكد أن ما يهم «الخماسية» المجيء برئيس يكون على مستوى التحولات في المنطقة، ويعيد الاعتبار للبنان على المستويين العربي والدولي، ويقول إن الدول التي تصنّف على خانة أصدقاء لبنان ليست في وارد الالتزام المسبق بمساعدته، وبالتالي تربط موقفها بانتخاب رئيس يتمتع بالمواصفات التي حددتها «الخماسية»، وبتشكيل حكومة فاعلة تطل على اللبنانيين ببرنامج إصلاحي يوقف تدحرجه نحو الانهيار الشامل، لأنه لا خلاص للبنان بخلاف ذلك، خصوصاً إذا كان البعض يتوخى من وراء انتخابه ملء الشغور الرئاسي، ولا شيء آخر.

بدوره، يؤكد مصدر سياسي بأن التواصل بين الكتل النيابية سيؤدي إلى غربلة أسماء المرشحين استباقاً لانعقاد الجلسة، على أن يتوّج بلقاءات مباشرة بين مكونات المعارضة، وعلى رأسها «القوات» وبري للتوافق على رئيس «كامل الأوصاف» محلياً ودولياً، ويقول إن الموفدين الدوليين لا يدخلون في لعبة الأسماء، لكن يتوجب على من يلتقيهم أن يلتقط الإشارات السياسية ويعرف سلفاً كيف يقاربون انتخاب الرئيس، بصرف النظر عن الاسم.

ويكشف المصدر السياسي لـ«الشرق الأوسط» أن الكتل النيابية على وشك الاستعداد لمرحلة ما بعد غربلة الأسماء، آخذين بعين الاعتبار أن زعيم تيار «المردة» سليمان فرنجية سيحسم موقفه ترشحاً أو تأييداً في الساعات المقبلة، وإن كان ليس في وارد التموضع رئاسياً في نفس الموقع الذي يتموضع فيه رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، الذي هو الآن أقرب إلى التحالف مع الثنائي الشيعي.

ويلفت إلى أن النواب السنّة على مختلف انتماءاتهم سيتداعون للقاء موسع في الأيام المقبلة، لعلهم يتوصلون إلى مقاربة رئاسية موحدة، ما يتيح لهم قيام تجمع نيابي ضاغط يُحسب حسابه، ويكون في عداد الناخبين الكبار، بدلاً من أن يقتصر دورهم على انتخاب الرئيس. ويقول إن «اللقاء الديمقراطي» يعقد اجتماعاً طارئاً في الساعات المقبلة، وعلى جدول أعماله تقويم الاتصالات الجارية تحضيراً لانتخابه، وفي حسابه التوافق على رئيس يحظى بحيثية نيابية وازنة، يكون مدعوماً من المعارضة ويرضى عنه الثنائي الشيعي.

وفي المقابل، يؤكد مصدر في المعارضة أن الهيئة المكلفة الملف الرئاسي والمنبثقة عن المعارضة، التي تضم غسان حاصباني (القوات) وإلياس حنكش (الكتائب) وفؤاد مخزومي (التجدد) وميشال الدويهي (تحالف قوى التغيير)، اجتمعت في الساعات الماضية تحضيراً للقاء موسع للمعارضة، ويقول: «إننا لم نتبلغ رسمياً بوجود نية لدى رئيس حزب القوات سمير جعجع بالترشح، بخلاف تأكيده في اجتماع سابق للمعارضة عدم استعداده» لذلك.

رئيس حزب «القوات» سمير جعجع (حزب القوات)

ويلفت المصدر إلى أن التداول باسم جعجع يبقى للآن في إطار الضغط السياسي لقطع الطريق على إيصال رئيس بلا لون وأقرب للفريق الآخر، بدلاً من المجيء برئيس قادر على تطبيق القرار 1701 بكل مندرجاته، ويأتي انتخابه تتويجاً للتحولات في المنطقة، مع أنه لا شيء يمنعه من الترشح، كونه يتزعم أكبر كتلة نيابية، مع أن «القوات» كانت أول من أعلنت تأييدها لقائد الجيش، في حال أن حظوظه كانت متقدمة.

فهل تؤدي اللقاءات إلى إعادة خلط الأوراق الرئاسية، على نحو يسمح بإنضاج الظروف، لتأتي جلسة الانتخاب مثمرة، بالتلازم مع ضرورة توسيع قنوات التواصل بين الرئيس بري والعماد عون؟


مقالات ذات صلة

المشرق العربي جانب من الدمار في قرية الخيام بجنوب لبنان بعد القصف الإسرائيلي (أ.ف.ب)

إسرائيل تشن هجوماً جوياً مع قصف مدفعي على جنوب لبنان

استهدفت طائرة مسيّرة إسرائيلية، بعد ظهر اليوم (الثلاثاء)، إحدى السيارات، فيما قصفت المدفعية الإسرائيلية أطراف عدد من البلدات في جنوب لبنان.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
يوميات الشرق حكاية بلاطات غسان فياض لها رائحة حنين (حسابه الشخصي)

«البلاط العتيق» حرفة فنّية لبنانية تُعاند شكل الزمن

المشتري أو المتفرِّج ليس محصوراً في الخيارات المتاحة ضمن كُتيّب ولا يملك قراراً خارجها، وإنما هو «سيدّ التصميم»؛ وما يَدَا المهندس سوى مساهمتَين في العملية.

فاطمة عبد الله (بيروت)
تحليل إخباري رجل يحمل راية «حزب الله» على مبانٍ مدمرة في ضاحية بيروت الجنوبية (أ.ب)

تحليل إخباري الحرب الإسرائيلية وسقوط الأسد أفقدا «حزب الله» معادلة التحكّم بالاستحقاق

فرضت الحرب الإسرائيلية على لبنان وسقوط الأسد واقعهما على استحقاق انتخابات الرئاسة اللبنانية وأفقدا «حزب الله» وحلفاء النظام السوري قدرة التحكّم بانتخاب الرئيس.

يوسف دياب
المشرق العربي رئيس البرلمان نبيه بري مودعاً رئيس الحكومة اليوناني (رئاسة البرلمان)

بري متفائل بانتخاب رئيس في 9 يناير: «الأجواء جيدة»

جدّد رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري التأكيد على تفاؤله بأن الجلسة التي حددها في 9 يناير (كانون الثاني) ستشهد انتخاب رئيس للجمهورية، واصفاً الأجواء بالجيدة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

مصدر في «حماس» لـ«الشرق الأوسط»: اتفاق هدنة غزة وشيك للغاية

دبابات إسرائيلية في مناورة على حدود غزة الاثنين (رويترز)
دبابات إسرائيلية في مناورة على حدود غزة الاثنين (رويترز)
TT

مصدر في «حماس» لـ«الشرق الأوسط»: اتفاق هدنة غزة وشيك للغاية

دبابات إسرائيلية في مناورة على حدود غزة الاثنين (رويترز)
دبابات إسرائيلية في مناورة على حدود غزة الاثنين (رويترز)

أكد مصدر مطلع في حركة «حماس» لـ«الشرق الأوسط» أن التوقيع على اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، متوقع نهاية الأسبوع الحالي، إذا لم تنشأ أي تعقيدات جديدة.

وقال المصدر إن «معظم القضايا أغلقت. والاتفاق أصبح وشيكاً». وأوضح أن المناقشات حُسمت في القضايا الأكثر أهمية، فيما بقيت بعض التفاصيل قيد النقاش.

ووفقاً للمصدر، فإن الاتفاق يشمل وقف إطلاق النار في المرحلة الأولى وانسحاب الجيش الإسرائيلي من مراكز المدن، وليس من قطاع غزة، مع بقائه في محوري نتساريم وفيلادلفيا بشكل جزئي. على أن يتم السماح بعودة جميع النساء والأطفال إلى شمال القطاع، وفي مرحلة لاحقة وتدريجية تتم عودة الرجال وفق آلية متفق عليها.

وأوضح أن «هناك محاولات حثيثة لأن تشمل المرحلة أيضاً الرجال، وما زالت المفاوضات جارية».

فلسطينية بين ركام منزلها في مخيم النصيرات وسط غزة بعد غارة إسرائيلية قتلت أكثر من 40 شخصاً (إ.ب.أ)

وستسلم الحركة في المرحلة الأولى التي تمتد من 45 يوماً إلى 60 يوماً نحو 30 أسيراً إسرائيلياً ما بين أحياء وجثث، مقابل عدد لم يحسم من الأسرى الفلسطينيين، بينهم عشرات المحكومين بالمؤبدات. ويشمل الاتفاق تسليم معبر رفح للسلطة الفلسطينية، لكن ليس بشكل فوري، وضمن ترتيبات تشرف عليها مصر كذلك.

وتعدّ «حماس»، بحسب المصدر، أنها قدمت تنازلات كبيرة بتخليها عن شرطي وقف الحرب وانسحاب الجيش بشكل كامل من قطاع غزة في المرحلة الأولى، لكنه أكد أن الحركة تلقت ضمانات بالوصول إلى هذه المرحلة في المراحل اللاحقة من الاتفاق.

ويفترض أن يتم نقاش تسليم باقي الأسرى لدى «حماس» ووقف الحرب خلال فترة المرحلة الأولى.

وأكدت إسرائيل و«حماس»، الثلاثاء، أن ثمة تقدماً كبيراً. وقال وزير الدفاع يسرائيل كاتس إن الصفقة «أقرب من أي وقت مضى»، بعدما تلاشت «الأشياء التي كانت عقبة في الماضي».

وأصدرت «حماس» بياناً أكدت فيه أنه «في ظل ما تشهده الدوحة اليوم (الثلاثاء) من مباحثات جادة وإيجابية برعاية الإخوة الوسطاء (القطري والمصري)، فإن الوصول إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى ممكن إذا توقف الاحتلال عن وضع شروط جديدة».

ووجدت «حماس» نفسها في وضع معقد بسبب خسارتها غالبية قيادتها السياسية والعسكرية، وبعد التغييرات الكبيرة التي طرأت في الشرق الأوسط، بدءاً من تحييد «حزب الله» اللبناني، وصولاً إلى إسقاط نظام بشار الأسد في سوريا، إضافة إلى التغيير في الولايات المتحدة.

طابور مساعدات غذائية في خان يونس جنوب قطاع غزة الثلاثاء (أ.ف.ب)

وقالت مصادر أخرى مطلعة على واقع الحركة إنها وجدت نفسها وحيدة تحت ضغوط متعددة من أجل التنازل، أو أن الثمن سيكون كبيراً للغاية.

وتريد «حماس»، مثل إسرائيل، الوصول إلى اتفاق قبل وصول الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى سدة الحكم، الشهر المقبل. وقال أحد الدبلوماسيين العرب، في معرض تفسيره للتحول في موقف الحركة، بحسب «تايمز أوف إسرائيل» إن «حماس» في أضعف موقف لها حتى الآن، و«أخبرناهم أنه كلما طال انتظارهم، كانت الشروط أسوأ».