قياس النصر بعدم الهزيمة لا يستقيم لبنانيّاً

محور المقاومة قُطع في الصميم بسقوط نظام الأسد

دمار بفعل الغارات الإسرائيلية على بلدة ياطر بجنوب لبنان (أ.ف.ب)
دمار بفعل الغارات الإسرائيلية على بلدة ياطر بجنوب لبنان (أ.ف.ب)
TT

قياس النصر بعدم الهزيمة لا يستقيم لبنانيّاً

دمار بفعل الغارات الإسرائيلية على بلدة ياطر بجنوب لبنان (أ.ف.ب)
دمار بفعل الغارات الإسرائيلية على بلدة ياطر بجنوب لبنان (أ.ف.ب)

يُعدُّ التوازن بين الأهداف والوسائل من أهم المفاهيم التي أرساها المفكّر البروسي كارل فون كلوزفيتز. لكن ليس بالضرورة أن تتوافر دائماً الوسائل كلّها، وبنسبة 100 في المائة، كي تُخاض الحرب. وعليه، وجب التعويض عبر الكيف، أي عبر ابتكار تكتيكات ميدانيّة، ورسم عقيدة عسكرية تستعمل الجغرافيا والطوبوغرافيا والديموغرافيا، وغيرها من الأبعاد التي تفرض على العدو نوعاً من القتال الذي لم يعتد عليه.

يُدخل بعضهم البُعد الآيديولوجي، أو البعد الدينيّ أو العلماني، على أنه يُشكّل عامل اللحمة والوحدة بين المقاتلين. وبذلك، تتكوّن الفكرة (Idea) التي يرتكز عليها أيّ تنظيم. تُنشئ هذه الفكرة ثقافة لأجيال متلاحقة، لا يمكن إلغاؤها عبر إلغاء التنظيم، خصوصاً في بعده العسكريّ. تُشكّل الحصريّة (Exclusivity) أهم نقاط ضعف هذه التنظيمات، خصوصاً إذا كانت دينيّة. فهي تنظيمات مغلقة، تتعامل دائماً مع الخارج على أنه الآخر الذي يُشكّل دائماً مخاطر على الداخل. وبذلك تتكوّن ثقافتان؛ الأولى للتعامل الداخلي بين مكوّنات هذه البيئة. والثانية للتعامل مع الخارج. وعادة، تتمحور هذه التنظيمات وتتموضع حول قائد كاريزماتي، لكنها تسقط وتتلاشى مع الوقت بعد موته حتى ولو استمرّت الفكرة.

يُعدُّ «حزب الله» وحركة «حماس» من التنظيمات الأكثر حصريّةً. هما من الأكثر تناقضاً وبُعداً عن بعضهما البعض، خصوصاً في البُعدين الديني والفقهي، حتى ولو اتفقا على الأهداف الاستراتيجيّة نفسها. إذن، ما يجمعهما هو الاستغلال الجيو - سياسيّ المُتبادل، وذلك عبر توزيع الأدوار.

دمار في موقع الغارة التي أدت إلى مقتل زعيم «حزب الله» حسن نصرالله في ضاحية بيروت الجنوبية (رويترز)

النصر المُكلف

في عام 1812، انتصر نابليون في معركة بورودينو واحتل موسكو. لكنه في المحصلة، خسر جيشه، كما خسر الإمبراطورية. لا تزال فرنسا تعاني حتى الآن من عقدة الإمبراطورية. ربحت اليابان هجوم «بيرل هاربر» في عام 1941. لكنها خسرت الحرب العالمية الثانية ودُمّرت بواسطة السلاح النوويّ، واحتُلّت لفترة طويلة. بعد حرب يوليو (تموز) 2006، كرّر الأمين العام السابق لـ«حزب الله» أن معادلة النصر للحزب هي بعدم الخسارة. كرّر الأمين العام الحالي، نعيم قاسم، المعادلة نفسها. ولأن قياس الربح والخسارة بشكل عام يجب أن يرتكز على العقلانيّة (Rationality)، ولأنه من المفروض أن يكون هناك توازن بين الأهداف والوسائل، كما جاء آنفاً، فإنه لا يستقيم هذا الشعار حالياً على الساحة اللبنانيّة. فالخسارة تفوق بكثير الأهداف الموضوعة. كما أن عدم الخسارة كمقياس للربح تتطلّب أيضاً قياس الثمن المدفوع (Cost vs Benefits). واعتماد مبدأ عدم الخسارة كمقياس للربح يتطلّب في الحد الأدنى القدرة بعد الحرب على إعادة التنظيم والتسلّح استعداداً للجولة المقبلة.

ولكن من أين سيغرف الحزب العديد والعتاد بعد الخسارة الكبيرة في البعدين، وأيّ خطاب سيعتمده لحشد بيئته، وهي مهشّمة، وتحت أيّ قيادة؟ وسيكون مطروحاً أيضاً السؤال: أين سُيراكم مقاتلو الحزب التجارب العسكريّة؟ ومن ضمن أيّ هيكليّة عسكريّة؟

لذلك، يبدو أن أولوية «حزب الله» اليوم ترتكز على ترتيب الوضع الإنسانيّ لبيئته، وكذلك الوضع الماديّ، وإعادة الإعمار. أما موضوع إعادة التسلّح فهو أمر قد يكون منوطاً بما جرى اليوم في سوريا، أو ما قد يجري في المستقبل القريب على الحدود العراقية - السورية بهدف فصل سوريا الممر عن العراق المُنطلق لما يُسمّى بمحور المقاومة وصولاً إلى لبنان. ومن هنا، يمكن فهم قيمة الوجود العسكريّ الأميركي شرق الفرات وفي قاعدة التنف. وإذا كان شعار «حزب الله» إسناد غزّة حتى وقف النار في القطاع، فإن «حزب الله» قبل وقف النار في لبنان برغم أن الحزب لا تزال مستعرة في غزّة. وإذا كان الحزب يعدُّ نفسه من ضمن ما يُسمّى بمحور المقاومة، ووحدة الساحات، فها هو أمين عام الحزب يقول في آخر كلمة له إنهم تحت «سقف الطائف» وكل ما ينص عليه. فهل هذا يعني «لبننة» الحزب؟ وهل يعني قبوله بالتعددية اللبنانيّة؟ وهل يعني أن قرار السلم والحرب لم يعد بيده؟ ولماذا لم يقبل بتطبيق القرار 1701 من قبل؟ ولماذا تمّنع دائماً عن صياغة استراتيجيّة دفاعية للبنان؟

سقوط الأسد

شكلت سوريا لما يسمى بمحور المقاومة ممراً أساسيّاً لتواصل إيران مع الجبهة الأماميّة لحلفائها. وفي الواقع، كان يمكن القول إن سوريا تحولت إلى قاعدة قيادة وسيطرة للجماعات المرتبطة بإيران. لم تستطع إسرائيل من خلال مبدئها العسكري «الحرب بين الحروب» إخراج إيران من سوريا، حتى أتت الفصائل المسلحة السوريّة الداخلية لتقوم بذلك وتُسقط حكم الرئيس بشار الأسد وفي فترة زمنيّة قياسية لا تزيد على 11 يوماً.

وبذلك، يكون محور المقاومة قد قُطع في الصميم، لينعزل «حزب الله» عن إيران.

في الختام، قال أحدهم مرّة «إن الشيوعية، هي أطول طريق بين الرأسمالية والرأسمالية». وبناءً عليه، قد يمكن القول إن حروب «حزب الله» المُكلفة، هي «أطول طريق بين التمرّد على الدولة والعودة إليها قسراً».



عائلات جنود إسرائيليين تناشد نتنياهو إنهاء الحرب في غزة

نتنياهو يلتقي مجندين في الجيش (إكس)
نتنياهو يلتقي مجندين في الجيش (إكس)
TT

عائلات جنود إسرائيليين تناشد نتنياهو إنهاء الحرب في غزة

نتنياهو يلتقي مجندين في الجيش (إكس)
نتنياهو يلتقي مجندين في الجيش (إكس)

دعت مجموعة من عائلات الجنود الإسرائيليين الخميس رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى إنهاء الحرب في قطاع غزة حفاظاً على حياة أبنائهم، متّهمين إياه بإطالة أمد هذا النزاع دون جدوى.

وتضم مجموعة «أهالي الجنود يصرخون كفى» أكثر من 800 من أهالي جنود ومجندين وقوات احتياط يخدمون في وحدات قتالية في غزة، وبينهم مَن يواصل القتال من دون توقف تقريباً منذ 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

ومنذ أشهر، يتعرض نتنياهو لاتهامات من منتقديه بإطالة أمد الحرب ضد حركة «حماس» لأسباب سياسية ومن دون جدوى. وشنّت الدولة العبرية هذه الحرب رداً على الهجوم غير المسبوق الذي شنته الحركة الفلسطينية على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر 2023.

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)

وفي رسالة وجّهتها مجموعة «أهالي الجنود يصرخون كفى» إلى نتنياهو كررت المجموعة هذه الاتهامات.

وجاء في الرسالة «نتّهمك بحرب بلا أفق، غير مسبوقة في تاريخ بلادنا. وهذا فقط لأسباب تتعلق ببقائك السياسي الشخصي».

وأضافت الرسالة «نتّهمك بالتخلي عن الرهائن والجنود! ونناشدك: أَنهِ الحرب!».

واعتبر أهالي الجنود أنّ «الجميع يعلمون، بمن فيهم هم (الجنود)، أن الحرب مستمرة بلا هدف وأن الرهائن لن يعودوا إلا في إطار اتفاق» يجري التفاوض عليه حالياً في قطر وهي إحدى الدول الثلاث الوسيطة إلى جانب الولايات المتحدة ومصر في محادثات السلام.

جنود إسرائيليون يقتحمون مقر «الأونروا» في غزة (أ.ب)

وتابعت مجموعة أهالي الجنود «لا يوجد لدى الجيش الإسرائيلي أيّ سبب للبقاء في غزة، سوى لتحقيق الرغبات المسيحانية (لبعض أعضاء اليمين المتطرف) في الاستيطان هناك».

واختتم الأهالي رسالتهم بالقول لنتنياهو «لن نسمح لك بمواصلة التضحية بأبنائنا كبارود للمدافع».

ولم يعلّق مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي على الرسالة بشكل فوري.

منذ بدء الهجوم العسكري الإسرائيلي في 7 أكتوبر 2023 قُتل 399 جندياً في قطاع غزة.