سيطرت الفصائل السورية المسلحة على مدن وبلدات ريف حمص الشمالي، اليوم (الجمعة)، بعد دخول تلك المدن والبلدات دون قتال، وسط سيطرة مسلحين محليين على مناطق في محافظة درعا جنوب سوريا، فيما انسحب الجيش السوري من نقاط عدة في دير الزور وريفها في شرق البلاد.
قالت مصادر محلية في محافظة حمص لـ«وكالة الأنباء الألمانية»، إن «الفصائل المسلحة دخلت مدينتي الرستن وتلبيسة وبلدتي الدار الكبيرة وتير معلة دون قتال بعد انسحاب القوات الحكومية السورية باتجاه مدينة حمص، ووصلت إلى بلدة الدار الكبيرة (في ريف حمص الشمالي)».
وأكدت المصادر أنه «بعد إعلان الفصائل المسلحة سيطرتها على مدينة حماة، تحركت عناصر مسلحة محلية وفرضت سيطرتها على مدينتي الرستن وتلبيسة ولم تتعرض للقوات الحكومية السورية المنسحبة على طول الطريق الرابط بين مدينتي حمص وحماة والذي يبلغ طوله حوالي 50 كيلومترا».
وأضافت المصادر: «وصلت تعزيزات عسكرية كبيرة من الفصائل المسلحة إلى مناطق ريف حمص الشمالي وسط تمدد كبير للفصائل المسلحة في ريفي حمص الشمالي الشرقي وحماة الشمالي الشرقي».
وفي جنوب سوريا سيطرت مجموعات مسلحة محلية على مدن وبلدات في ريف درعا جنوب سوريا بعد خروج القوات الحكومية السورية. وقال مصدر في لجان درعا المركزية التي تعتبر من منظمات المجتمع المدني في المحافظة: «سيطرت المجموعات المسلحة المحلية على مدينة نوى وبلدتي الغارية الشرقية وأنخل ومحيط مدينة جاسم في ريف درعا الشمالي بعد انسحاب القوات الحكومية السورية».
انسحابات للجيش السوري في دير الزور
أفادت مصادر المرصد السوري لحقوق الإنسان، بأن قوات النظام السوري بدأت بسحب عدد من وحداتها العسكرية المتمركزة في مناطق بدير الزور باتجاه العاصمة دمشق، وتركزت عمليات الانسحاب على مواقع داخل مدينة دير الزور، وفي الميادين، والقورية، وبعض النقاط المنتشرة على السرير النهري في منطقة البوكمال وفي المدينة ذاتها.
ووفقاً للمصادر، فإنه ومع هذه التحركات، وصلت تعزيزات عسكرية من الميليشيات المدعومة من إيران وعلى رأسها ميليشيا “الحرس الثوري الإيراني” وميليشيات مرتبطة به، تقدر بعشرات العناصر من الجنسية السورية العاملين مع تلك الميليشيات، إلى مدينة البوكمال، التي تعد نقطة استراتيجية عند الحدود السورية– العراقية.
وأمس، سيطرت قوات مجلس الطبقة العسكري المنضوي تحت قيادة "قسد"، على مواقع في ريف الرقة تحسبا لوصول تنظيم “داعش” إلى المنطقة بعد انسحاب الجيش السوري منها.
وانتشرت قوات مجلس الطبقة العسكري، في حقل بترول الثورة وقرية الرصافة ومنطقة صفيان وانباج على مفرق طريق أثريا، بعد انسحاب قوات النظام من تلك المواقع، باتجاه ناحية معدان.
الجيش السوري يقصف حماة
وأعلنت وزارة الدفاع السورية، الجمعة، أن وحدات الجيش تقصف بالمدفعية وتشن غارات جوية بمؤازرة روسيا الداعمة لها، على تجمعات الفصائل المسلحة شمال مدينة حماة وجنوبها، بعد ساعات من خروج المدينة عن سيطرة السلطات.
وأوردت الوزارة في بيان نقلا عن مصدر عسكري: «قواتنا المسلحة تستهدف بنيران المدفعية والصواريخ والطيران الحربي السوري الروسي المشترك آليات الإرهابيين وتجمعاتهم في ريفي حماة الشمالي والجنوبي وتوقع في صفوفهم عشرات القتلى والمصابين وتدمر عدة آليات وعربات».
وكانت فصائل مسلحة قد سيطرت على مدينتي حلب وحماة بعد شن هجمات في السابع والعشرين من الشهر الماضي عقب قتال عنيف مع القوات الحكومة السورية.
الفصائل على مشارف حمص
من جهته، قال مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» رامي عبد الرحمن لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «باتت هيئة تحرير الشام والفصائل المتحالفة معها على بعد خمسة كيلومترات من أطراف مدينة حمص بعد سيطرتها على الرستن وتلبيسة» الواقعتين على الطريق الواصل بين المدينتين. وأوضح أن «من شأن سيطرة الفصائل على مدينة حمص أن تقطع الطريق الذي يربط دمشق بالساحل السوري»، معقل الأقلية العلوية التي تنتمي إليها عائلة الرئيس بشار الأسد.
وأورد «المرصد» أن «هيئة تحرير الشام» والفصائل المسلحة المتحالفة معها «دخلت في الساعات الأخيرة إلى مدينتَي الرستن وتلبيسة في ريف حمص الشمالي، وسط غياب تام لقوات الجيش السوري»، التي قال إنها «قصفت ليلاً جسراً في الرستن لمحاولة صد تقدُّم الفصائل إلى مدينة حمص».
كذلك سيطرت أيضا على بلدة بتير معلة التي تبعد حوالي 7 كلم عن وسط حمص، فضلا عن الغنطو والدار الكبيرة في أرياف حمص الشمالية.
وأفاد «المرصد» في وقت متأخر أمس الخميس بأن الجيش السوري عزل مدينة حمص عن الريف الشمالي. وأكد وجود حشود كبيرة للقوات السورية في محيط مدينة حمص.
وكتب القيادي العسكري في الفصائل المسلحة حسن عبد الغني، في منشور عبر تطبيق «تلغرام» الجمعة: «يستمر زحف قواتنا نحو مدينة حمص بخطى ثابتة بفضل الله، بعد وصول أرتال حاملة المئات من مهجري حمص لردع عدوان الأسد عن مدينتهم».
وتقع حمص على بعد حوالي 40 كيلومترا جنوب مدينة حماة. ويلقبها ناشطون بـ«عاصمة الثورة»، بعدما شهدت كبرى المظاهرات الشعبية المناوئة للرئيس الأسد في عام 2011.
وشهدت المدينة خلال سنوات النزاع الأولى معارك ضارية بين الفصائل المسلحة والجيش السوري الذي تمكن عام 2014 من السيطرة على مجملها بعد انسحاب مقاتلي الفصائل من أحيائها القديمة بموجب اتفاق تسوية أعقب عامين من الحصار والقصف. وانكفأ المقاتلون الباقون آنذاك إلى حي الوعر مع آلاف المدنيين، قبل أن ينسحبوا منها عام 2017 بموجب اتفاق تسوية مع الحكومة.
وتضمّ مدينة حمص أحياء تقطنها غالبية علوية يثير تقدم الفصائل المسلحة مخاوفها.
وأحصى «المرصد» نزوح عشرات الآلاف من سكان حمص منذ الخميس باتجاه الساحل السوري. وشهد بعض تلك الأحياء خلال سنوات النزاع الأولى تفجيرات دامية. وفي 29 أبريل (نيسان) 2014، قتل مائة شخص على الأقل غالبيتهم مدنيون، وفق حصيلة لـ«المرصد» حينها، في تفجير مزدوج تبنته «جبهة النصرة» آنذاك (قبل فك ارتباطها بتنظيم «القاعدة» واندماجها مع فصائل أخرى تحت اسم «هيئة تحرير الشام») في حي ذي غالبية علوية.
حركة نزوح شديدة
أسفرت المعارك بين الفصائل المسلحة والجيش السوري عن نزوح 280 ألف شخص منذ 27 نوفمبر (تشرين الثاني) عند بدء الهجوم المباغت لهذه المجموعات في سوريا على ما أعلنت الأمم المتحدة الجمعة، وتخشى أن يرتفع هذا العدد إلى 1.5 مليون.
وقال سامر عبد الجابر مدير تنسيق الطوارئ في برنامج الأغذية العالمي خلال مؤتمر صحافي في جنيف: «الأرقام المتوافرة لدينا هي 280 ألف شخص منذ 27 نوفمبر. هذا العدد حُدّث مساء أمس (الخميس). ولا يشمل الأشخاص الذين فروا من لبنان خلال التصعيد الأخير» في القتال بين «حزب الله» وإسرائيل.