الغموض ينتظر الأسد بعد أن قدم له بوتين طريق هروب شخصي

الرئيس المخلوع وعائلته في منفى فخم ولكن معزول

الرئيس الروسي فلاديمير بوتن يحضر اجتماعاً مع بشار الأسد في الكرملين بموسكو... 24 يوليو 2024 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتن يحضر اجتماعاً مع بشار الأسد في الكرملين بموسكو... 24 يوليو 2024 (رويترز)
TT

الغموض ينتظر الأسد بعد أن قدم له بوتين طريق هروب شخصي

الرئيس الروسي فلاديمير بوتن يحضر اجتماعاً مع بشار الأسد في الكرملين بموسكو... 24 يوليو 2024 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتن يحضر اجتماعاً مع بشار الأسد في الكرملين بموسكو... 24 يوليو 2024 (رويترز)

في خطوة مليئة بالغموض والتساؤلات، أفادت تقارير بأن الرئيس السوري السابق بشار الأسد وأسرته غادروا سوريا متجهين إلى موسكو، بعد أن منحهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اللجوء.

الرحلة التي تمت بسرية تامة، تشير إلى نهاية حكم استمر 24 عاماً وارتبط بمجازر دموية وحرب أهلية أودت بحياة أكثر من نصف مليون شخص، وشرّدت الملايين.

عملية هروب مثيرة للجدل

وفقاً للتقارير، نظمت عملية هروب الأسد بواسطة الاستخبارات الروسية، التي عملت على نقل الأسد وعائلته من سوريا دون ترك أي أثر، بما في ذلك إطفاء جهاز الإرسال الخاص بالطائرة لتجنب كشف الرحلة. اللافت أن العملية كانت محاطة بسرية مطلقة لدرجة أن شقيق الأسد، ماهر الأسد، لم يُبلّغ بها. وفقا لصحيفة «الغارديان».

هذا التحرك يأتي بعد سنوات من الدعم الروسي لنظام الأسد، الذي بدا على شفا الانهيار لولا التدخل العسكري الروسي عام 2015. ومع اقتراب المعارضة من دمشق، أصبح واضحاً أن موسكو قدمت للأسد طريق هروب شخصي ينقذه من مصير مشابه لما واجهه الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي.

صورة تظهر ملصقاً ممزقاً لبشار الأسد في حلب (رويترز)

منفى فخم ولكن معزول

تقارير متعددة تشير إلى أن الأسد وعائلته سيعيشون في موسكو بعيداً عن الأضواء. وبينما يمتلكون ما لا يقل عن 20 شقة فاخرة تُقدر قيمتها بنحو 40 مليون دولار في العاصمة الروسية، يُتوقع أن يعيشوا تحت رقابة مشددة من الأجهزة الأمنية الروسية.

اختيار روسيا وجهة نهائية للجوء يحمل أبعاداً سياسية وجيوسياسية. يرى المراقبون أن الأسد اختار موسكو كونها مكاناً أكثر استقراراً وأقل عُرضة للضغوط الدولية، خاصة أن روسيا، بقيادة بوتين، ترفض التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية التي تسعى لمحاكمة الأسد بتهم جرائم حرب.

عائلة الأسد: من مجد السلطة إلى حياة الظل

انتقل الأسد وأسرته من قصرهم في دمشق إلى عقارات فاخرة في موسكو، ليصبحوا جزءاً من مجتمع النخبة الروسية. إلا أن حياتهم الجديدة قد تكون معزولة، حيث من المرجح أن يظلوا بعيدين عن الحياة العامة لتجنب إحراج الكرملين، الذي يسعى الآن إلى بناء علاقات مع الحكام الجدد في سوريا.

أسماء الأسد، المعروفة بلقب «وردة الصحراء»، تواجه هي الأخرى تحديات كبيرة. تشخيص إصابتها بالسرطان واتهامات باستخدام صورتها الغربية لتجميل نظام زوجها الوحشي، تجعلها تحت الأضواء بشكل خاص. ومع ذلك، يشير الخبراء إلى أن موسكو قد توفر لها ولعائلتها رعاية طبية وحماية أمنية لا تتوفر في أي مكان آخر.

إرث من الخراب

ترك نظام الأسد سوريا في حالة من الفوضى والدمار، مع ملايين النازحين والبنية التحتية المدمرة. ومع ذلك، فإن العائلة، التي تمتلك ثروة تُقدر بملياري دولار، تُعتبر واحدة من أقوى السلالات التي تمتد شبكاتها عبر العالم، مما يجعل محو تأثيرها تحدياً كبيراً.

صورة لبشار الأسد ملقاة على الأرض وسط هدايا تذكارية في إحدى غرف القصر الرئاسي المعروف باسم قصر الشعب (رويترز)

ختام مجهول

بينما يعيش الأسد وأسرته في الظل، يطرح مستقبلهم تساؤلات حول دورهم في السياسة الإقليمية والعالمية. يقول الخبراء إن الأسد قد يختار التزام الصمت لبقية حياته، إلا أن الإرث الذي تركه في سوريا سيظل مصدراً للجدل والنقاش لفترة طويلة.


مقالات ذات صلة

الغرب يحذّر سوريا من تعيين «مقاتلين أجانب» في الجيش

المشرق العربي مقاتلون من «هيئة تحرير الشام» في دمشق (رويترز)

الغرب يحذّر سوريا من تعيين «مقاتلين أجانب» في الجيش

حذّر مبعوثون أميركيون وفرنسيون وألمان الحكام الجدد في سوريا من أن تعيينهم لـ«مقاتلين أجانب» في مناصب عسكرية عليا يمثّل مصدر قلق أمني ويسيء لصورتهم.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي سيارة جيب إسرائيلية الجمعة في المنطقة العازلة على الحدود بين إسرائيل وسوريا بالقرب من قرية مجدل شمس الدرزية في مرتفعات الجولان التي ضمتها إسرائيل (إ.ب.أ)

إسرائيل تريد الاحتفاظ بمجالي «سيطرة» و«نفوذ» في عمق سوريا

تخطط إسرائيل للاحتفاظ بمجالي «سيطرة» (احتلال) و«نفوذ» (استخباراتي) في الأراضي السورية للتعامل مع الواقع الجديد الذي نشأ عقب سقوط نظام بشار الأسد.

كفاح زبون (رام الله)
المشرق العربي أحمد الشرع مستقبلاً أنطونيو تاياني في دمشق (سانا)

وزير الخارجية الإيطالي: الشرع أعرب عن استعداده «لمنع الهجرة غير الشرعية»

أعلن وزير الخارجية الإيطالي، الجمعة، أن قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع الذي التقاه في وقت سابق في دمشق، أعرب عن استعداده «لمنع الهجرة غير الشرعية».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
آسيا وزير الخارجية التركي هاكان فيدان في إسطنبول (رويترز)

تركيا تستبعد أي دور لفرنسا في ملف الأكراد بشمال شرقي سوريا

استبعد وزير الخارجية التركي هاكان فيدان أي دور للقوات الفرنسية في سوريا عادّاً أن الولايات المتحدة هي المحاور الوحيد لبلاده.

«الشرق الأوسط» (إسطنبول)
المشرق العربي رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي (د.ب.أ)

ميقاتي إلى دمشق لتدشين العلاقة الرسمية مع القيادة الجديدة

يتوجّه رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي إلى دمشق، السبت، للقاء قائد الإدارة الجديدة في سوريا أحمد الشرع.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

دمشق... انتقادات لـ«ممارسات ثأرية»

قوات أمن سورية في ساحة الأمويين بدمشق يوم 8 يناير الحالي (أ.ف.ب)
قوات أمن سورية في ساحة الأمويين بدمشق يوم 8 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

دمشق... انتقادات لـ«ممارسات ثأرية»

قوات أمن سورية في ساحة الأمويين بدمشق يوم 8 يناير الحالي (أ.ف.ب)
قوات أمن سورية في ساحة الأمويين بدمشق يوم 8 يناير الحالي (أ.ف.ب)

تثير ممارسات ثأرية تستهدف أشخاصاً متهمين بالعمل لمصلحة النظام السوري السابق، انتقادات من جانب حقوقيين يطالبون بوضع حد للانتقامات الفردية.

جاء ذلك على خلفية «إعدام» المختار السابق لبلدة دمر، غرب دمشق، بزعم أنه كان يتعاون مع أجهزة الأمن.

ورأت المحامية والناشطة المدنية رهادة عبدوش أن «الإعدامات الميدانية ليست طريقة للتعافي». وقالت، لـ«الشرق الأوسط»، إن «أخذ الثأر سيجلب للبلاد مزيداً من الدمار». وطالبت بـ«محاكم خاصة لمعاقبة ومحاكمة مَن تلطخت أيديهم بالدماء». كما قالت الناشطة المدنية سلمى الصياد، لـ«الشرق الأوسط»: «أخاف خوفاً شديداً من إجراءات انفعالية كهذه قد تظلم أشخاصاً أبرياء».

إلى ذلك، تخطط إسرائيل للاحتفاظ بمجاليْ «سيطرة» (احتلال)، و«نفوذ» (استخباراتي)، في عمق سوريا، للتعامل مع الواقع المستجدّ في هذا البلد.