سقوط الأسد... نكسة لبوتين تطرح أسئلة بشأن دور روسيا في المنطقة

بشار الأسد مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في يوليو الماضي بالكرملين (أ.ف.ب)
بشار الأسد مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في يوليو الماضي بالكرملين (أ.ف.ب)
TT

سقوط الأسد... نكسة لبوتين تطرح أسئلة بشأن دور روسيا في المنطقة

بشار الأسد مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في يوليو الماضي بالكرملين (أ.ف.ب)
بشار الأسد مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في يوليو الماضي بالكرملين (أ.ف.ب)

يشكّل السقوط السريع للرئيس السوري بشار الأسد بعد هجوم مباغت للفصائل المعارضة، نكسة جيوسياسية للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، تطرح أسئلة بشأن مستقبل دور موسكو في الشرق الأوسط بعد فقدانها حليفاً دعمته سياسياً وعسكرياً على مدى أعوام.

اختلف الوضع جذرياً بين 2015 و2024: قبل عشرة أعوام، بدأت روسيا التدخل عسكرياً في النزاع السوري، وأتاحت للجيش السوري تغيير ميزان القوى ميدانياً لصالحه، واستعادة السيطرة على مساحات واسعة من البلاد كانت قد سقطت بأيدي الفصائل المسلحة أو التنظيمات.

سجّل بوتين في سوريا نصراً على حساب الغرب وأعاد روسيا إلى الساحة الدولية من الباب العريض. لكن موسكو لم تحرك ساكناً تقريباً هذه المرة.

وقال مدير مركز تحليل الاستراتيجيات والتقنيات في موسكو رسلان بوخوف: «لا تتمتع موسكو بالقوات أو النفوذ أو السلطة الكافية للتدخل (العسكري) بشكل فاعل خارج الاتحاد السوفياتي السابق»، معتبراً أن «الهزيمة بعد حين» كانت أمراً لا مفر منه.

لافتة في شوارع دمشق للرئيس الأسد والرئيس الروسي فلاديمير بوتين في مارس 2022 (رويترز)

ورأى بوخوف في مقالة نشرتها صحيفة «كومرسانت»، أن الهجوم «المطوّل» على أوكرانيا الذي بدأته روسيا مطلع عام 2022، وتحشد له مئات الآلاف من الجنود والجزء الأكبر من قدراتها العسكرية، «أضعف» قوتها الضاربة.

وعلى رغم أن موسكو أكدت في الأول من ديسمبر (كانون الأول) أنها ستدعم القوات السورية في صدّ الهجوم الذي بدأته الفصائل في 27 نوفمبر (تشرين الثاني)، فإن الضربات التي وجّهتها قواتها الجوية بقيت محدودة.

واعتبر المحلل السياسي الروسي فيودور لوقيانوف أن «محاولة الإبقاء (على الأسد) كان مصيرها الفشل في أي حال».

أكد المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف أن روسيا «فوجئت» بالهجوم الواسع الذي بدأته الفصائل المعارضة من معقلها في محافظة إدلب (شمال غرب)، وتقدمت خلاله بشكل سريع إلى مدن أساسية مثل حلب (شمال) وحماة (وسط)، قبل دخول حمص ودمشق ليل السبت - الأحد.

عززت روسيا وجودها العسكري في سوريا خلال الأعوام الماضية، ولها قاعدة بحرية في طرطوس وأخرى جوية في حميميم، وتنشر آلاف الجنود، بحسب خبراء غربيين.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال الاجتماع بمقرّ إقامة الدولة «نوفو أوغاريوفو» خارج موسكو في 2 ديسمبر 2024 (إ.ب.أ)

ووفق مذكرة بحثية لمركز صوفان في نيويورك، «تساهم هاتان القاعدتان في جهود روسيا لإظهار قوتها، ليس فقط في داخل سوريا، لكن أيضاً في عموم المنطقة بما في ذلك ليبيا والسودان وأنحاء أخرى من أفريقيا».

وتمنح القاعدة في طرطوس روسيا منفذاً لأسطولها على البحر الأبيض المتوسط، وتستخدم القاعدة الجوية في حميميم محطة لطائرات تنقل مرتزقة يقاتلون لصالح موسكو في أفريقيا.

وقال الباحث في المجلس الأطلسي في واشنطن كلارك كوبر إن سقوط الأسد يعني «تقلّص هذه القدرة الروسية... وزعمها بأنها قادرة على أن تكون قوة كبرى».

ويبقى السؤال عن مستقبل الوجود الروسي في سوريا من دون إجابة حاسمة. ورأى لوقيانوف أنه «سيجب على الأرجح، إزالة قاعدتي» طرطوس وحميميم.

ورداً على سؤال بشأن مصير القاعدتين، أكد بيسكوف، الاثنين، أنه «من السابق لأوانه القول. هذا موضوع للمناقشة مع من سيتولون السلطة في سوريا».

وشدد على أن أمن القاعدتين «مهم جداً... نحن نفعل كل ما هو ممكن وضروري للتواصل مع أولئك الذين يمكنهم توفير الأمن. كما يتخذ جيشنا تدابير احترازية».

وكشف مدير جهاز المخابرات الخارجية الروسية (إس في أر) سيرغي ناريشكين، الاثنين، عن «إجراء مفاوضات... لضمان سلامة» الدبلوماسيين الروس في سوريا.

ولم تتضح بعد كيفية تعامل الفصائل المعارضة بقيادة «هيئة تحرير الشام» (جبهة النصرة قبل إعلان فك ارتباطها بتنظيم «القاعدة») مع القوات الروسية التي قاتلتها منذ عام 2015.

وقال بيسكوف: «الآن ستكون هناك فترة معقدة للغاية بسبب عدم الاستقرار».

ولم يؤكد المتحدث الروسي ما أوردته وكالات أنباء محلية نقلاً عن مصدر في الكرملين ليل الأحد، لجهة أن الأسد بات في موسكو بعد منحه وعائلته اللجوء.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين استقبل نظيره السوري بشار الأسد بالكرملين في 25 يوليو الماضي (أ.ف.ب)

في غضون ذلك، تواصل روسيا الحرب في أوكرانيا، حيث تحقق منذ أشهر تقدماً ميدانياً تدريجياً في الشرق، على رغم الدعم الغربي الكبير لكييف. وفي نظر المدوّنين العسكريين الروس، تبقى أوكرانيا أولوية بالنسبة إلى موسكو.

وقال ألكسندر كوتس الذي يتابع أكثر من 500 ألف شخص قناته عبر «تلغرام»: «صورة بلادنا ستعتمد بالكامل على نتائج العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا)، وهي أهم من أي شيء آخر في الوقت الراهن».


مقالات ذات صلة

القضاء الفرنسي يًصدر مذكرة توقيف جديدة في حق بشار الأسد

العالم العربي الرئيس السوري السابق بشار الأسد وزوجته أسماء عام 2010 (أ.ف.ب)

القضاء الفرنسي يًصدر مذكرة توقيف جديدة في حق بشار الأسد

أصدرت قاضيتا تحقيق فرنسيتان، الاثنين، مذكرة توقيف بشبهة التواطؤ، في جرائم حرب في حق الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد.

«الشرق الأوسط» (باريس)
العالم العربي قوات الأمن في الإدارة السورية الجديدة أثناء إتلاف كميات كبيرة من المخدرات (أ. ف. ب)

إتلاف نحو 100 مليون حبة «كبتاغون» في دمشق

أتلفت قوات الأمن في الإدارة السورية الجديدة، اليوم (الأحد)، في دمشق كميات كبيرة من المخدرات، من بينها نحو 100 مليون حبة «كبتاغون».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي ديبرا تايس أمام صورة لابنها الصحافي أوستن تايس الذي اختطف أثناء تغطيته الأحداث في سوريا عام 2012 (رويترز)

والدة أوستن تايس في دمشق على أمل العثور على ابنها

وصلت والدة الصحافي الأميركي أوستن تايس إلى دمشق السبت لتعزيز جهود البحث عن ابنها الذي خُطف في سوريا عام 2012.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
خاص منير الفقير عضو مؤسس «رابطة معتقلي ومفقودي سجن صيدنايا» في جولة على سجنه مع «الشرق الأوسط» play-circle 08:45

خاص السجن السوري الكبير... بيروقراطية القتل و«بازار» الابتزاز

صيدنايا رأس جبل جليد دونه أفرع أمنية ومعتقلات لا تقل رعباً وقسوة موزعة في أحياء دمشق السكنية. ناجٍ من صيدنايا يدخل أفرع الموت مع «الشرق الأوسط» ويروي وقائع من كابوس الاعتقال.

بيسان الشيخ (دمشق)
المشرق العربي وزيرا الخارجية التركي والسوري في مؤتمر صحافي في أنقرة الأربعاء (الخارجية التركية)

تركيا وإدارة دمشق تتفقان على عملية سياسية شاملة تحفظ وحدة سوريا

أكدت تركيا والإدارة السورية عدم السماح بتقسيم سوريا أو أن تصبح أراضيها منطلقاً لتهديد جيرانها والبدء بعملية سياسية بلا تفرقة بين أبنائها.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

لبنان: مقتل مسؤول «حزب الله» في البقاع برصاص مسلحين

مسؤول «حزب الله» في البقاع الغربي الشيخ محمد حمادي (الوكالة الوطنية للإعلام)
مسؤول «حزب الله» في البقاع الغربي الشيخ محمد حمادي (الوكالة الوطنية للإعلام)
TT

لبنان: مقتل مسؤول «حزب الله» في البقاع برصاص مسلحين

مسؤول «حزب الله» في البقاع الغربي الشيخ محمد حمادي (الوكالة الوطنية للإعلام)
مسؤول «حزب الله» في البقاع الغربي الشيخ محمد حمادي (الوكالة الوطنية للإعلام)

كشفت الوكالة الوطنية للإعلام اللبنانية عن مقتل مسؤول «حزب الله» في البقاع الغربي برصاص مسلحين.

وقالت الوكالة إن مسؤول «حزب الله» في البقاع الغربي الشيخ محمد حمادي اغتيل أمام منزله في بلدة مشغرة، مساء اليوم، برصاص مسلحين مجهولين أقلتهم سيارتان مدنيتان.

وتابعت: «بعد تنفيذهم عملية الاغتيال لاذوا بالفرار إلى جهة مجهولة».

ونقل حمادي إلى أحد مستشفيات المنطقة، ولكنه ما لبث أن فارق الحياة.