دمشق... «صندوق باندورا» انفتح لأبنائها والعالم

الحياة تسير بانتظام كاستراحة بين شوطين

حيوية الدمشقيين عادت سريعاً إلى قلب دمشق (الشرق الأوسط)
حيوية الدمشقيين عادت سريعاً إلى قلب دمشق (الشرق الأوسط)
TT

دمشق... «صندوق باندورا» انفتح لأبنائها والعالم

حيوية الدمشقيين عادت سريعاً إلى قلب دمشق (الشرق الأوسط)
حيوية الدمشقيين عادت سريعاً إلى قلب دمشق (الشرق الأوسط)

لا يسع زائر العاصمة السورية دمشق اليوم إلا التوقف دهشة من نبض المدينة المتسارع. ازدحام سير عند المداخل ومفترقات الشوارع الرئيسة والأسواق، مشهد تلامذة المدارس يتقافزون خلف ذويهم متخففين من حقائبهم عند انتهاء اليوم المدرسي، وتفاصيل كثيرة تبث شيئاً من الألفة وتقول إن الحياة اليومية لم تتعطل أمام الحدث الجلل.

سيارات بصفائح تدلل على قدومها من مختلف المناطق السورية ازدحمت عند تقاطعات الطرق وإشارات المرور الضوئية التي تعمل بشكل طبيعي. هنا سيارة من الرقة وأخريان من حمص وإدلب وسط سيل من سيارات دمشق. «هذا مشهد جديد علينا» يقول محدثي. لم نكن نرى هذه السيارات قبلاً. ووسط الزحام ومحاولة كل سائق شق طريق لنفسه قال ممازحاً: «إشارة إدلب على السيارة صارت تعني (حكومي)... يجب أن نفسح الطريق».

الغياب الكبير لعناصر شرطة المرور لا يعوضه وجود بضعة عناصر من «هيئة تحرير الشام» الذين حضروا إلى مفاصل رئيسة وسط المدينة لمحاولة تنظيم المرور، لكن يبدو أن الناس يتدبرون أمرهم بدفع ذاتي أيضاً.

لا يكاد يخلو محل تجاري من علامة تحتفي بالمرحلة الجديدة ولو على شكل تخفيض 50% (الشرق الأوسط)

وبالكاد هبط المساء حتى امتلأت الحدائق العامة والمقاهي بالعائلات والشباب والصبايا وغص بهم شارع الشعلان ومتفرعاته، متنقلين بين محال العصائر الطازجة والسندويشات ومقاهي النراجيل وقد اتخذت بغالبيتها أسماء أجنبية أو مطعَّمة بالإنجليزية.

«سرعة التأقلم» التي يوصف بها الدمشقيون تُلمس في تفاصيل صغيرة بعضها شكلي وبعضها الآخر إجرائي، كقبول التعامل فجأة بكل العملات الأجنبية والعربية، أو كمعاودة جمع النفايات واستئناف عمال النظافة أعمالهم بسرعة قياسية، أو حتى تحديث شروط شراء شريحة هاتف لغير السوريين على سبيل المثال. فالإجراء السابق كان يقضي بتسجيل الأجنبي ضمن سجل خاص مترافق مع صورة لختم دخوله إلى الأراضي السورية وعنوان إقامته. أما اليوم، والحدود البرية من الجهة السورية متروكة لحالها، ولا أختام دخول أو خروج (بعد)، وحيث ضبط حركة الوافدين والمغادرين ملقاة على عاتق الجانب اللبناني وحده، فلم ترم الإجراءات كلياً ولم تعم فوضى الأرقام الهاتفية، وإنما تمت الاستعاضة عنها بإجراءات بديلة عملية تحفظ هوية صاحب الخط الهاتفي من جهة، ولا تعيق حصوله على شريحة من جهة أخرى.

مدنيون وعسكر يحتفلون في ساحة الأمويين وسط العاصمة السورية (الشرق الأوسط)

إلى ذلك، فقد انتشر «علم الثورة» على السيارات الخاصة وسيارات الأجرة ومداخل المحال التجارية، مترافقاً مع عروض لتخفيضات خاصة على الملابس والأحذية وغيرهما «احتفالاً بالنصر». كذلك كثر الباعة المتجولون الذين يعرضون العَلم الجديد بإصرار مريب، وهم يحثونك على الشراء بكلمات المباركة والتهليل. وقد يصعب التمييز بدقة من استبدل بمظاهر الولاء الجديدة المظاهر القديمة عن قناعة أو تقية، خصوصاً بين الأفراد وأبناء المدينة من أصحاب المصالح الصغيرة، لكن المؤكد أن المساحات العامة والمشتركة طوت صفحة «الأبد». فعلى طول الطريق من الحدود اللبنانية وحتى آخر زقاق في دمشق شُطبت كل عبارة تمجد الأسد الأب والابن أو «الأبد» الذي سلّط على رقاب السوريين لعقود.

بعض اللافتات الترحيبية بالمرحلة الجديدة تتبع شركات تجارية (الشرق الأوسط)

كذلك انتشرت في الساحات العامة، وخصوصاً ساحة الأمويين، ملصقات وشاشات إعلانية تفيد بأن «سوريا لكل السوريين»، وأنه «حان وقت العمل لبناء مستقبل أفضل»، وغير ذلك من عبارات التطمين ومد اليد والتطلع إلى «غدٍ جامع لكل أبناء الوطن». ولم يمكن متاحاً التأكد إن كانت هذه الملصقات جزءاً من حملة إعلامية صريحة لـ«هيئة تحرير الشام»، أم أنها أيضاً لحظة ارتجال سياسي.

منحوتة السيف الدمشقي وسط دمشق (الشرق الأوسط)

ولعل ساحة الأمويين التي تحولت «مزاراً ثورياً» تؤمّه الجموع ليلاً ونهاراً لالتقاط صور تذكارية قرب النصب التاريخي وفوق تمثال حافظ الأسد المتروك على الأرض، تقول الكثير مما لم يحكَ بعد. فبالإضافة إلى كونها المَعلَم الأول لمدينة دمشق، هي اليوم بوابة سوريا إلى العالم، ليس فقط عبر سوريين سارعوا إليها من داخل البلاد وخارجها وملأوا الفضاء الإلكتروني بصورهم وفرحتهم، بل أيضاً عبر مراسلين صحافيين وقنوات تلفزة عالمية وفرق بث بالمئات وبلغات مختلفة، جعلت الوضع كله أقرب إلى فتح «صندوق باندورا» بحلوه ومرّه.

«سوريا للجميع» لافتة بمضمون جديد (الشرق الأوسط)

الصحافيون هؤلاء المرابطون في الساحة وتصادفهم لاحقاً في المطاعم الشعبية الصغيرة وردهات الفنادق، يعيدونك مرغماً إلى بغداد ما بعد 2003... مشهد آخر لعاصمة أمام مفترق تاريخي وطوفان من البشر والمشاعر.

وكما في بغداد ذات يوم، هنا أيضاً تعج ردهات الفنادق بكل التناقضات الممكنة، وليس الصحافيون على اختلاف مشاربهم إلا حلقة صغيرة فيها.

هنا في هذه القاعات الكبيرة، وحول فناجين القهوة والشاي، يتجاور صناع القرار من الوفود الدبلوماسية، وأعضاء البعثات الأممية ومترجميهم، كما التجار والمقاولون الذين تهافتوا ليقتنصوا فرصاً اقتصادية يعلمون جدواها مسبقاً. فصحيح أن دمشق نفسها لم تتغير معالمها كثيراً، لكن حاجتها إلى مختلف أنواع الخدمات وأولها الكهرباء كبيرة جداً، كما وأن أحياء كاملة سُويت بالأرض وشهدت تهجيراً قسرياً وتجويعاً وترويعاً تجاور فقاعة العاصمة وفنادقها ومطاعمها حتى تكاد تلامسها.

مسلّحون من الفصائل يحتفلون بسقوط النظام في دمشق 8 ديسمبر (أ.ب)

هنا أيضاً، في هذه الفنادق التي تحولت مطبخاً مصغراً للمجتمع السوري الكبير، يلتقي الدمشقيون للمرة الأولى أبناء بلدهم من قادة الفصائل والمسلحين القادمين من الشمال الذين لم تسمح ظروف حياتهم وأعمار كثير منهم بالتعرف على عاصمتهم أو دخول فندق أصلاً. شعورهم العارم بالنصر والإنجاز لا يخفي إرباكاً في نظراتهم وسلوكياتهم الصغيرة. كأن تصادف أحدهم في المصعد فيحتار أن يخرج أم يبقى، ثم يرد التحية بأفضل منها ويغض الطرف.

تخفيض على الملابس بمناسبة سقوط النظام (الشرق الأوسط)

بدلاتهم العسكرية بمختلف تلاوينها وسلاحهم وذخيرتهم الظاهرة للعيان ولحاهم الطويلة، غير معدّة لهذه الفنادق العريقة وفخامة خزفياتها وأدبيات الموظفين فيها وكلماتهم المنمقة، كما وتعاكس دماثة دمشقيين «عاديين» اعتادوا زيارة مقاهي الفنادق ومطاعمها مساءً لا لشيء إلا لأن ذلك متاح ويمنحهم بعض الهدوء والخصوصية. هذه الهوة يردمها المسلّحون بالوقار والعبوس والتوجس الأمني الذي لا ينفك يتهاوى عند أول مزاح من صديق أو شخص مقرب.

أما الدمشقيون فيشعرون بأن «فقاعتهم» قد كُسرت وشكل حياتهم المتوارث قد تغير إلى غير رجعة، لكنهم شبه مجمعين على أن شيئاً لن يكون أسوأ أو أطول مما كان.


مقالات ذات صلة

عودة 300 ألف نازح سوري من لبنان إلى بلادهم 

العالم العربي عودة 300 ألف نازح سوري من لبنان إلى بلادهم (أ.ف.ب)

عودة 300 ألف نازح سوري من لبنان إلى بلادهم 

هناك 300 ألف نازح سوري عادوا من لبنان إلى بلادهم بعد العفو العام الذي صدر عن السلطات السورية.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
العالم العربي فرق «الخوذ البيضاء» عثرت على نحو 20 جثة ورفات مجهولة الهوية بمخزن للأدوية في منطقة السيدة زينب بدمشق (أ.ف.ب)

العثور على جثث مجهولة الهوية في منطقة السيدة زينب بدمشق

أعلن عضو مجلس إدارة في الدفاع المدني السوري، عمار السلمو، اليوم الأربعاء، أن فرق «الخوذ البيضاء» عثرت على نحو 20 جثة ورفات مجهولة الهوية في دمشق.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي أحد مواقع المقابر الجماعية في سوريا (أ.ف.ب)

مسؤول أميركي سابق: المقابر الجماعية السورية تكشف «آلة الموت» في عهد الأسد

قال السفير الأميركي السابق لقضايا جرائم الحرب، ستيفن راب، إن الأدلة التي ظهرت من مواقع المقابر الجماعية في سوريا كشفت «آلة الموت» التي أدارتها دولة الأسد.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
العالم العربي قائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي يقترح إنشاء منطقة منزوعة السلاح في مدينة كوباني الحدودية مع تركيا (رويترز)

قائد قوات سوريا الديمقراطية يقترح إقامة «منطقة منزوعة السلاح» في كوباني

أعرب قائد قوات سوريا الديمقراطية، مظلوم عبدي، اليوم الثلاثاء، عن استعداد قواته تقديم مقترح إنشاء «منطقة منزوعة السلاح» في مدينة كوباني الحدودية مع تركيا.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
العالم العربي القائد العسكري لـ«هيئة تحرير الشام»: سنكون «أول المبادرين» لحل جناحنا العسكري والانضواء ضمن الجيش (رويترز)

«هيئة تحرير الشام»: مناطق سيطرة القوات الكردية ستُضم إلى الإدارة الجديدة لسوريا

قال القائد العسكري لـ«هيئة تحرير الشام» مرهف أبو قصرة إن مناطق سيطرة «قوات سوريا الديمقراطية» التي يقودها الأكراد في شمال شرق البلاد ستُضم للإدارة الجديدة.

«الشرق الأوسط» (اللاذقية)

لماذا يزداد التفاؤل بشأن إمكانية التوصل لوقف إطلاق النار في غزة؟

TT

لماذا يزداد التفاؤل بشأن إمكانية التوصل لوقف إطلاق النار في غزة؟

دخان يتصاعد من غارات إسرائيلية على رفح في وقت سابق (أ.ف.ب)
دخان يتصاعد من غارات إسرائيلية على رفح في وقت سابق (أ.ف.ب)

طرحت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية سؤالاً بشأن ازدياد التفاؤل بشأن إمكانية التوصل لوقف إطلاق النار في غزة بين إسرائيل وحركة «حماس»، وقالت إن وتيرة المفاوضات تسارعت مدفوعة بعوامل متعددة، بما في ذلك حربا لبنان وسوريا، وفوز دونالد ترمب في الانتخابات الأميركية.

ونقلت عن مسؤوليْن قولهما إن مدير وكالة المخابرات المركزية الأميركية، ويليام بيرنز، وصل إلى قطر يوم الأربعاء لمحاولة التوصل إلى اتفاق لإنهاء الحرب في غزة، وتحرير الرهائن المحتجزين هناك.

وكان بيرنز المفاوض الأميركي الرئيس في جهود وقف إطلاق النار التي استمرت شهوراً، ويقول مسؤولون من الدول المشاركة في المحادثات إن الجانبين قد يقتربان من هدنة في الحرب التي بدأت بهجمات «حماس» على إسرائيل في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وإذا تم التوصل إلى اتفاق، فسيكون هذا أول توقف في القتال منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 عندما وافقت إسرائيل و«حماس» على وقف إطلاق للنار لمدة أسبوع أعطى سكان غزة فترة راحة قصيرة وأطلق سراح 105 رهائن.

متظاهرون إسرائيليون يحملون لافتات خلال احتجاج مناهض للحكومة يطالبون فيها باتخاذ إجراءات للإفراج عن الرهائن لدى حركة «حماس» 30 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

ماذا على الطاولة؟

ولفتت الصحيفة إلى أنه في تغيير عن المفاوضات السابقة، امتنع الجانبان عموماً عن تسريب تفاصيل المحادثات إلى وسائل الإعلام، وقال بعض المحللين إنهم يعتقدون أن التعتيم يشير إلى أن إسرائيل و«حماس» أكثر جدية بشأن التوصل إلى اتفاق هذه المرة.

ووفقاً لمسؤولين مطلعين على المحادثات، طرح الوسطاء وقف إطلاق النار بدءاً بهدنة لمدة 60 يوماً، وخلال هذه المرحلة، ستفرج «حماس» عن بعض الرهائن المائة أو نحو ذلك، الذين ما زالوا محتجزين في غزة - بعضهم قتلى - في مقابل إطلاق سراح الفلسطينيين المسجونين في إسرائيل.

ويأمل الوسطاء القطريون والمصريون، الذين توسطوا في المحادثات إلى جانب الولايات المتحدة، أن تستمر الهدنة الأولية في وقف إطلاق نار دائم. وطالبت إسرائيل أن تظل قواتها إلى حد كبير في قسمين من غزة: الأول المعروف باسم ممر نتساريم، عبر وسط غزة، ويقسم الأجزاء الشمالية والجنوبية من القطاع، والآخر ممر فيلادلفيا على طول حدود المنطقة مع مصر.

وفي المقابل، طالبت «حماس» في السابق بخروج إسرائيلي سريع وكامل من القطاع، ولكن الحركة مستعدة الآن للتسامح مع وجود إسرائيلي ممتد في أجزاء من هذين الممرين، ما دام انسحبت إسرائيل في النهاية، وفقاً لشخص مطلع على خطط «حماس».

لماذا استمرت الحرب لفترة طويلة؟

وصلت إسرائيل و«حماس» إلى طريق مسدودة جراء تعهد القادة الإسرائيليين، بمن فيهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، بالقضاء على «حماس» في غزة.

وقالت «حماس» إنها لن تطلق سراح مزيد من الرهائن ما لم توافق إسرائيل على إنهاء الحرب، وسحب قواتها بالكامل وإطلاق سراح عشرات الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية.

ولقد دفعت قطر ومصر، وكذلك إدارة جو بايدن، الجانبين إلى اتفاق من ثلاث مراحل، على أمل بناء الزخم، وقد انهارت هذه الجهود مراراً وتكراراً.

ويتهم المنتقدون الإسرائيليون نتنياهو بوضع مصالحه السياسية ورغبات حلفائه السياسيين فوق مصير الرهائن.

ويعتمد ائتلافه الحاكم على أحزاب اليمين المتطرف التي عارضت إنهاء الحرب، على أمل السيطرة على غزة وبناء المستوطنات اليهودية.

ويقول نتنياهو إنه يبذل قصارى جهده لتحرير الرهائن، على الرغم من أنه قال إنه لن يتنازل عن القضاء على «حماس».

وواصلت «حماس» القتال على الرغم من الثمن الباهظ الذي دفعه سكان غزة: نحو 45 ألف قتيل وعدد أكبر من الجرحى، وفقاً للسلطات الصحية في غزة، وأُجبر ما يقرب من مليوني شخص - الغالبية العظمى من سكان القطاع - على ترك منازلهم وسط دمار واسع النطاق.

ولكن هل كان من الممكن أن يتغير هذا الوضع؟ ففي الأشهر القليلة الماضية، تحول الزخم في الشرق الأوسط بشكل جذري، الأمر الذي خلق ما يسميه بعض المسؤولين والدبلوماسيين الظروف المواتية للتوصل إلى اتفاق.

دبابات إسرائيلية في مناورة على حدود غزة (رويترز)

ففي أوائل ديسمبر (كانون الأول)، تعهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب على وسائل التواصل الاجتماعي بأن «جحيم سيُدفَع ثمنه» ما لم يتم إطلاق سراح الرهائن بحلول موعد تنصيبه في 20 يناير (كانون الثاني). و«سوف يتضرر المسؤولون عن ذلك أكثر من أي شخص آخر».

ورأى كثيرون في إسرائيل أن هذه الرسالة موجهة إلى نتنياهو وكذلك «حماس».

ودعا ترمب إسرائيل إلى «إنهاء» الحرب، على الرغم من أن رؤيته للتسوية بعد الحرب في غزة لا تزال غير واضحة.

وتسارعت وتيرة المحادثات بعد أن التقى ستيفن ويتكوف، الذي عينه مبعوثه إلى الشرق الأوسط، مع نتنياهو ورئيس الوزراء القطري في نوفمبر.

ويرجح المسؤولون الأميركيون أن إسرائيل أنجزت كل شيء ممكن تقريباً من خلال العمل العسكري في غزة، كما يشعر كثير من الإسرائيليين بقلق عميق بشأن مصير الرهائن المتبقين، الذين تخشى أسرهم ألا يتمكنوا من البقاء على قيد الحياة لشتاء آخر.

وفي الوقت نفسه، قُتل كثير من قادة وعناصر «حماس»، وأصبحت أكثر عزلة من أي وقت مضى، ويقول المسؤولون الإسرائيليون إنهم يأملون أن يدفعها ذلك نحو التوصل إلى تسوية.

وأصر «حزب الله» حليف «حماس» على أنه سيستمر في إطلاق الصواريخ والطائرات المسيّرة على إسرائيل حتى تنتهي الحرب في غزة، ولكن بعد أن قتلت إسرائيل كثيراً من قادة وعناصر «حزب الله»، استسلمت الجماعة المسلحة اللبنانية، ووافقت على سلام منفصل الشهر الماضي.

وبعد فترة وجيزة، اجتاحت الفصائل العاصمة السورية دمشق، وأطاحت بحكم بشار الأسد الذي دام عقوداً، وكان الأسد حليفاً رئيساً لإيران، التي تدعم أيضاً «حماس» و«حزب الله».

وكان قادة «حماس» يحلمون ذات يوم بحرب إقليمية ضد إسرائيل إلى جانب الميليشيات الأخرى المدعومة من إيران، لكنهم يدركون الآن أن «الفرسان لن يأتوا لإنقاذنا»، كما قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن..