تركيا تدين التوغل الإسرائيلي وتؤكد تصديها لأي محاولة لتقسيم سوريا

تنتظر الظرف المناسب لفتح سفارة في دمشق... وتزيد الطاقة الاستيعابية للبوابات الحدودية مع تدفق آلاف العائدين

عائلة سورية متوجهة إلى بوابة باب الهوى وتبدو على ملامحهم السعادة بالعودة إلى بلادهم (أ.ب)
عائلة سورية متوجهة إلى بوابة باب الهوى وتبدو على ملامحهم السعادة بالعودة إلى بلادهم (أ.ب)
TT

تركيا تدين التوغل الإسرائيلي وتؤكد تصديها لأي محاولة لتقسيم سوريا

عائلة سورية متوجهة إلى بوابة باب الهوى وتبدو على ملامحهم السعادة بالعودة إلى بلادهم (أ.ب)
عائلة سورية متوجهة إلى بوابة باب الهوى وتبدو على ملامحهم السعادة بالعودة إلى بلادهم (أ.ب)

ندَّدت تركيا بالتوغل الإسرائيلي في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد، مشددة على دعمها سيادتها ووحدتها السياسية وسلامة أراضيها.

في الوقت ذاته، اتخذت السلطات التركية إجراءات لزيادة القوة الاستيعابية للبوابات الحدودية مع سوريا لتسهيل عودة آلاف اللاجئين السوريين في تركيا إلى بلادهم وسط تدفق واسع على الحدود من جانب الراغبين في العودة، في حين تنتظر الظرف المناسب لفتح سفارة في دمشق.

وأدانت وزارة الخارجية التركية، بشدة، التوغل الإسرائيلي في الأراضي السورية (في الجولان المحتل) الذي ينتهك اتفاقية فض الاشتباك الموقّعة عام 1974.

وقالت الوزارة، في بيان، الثلاثاء، إنه «في هذه الفترة الحساسة التي ظهرت فيها إمكانية تحقيق السلام والاستقرار الذي ظل الشعب السوري يتوق إليه منذ سنين عدّة، تظهر إسرائيل مرة أخرى عقليتها الاحتلالية». وشدد البيان على دعم تركيا سيادة سوريا ووحدتها السياسية وسلامة أراضيها.

إردوغان

وقال الرئيس رجب طيب إردوغان، في رسالة، الثلاثاء، بمناسبة الاحتفال بالذكرى الـ76 للإعلان العالمي لحقوق الإنسان: «إنه لا يجب أن تُقسَّم سوريا مجدداً، وإن تركيا ستتحرك ضد أي شخص يسعى للمساس بأراضيها».

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان (الرئاسة التركية)

وأضاف: «من الآن فصاعداً لا يمكن أن نسمح بتقسيم سوريا مجدداً، سنقف في وجه أي اعتداء على حرية الشعب السوري وسلامة أراضيه واستقرار السلطة الجديدة... نرحب بآمال السلام والاستقرار والهدوء التي ازدهرت في جارتنا سوريا بعد أكثر من 60 عاماً من ديكتاتورية البعث و13 عاماً من الحرب الأهلية، وسوف نقدم كل الدعم اللازم لجهود إخواننا السوريين لإعادة بناء بلدهم من خلال إنشاء إدارة شاملة».

اتصالات حول سوريا

وأكد إردوغان، في اتصال هاتفي مع الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ناتو) مارك روته، أن سوريا يجب أن يحكمها شعبها عقب سقوط نظام بشار الأسد، وأن تركيا ستبذل قصارى جهدها للمساهمة في بناء سوريا خالية من الإرهاب.

وقال إردوغان، بحسب بيان للرئاسة التركية، إن «تنظيمَي (حزب العمال الكردستاني) و(داعش) هما خصمان لنا ويجب العمل حماية وحدة الأراضي السورية».

وكان إردوغان أكد في تصريحات ليل الاثنين - الثلاثاء عقب ترؤسه اجتماع حكومته، أن هدف تركيا وحلمها الأكبر هو رؤية سوريا التي يعيش فيها جميع السوريين بسلام، بغض النظر عما إذا كانوا عرباً أو تركماناً أو أكراداً أو سُنّة أو علويين أو مسيحيين».

فيدان - بلينكن

بدوره، أكد وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، في اتصال هاتفي مع نظيره الأميركي أنتوني بلينكن مساء الاثنين، أن بلاده لن تسمح أبداً للتنظيمات الإرهابية باستغلال الوضع في سوريا، وأنه من المهم أن يدعم المجتمع الدولي الشعب السوري في إعادة بناء البنية التحتية التي أُهملت منذ سنوات، وبذل الجهود لضمان إيصال المساعدات الإنسانية إلى سوريا دون انقطاع.

وزير الخارجية التركي هاكان فيدان (الخارجية التركية)

وتبادل فيدان في اتصال آخر مع الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، الأفكار حول الخطوات التي يمكن أن يتخذها المجتمع الدولي، خصوصاً الأمم المتحدة؛ لضمان الانتقال السياسي في سوريا بشكل منظم، وإيصال المساعدات الإنسانية وإعادة إعمار سوريا.

وأوضح فيدان أن أنقرة ستنتظر إلى حين «تتوفر الشروط» لفتح سفارة في دمشق. وقال رداً على أسئلة الصحافيين حول هذه المسألة: «سندرس الأمر. وسننتظر حتى تتوفر الشروط المناسبة».

جدل عودة اللاجئين

في الوقت الذي يتدفق فيه آلاف السوريين في تركيا على البوابات الحدودية في طريق العودة إلى بلادهم، فجَّرت عودة اللاجئين إلى بلادهم جدلاً حاداً بين الحكومة والمعارضة خلال مناقشة البرلمان مشروع الموازنة الجديدة للبلاد لعام 2025، وشكل النظام الذي سيتم تشكيله بعد الأسد، وما هو دور تركيا وكيف سيتم ضمان عودة اللاجئين.

وأشارت تقديرات نواب حزب العدالة والتنمية الحاكم إلى عودة ما يقرب من 60 في المائة من اللاجئين، وأن ذلك سيخفف الضغط على الولايات الحدودية بشكل خاص، وأن ينتعش الاقتصاد في هذه الولايات من خلال عمليات إعادة الإعمار في سوريا؛ وهو ما سينعكس بشكل إيجابي على الاقتصاد التركي.

وعدّ نواب في حزب الشعب الجمهوري أنه إذا عاد 500 ألف من السوريين في تركيا إلى بلادهم فسيكون ذلك بمثابة نجاح حقيقي، بينما عدّ نواب حزب «السعادة» أن «الأطفال السوريين الذين وُلدوا والشباب الذين نشأوا في تركيا دخلوا الآن في عملية الاندماج، وقد وضع الكثير من اللاجئين البقاء في تركيا خياراً لهم بسبب عدم اليقين بشأن ما سيواجهونه عند عودتهم إلى سوريا»، متوقعين أن نسبة من سيفضلون العودة سيتراوح بين 10 و20 في المائة.

سوري يدفع عربة تحمل أمتعته بينما ينتظر المئات في صفوف دورهم للعبور إلى داخل إدلب (أ.ب)

وتشهد بوابتا «باب الهوى» (جيلوا غوزو) في هطاي المؤدية إلى شمال إدلب، و«باب السلامة» (أونجوبينار) في كيليس، المؤدية إلى حلب، تدفق آلاف السوريين للعودة إلى بلادهم.

وفتحت السلطات التركية، الثلاثاء، بوابة «يايلاداغي» الحدودية في ولاية هطاي المقابلة لمعبر كسب السوري في حلب، بعد 13 عاماً من إغلاقها، وبدأت استقبال السوريين الراغبين في العودة إلى بلادهم، الثلاثاء، بعد ساعات من إعلان إردوغان مساء الاثنين عن إعادة تشغيلها للمساهمة في تسريع عمليات عودة السوريين.

وقالت مديرية الجمارك في الحكومة السورية المؤقتة، في بيان، الثلاثاء، إن معبر باب السلامة (أونجوبينار)، أصبح يعمل على مدار 24 ساعة وبإمكان العائدين اصطحاب أثاث منازلهم ونقلها بالسيارات إلى معبر «كسب» السوري.

إجراءات جديدة

وأعلن وزير الداخلية التركي، علي يرلي كايا، رفع القدرة الاستيعابية اليومية للمعابر الحدودية مع سوريا من 3 آلاف إلى ما بين 15 و20 ألف شخص، تزامناً مع حركة عودة السوريين إلى بلدهم.

تكدُّس السوريين أمام البوابات الحدودية في تركيا انتظاراً لعودتهم إلى بلادهم (أ.ب)

وقال يرلي كايا، في تصريحات عقب اجتماع الحكومة في أنقرة مساء الاثنين، إن العام الحالي شهد عودة السوريين بمتوسط 11 ألفاً كل شهر، وأن هذا الرقم ارتفع بنحو الضعفين منذ يوم الأحد الماضي عقب سقوط نظام بشار الأسد.

وأضاف أن 737 ألف سوري عادوا «طوعاً» من تركيا إلى بلدهم، منذ عام 2016 وحتى يوم الأحد، مشيراً إلى أن وزارة الداخلية ستكشف قريباً عن خريطة طريق بشأن تفاصيل «العودة الطوعية» للسوريين في تركيا، وهي جزء من خطة تشترك فيها وزارات ومؤسسات تركية أخرى، وأنه سيعقد، في هذا الصدد، اجتماعاً مع منظمات مجتمع مدني سورية في تركيا، وأخرى تركية معنية بشؤون السوريين في البلاد.

وزير الداخلية التركي علي يرلي كايا (من حسابه في إكس)

وذكر يرلي كايا أن عدد السوريين الخاضعين للحماية المؤقتة في تركيا يبلغ حالياً مليونين و936 ألف شخص.

ويسود قلق في بعض القطاعات الاقتصادية مع بدء رحيل السوريين، لا سيما في مصانع النسيج والملابس والجلود، والزراعة والإنشاءات، التي كانت تعتمد بشكل كبير على العمالة السورية الرخيصة، سواء من حيث الأجر أو عدم إعطائهم حقوقهم التأمينية.

وظهرت شكاوى عدّة عبر منصات التواصل الاجتماعي من نقص العمالة بعد رحيل السوريين بأعداد كبيرة منذ الأحد الماضي، وسط توقعات بتوفير فرص عمل جديدة للمواطنين الأتراك، لكن ذلك سيزيد من أعباء أصحاب الأعمال، فضلاً عن الاضطراب المؤقت في سوق العمل.

وبحسب إحصائيات وزارة العمل والضمان الاجتماعي التركية، بلغ عدد السوريين الحاصلين على تصاريح عمل 108 آلاف و520 سورياً عام 2023، بينما كان أغلب السوريين يعملون في جميع أنحاء البلاد بصفتهم عمالةً غير مسجلة.

عمال سوريون بأحد مصانع الملابس الجاهزة في تركيا (إعلام تركي)

في المقابل، يتوقع أن تشهد سوق العقارات في تركيا تراجعاً في إيجارات المنازل حال عودة أكثر من مليونَي سوري إلى بلادهم؛ بسبب زيادة المنازل المعروضة للإيجار بعد رحيلهم، وهو ما سيسهم في تحسين الوضع في القطاع ويتيح مزيداً من الخيارات أمام المستأجرين، بحسب خبراء.

اشتباكات في منبج والحسكة

على صعيد آخر، أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بوقوع معارك عنيفة بين قوات «مجلس منبج العسكري»، التابع لـ«قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) وفصائل «الجيش الوطني السوري»، الموالي لتركيا، بالتوازي مع قصف بري مكثف واستهداف القوات التركية جسر «قرقوزاق» لمنع تقدم التعزيزات العسكرية القادمة لـ«قسد»، وسط معلومات عن سقوط قتلى وجرحى.

وتحدث «المرصد» عن وجود مدنيين عالقين داخل أحياء منبج بعد سيطرة فصائل غرفة عمليات «فجر الحرية» التابعة للجيش الوطني عليها، يعانون صعوبة الخروج بسبب الحصار المفروض على الأحياء.

ويُقدّر عدد سكان مدينة منبج بحوالي 500 ألف نسمة، بينهم مكونات محلية ونازحون من مناطق كانت تقع تحت سيطرة نظام الأسد، العديد منهم توجهوا مؤخراً إلى منطقة عين العرب (كوباني) بريف حلب الشرقي، التي استقبلت أيضاً مهجّري عفرين في الأيام الأخيرة، وسط ظروف إنسانية صعبة ومعاناة متفاقمة.

عناصر من فصائل الجيش الوطني السوري في منبج (المرصد السوري لحقوق الإنسان)

وشهدت منبج وريفها منذ اليومين الماضيين، حركة نزوح للأهالي باتجاه المناطق المجاورة في الريف الشرقي ومنطقة عين العرب (كوباني)، بعد دخول الفصائل مدينة منبج.

وقال «المرصد» إن الفصائل نفَّذت عملية إعدام ميداني لعشرات الجرحى العسكريين التابعين لقوات «مجلس منبج العسكري»، الذين كانوا يتلقون العلاج في مستشفى عسكري قرب دوار المطاحن شمال مدينة منبج، بعد محاصرتهم وإغلاق طرق إجلائهم إلى خارج المدينة.

كما نفذت الفصائل عمليات انتقامية في حارة نواجة والأسدية وطريق الجزيرة، شملت إحراق منازل المواطنين وسرقة ممتلكاتهم وتصفية ما لا يقل عن 3، بينهم سيدة في حصيلة أولية، بحسب «المرصد».

وقُتل 10 مدنيين بقصف مدفعي للقوات التركية على قرية زرفان شرق منبج، تزامناً مع نزوح بعض الأهالي إلى شرق الفرات.

عناصر من قوات «قسد» في الحسكة (المرصد السوري)

وفي محافظة الحسكة شمال شرقي سوريا، هاجمت فصائل «الجيش الوطني» المتمركزة ضمن منطقة «نبع السلام» الخاضعة لسيطرتها مع القوات التركية، مقار عسكرية في بلدتي العالية والسوسة بريف تل تمر؛ ما أدى إلى اندلاع اشتباكات عنيفة مع «قسد»، انتهت بسيطرة الأخيرة على البلدتين، في حين قُتل 5 عناصر من فصيل «أحرار الشرقية» التابع للجيش الوطني خلال المواجهات.

وتمكنت «قسد» أيضاً من إسقاط طائرة مسيّرة تركية كانت تحلّق فوق بلدة تل تمر غرب الحسكة.


مقالات ذات صلة

لبنان يخلي سبيل ضباط ورتباء من فرقة ماهر الأسد

المشرق العربي صورة أرشيفية لجنود من «الفرقة الرابعة» قبل سقوط نظام بشار الأسد (المرصد السوري)

لبنان يخلي سبيل ضباط ورتباء من فرقة ماهر الأسد

حددت المحكمة الجزائية في بعبدا الأربعاء المقبل موعداً لمحاكمة شمس دريد الأسد، حفيدة رفعت الأسد ووالدتها رشا خزام، في قضيّة استخدام جوازي سفر مزورين.

يوسف دياب (بيروت)
خاص كالاس خلال لقائها وزير الخارجية في الإدارة السورية الجديدة أسعد الشيباني في الرياض (الاتحاد الأوروبي)

خاص الاتحاد الأوروبي: رفع العقوبات في سوريا سيعتمد على مبدأ «خطوة بخطوة»

قالت مسؤولة السياسة الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي، إن أوروبا سوف تتبع نهج «خطوة بخطوة» لرفع العقوبات عن سوريا.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
الخليج الطائرة الإغاثية العاشرة تحمل مواد غذائية وطبية وإيوائية (واس) play-circle 00:31

عاشر طائرة إغاثية سعودية إلى سوريا منذ مطلع يناير

سيَّرت السعودية 10 طائرات إغاثية إلى سوريا، منذ مطلع يناير الحالي، تحمل مساعدات غذائية وطبية وإيوائية، إلى جانب جسر بري انطلق في الرابع من الشهر نفسه.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
خاص جون باس وكيل وزارة الخارجية الأميركية للشؤون السياسية خلال مشاركته في اجتماعات الرياض (أ.ف.ب)

خاص واشنطن: السوريون أمام فرصة نادرة لصياغة مستقبل بلادهم... ومسألة العقوبات معقدة

أكد وكيل وزارة الخارجية الأميركية جون باس، أن السوريين أمام فرصة نادرة لصياغة مستقبل بلادهم.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
الخليج صورة جماعية لوزراء خارجية وممثلي الدول المشاركة في اجتماع الرياض حول سوريا أمس (واس)

«اجتماع الرياض» يدعو لرفع العقوبات عن سوريا

دعا اجتماع دولي موسع استضافته الرياض، أمس، إلى رفع العقوبات عن سوريا، بوصفها خطوة مهمة لتحقيق التنمية والاستقرار. وأكد الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

لبنان يخلي سبيل ضباط ورتباء من فرقة ماهر الأسد

صورة أرشيفية لجنود من «الفرقة الرابعة» قبل سقوط نظام بشار الأسد (المرصد السوري)
صورة أرشيفية لجنود من «الفرقة الرابعة» قبل سقوط نظام بشار الأسد (المرصد السوري)
TT

لبنان يخلي سبيل ضباط ورتباء من فرقة ماهر الأسد

صورة أرشيفية لجنود من «الفرقة الرابعة» قبل سقوط نظام بشار الأسد (المرصد السوري)
صورة أرشيفية لجنود من «الفرقة الرابعة» قبل سقوط نظام بشار الأسد (المرصد السوري)

أمرت النيابة العامة التمييزية في لبنان، بالإفراج عن 18 ضابطاً ورتيباً كانوا ينضوون ضمن الفرقة الرابعة بقيادة ماهر الأسد، شقيق الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد، وموقوفين في لبنان منذ اليوم التالي لسقوط نظام الأسد.

وأوضح مصدر متابع لهذا الملفّ لـ«الشرق الأوسط»، أن «الأجهزة الأمنية اللبنانية كانت اعتقلت 21 شخصاً من عداد الفرقة الرابعة، وجرى تسليمهم للأمن العام، حيث أبدى ثلاثة منهم رغبتهم بإعادتهم إلى سوريا لتسوية أوضاعهم القانونية، أما الباقون فرفضوا العودة بذريعة أن حياتهم معرضة للخطر». وقال المصدر، الذي رفض ذكر اسمه: «بعد انتهاء الإجراءات الإدارية، أمر القضاء بإخلاء سبيلهم بسندات إقامة، وهم ستّة ضباط و12 رتيباً، وأن الأمن العام أعطاهم مهلة شهر واحد للحصول على تأشيرة سفر ومغادرة لبنان إلى الوجهة التي يختارونها في الخارج».

وكان لبنان أعاد أكثر من 400 شخص سوري إلى بلادهم، فرّوا إلى لبنان إثر سقوط نظام الأسد، وتردد أن أغلبهم كانوا في عداد الجيش السوري السابق، إلّا أن مصدراً في الأمن العام اللبناني، أكد لـ«الشرق الأوسط» أن «كل الذين أعيدوا إلى بلادهم بالتنسيق مع السلطات السورية الجديدة هم مدنيون ولا توجد ملاحقة بحقهم وليس هناك خطر على حياتهم، ولم يجر ترحيل أي شخص معرّض للخطر»، مشيراً إلى أن «أغلبهم استغلّ الفوضى التي ترافقت مع سقوط النظام السوري ودخلوا لبنان عبر معابر غير شرعية من أجل العمل في لبنان، وجرى توقيفهم في الشمال وجبل لبنان والبقاع».

حفيدة رفعت الأسد

في سياق قضائي آخر، حددت المحكمة الجزائية في بعبدا (جبل لبنان) الأربعاء المقبل، 15 يناير (كانون الثاني) الجاري، موعداً لمحاكمة شمس دريد الأسد، حفيدة رفعت الأسد ووالدتها رشا خزام، في قضيّة استخدام جوازي سفر مزورين ومحاولة السفر عبرهما من مطار رفيق الحريري الدولي إلى الخارج في 27 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

صورة متداولة في «إكس» لرفعت الأسد مع حفيدته شمس

وينتظر أن تنتهي محاكمة شمس ووالدتها في جلسة واحدة، ويصدر الحكم بحقهما في اليوم نفسه، وفق ما أفاد مصدر قضائي مطلع لـ«الشرق الأوسط». وأكد أن «الأحكام القضائية في جرائم مماثلة تقضي بعقوبة السجن بأقل من شهر وبما تتلاءم مع الجرم المرتكب وهو عبارة عن جنحة وليس جناية، بالإضافة إلى غرامة مالية». وقال: «طالما أن النيابة العامة في جبل لبنان أوقفت السيدتين احتياطياً لمدة أسبوع ثم أفرجت عنهما، يرجّح أن تكتفي المحكمة بمدة التوقيف الاحتياطي، وتلزمهما بدفع الغرامة المالية استكمالاً للحكم».

علم المعارضة السورية مرفوعاً على مبنى السفارة في بيروت بعد سقوط الرئيس بشار الأسد (السفارة السورية)

وكانت النيابة العامة في جبل لبنان أعطت إشارة بإطلاق سراح حفيدة رفعت الأسد ووالدتها، وإحالتهما على جهاز الأمن العام للنظر بأمر ترحيلهما، إلّا أن مصدراً مواكباً لهذا الملفّ كشف لـ«الشرق الأوسط» أن السيدتين «ما زالتا في عهدة الأمن العام الذي لم يرحلهما، بعدما تلقى برقيّة من القضاء بموعد محاكمتها القريب جداً وضرورة نقلهما إلى مقرّ المحكمة في قصر العدل في بعبدا»، مشيراً إلى أنه «بعد جلسة المحاكمة وتنفيذ مضمون الحكم، سيسمح لشمس الأسد ورشا خزام بمغادرة لبنان بعد استحصالهما على جوازاي سفر قانونيين».

وقال: «طالما أن السفارة السورية في لبنان استأنفت أعمالها، يمكنهما الاستحصال على جوازي سفر من القنصلية السورية فوراً، طالما أنهما غير ملاحقتين من قبل السلطات السورية الجديدة».