الخوف من «داعش» يجبر بغداد وواشنطن على إعادة ترتيب العلاقة

العراق يخشى تسلل متطرفين من سوريا

رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني لدى استقباله وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الجمعة الماضي (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني لدى استقباله وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الجمعة الماضي (أ.ف.ب)
TT

الخوف من «داعش» يجبر بغداد وواشنطن على إعادة ترتيب العلاقة

رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني لدى استقباله وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الجمعة الماضي (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني لدى استقباله وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الجمعة الماضي (أ.ف.ب)

على الرغم من تكرار زيارة كبار مسؤولي التحالف الدولي لمحاربة «داعش» في العراق وسوريا، بعد سقوط نظام بشار الأسد، فإنه في الوقت الذي بقي فيه موقف بغداد ثابتاً بشأن طبيعة العلاقة مع التحالف الدولي، فإن موقف كردستان أظهر تبايناً في مدى الحاجة إلى التحالف الدولي.

لقاءات عسكرية بين الجانبين

خلال نحو أسبوع بعد سقوط نظام الأسد، وزيادة المخاوف من إمكانية عودة تنظيم «داعش» طبقاً للرواية الإيرانية التي أكدت وجود آلاف الدواعش قرب الحدود العراقية – السورية، زار ولأكثر من مرة قائد القيادة المركزية الأميركية العراق، مثلما زاره مرتين قائد بعثة التحالف الدولي لمحاربة «داعش».

وفي هذا السياق، وبعد لقاءٍ لمسؤول البعثة، نهاية الأسبوع الماضي، مع رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، التقى، الثلاثاء، قائد قوات التحالف الدولي في العراق وسوريا الجنرال كيفن ليهي مع رئيس إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني في أربيل.

وقال بيان لرئاسة الإقليم إنه جرى خلال لقاء حضره وزير شؤون البيشمركة، بحث آخر تطورات الوضع الأمني ​​في العراق وسوريا، والتشديد على ضرورة تعزيز التعاون بين قوات البيشمركة والجيش العراقي مع قوات التحالف الدولي.

وإلى جانب تأكيد بارزاني أهمية استمرار دعم التحالف الدولي للعراق، أشاد بالتنسيق المشترك مع الحلفاء في مواجهة التهديد الإرهابي، ورأى استمرار التعاون بين الأطراف كافة مفتاحاً لتعزيز الأمن في العراق. من جانبه أشاد قائد قوات التحالف بدور إقليم كردستان وقوات البيشمركة في مكافحة الإرهاب، وأكد التزام قوات التحالف بمواصلة دعم العراق وإقليم كردستان، للحفاظ على السلام والاستقرار، والقضاء على خطر تنظيم «داعش».

الحدود الآمنة

وبينما كثفت بغداد إجراءاتها على طول الحدود المشتركة مع سوريا، فقد حرصت على إعادة تنظيم العلاقة مع التحالف الدولي لمحاربة تنظيم «داعش». وكان رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني أكد خلال لقائه مع قائد القيادة المركزية الأميركية الجنرال مايكل كوريلا والوفد المرافق له، أهمية التنسيق والتعاون بين العراق والتحالف الدولي في مكافحة الإرهاب ومواجهة التطرف. وفي تأكيد على أهمية هذا التعاون، شدد السوداني، طبقاً لبيانٍ لمكتبه، على أن «العراق عضو أساسي في هذا التحالف، وهو ملتزم بالتعاون مع التحالف الدولي للتصدي ومتابعة الجماعات الإرهابية، بما يحفظ الأمن والاستقرار في المنطقة».

في المقابل، أكد كوريلا التزام التحالف الدولي في دعم العراق لحفظ أمنه وسيادته، بالعمل ضدّ أيّ تهديد إرهابي.

يذكر أن العراق قبل الحدث السوري والمخاوف التي يمكن أن تترتب عليه، طلب من الولايات المتحدة الأميركية إنهاء مهمة التحالف الدولي لمحاربة «داعش» في العراق، وتحويلها إلى علاقة ثنائية بين العراق ودول التحالف، ومن بينها الولايات المتحدة الأميركية. وكان طلب العراق إنهاء مهمة التحالف الدولي، أوائل هذا العام، في وقت تصاعدت فيه حدة التوترات بين الولايات المتحدة الأميركية والفصائل المسلحة التي طالما استهدفت القواعد الأميركية في العراق، مطالِبة بانسحاب قواتها من العراق.

وزير الدفاع الألماني بوريس بستوريوس مع جنود بلاده بالعراق الأسبوع الماضي (د.ب.أ)

وحول ما إذا كان العراق ينوي إعادة النظر في طريقة التعامل مع التحالف الدولي بعد التطورات الأخيرة في المنطقة، يقول الخبير الأمني سرمد البياتي في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «الأمر قد لا يبدو كذلك تماماً، لكن بالتأكيد هناك مراجعة تطلّبتها الظروف التي استجدت مؤخراً».

وأضاف البياتي أن «هناك إمكانية تسلل، خاصة من المناطق الشمالية من الحدود السورية باتجاه العراق، فضلاً عن أنهم يريدون أن يعطوا تطمينات للجانب العراقي بأن قوات التحالف الدولي وطيرانها مستمرة في الرصد والمتابعة، فضلاً عن سيطرتها على الأرض».

وأوضح البياتي أن «هذه التحركات لا علاقة لها بالضرورة بالتحالف الدولي؛ لأن العملية مستمرة حتى بعد خروج التحالف الذي لن يغادر نهائياً، بل سيكون له وجود في كردستان، وبالتالي تتحول تماماً إلى علاقة ثنائية بين الطرفين».


مقالات ذات صلة

مستشار السوداني: إذا لم نبادر إلى حل الفصائل فسيحلها الآخرون بالقوة

المشرق العربي كتائب «حزب الله» العراقية هدَّدت مراراً بزيادة هجماتها على الأميركيين والإسرائيليين (إكس)

مستشار السوداني: إذا لم نبادر إلى حل الفصائل فسيحلها الآخرون بالقوة

أدلى أحد مستشاري رئيس الوزراء العراقي بتصريحات مثيرة حول ضرورة أن يبادر العراق إلى هيكلة الفصائل المسلحة وحلّها قبل أن تُحلّ بالقوة من قِبل آخرين.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي سوريون يحتفلون في مدينة أربيل شمال العراق بانهيار نظام الأسد بسوريا (أ.ف.ب)

تباين المواقف العراقية بعد أسبوعين من سقوط الأسد

على الرغم من الموقف الرسمي العراقي حيال الأزمة في سوريا والمتمثل بمواقف وإجراءات رئيس الحكومة محمد شياع السوداني.

حمزة مصطفى (بغداد)
الخليج ولي العهد السعودي لدى استقباله في المخيم الشتوي بالعُلا رئيس الوزراء العراقي (واس) play-circle 00:19

محمد بن سلمان والسوداني يبحثان التطورات الإقليمية

بحث ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، مع رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، تطورات الأوضاع الإقليمية والجهود المبذولة تجاهها.

«الشرق الأوسط» (العلا)
تحليل إخباري الصمت يسود فضاء الفصائل العراقية المسلّحة

تحليل إخباري الصمت يسود فضاء الفصائل العراقية المسلّحة

خلافاً للصوت العالي الصادر عن الفصائل المسلحة العراقية الذي كان يُسمع كل يوم تقريباً خلال الأشهر الماضية، يسود هذه الأيام صمت كبير داخل أوساط هذه الجماعات.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي ماهر الأسد (أ.ف.ب)

تضارب أنباء بشأن وجود ماهر الأسد في العراق

نفت بغداد والسليمانية تقارير إعلامية عن لجوء ماهر الأسد شقيق الرئيس السوري بشار الأسد إلى جبال في إقليم كردستان.

حمزة مصطفى (بغداد)

«إدارة العمليات العسكرية» تستهدف أمراء الحرب وتطول مرتبطين بأسماء الأسد

TT

«إدارة العمليات العسكرية» تستهدف أمراء الحرب وتطول مرتبطين بأسماء الأسد

صور مفقودين معلقة على البوابة الرئيسية لسجن صيدنايا بشمال دمشق (أ.ف.ب)
صور مفقودين معلقة على البوابة الرئيسية لسجن صيدنايا بشمال دمشق (أ.ف.ب)

يحاكَم غداً الخميس المحتجزون والأسرى الذين أودعوا سجن حماة المركزي، ممن سلموا أنفسهم لقوات العمليات العسكرية أو اعتُقلوا من قبل «العمليات» في معاركها التي سقط فيها نظام الأسد، وفق «المرصد السوري لحقوق الإنسان» الذي قال إن مصادره أكدت أن محاكمتهم ستكون على دفعات.

وستنظر لجنة قضائية في أمور الموقوفين، وهي تتبع وزارة العدل في الحكومة المؤقتة التي شكلتها «هيئة تحرير الشام»، وفق تأكيد مدير «المرصد»، رامي عبد الرحمن، لـ«الشرق الأوسط».

وتحدث تقرير من «المرصد» عن أن «إدارة القيادة العسكرية» تنفذ حملة مداهمة واعتقالات في الساحل السوري وحماة وحمص، «ضد أمراء الحرب الذين تاجروا بدماء أبناء سوريا، مع قيادات متنفذة في النظام، من بينها شخصيات مرتبطة مع أسماء الأسد زوجة الرئيس المخلوع، ومسؤولين سابقين، ارتكبوا جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب في عهد النظام السابق».

سيدة سورية تمسك مشنقة داخل سجن صيدنايا أثناء بحثها عن أقاربها (رويترز)

الحملة تطول أيضاً الضباط والعناصر و«الشبيحة» وكل المرتبطين بالأجهزة الأمنية في «كتابة التقارير»، وارتكبوا جرائم بحق السوريين.

ومع انهيار النظام السابق واشتداد العمليات العسكرية، سلم مئات من العناصر والضباط أسلحتهم، فيما اعتُقل عدد كبير منهم سيعاملون بوصفهم أسرى حرب.

صور مفقودين معلقة على البوابة الرئيسية لسجن صيدنايا بشمال دمشق (أ.ف.ب)

وطلب «المرصد السوري» من «إدارة العمليات العسكرية» معاملة السجين «وفق ما يتضمنه القانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان، وتأمين اتصالهم مع ذويهم لطمأنتهم، وإخضاع الموقوفين لمحكمة مستقلة ونزيهة مشكّلة تشكيلاً قانونياً». كما طالب بـ«إعلام الأشخاص المدانين بالإجراءات القضائية المتوفرة لإنصافهم، والمدد الزمنية لكل إجراء».

فرق «الخوذ البيضاء» عثرت على نحو 20 جثة ورفات مجهول الهوية بمخزن للأدوية في منطقة السيدة زينب بدمشق (أ.ف.ب)

وكان عضو مجلس الإدارة في الدفاع المدني السوري، عمار السلمو، قد أعلن، اليوم الأربعاء، أن فرق «الخوذ البيضاء» عثرت على نحو 20 جثة ورفات مجهول الهوية في مخزن للأدوية بمنطقة السيدة زينب بدمشق.

وكانت منطقة السيدة زينب، الواقعة جنوب دمشق، منذ 2012 معقلاً لعناصر من «حزب الله» اللبناني، وغيره من المجموعات المدعومة من إيران، الذين «قالوا إنهم دخلوها للدفاع عن هذا المقام المقدّس بعد انطلاق الانتفاضة على الرئيس المخلوع، بشار الأسد».

ووفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، فقد خلت المنطقة الآن تماماً من عناصر «حزب الله» وفصائل أخرى موالية لإيران، وحل مكانهم مسلحون محليون.

وقال السلمو، من مكان قرب مقام السيدة زينب، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «وصل إلينا بلاغ عن وجود جثث وهياكل عظمية وروائح كريهة في هذا المكان».

ووفق السلمو، فإن «الأعداد الموجودة هنا لا تتجاوز 20 ضحية، لكن العظام منشورة في كل مكان. سنحاول تجميع هذه العظام ومعرفة الرقم التقديري».

وشاهد مصور «وكالة الصحافة الفرنسية» في المكان مخزناً قرب مقام السيدة زينب مباشرة، «وفي داخله غرفة لتخزين الأدوية، تحتوي براداً صغيراً، عثر فيه على نحو 10 جثث، بالإضافة إلى جماجم وعظام مبعثرة على الأرض. كما تناثرت على الأرض كذلك علب طعام».

ورفعت فرق الدفاع المدني الجثث والعظام ووضعتها في أكياس لتجميعها لبدء عملية التعرف عليها.

وأضاف السلمو أن «المكان مخصص ليكون مستودع أدوية (...)، لكن داخل المستودع يوجد براد، هذا البراد يحتوي جثثاً متفسخة وهياكل عظمية يبدو أنها لأشخاص ماتوا قبل سنتين أو سنة ونصف السنة، بشكل تقريبي».

وأوضح السلمو أن ثمة «أرقاماً موجودة على تلك الأكياس التي كُتب عليها (حلب - حريتان). لا ندري لمن تعود هذه الجثث. سنحاول معرفة أي تفاصيل تدلنا على هويتها».

وتابع أن «ما نستطيع أن نفعله الآن هو توثيق هذه الجثث لمعرفة أعمارها... وفيما بعد أخذ عينات لفحص الحمض النووي» لمعرفة هويتها.

وتعذر على «وكالة الصحافة الفرنسية» التأكد بشكل منفصل من سبب وجودها أو هوية أصحابها.

وفرّ بشار الأسد من سوريا يوم 8 ديسمبر (كانون الأول) الحالي في أعقاب هجوم خاطف من فصائل المعارضة قادته «هيئة تحرير الشام»، بعد أكثر من 13 عاماً من قمع الاحتجاجات المطالبة بالديمقراطية، الذي أدى إلى اندلاع إحدى أكثر الحروب دموية في هذا القرن.

مصادر «المرصد السوري» أكدت أن القوات في «إدارة العمليات العسكرية» تشن الحملات لـ«محاكمة المجرمين، نتيجة مطالبات شعبية ووجود دلائل على تورط الملاحَقين في سفك الدماء، إضافة إلى الحفاظ على الاستقرار في مختلف المناطق، كي لا يلجأ الأفراد إلى القصاص بشكل فردي ممن عرضوهم أو أفراد من عائلاتهم للضرر في عهد النظام السابق».

ويعدّ تحقيق العدالة مطلباً أساسياً للثورة السورية «شدد عليه السوريون في هتافاتهم وخطاباتهم، وعلى ضرورة محاسبة كل من تلطخت أيديهم بدماء الأبرياء من القتلة والمجرمين الذين استغلوا الوضع لتحقيق مكاسب شخصية».