يسعى رئيس الوزراء المكلف بإدارة المرحلة الانتقالية في دمشق إلى طمأنة المجتمع الدولي بعد أربعة أيام من سقوط بشار الأسد، فيما وصل وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، إلى الأردن، اليوم (الخميس)؛ لبحث تطورات الوضع، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».
في نهاية هجوم خاطف استمر 11 يوماً، أطاح تحالف من فصائل المعارضة المسلحة بقيادة «هيئة تحرير الشام»، الأحد، بالرئيس بشار الأسد الذي فر إلى روسيا.
وبينما تشعر دول ومنظمات عدة بالقلق بشأن طريقة تعامل السلطة الجديدة مع الأقليات في سوريا، يسعى رئيس الوزراء محمد البشير لطمأنتها.
وقال البشير في تصريح لصحيفة «كورييري دي لا سيرا» الإيطالية، الأربعاء: «سنضمن حقوق كل الناس وكل الطوائف في سوريا».
أعلنت «هيئة تحرير الشام» عام 2016 انفصالها عن تنظيم «القاعدة»، لكنها لا تزال مدرجة في لوائح «الإرهاب» في عدد من الدول الغربية، وأبرزها الولايات المتحدة.
كما دعا البشير السوريين المغتربين إلى العودة «لإعادة بناء» البلاد ذات الغالبية العربية السنيّة.
«احترام الحقوق»
وفرَّ نحو 6 ملايين سوري، أي ربع السكان، من البلاد منذ عام 2011، عندما أدى قمع الاحتجاجات المطالبة بالديمقراطية إلى اندلاع حرب مدمرة خلفت أكثر من نصف مليون قتيل.
والخميس توافد نحو 200 شخص إلى معبر جيلفي غوزو الحدودي التركي، على مسافة 55 كيلومتراً من حلب، للدخول إلى سوريا، بحسب ما أفاد أحد عناصر الدرك لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».
في ظل الاضطراب في منطقة الشرق الأوسط مع تواصل الحرب خصوصاً في غزة، وصل وزير الخارجية الأميركي، صباح اليوم، إلى الأردن؛ حيث من المقرر أن يجري محادثات تركز على سوريا، قبل أن يتوجه إلى تركيا.
وأشار المتحدث باسم وزارة الخارجية، ماثيو ميلر، إلى أنه خلال المناقشات في العقبة على البحر الأحمر «سيكرر بلينكن دعم الولايات المتحدة لانتقال جامع (...) نحو حكومة مسؤولة وتمثيلية».
وسيناقش أيضاً «ضرورة (...) احترام حقوق الأقليات، وتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية، ومنع تحول سوريا إلى قاعدة للإرهاب أو تشكل تهديداً لجيرانها، وضمان تأمين مخزونات الأسلحة الكيميائية وتدميرها بشكل آمن».
وقالت إسرائيل أخيراً إنها نفذت مئات الضربات على مواقع عسكرية استراتيجية في أنحاء سوريا، قائلة إنها تريد «الحؤول دون وقوعها في أيدي عناصر إرهابية».
وقصف الجيش الإسرائيلي مجدداً مواقع عسكرية على الساحل السوري، ليل الأربعاء- الخميس، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان الذي يتخذ مقراً في بريطانيا، ويعتمد على شبكة واسعة من المصادر في سوريا.
«كنا جميعاً معتقلين»
شدد مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا، غير بيدرسن، على أن العملية الانتقالية في سوريا يجب أن تكون «جامعة» لتجنب «حرب أهلية جديدة».
وفي دمشق، حيث يرفرف علم الثورة، عادت الحياة إلى طبيعتها، ولا يخفي السكان فرحتهم.
تقول رزان الحلبي (38 عاماً)، من سكان العاصمة: «الواحد ماشي بالطريق يحس أننا كنا جميعاً معتقلين تحت الأرض وطلعنا فوق الأرض».
في هذه الأجواء، أعلن الأربعاء حزب البعث الذي حكم سوريا لأكثر من 50 عاماً تعليق نشاطه.
ويواصل العديد من السوريين البحث عن أحبائهم الذين اختفوا خلال عقود من القمع العنيف.
«فرصة تاريخية»
منذ عام 2011، قضى أكثر من 100 ألف شخص في السجون السورية، بحسب تقديرات المرصد السوري لحقوق الإنسان في عام 2022.
وقالت منظمة «هيومن رايتس ووتش» غير الحكومية، اليوم، إن سقوط بشار الأسد يمثل فرصة «تاريخية» لسوريا «لطي الصفحة» بشأن انتهاكات حقوق الإنسان، ودعت السلطات الجديدة إلى «أن تكون قدوة».
وإذ بدا الوضع هادئاً منذ الأحد في معظم أنحاء البلاد، فقد وقعت اشتباكات دامية في الأيام الأخيرة بين فصائل مدعومة من تركيا وقوات سوريا الديمقراطية (قسد) التي يهيمن عليها الأكراد في منطقة منبج بشمال سوريا، وفق المرصد السوري حقوق الإنسان.
وأعلنت قوات سوريا الديمقراطية التي تدعمها الولايات المتحدة، وتسيطر على مناطق واسعة شمال شرقي سوريا، الأربعاء، هدنة بوساطة أميركية مع الفصائل المدعومة من أنقرة.
مساء الثلاثاء، خسرت القوات الكردية السيطرة على مدينة دير الزور في شرق البلاد، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.
في الوقت نفسه، قصفت طائرات مسيّرة تركية مواقع عسكرية حكومية في القامشلي بعضها قريب من مطار المدينة الواقعة في شمال شرقي البلاد على الحدود مع تركيا وتسيطر عليها القوات الكردية.