حملة استيطانية ضد الفلسطينيين: لا مستقبل لكم بوطنكم

لافتة علّقها المستوطنون في الضفة الغربية كتب عليها: «لا مستقبل في فلسطين» (فيسبوك)
لافتة علّقها المستوطنون في الضفة الغربية كتب عليها: «لا مستقبل في فلسطين» (فيسبوك)
TT

حملة استيطانية ضد الفلسطينيين: لا مستقبل لكم بوطنكم

لافتة علّقها المستوطنون في الضفة الغربية كتب عليها: «لا مستقبل في فلسطين» (فيسبوك)
لافتة علّقها المستوطنون في الضفة الغربية كتب عليها: «لا مستقبل في فلسطين» (فيسبوك)

أثارت لافتات ضخمة تم تعليقها في الأيام الأخيرة على عدد من الطرق الرئيسة في الضفة الغربية، مع الرسالة «لا مستقبل في فلسطين»، بجوار صورة لإجلاء السكان الغزيين، موجة غضب في صفوف الفلسطينيين، وقلقاً حقيقيّاً من أهدافها الخطيرة.

وعقّب ناشطون فلسطينيون عليها بكلمات إدانة شديدة اللهجة، فكتب أحدهم على شبكات التواصل الاجتماعية: «الرسالة واضحة، بعد التهجير في غزة سيأتي دور فلسطينيي الضفة الغربية». وكتب آخر: «اللصوص الإسرائيليون لم يعودوا يخجلون من أهداف الإبادة والترحيل». وكتب ثالث: «الشعب الفلسطيني يحتاج إلى حماية دولية، فالخطر حقيقي على وجودنا».

لافتة علّقها المستوطنون على طريق رام الله (فيسبوك)

وتبيّن أن الجهة التي بادرت بنشر هذه الإعلانات هي حركة تحمل اسم «مُقاتلون من أجل الحياة»، والتي تأسست سنة 2021، إثر زيادة عمليات الفلسطينيين المسلحين وقذف المستوطنين بالحجارة، فراحت تهاجم حكومة اليمين بالادعاء بأنها «لا تتخذ الإجراءات اللازمة لمكافحة الإرهاب الفلسطيني»، وأنها تعتقد بسذاجة أن منح الفلسطينيين تصاريح عمل سيُخفف من عدائهم لإسرائيل. وتوجّهت إلى المستوطنين اليهود في الضفة الغربية تدعوهم للرد على كل عملية قذف حجارة بملاحقة الفلسطينيين حتى أبواب بيوتهم. وطالبت المستوطنين بحمل السلاح، وعدم التردد في تحييد مَن يهاجمهم، وأقاموا مئات المظاهرات في الضفة الغربية، شارك في عدد منها وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير.

وتستهدف حملتهم الجديدة بث اليأس في نفوس الفلسطينيين كي يرحلوا. وبموجبها ينشرون لافتات شوارع ضخمة تظهر فيها صورة الفلسطينيين في قطاع غزة وهم يهربون، ويرحلون من مكان لآخر، وكتبوا بجانبها باللغة العربية: «لا مستقبل في فلسطين».

وقال نشطاء في مقر الحركة، فضلوا عدم نشر أسمائهم: «لسنين طويلة، كان قادتنا يدفعون العرب للاعتقاد بأنهم سيحصلون على دولة فلسطينية، ما يشعل الأمل في قلوبهم لتنفيذ الهجمات. لقد حان الوقت لنقول لهم الحقيقة. ودفعهم إلى الهجرة، وتشجيع الاتجاه المتزايد بينهم للرغبة في الهجرة. في العام الماضي، لاحظنا ظاهرة في الضفة الغربية تتنامى نتيجة الحرب في غزة، من العرب الذين يقررون الهجرة إلى الخارج أو يبحثون عن ذلك علناً، بعد أن أدركوا أن الجمهور الإسرائيلي قد قرر ألا تقام دولة فلسطينية على مقربة من مطار بن غوريون. وبعد (سمحات توراة) (هجوم «حماس» على بلدات غلاف غزة في السابع من أكتوبر «تشرين الأول» 2023)، فهمنا جميعاً بأنه لا يمكن العيش بجوار العدو. إما نحن وإما هم. في النهاية، الشعب الإسرائيلي سوف يُسيطر على جميع أرض إسرائيل، وفقط مَن يقبل هذا سيبقى هنا. الوقت قد حان للتوقف عن الكذب عليهم... لا مستقبل في فلسطين».

لافتة علّقها المستوطنون على طريق رام الله (فيسبوك)

ونشر مقر «مُقاتلون من أجل الحياة» بياناً جاء فيه: «الحرب من أجل البلاد ليست مجرد حرب، هي حرب روحانية لتحقيق هدف شعب إسرائيل، وإن تنازلنا أو تجاهلنا ذلك سنواجه مذبحة أخرى. تعلمنا في غزة إن لم نقم نحن بإخضاع العدو، فسيقوم هو بإخضاعنا. الصحيح لغزة صحيح أيضاً ليهودا والسامرة (الاسم التوراتي للضفة الغربية). احتلال، وطرد، واستيطان».

وقد قابل الفلسطينيون نشر هذه اللافتات بغضب شديد، وعلقوا في قناة «تلغرام» -رائدة في بيت لحم- على اللافتة، ودققوا بالكتابة فيها، محذرين من أن الحديث يدور عن رغبة لطرد جميع العرب من فلسطين: «ذكر في اللافتة لا يوجد مستقبل في فلسطين، أي أن الحديث عن فلسطين كلها، ليس فقط غزة والضفة الغربية، أيضاً من القدس وباقي مناطق البلاد، يريدون طرد جميع الفلسطينيين».


مقالات ذات صلة

غالبية أممية ساحقة تطالب بوقف فوري للنار في غزة

المشرق العربي الجمعية العامة للأمم المتحدة خلال التصويت على مشاريع قرارات بشأن القضية الفلسطينية (إ.ب.أ)

غالبية أممية ساحقة تطالب بوقف فوري للنار في غزة

أيدت الجمعية العامة للأمم المتحدة بأكثرية ساحقة الوقف الفوري للنار في غزة مؤكدة على دعم وكالة «الأونروا» وسط اعتراضات أميركية وإسرائيلية.

علي بردى (واشنطن)
شؤون إقليمية الجيش الإسرائيلي أغلق المنطقة المحيطة ببيت لحم بحواجز الطرق (أ.ب)

مقتل طفل إسرائيلي وإصابة آخرين بإطلاق نار استهدف حافلة في الضفة الغربية

قالت السلطات الإسرائيلية، في الساعات الأولى من صباح اليوم (الخميس)، إن عدداً من الإسرائيليين أصيبوا في إطلاق نار استهدف حافلة مدنية في الضفة الغربية.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي الرئيسان جو بايدن ودونالد ترمب في المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض 13 نوفمبر الماضي (رويترز)

«تعاون وثيق» بين بايدن وترمب لوقف النار وإطلاق الرهائن في غزة

تكثفت الاتصالات الوثيقة بين إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن وفريق الرئيس المنتخب دونالد ترمب؛ سعياً إلى إنجاح مفاوضات وقف النار وإطلاق الرهائن في غزة.

علي بردى (واشنطن)
المشرق العربي صباح الغرابلي تعرض سلسلة مفاتيح عليها صورة زوجها محمود الغرابلي في منزلها بخان يونس (أ.ب)

فلسطينيون يبحثون عن ذويهم المختفين بعد مداهمات إسرائيلية في غزة

وثّقت منظمة حقوقية حالات اختفاء فلسطينيين في غزة وسط الحرب الإسرائيلية على القطاع.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي امرأة فلسطينية وطفل يقفان أمام مبنى دمَّرته غارة إسرائيلية في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

تقرير: حرب غزة خلّفت أكثر من 55 ألف قتيل ومفقود

أعلنت هيئة حكومية فلسطينية، اليوم (الثلاثاء)، أن الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة خلَّفت أكثر من 55 ألف قتيل ومفقود بين الفلسطينيين في الجيب الساحلي.

«الشرق الأوسط» (غزة)

تركيا أمام المعضلة الكردية في سوريا

مقاتلون أكراد في بلدة تل أبيض السورية (أرشيفية - رويترز)
مقاتلون أكراد في بلدة تل أبيض السورية (أرشيفية - رويترز)
TT

تركيا أمام المعضلة الكردية في سوريا

مقاتلون أكراد في بلدة تل أبيض السورية (أرشيفية - رويترز)
مقاتلون أكراد في بلدة تل أبيض السورية (أرشيفية - رويترز)

بعد سقوط الرئيس السوري بشار الأسد، تسعى أنقرة إلى إضعاف القوات الكردية المدعومة من الولايات المتحدة في شمال شرقي سوريا، ما قد يضعها على خلاف مع حلفائها الغربيين وعلى رأسهم واشنطن التي وصل وزير خارجيتها الخميس إلى تركيا.

وأعلنت فصائل مدعومة من تركيا هذا الأسبوع السيطرة على مدينة دير الزور (شرق) وعلى منبج (شمال) بعد «معارك عنيفة» مع قوات سوريا الديمقراطية (قسد) التي يهيمن عليها الأكراد، وذلك بعدما سيطرت الأسبوع الماضي على مدينة تل رفعت (شمال) وطردت منها القوات الكردية.

وسمحت وساطة أميركية بالتوصل، الأربعاء، إلى وقف إطلاق نار في منبج بعدما أوقعت المعارك 218 قتيلاً.

ورأى عرفان أكتان، الصحافي الذي صدرت له كتب كثيرة حول المسألة الكردية في تركيا، أن «تركيا تبذل كل ما بوسعها لضمان خروج الأكراد في موقع ضعيف من هذه العملية».

تدريبات مشتركة بين قوات أميركية و«قسد» في شمال شرقي سوريا (إعلام تركي)

وتابع أن «أنقرة تعبئ الفصائل الموالية لتركيا في سوريا للقضاء على الإدارة شبه الذاتية الكردية، لكن تم وقف هذا الهجوم في الوقت الحاضر بفضل تدخل من الأميركيين».

وتسيطر قوات سوريا الديمقراطية، وعمودها الفقري (وحدات حماية الشعب الكردية)، على مساحات كبيرة في شمال سوريا، أقامت فيها إدارة ذاتية.

خاض المقاتلون الأكراد بدعم أميركي معارك عنيفة لطرد تنظيم «داعش».

وتعد أنقرة الوحدات الكردية امتداداً لحزب العمال الكردستاني الذي تصنفه منظمة «إرهابية» ويخوض تمرداً على أراضيها منذ عقود.

وأعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، الثلاثاء، أنه «سيتم سحق المنظمات الإرهابية في أقرب وقت ممكن» في سوريا.

ويرى خبراء أن أنقرة قد تواجه معارضة حلفائها الغربيين إن كان الهدف من تحركاتها القضاء على الإدارة الذاتية الكردية بالكامل أو ضرب المدن الكردية التي باتت رمزاً لمكافحة تنظيم «داعش» مثل كوباني في شمال شرقي سوريا.

أكراد يرفعون صور أوجلان في مظاهرة (رويترز)

وحضت برلين، الثلاثاء، تركيا على عدم تقويض إمكان حصول انتقال سلمي في سوريا، تحت شعار «المصالح الأمنية».

وأكد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الخميس، أن دور مقاتلي قوات سوريا الديمقراطية «حيوي» لمنع عودة تنظيم «داعش» إلى الظهور في سوريا بعد الإطاحة بالأسد.

وكان مسؤول كبير في الإدارة الأميركية قال، الاثنين، إن الولايات المتحدة ستواصل حماية مواقعها في شمال شرقي سوريا «للتصدي لجهود تنظيم (داعش) وحفاظاً على سلامة قوات سوريا الديمقراطية».

وقال موتلو تشفير أوغلو المحلل المتخصص في المسألة الكردية، ومقره واشنطن، إن بلينكن سيحاول إقناع تركيا بحصر تحركاتها.

ولفت إلى أن «زيارة رئيس القيادة المركزية الأميركية (سنتكوم) الثلاثاء لقوات سوريا الديمقراطية هي رسالة مهمة إلى تركيا».

وأوضح أن «المنطقة التي تسيطر عليها القوات الكردية هي المنطقة الأكثر استقراراً في سوريا، تضمن حقوق النساء والأقليات. أما (هيئة تحرير الشام) التي سيطرت على السلطة في سوريا، فهي مجموعة متطرفة. حل الإدارة الذاتية الكردية قد يكون عامل انعدام الاستقرار».

لفت فايق بولوت خبير المسألة الكردية، إلى أن أنقرة تريد إبعاد القوات الكردية لمسافة 30 إلى 40 كلم عن حدودها الغربية.

وتابع أن «إردوغان يريد اغتنام الفراغ قبل وصول (الرئيس الأميركي المنتخب) دونالد ترمب إلى السلطة، والسيطرة على هذه المنطقة حتى يكون في موقع قوة في المفاوضات مع الرئيس الأميركي حول سوريا».

وأكد الرئيس التركي في مطلع نوفمبر (تشرين الثاني) أنه يريد البحث مع ترمب في وجود القوات الأميركية في شمال شرقي سوريا دعماً للقوات الكردية.

وقال بولوت إنه بعد «تطهير» المنطقة من قوات سوريا الديمقراطية، تود أنقرة استبدال المجلس الوطني الكردي بها، وهو حزب قريب من الحزب الديمقراطي الكردستاني العراقي الذي يقيم علاقات جيدة بتركيا.

وأضاف: «هكذا يمكن لإردوغان طرح نفسه في موقع حامي الأكراد، وهو ما يتفق أيضاً مع تطلعاته العثمانية الجديدة».

أكراد سوريون يتظاهرون في مدينة القامشلي بشمال شرقي البلاد احتجاجاً على هجمات مقاتلين مدعومين من تركيا على مناطق خاضعة للسيطرة الكردية في شمال سوريا (أ.ف.ب)

لكن هذه الخطط قد تقوض أيضاً عملية «اليد الممدودة» التركية للأكراد التي باشرتها الحكومة التركية في أكتوبر (تشرين الأول) بدعوة الزعيم التاريخي لحزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان إلى إعلان حل تنظيمه.

وقال مصدر غربي طالباً عدم كشف اسمه: «أتساءل عن عواقب التطورات الجارية في سوريا على المسألة الكردية في تركيا».

وأشار موتلو تشفير أوغلو إلى أن «أكراد تركيا يتابعون من كثب أعمال أنقرة في سوريا التي يعدون أنفسهم قريبين جداً منها»، موضحاً أن «الأكراد من جانبي الحدود يرتبطون بصلات قربى».

وعدّ عرفان أكتان أن «بإمكان تركيا الخروج من المأزق الحالي إن تمكنت من إحلال سلام واسع مع الأكراد، بما في ذلك مع أكراد تركيا».