السلطات السورية الجديدة تعتزم تجميد الدستور والبرلمان لثلاثة أشهر

سوريون يرفعون علامة النصر ويلوحون بأعلام سوريا احتفالاً بسقوط نظام الرئيس بشار الأسد في ساحة الأمويين بدمشق 11 ديسمبر 2024 (إ.ب.أ)
سوريون يرفعون علامة النصر ويلوحون بأعلام سوريا احتفالاً بسقوط نظام الرئيس بشار الأسد في ساحة الأمويين بدمشق 11 ديسمبر 2024 (إ.ب.أ)
TT

السلطات السورية الجديدة تعتزم تجميد الدستور والبرلمان لثلاثة أشهر

سوريون يرفعون علامة النصر ويلوحون بأعلام سوريا احتفالاً بسقوط نظام الرئيس بشار الأسد في ساحة الأمويين بدمشق 11 ديسمبر 2024 (إ.ب.أ)
سوريون يرفعون علامة النصر ويلوحون بأعلام سوريا احتفالاً بسقوط نظام الرئيس بشار الأسد في ساحة الأمويين بدمشق 11 ديسمبر 2024 (إ.ب.أ)

أعلن المتحدث باسم إدارة الشؤون السياسية التابعة للحكومة المؤقتة السورية، عبيدة أرناؤوط، الخميس، أنه سيتم تجميد الدستور والبرلمان خلال الفترة الانتقالية التي ستمتد ثلاثة أشهر.

وقال من مقر الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون في دمشق لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «قررنا (...) خلال اجتماع لوزراء الثورة عن حكومة الإنقاذ السورية مع الوزراء السابقين من أجل نقل الصلاحيات (...) هذه المرحلة ستسمر ثلاثة أشهر، ريثما يتم تشكيل الحكومة الجديدة، وطبعاً سيجمد الدستور والبرلمان خلال هذه المدة».

وأضاف أرناؤوط: «ستشكل لجنة قانونية وحقوقية من أجل النظر في الدستور وإجراء التعديلات»، كما أوضح أن هناك أولويات مرتبطة بـ«حماية المؤسسات، والوثائق والثبوتيات، وكذلك هناك تحدّ على صعيد الخدمات».

وأقرت الحكومة السابقة بموجب استفتاء شعبي في عام 2012، دستوراً جديداً ألغى بموجبه الدور القيادي لـ«حزب البعث» الحاكم حينها، وتضمن مادة نصّت على «التعددية السياسية» محل المادة الثامنة التي تشدد على دور الحزب «القائد في الدولة والمجتمع».

والتقى مراسلو «وكالة الصحافة الفرنسية» المتحدث عبيدة أرناؤوط، في مبنى التلفزيون الحكومي، فيما كان موظفون ينظمون بعض الملفات ويسلمونها لمسؤولي السلطات الجديدة.

وكُلّف، الثلاثاء، محمّد البشير الذي كان يرأس «حكومة الإنقاذ» في إدلب، المعقل السابق لفصائل المعارضة في شمال غربي البلاد، بتولّي رئاسة حكومة انتقالية حتى مطلع مارس (آذار) المقبل.

وقال أرناؤوط: «لدينا الآن أولويات مرتبطة بالحفاظ على المؤسسات وحمايتها»، مؤكداً أن «هذه المرحلة عنوانها دولة القانون والمؤسسات (...) وكل مواطن سوري سيستعيد كرامته ويستعيد حريته المسلوبة».

وحول رموز النظام السابق، أشار أرناؤوط إلى أنه «لا بد أن تكون هناك محاسبة وفق القانون لأنه لا عدالة بلا محاسبة».

ولطالما قدم الرئيس السابق بشار الأسد الذي ينتمي إلى الأقلية العلوية، نفسه حامياً للأقليات التي تبدي «بعض القلق» من السلطات الجديدة.

وأكد عبيدة أرناؤوط: «نحن نحترم التنوع الثقافي والطائفي في كل ربوع سوريا، لذلك هذه الأمور (المرتبطة بالحريات الدينية) لا أعتقد أن هناك أي موقف، تبقى كما هي».

وأعلنت فصائل سورية مسلحة تقودها «هيئة تحرير الشام»، الأحد، فرار الرئيس بشار الأسد، بعد هجوم خاطف بدأته في 27 نوفمبر (تشرين الثاني) ومكّنها في غضون أيام من التقدم سريعاً من إدلب إلى دمشق.


مقالات ذات صلة

هل أضاعت الفوضى وثائق المعتقلات السورية؟

المشرق العربي امرأة تتصفح قائمة أسماء وُجدت على الأرض في سجن صيدنايا العسكري شمال دمشق 9 ديسمبر (أ.ب)

هل أضاعت الفوضى وثائق المعتقلات السورية؟

لا تزال الفوضى تحيط بعملية تحرير المعتقلين من السجون والبحث عن المفقودين، غير أن ثمة تأكيدات أن القسم الأكبر من الوثائق جرى حفظه.

سعاد جرَوس (دمشق)
المشرق العربي كاجا كالاس خلال جلسة الاستماع إليها في البرلمان الأوروبي نوفمبر الماضي (رويترز)

مسؤولة السياسة الخارجية الأوروبية: مستقبل سوريا واعد... لكنه «غامض»

بعد 10 أيام على تسلمها مهامها بصفتها مسؤولة عن السياسة الخارجية والأمنية الأوروبية، قالت كاجا كالاس، إن مستقبل سوريا واعد «لكنه ما زال غامضاً».

شوقي الريّس (بروكسل)
المشرق العربي مخبز في سوريا (د.ب.أ)

برنامج الأغذية العالمي: نحتاج إلى 250 مليون دولار خلال الأشهر الستة المقبلة في سوريا

أعلن برنامج الأغذية العالمي، الخميس، أنه يحتاج بشكل عاجل إلى 250 مليون دولار لتأمين الضروريات الغذائية لمئات الآلاف من السوريين، خلال الأشهر الستة المقبلة.

«الشرق الأوسط» (بيروت )
يوميات الشرق الفنان السوري جمال سليمان (حساب سليمان على «فيسبوك»)

إعلان جمال سليمان نيته الترشح لرئاسة سوريا يثير ردوداً متباينة

أثار إعلان الفنان السوري جمال سليمان نيته الترشح لرئاسة بلاده، «إذا أراده السوريون»، ردوداً متباينة.

فتحية الدخاخني (القاهرة)
شؤون إقليمية جنود إسرائيليون يعبرون الخميس السياج الذي يفصل مرتفعات الجولان التي تسيطر عليها إسرائيل عن سوريا (أ.ب) play-circle 01:54

إسرائيل تقصف دمشق... وتُهجّر أهالي قرى في جنوب سوريا

الممارسات التي يقوم بها الجيش الإسرائيلي في الجزء الشرقي من الجولان، تدل على أنه يستعد لإقامة طويلة في الأراضي السورية التي احتلها.

نظير مجلي (تل ابيب)

هل أضاعت الفوضى وثائق المعتقلات السورية؟

أمام مشفى «المجتهد» بحثاً عن مفقودين (الشرق الأوسط)
أمام مشفى «المجتهد» بحثاً عن مفقودين (الشرق الأوسط)
TT

هل أضاعت الفوضى وثائق المعتقلات السورية؟

أمام مشفى «المجتهد» بحثاً عن مفقودين (الشرق الأوسط)
أمام مشفى «المجتهد» بحثاً عن مفقودين (الشرق الأوسط)

لا تزال الفوضى تحيط بعملية تحرير المعتقلين من السجون والبحث عن المفقودين، رغم مناشدات النشطاء السوريين بضرورة تنظيم طريقة إخراجهم من المعتقلات، أحياء أو جثامين أو وثائق تثبت هوياتهم، وسط سيل من المعلومات غير الدقيقة عن وجود معتقلات سرية لم يتم الوصول إليها بعد. ومع كل خبر ينتشر عن احتمال وجود معتقل، يسارع أهالي المفقودين إلى المكان ومعهم أدوات حفر على أمل العثور على أبنائهم.

أمام مشفى «المجتهد» في حي باب مصلى بالعاصمة السورية، يتواصل توافد العشرات من أهالي المعتقلين من جميع المحافظات السورية، لتفحص صور جثامين المعتقلين المودعة في المشفى، وقد عثر عليها في مشفى حرستا الوطني قبل أيام.

«الشرق الأوسط» كانت حاضرة أمام مستشفى المجتهد. تقول منى وهي سيدة في العقد الخامس من العمر من أهالي حمورية في الغوطة الشرقية، جاءت تبحث عن زوج ابنتها المفقود منذ عام 2012: «إن الفوضى الحاصلة تفقدنا الأمل بالعثور ولو على طرف خيط للوصول إليه».

شابان كانا يستقلان دراجة نارية ويسألان عن الطريق المؤدي إلى مشفى «المواساة»، قالا إنهما بحثا في سجن صيدنايا عن مفقودين من عائلتهما، كما بحثا في مشفى «المجتهد»، على أمل أن يصلوا الى أي معلومة دون جدوى، وسيتابعان البحث في مشفى «المواساة»، حيث يوجد معتقلون بحالة صحية متردية.

المشيعون رفعوا صور أحبة قضوا في سجون النظام في أثناء جنازة إعلامي سوري في ساحة الحجاز

في بقعة أخرى بين التجمع الأهلي، تجمهر عدد من الأشخاص حول سيدة كانت تخبرهم بوجود معقل سري تحت كلية الهندسة على طريق المطار، فتوجه البعض باتجاه طريق المطار لاستكمال البحث.

ساشا أيوب ناشطة ومنتجة أفلام وثائقية، قالت لـ«الشرق الأوسط»، إنه في الأيام الأولى لسقوط النظام، سادت الفوضى بالسجون والمعتقلات، وقد ناشدت المنظمات الحقوقية السورية ومؤسسات المجتمع المدني وروابط أهالي المعتقلين وغيرها من منظمات تأسست في الخارج، ووثقت أسماء المعتقلين والمفقودين، الوجود على الأرض.

امرأة تتصفح قائمة أسماء وُجدت على الأرض في سجن صيدنايا العسكري شمال دمشق 9 ديسمبر (أ.ب)

وعبرت أيوب عن استغرابها لتأخرهم في الوصول حتى الآن والبدء في العمل، في هذه الظروف التي تحتاج لمساعدتهم. وقالت: «علينا إنهاء الفوضى اليوم قبل الغد، وتوحيد الجهود والعمل معاً، لأن العدالة الانتقالية لن تتحقق دون جمع الوثائق التي تشير إلى المتورطين».

إلا أن الناشطة السورية رنيم سعدي، أكدت لـ«الشرق الأوسط» أنها رأت قسماً كبيراً من الوثائق في الأفرع الأمنية والسجون، وأنها لا تزال موجودة في تلك المواقع تحت الحراسة، وأنها شاهدت بنفسها كماً هائلاً من تلك الوثائق. وتابعت أنها تتواصل مع جهات تبذل جهوداً في هذا الخصوص لكنها تأخرت في الوجود على الأرض، وتسارع الأحداث يتطلب حضورها السريع.

بيع العلم السوري الجديد في ساحة الحجاز بدمشق (الشرق الأوسط)

ولفتت الناشطة، إلى وجود ثلاث جهات على الأقل تعمل على هذا الملف وتحاول التواصل مع حكومة الإنقاذ للتنسيق معها. وحملت الناشطة لجنة الصليب الأحمر الدولية، والهلال الأحمر السوري، ومنظمات الأمم المتحدة التي كان لهم مكاتب في قلب دمشق، وتتواصل مع حكومة النظام، مسؤولية عدم تقديم جهد «فعال» في ملف المعتقلين والمفقودين. وقالت: «الغريب أنهم حتى بعد سقوط النظام، لم يتحركوا كما يفترض بهم، ولم يعلنوا عن وجود خطط لديهم في هذا الخصوص، مكتفين بإصدار بيانات روتينية».

وشهد محيط مشفى «المجتهد» انطلاق تشييع مهيب للشهيد مازن حماد المنحدر من دير الزور الذي قضى في معتقل صيدنايا بعد اعتقال أربع سنوات إثر عودته من ألمانيا إلى سوريا، وفق رفاقه عبر حساباتهم في وسائل التواصل الاجتماعي، وانضم إلى التشييع مئات السوريين مع عبوره شارع خالد بن الوليد والصلاة عليه في جامع عبد الرحمن بن عوف، قبل التوقف في ساحة محطة الحجاز، وهتف المشيعون: «الشعب يريد إعدامك يا بشار»، فيما انهمك أصحاب محلات بيع القرطاسية في الحلبوني المجاورة لمحطة الحجاز ببيع العلم السوري، وسط حركة سير خانقة تسببت بها الحشود التي التفت حول نعش الصحافي الراحل، قبل أن يتفرقوا؛ قسم بالسيارة باتجاه مقبرة نجها في ريف دمشق، وقسم باتجاه ساحة الأمويين للانضمام إلى المجاميع هناك، حيث تقام احتفالات شعبية يومية.

وعادت، اليوم الخميس، الحياة الطبيعية إلى دمشق، وخرج الأهالي في الأحياء ينظفون الشوارع ويغسلون الأرصفة وواجهات المحلات بالماء والصابون مع ترداد شعارات «الحرية»، و«واحد... الشعب السوري واحد».