الصليب الأحمر يناشد عائلات المفقودين في سوريا عدم نبش المقابر بأنفسهم

اللجنة الدولية للصليب الأحمر طلبت من عائلات المفقودين في سوريا ألا يحاولوا العثور بأنفسهم على جثث أقربائهم أو نبش المقابر (أ.ب)
اللجنة الدولية للصليب الأحمر طلبت من عائلات المفقودين في سوريا ألا يحاولوا العثور بأنفسهم على جثث أقربائهم أو نبش المقابر (أ.ب)
TT

الصليب الأحمر يناشد عائلات المفقودين في سوريا عدم نبش المقابر بأنفسهم

اللجنة الدولية للصليب الأحمر طلبت من عائلات المفقودين في سوريا ألا يحاولوا العثور بأنفسهم على جثث أقربائهم أو نبش المقابر (أ.ب)
اللجنة الدولية للصليب الأحمر طلبت من عائلات المفقودين في سوريا ألا يحاولوا العثور بأنفسهم على جثث أقربائهم أو نبش المقابر (أ.ب)

دعت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، اليوم (الثلاثاء)، عائلات المفقودين في سوريا ألا يحاولوا العثور بأنفسهم على جثث أقربائهم أو نبش المقابر؛ لأن ذلك قد يعيق عملية التعرف على الجثامين.

وقال المتحدث باسم اللجنة، كريستيان كاردون، في حديث لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إن ملف المفقودين «محوري ليس فقط اليوم بل أيضاً في المستقبل». وأضاف: «عندما تنجز هذه الخطوات بشكل صحيح ستسمح بتهيئة مناخ سلمي يمهد الطريق لمفاوضات سلام ومصالحة».

ووفقاً لمنظمات غير حكومية، فقد أكثر من 100 ألف شخص في سوريا خلال النزاع الذي اندلع عام 2011، بشكل رئيسي على يد القوات الحكومية للرئيس بشار الأسد الذي أسقط، الأحد، إثر هجوم شنته المعارضة تقودها «هيئة تحرير الشام».

وأظهرت صور نُشرت على شبكات التواصل الاجتماعي رجالاً هزيلين قام آخرون بحمل بعضهم لعجزهم عن المشي وهم يغادرون سجن صيدنايا الذي وصفته منظمة العفو الدولية بأنه «مسلخ بشري».

وأكد كاردون، المسؤول السابق عن أنشطة الحماية في اللجنة الدولية: «علينا التحقق من احترام المقابر والأماكن الأخرى التي قد يكون دفن فيها أشخاص» بينما تواصل آلاف الأسر البحث عن أقاربها أحياء كانوا أو أمواتاً.

وأوضح: «هذا أمر أساسي حتى لو شعرت الأسر برغبة جامحة للذهاب إلى بعض الأماكن التي لم تتمكن من الوصول إليها خلال سنوات الحرب والقيام بمبادرة فردية»، مشدداً على أهمية «الاعتماد على الطب الشرعي للتمكن من تحديد هوية الأشخاص».

وأشار كاردون إلى أن اللجنة الدولية للصليب الأحمر تدعو أيضاً إلى التأكد من «حماية السجلات التي أدرجت فيها أسماء آلاف السجناء... وآلاف الأشخاص الذين ربما توفوا».

وتابع: «هناك حاجة ملحة اليوم للحفاظ على هذه المعلومات الحيوية في المكاتب الإدارية والسجون وأماكن الاحتجاز في جميع أنحاء البلاد».

خطان للأسر والمعتقلين

وأعلن أنه «من الضروري أن يتأكد أي شخص لديه سلطة اليوم في سوريا من حماية مختلف المباني»، مشيراً إلى أن اللجنة الدولية للصليب الأحمر على اتصال مع «الجهات النافذة» في سوريا، ومنها «هيئة تحرير الشام».

وقال الصليب الأحمر على منصة «إكس» إن فريقاً من اللجنة الدولية تمكن، الثلاثاء، من زيارة سجن صيدنايا «ولاحظ أن العديد من الوثائق الخاصة بالمعتقلين (...) قد تضررت وتبعثرت في غرف عدة».

ومع إطلاق سراح آلاف المعتقلين من السجون، تأمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر التي يعمل لحسابها نحو 500 شخص في سوريا، لمّ شمل أكبر عدد ممكن من العائلات باستخدام المعلومات التي جمعتها مكاتبها حول العالم على مر السنوات.

وسارعت اللجنة إلى توفير رقمي خطين ساخنين للمعتقلين ولأقاربهم أينما وجدوا في العالم.

وتنشط طواقم اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً في شوارع سوريا قرب مراكز الاحتجاز للتحدث مع المعتقلين والعائلات بهدف لم شمل أكبر عدد منهم.

وأوضح كاردون: «ستكون عملية معقدة ستستغرق وقتاً لأن هؤلاء الأشخاص تعرضوا لصدمات كبيرة».

خلال الحرب في سوريا سُمح للجنة الدولية للصليب الأحمر بزيارة معتقلين في بعض «السجون المدنية»، وهو ما تقوم به المنظمة في العديد من البلدان التي تشهد نزاعات، لكنها لا تستطيع كشف معلومات لأسباب تتعلق بالسرية.

وقال كاردون إن هدف الزيارات كان «التحقق من ظروف الاعتقال وطريقة معاملة السجناء، وفي بعض الحالات تقديم مساعدة سواء من خلال معدات النظافة أو مستلزمات ضرورية لفصل الشتاء».


مقالات ذات صلة

إعادة إعمار حلب في بعض مناطقها رغم نقص المساعدات

المشرق العربي عامل يشارك في إعادة بناء المنازل المدمرة يحمل كيساً من الأسمنت في حلب شمال سوريا (رويترز)

إعادة إعمار حلب في بعض مناطقها رغم نقص المساعدات

عانت حلب، ثاني أكبر مدن سوريا، التي تصنفها منظمة «اليونيسكو» موقعاً للتراث العالمي، من حرب استمرت أكثر من عقد.

«الشرق الأوسط» (حلب (شمال سوريا))
خاص تجمع مسلحين محليين عند حاجز أُقيم عند مدخل ضاحية جرمانا الشمالي (خاص - الشرق الأوسط)

خاص «الشرق الأوسط» في جرمانا: هدوء يسود الضاحية ذات الأغلبية الدرزية بعد توتر ليلة أمس

قال عنصر من جهاز الأمن العام في جرمانا لـ«الشرق الأوسط» إنه لم تحصل اشتباكات بين عناصر الأمن العام والمسلحين المحليين، وإنما مع البلدة المجاورة.

سعاد جروس (دمشق) موفق محمد (دمشق)
المشرق العربي الإفراج عن عدد من الطلاب الذين اعتُقلوا على وقع خلاف حدث ليل الأحد - الاثنين بكلية الهندسة الميكانيكية والكهربائية في دمشق (إعلام السويداء)

بسبب تسجيل مفبرك... قتلى وجرحى في اشتباكات مسلحة بمحيط العاصمة دمشق

بسبب تسجيل «مفبرك»؛ سقط قتلى وجرحى في اشتباكات مسلحة بمحيط العاصمة دمشق، وثارت انتقادات شعبية لعدم إطلاق مسار العدالة الانتقالية.

سعاد جروس (دمشق)
العالم العربي رجل يهودي يصلي في «كنيس الإفرنج» في الحي اليهودي بدمشق القديمة 29 أبريل 2025. (أ.ف.ب)

يهود سوريون يصلّون في «كنيس الإفرنج» بدمشق (صور)

أدى وفد من اليهود السوريين المقيمين في الولايات المتحدة، الصلاة في «كنيس الإفرنج» في دمشق القديمة، الثلاثاء، وفق مصوِّر في «وكالة الصحافة الفرنسية».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي عناصر من «قوات سوريا الديمقراطية» ينتشرون خلال أحد المؤتمرات شمال شرقي سوريا (إ.ب.أ)

«قسد»: قتلى وجرحى في هجومين لـ«داعش» بدير الزور

قالت «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد)، الثلاثاء، إن 5 من عناصرها قُتلوا في هجومين ضمن «سلسلة عمليات إرهابية منظّمة».

«الشرق الأوسط» (دمشق)

إعادة إعمار حلب في بعض مناطقها رغم نقص المساعدات

صورة التقطتها طائرة دون طيار تُظهر مباني مدمرة في حلب (رويترز)
صورة التقطتها طائرة دون طيار تُظهر مباني مدمرة في حلب (رويترز)
TT

إعادة إعمار حلب في بعض مناطقها رغم نقص المساعدات

صورة التقطتها طائرة دون طيار تُظهر مباني مدمرة في حلب (رويترز)
صورة التقطتها طائرة دون طيار تُظهر مباني مدمرة في حلب (رويترز)

يعمل العديد من السوريين، ومن بينهم موسى الحاج خليل، على إعادة بناء منازلهم التي تحولت إلى أنقاض في مدينة حلب التاريخية ذات الأهمية الاقتصادية وريفها، بينما يكافح قادة جدد في سوريا لبدء جهود إعادة الإعمار على نطاق واسع.

وعانت حلب، ثاني أكبر مدن سوريا، والتي تصنفها منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونيسكو) موقعاً للتراث العالمي، بشدة، من حرب استمرت أكثر من عقد بين القوات النظام السابق وقوات المعارضة المسلحة، وشهدت معارك وحصاراً وغارات جوية روسية وهجمات بالبراميل المتفجرة. ويحاول أهل حلب الآن استعادة حياتهم بطرقهم الخاصة، ولا يريدون الانتظار لرؤية ما إذا كانت جهود الحكومة السورية الجديدة ستنجح في الحصول على تمويل دولي أم لا.

مصطفى مروش يعيد بناء جدار في منزله المدمر في بادة رتيان التابعة لمحافظة حلب (رويترز)

وقال خليل (65 عاماً) الذي قضى سبع سنوات في مخيم للنازحين في الحرمين على الحدود السورية - التركية لـ(رويترز): «ما حدا عم يساعدنا، لا من دول ولا من منظمات». وقال، وهو يتابع العمال الذين يرممون منزله المدمر في قرية رتيان شمال غربي حلب: «شعب فقير وخاربين بيوته، عم يجي ويحاول يسكن، يظبط غرفة يسكن هو وأولاده أحسن من معيشة المخيمات». وعاد خليل بمفرده قبل شهر لإعادة بناء منزله حتى يتمكن من إحضار عائلته من المخيم.

ماهر رجوب أحد المشاركين في إعادة بناء المنازل المدمرة في حلب (رويترز)

وحلب أول مدينة كبيرة تسيطر عليها قوات المعارضة عندما شنت حملة للإطاحة بالرئيس بشار الأسد في أواخر نوفمبر (تشرين الثاني). وأطاحت قوات المعارضة بالأسد بعد ذلك بأقل من أسبوعين، لتنتهي بذلك حرب استمرت 14 عاماً، وأسفرت عن مقتل مئات الآلاف ونزوح الملايين وتدمير أجزاء كبيرة من سوريا.

مع سعى سوريا إلى تخفيف العقوبات، تكتسب جهود إعادة الإعمار الشعبية زخماً متزايداً، وتوفر فرص العمل. ويعمل المقاولون على مدار الساعة لتلبية الطلب المتزايد، ويستخدمون ما يمكن استعماله من الأنقاض مثل قوالب الطوب المكسورة والأسمنت لإصلاح المنازل.

وقال المقاول السوري ماهر رجوب: «هناك حركة بناء الآن، عم نشتغل، الحمد لله رب العالمين»، لكن المهمة ضخمة.

وكان الأمين العام المساعد لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، قد قال لـ«رويترز»، في وقت سابق من الشهر الحالي، إن البرنامج يأمل في تقديم 1.3 مليار دولار على مدى ثلاث سنوات لدعم سوريا، بما في ذلك إعادة إعمار البنية التحتية. وتعهدت مؤسسات مالية أخرى ودول خليجية مثل قطر بمساعدة سوريا، لكن العقوبات الأميركية تعيق ذلك.

عبد الله الدردري المدير الإقليمي للدول العربية في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي يتحدث من دمشق (أ.ف.ب)

ووضعت الولايات المتحدة ودول غربية أخرى شروطاً لرفع العقوبات، وأصرت على إظهار حكام سوريا الجدد، بقيادة جماعة كانت فرعاً لتنظيم «القاعدة» في السابق، التزامهم بالحكم السلمي والشامل. ولم يكن للتعليق المؤقت لبعض العقوبات الأميركية، بهدف تشجيع المساعدات، أي تأثير كبير، مما أدى إلى اعتماد سكان حلب على أنفسهم إلى حد كبير.

وقال مصطفى مروش، وهو صاحب متجر خضراوات يبلغ من العمر 50 عاماً: «ساكنين بالمخيمات بالشمس... وجينا عم نظبط أمورنا على قد إمكانياتنا، يعني حسب الاستطاعة».