معضلة «الردع» للاعب الصغير... «حزب الله» مثالاً

رجال يركبون دراجة نارية تحمل علم «حزب الله» ويمرون بجوار مبانٍ مدمرة بينما يتجه الناس إلى منازلهم في جنوب لبنان (أ.ف.ب)
رجال يركبون دراجة نارية تحمل علم «حزب الله» ويمرون بجوار مبانٍ مدمرة بينما يتجه الناس إلى منازلهم في جنوب لبنان (أ.ف.ب)
TT

معضلة «الردع» للاعب الصغير... «حزب الله» مثالاً

رجال يركبون دراجة نارية تحمل علم «حزب الله» ويمرون بجوار مبانٍ مدمرة بينما يتجه الناس إلى منازلهم في جنوب لبنان (أ.ف.ب)
رجال يركبون دراجة نارية تحمل علم «حزب الله» ويمرون بجوار مبانٍ مدمرة بينما يتجه الناس إلى منازلهم في جنوب لبنان (أ.ف.ب)

يرتكز الردع على عنصرَين مهمَّين: العنصر الأوّل، هو في منع (Deny) العدو من القيام بما يريد القيام به، لأن ثمن عدم الانضباط سيكون حتماً أكبر من الأرباح. العنصر الثاني هو الإكراه (Coerce)، الذي يهدف إلى إجبار العدو على القيام بما لا يريد القيام به، لأن ثمن عدم التنفيذ سيكون كبيراً جدّاً.

لا يمكن الردع أو الإكراه لعدوّ يخوض حرب حياة أو موت مُحتّم. ينصح المفكّر الصيني صان تسو في هذه الحالة بأن يُفتح الجسر الذهبي لهذا العدو كمَخرج لتوفير الجهد الحربيّ. لكن فتح هذا الجسر بالنسبة لبعض المفكّرين الاستراتيجيِّين يعتبر مرحلة استراحة للمحارب. إذ بمجّرد أن يستردّ العدو توازنه، فهو سيذهب حتماً إلى الاستعداد لجولة جديدة. وهذا فعلاً ما يحصل في البلدان التي تعاني من الحروب الأهليّة المتكرّرة. فعلى سبيل المثال، لم تعد الحرب الأهلية في سريلانكا ممكنة؛ وذلك بسبب قضاء الجيش الحكومي على قوى «التاميل» الانفصالية. لا ينطبق هذا الوضع على الواقع اللبنانيّ. ففي كلّ مرة، وبعد استنفاد الحرب الأهلية لأهدافها الإقليمية والدوليّة، يُفرَض الحل السياسيّ على لبنان تحت شعار «لا غالب ولا مغلوب»، الأمر الذي يتيح لمَن يعتبر نفسه خاسراً، أن يستعد لجولة مقبلة.

بشكل عام، يُعتبر الردع منظومةً متكاملةً ترتكز على الأسس التالية:

• ضرورة توافر وسائل الردع.

• نيّة استعمال هذه الوسائل في حال فشل الردع.

• التيقّن من أن العدو مقتنع في وعيه بأنه وفي حال تجاوزه الخطوط الحُمر في المنظومة الردعية، فإن هذه الوسائل سوف تُستعمل.

• وعليه، وجب دائماً إرسال الرسائل الردعيّة، إن كان في الشق السياسيّ - الدبلوماسيّ العلني أو السريّ، أو عبر إجراء المناورات العسكريّة التي تُظهر توافّر وسائل الردع.

قد يأخذ الردع أشكالاً عدة، منها المباشر ومنها غير المباشر. فهناك الردع عبر المنع (Denial)، أي عبر إفشال المنظومة العسكريّة التي يريد العدو استعمالها. فعلى سبيل المثال، بنت إسرائيل منظومةً دفاعيّةً جويّةً ضد صواريخ «حزب الله» وإيران، تهدف إلى نزع ورقة التهديد هذه من أيديهما. لكن هذه المنظومة تعاني حالياً مع خطر مستجدّ لم ترتقبه، ألا وهو خطر المسيّرات.

هناك أيضاً الردع التراكميّ (Cumulative). والمقصود به، هو ذلك الردع الذي يُراكم النجاحات التكتيكيّة عبر مدّة طويلة من الزمن، وعبر استنزاف قوى العدو، إن كان في العتاد أو العديد. لذلك، يُحدّد الخبراء أن الاستنزاف يبدأ بالتأثير فقط عندما لا يستطيع العدو تعويض خسائره المادية والبشريّة.

استراتيجية ردع «حزب الله»

خلق «حزب الله» مع الوقت منظومةً ردعيّةً متعدّدة الأبعاد والاتجاهات. فهو ردع الداخل اللبناني ليبني سلطته كما يريد. وهو أراد ردع إسرائيل عبر تصعيب المهمّة عليها. وبالتزامن، أضاف إلى هذين الردعين، إمكانيّة الاتكال على العمق الردعيّ الذي من الممكن أن تؤمّنه له إيران. فعلى المستوى الداخلي، بنى منظومته الردعية الداخليّة الأساسيّة ضمن البيئة الحاضنة له. وعرضاً، وزّع وسائله على مساحة لبنان ككل. لكن مركز ثقل ردعه تمثّل في «مثلث» جنوب لبنان والضاحية الجنوبية لبيروت ومنطقة البقاع ككل. وبذلك، يكون الحزب قد وضع إسرائيل بمواجهة ردع القانون الدولي، خاصة الإنسانيّ، كون استهدافه سيعني استهداف شريحة واسعة من الشعب اللبناني الذي يشكِّل حاضنة للحزب. ولأن الردع هو أصلاً موجود في عقل ووعي الآخر - أي العدو - فقد يؤدّي هذا الأمر إلى حسابات خاطئة تجاه ردّة فعل العدو.

أمين عام «حزب الله» الشيخ نعيم قاسم خلال خطابه الأخير بعد اتفاق وقف إطلاق النار (إ.ب.أ)

وهذا ما حصل. ففي المحصّلة، سقط ردع «حزب الله». فالحرب استهدفت بيئته وبنيته، وتسببت في أوضاع كارثيّة للحزب ومناصريه.

مفاهيم جديدة

تقول دراسات إن معدّل عمر حركات المقاومة هو 10 سنوات. تخطّى الحزب هذه المدة، وذلك بسبب لعبه دوراً هجيناً (Hybrid). أي إنه في الدولة وخارجها في الوقت نفسه، وحسب ما يتّفق الأمر مع مصالحه الاستراتيجية.

• عادة، لا يمكن قياس النجاح مع حركات المقاومة، خاصة إذا بقيت خارج إطار السيطرة على الأرض. لكن عندما تسيطر هذه الحركات على مساحة معيّنة، فهي تصبح منظورة وملموسة، يمكن حدّها وعدّها، وقياس النجاح عليها. حصل هذا الأمر مع تنظيم «داعش» بعد إعلانه الخلافة المزعومة. واليوم يحصل مع «حزب الله». حصل القتال مع «داعش» ضمن مناطق سكنيّة، وهو اليوم يحصل مع «حزب الله».

• وإذا كانت المقاومة مثل السمكة، كما قال الزعيم الصيني الراحل ماو تسي تونغ، فإن المجتمع يُشكِّل البحر لهذه السمكة، ولا يمكن فصلهما عن بعضهما بعضاً. اقتبس أمين عام «حزب الله» السابق، حسن نصر الله، هذه المعادلة وكرّرها في خطبه. تحاول إسرائيل اليوم فصل السمكة عن البحر عبر استهداف بيئة «حزب الله» وبنيته.

• وإذا كانت معادلة النصر لـ«حزب الله» هي في عدم الخسارة. فماذا يعني النصر للحزب إذا خسر البيئة وثرواتها، وخسر بنيته العسكريّة، والأهمّ خسارة الدور الكبير الذي كان يلعبه الراعي الإقليميّ في رعايته.

• وإذا كان ممكناً لحركات المقاومة السيطرة على أرض معيّنة، فقد يمكن القول إن اليد العليا تنتقل إلى الدولة - الأمّة؛ لأنها تمتلك قدرة ناريّة كبيرة جداً، وهي قادرة على الصمود لوجيستيّاً لفترة طويلة، مع القدرة على منع الدعم اللوجيستيّ عن الفريق الآخر. هكذا فعلت إسرائيل، قبل وقف النار الأخير، عبر ضرب لوجيستيّة «حزب الله»، خاصة النوعيّة منها، ومحاولة عزله لوجيستيّاً عبر ضرب خط الإمداد الآتي من سوريا. وبذلك، يسقط العمق الردعيّ لـ«حزب الله» لأنه فُصل عن الأصيل.

في النهاية، يمكن القول إن اللاتماثل (Asymmetry) لم يعد يلعب فقط لصالح الأضعف الذي لا يملك التكنولوجيا الحديثة. فقد أثبتت الحرب بين «حزب الله» وإسرائيل أنه يمكن لدولة تمتلك التكنولوجيا الحديثة أن تخلق وضعاً لا تماثليّاً لصالحها ضدّ لاعب من خارج إطار الدولة (NSA). عملية تفجير أجهزة الاستدعاء (Pagers) لعناصر «حزب الله» كانت مثالاً واضحاً على ذلك.


مقالات ذات صلة

قاسم: ضم مدني لبناني إلى لجنة وقف إطلاق النار مع إسرائيل سقطة

المشرق العربي نعيم قاسم خلال خطابه عبر الشاشة اليوم (الوكالة الوطنية)

قاسم: ضم مدني لبناني إلى لجنة وقف إطلاق النار مع إسرائيل سقطة

رأى الأمين العام لـ«حزب الله» نعيم قاسم، الجمعة، أن تسمية السلطات اللبنانية مدنياً في اللجنة المكلفة مراقبة تطبيق وقف إطلاق النار مع اسرائيل هي بمثابة «سقطة».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي جانب من استقبال سلّام وفد سفراء وممثلي بعثات الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي (حساب رئاسة مجلس الوزراء على «إكس»)

سلّام لوفد مجلس الأمن: نحتاج إلى قوة أممية مساندة بعد انتهاء ولاية «اليونيفيل»

طالب رئيس الوزراء اللبناني نواف سلّام، خلال لقاء مع وفد من سفراء وممثلي بعثات الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي، بتوفير قوة أممية مساندة لملء أي فراغ محتمل.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي صورة من لقاء الرئيس اللبناني جوزيف عون مع وفد من سفراء وممثلي بعثات مجلس الأمن اليوم في القصر الجمهوري في بعبدا (صفحة الرئاسة اللبنانية على «إكس»)

عون يطالب وفد مجلس الأمن بالضغط على إسرائيل لتطبيق اتفاق وقف النار والانسحاب

طالب الرئيس اللبناني جوزيف عون وفد مجلس الأمن بالضغط على إسرائيل لتطبيق اتفاق وقف النار والانسحاب من جنوب البلاد.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي السفير الأميركي لدى تركيا والمبعوث الخاص لسوريا توماس براك خلال مقابلة مع وكالة «رويترز» في بيروت - لبنان - 22 يوليو 2025 (رويترز)

براك: على لبنان أن يناقش مع إسرائيل مسألة «حزب الله»

قال المبعوث الأميركي توم براك، اليوم (الجمعة)، إنه ينبغي للبنان أن يناقش مع إسرائيل مسألة «حزب الله»، معبّراً عن أمله في ألا توسع إسرائيل هجماتها على لبنان.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي الرئيس اللبناني جوزيف عون (رويترز)

عون: المحادثات مع إسرائيل كانت «إيجابية»... والهدف تجنُّب «حرب ثانية»

قال الرئيس اللبناني جوزيف عون، الخميس، إن المحادثات مع إسرائيل كانت «إيجابية»، وهدفها هو تجنب «حرب ثانية».

«الشرق الأوسط» (بيروت)

توافق رئاسي ثلاثي لبناني على الجانب «التقني - الأمني» للمفاوضات

رئيس البرلمان نبيه بري مجتمعاً مع وفد مجلس الأمن في بيروت الجمعة (رئاسة البرلمان)
رئيس البرلمان نبيه بري مجتمعاً مع وفد مجلس الأمن في بيروت الجمعة (رئاسة البرلمان)
TT

توافق رئاسي ثلاثي لبناني على الجانب «التقني - الأمني» للمفاوضات

رئيس البرلمان نبيه بري مجتمعاً مع وفد مجلس الأمن في بيروت الجمعة (رئاسة البرلمان)
رئيس البرلمان نبيه بري مجتمعاً مع وفد مجلس الأمن في بيروت الجمعة (رئاسة البرلمان)

أكّدت مصادر وزارية أنه لا خلاف بين الرؤساء الثلاثة، مع دخول المفاوضات اللبنانية - الإسرائيلية مرحلةً جديدةً بإدخال مدني إليها، هو سفير لبنان السابق لدى واشنطن، المحامي سيمون كرم، لترؤس الوفد اللبناني للجنة الـ«ميكانيزم»، بغية تفعيل اجتماعاتها للتوصل إلى اتفاق أمني، قاعدته الأساسية تطبيق وقف الأعمال العدائية، بخلاف اجتماعاتها السابقة التي غلبت عليها المراوحة، وتشاركت وقيادة القوات الدولية «اليونيفيل» في تعداد الخروق والغارات الإسرائيلية.

ولفتت إلى أن توافق الرؤساء على إخراج الـ«ميكانيزم» من الدوران في حلقة مفرغة، تلازم مع رسم حدود سياسية للتفاوض، محصورة بوقف الخروق والاعتداءات الإسرائيلية، والانسحاب من الجنوب، وإطلاق الأسرى اللبنانيين، وإعادة ترسيم الحدود وتصحيحها، انطلاقاً من التجاوب مع تحفّظ لبنان على النقاط المتداخلة الواقعة على الخط الأزرق والعائدة لسيادته.

رئيس الحكومة نواف سلام مجتمعاً مع السفير سيمون كرم (رئاسة الحكومة)

وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إن لبنان يصر على حصر جدول أعمال المفاوضات ببنود أمنية لا يمكن تجاوزها للبحث في تطبيع العلاقات اللبنانية - الإسرائيلية، والتوصل إلى اتفاقية سلام بين البلدين، وهذا ما أجمع عليه رؤساء «الجمهورية»، العماد جوزيف عون، و«الحكومة»، نواف سلام، و«المجلس النيابي»، نبيه بري، الذي كان أول من اقترح إدخال مدنيين للـ«ميكانيزم»، ومن ثم أصروا على تكرار موقفهم في هذا الخصوص استباقاً لانعقاد الجولة الأولى من المفاوضات، بحضور الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس ومشاركة كرم فيها، بما يتعارض مع جدول أعمالها الذي حدده رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو.

وقالت إن نتنياهو يريد تكبير الحجر لتحريض «حزب الله» على الدولة وإرباكها، فيما يواصل جيشه خروقه واعتداءاته لتأليب بيئته عليه، وهذا ما تبين باستهدافه عدداً من المنازل الواقعة بين جنوب نهر الليطاني وشماله، رغم خلوها من مخازن لسلاح الحزب. ورأت بأنه يواصل ضغطه بالنار لإلزام لبنان بالتسليم لشروطه، وإن كان يدرك سلفاً أنه لا مجال أمام المفاوضات لخروجها عن جدول أعمالها التقني - الأمني، بالتلازم مع إصرار الحكومة اللبنانية على تطبيق حصرية السلاح بيد الدولة، ولا عودة عنه.

وتوقفت المصادر أمام تأكيد بري أنه كان أول مَن اقترح إدخال مدنيين للـ«ميكانيزم»، وسألت، أين يقف الأمين العام لـ«حزب الله» الشيخ نعيم قاسم من اقتراحه؟ وهل سبق أن اعترض على اقتراح «أخيه الأكبر» في هذا الخصوص؟ رغم أنه في كتابه المفتوح إلى الرؤساء الثلاثة أكّد رفضه للمفاوضات مع إسرائيل، ليعود لاحقاً إلى تصويب ما حمله كتابه هذا، بتكليفه قيادياً في الحزب بأن ينقل رسالة إليه مفادها أنه لم يكن هو المقصود به، لقطع الطريق على افتعال مشكلة داخل البيت الشيعي.

كما سألت قاسم، ألم يوافق الحزب على اجتماعات الـ«ميكانيزم»، ما دام «أخوه الأكبر» هو مَن يفاوض باسمه وكان وراء التوصل لاتفاق وقف النار مع الوسيط الأميركي آنذاك أموس هوكستين؟ وقالت إنه ليس لدى الحزب من أوراق سوى رفع سقف اعتراضه على المفاوضات، ولم يعد يملك ما يسمح له بأن يعيد خلطها في ضوء اختلال ميزان القوى لمصلحة إسرائيل، بعد أن أفقده إسناده غزة منفرداً توازن الردع وقواعد الاشتباك.

الدخان يتصاعد في بلدة المجادل في جنوب لبنان إثر استهدافها بقصف إسرائيلي يوم الخميس (أ.ف.ب)

ولفتت المصادر إلى أن الحزب يفتقد إلى أي بدائل لقلب موازين القوى، ويكتفي بتسجيل اعتراض من العيار الثقيل على المفاوضات، من دون أن يكون في وسعه ترجمته عسكرياً، رغم إصراره على تمسكه بسلاحه واتهامه حكومة سلّام بارتكاب خطيئة بموافقتها على حصرية السلاح التي يُفترض أن تتقدم بدءاً من شمال الليطاني حتى حدود لبنان الدولية مع سوريا، بالتلازم مع تسجيل تقدم في المفاوضات.

ورأت أن الحزب مضطر لوزن موقفه، لأنه ليس وارداً كسر علاقته بعون وتهديد تحالفه ببري، ما يُسبّب انكشافه فيما هو بأمس الحاجة لحماية الداخل، إضافة لما يترتب على «خدش» علاقته بهما من تداعيات سلبية على الطائفة الشيعية، لا يريدها ويتفداها، وما هو المانع من أن يضع ما لديه من أوراق بعهدة بري، كونه الأقدر منه على مراعاته للمزاج الشيعي الذي ينشد تحرير الجنوب، وإفساحاً في المجال أمام عودة أهله إلى قراهم، ولا يرى من منقذ غيره، ويتطلع إليه خصومه على أنه الممر الإلزامي للتوصل إلى تسوية تُعيد إدراج لبنان على لائحة الاهتمام الدولي، وتفتح كوّة لإعادة إعمار البلدات المدمرة، خصوصاً أنه يحظى بعلاقات دولية وعربية، بخلاف الحزب الذي لم يعد له سوى إيران.

وأكدت المصادر أن دخول المفاوضات في مرحلة جديدة كان وراء الضغط الأميركي على إسرائيل لمنعها من توسعتها للحرب، بعد أن استجاب لبنان لطلبها بتطعيم الـ«ميكانيزم» بمدني كُلّف برئاسة وفده، وتمنت على «حزب الله» الوقوف خلف الدولة في خيارها الدبلوماسي، وأن مخاوفه من أن تؤدي إلى ما يخشاه بالتوصل مع إسرائيل إلى اتفاقية سلام ليست في محلها، ما دام أن حليفه بري هو أول من أيد تطعيمها بمدنيين، وبالتالي ما المانع لديه من أن يعطيها فرصة ليكون في وسعه بأن يبني على الشيء مقتضاه لاحقاً، بدلاً من أن يُبادر من حين لآخر إلى «فش خلقه» بسلام، رغم أنه ليس فاتحاً على حسابه، وينسق باستمرار مع عون، ويتعاونان لتطبيق حصرية السلاح التي نص عليها البيان الوزاري للحكومة.

وكشفت أن التواصل بين عون وبري لم ينقطع، وهما قوّما قبل انعقاد الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء الأجواء التي سادت اجتماع الـ«ميكانيزم» في الناقورة، وقالت إن بري كان أوصى النواب المنتمين لكتلته النيابية، والمسؤولين في حركة «أمل»، بعدم التعليق لا سلباً ولا إيجاباً على كل ما يختص بالمفاوضات، وأن توصيته جاءت بناءً على رغبته في حصر الموقف به شخصياً لتفادي إقحام محازبي الطرفين في سجال، سرعان ما يتحول إلى مناوشات في الشارع، فيما الحزب يحرص، كما تقول قيادته، على تحصين علاقته بحليفه الأوحد في الساحة اللبنانية، بعد أن تفرّق عنه شركاؤه السابقون في محور الممانعة بتأييدهم حصرية السلاح.

وقالت المصادر إن الحزب يدرك جيداً أن الأبواب ما زالت مقفلة أمام تصويب علاقاته العربية والدولية، بخلاف بري. وسألت على ماذا يراهن، بعد أن رفضت قيادته المبادرة المصرية إصراراً منها، حسب مصادر دبلوماسية غربية لـ«الشرق الأوسط»، بأن ترهن موقفها بالمفاوضات الأميركية - الإيرانية، ليكون بمقدورها أن تضعه في سلة إيران، لعلها تتمكن من الحفاظ على نفوذها في لبنان بعد تراجع محور الممانعة في الإقليم؟

لذلك، سيأخذ الحكم والحكومة علماً باعتراض «حزب الله»، من دون أن يكون له مفاعيل تصعيدية بتحريك الشارع لتفادي الاحتكاك مع محازبي «أمل»، ما دام أن انطلاقة المفاوضات لا تلقى اعتراضاً من بري، وتبقى تحت سقف تحرير الجنوب تطبيقاً للـ«1701»، إلا إذا ارتأى الدخول في مزايدة شعبوية مع حليفه لا طائل منها، وستؤثر سلباً على حمايته، على الأقل داخل طائفته.


قاسم: ضم مدني لبناني إلى لجنة وقف إطلاق النار مع إسرائيل سقطة

نعيم قاسم خلال خطابه عبر الشاشة اليوم (الوكالة الوطنية)
نعيم قاسم خلال خطابه عبر الشاشة اليوم (الوكالة الوطنية)
TT

قاسم: ضم مدني لبناني إلى لجنة وقف إطلاق النار مع إسرائيل سقطة

نعيم قاسم خلال خطابه عبر الشاشة اليوم (الوكالة الوطنية)
نعيم قاسم خلال خطابه عبر الشاشة اليوم (الوكالة الوطنية)

رأى الأمين العام لـ«حزب الله» نعيم قاسم، الجمعة، أن تسمية السلطات اللبنانية مدنياً في اللجنة المكلفة مراقبة تطبيق وقف إطلاق النار مع إسرائيل، هي بمثابة «سقطة» تضاف إلى «خطيئة» الحكومة بقرارها نزع سلاح الحزب.

وخلال حفل حزبي، قال قاسم في خطاب عبر الشاشة: «نرى أن هذا الإجراء هو سقطة إضافية تُضاف إلى خطيئة قرار الخامس» من أغسطس (آب)، في إشارة إلى القرار الحكومي بنزع سلاح الحزب، لكنه أكد في الوقت نفسه تأييده خيار الدبلوماسية الذي تتبعه السلطات لوقف الهجمات الإسرائيلية.

وانضم، الأربعاء، مندوبان مدنيان لبناني وإسرائيلي إلى اجتماعات اللجنة المكلفة مراقبة وقف إطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل، في أول لقاء مباشر منذ عقود، قالت الرئاسة اللبنانية إن هدفه «إبعاد شبح حرب ثانية» عن لبنان.


سلّام لوفد مجلس الأمن: نحتاج إلى قوة أممية مساندة بعد انتهاء ولاية «اليونيفيل»

جانب من استقبال سلّام وفد سفراء وممثلي بعثات الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي (حساب رئاسة مجلس الوزراء على «إكس»)
جانب من استقبال سلّام وفد سفراء وممثلي بعثات الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي (حساب رئاسة مجلس الوزراء على «إكس»)
TT

سلّام لوفد مجلس الأمن: نحتاج إلى قوة أممية مساندة بعد انتهاء ولاية «اليونيفيل»

جانب من استقبال سلّام وفد سفراء وممثلي بعثات الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي (حساب رئاسة مجلس الوزراء على «إكس»)
جانب من استقبال سلّام وفد سفراء وممثلي بعثات الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي (حساب رئاسة مجلس الوزراء على «إكس»)

طالب رئيس الوزراء اللبناني نواف سلّام خلال لقاء مع وفد من سفراء وممثلي بعثات الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي (الجمعة)، بتوفير قوة أممية مساندة لملء أي فراغ محتمل بعد انتهاء ولاية قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل) بنهاية عام 2026.

وذكرت الرئاسة اللبنانية في بيان أن سلّام طرح خلال اللقاء مع وفد مجلس الأمن إمكانية أن تعمل هذه القوة تحت إطار «هيئة الأمم المتحدة» لمراقبة الهدنة، أو أن تكون قوة حفظ سلام محدودة الحجم ذات طابع مشابه للقوة العاملة في هضبة الجولان بسوريا.

وقرر مجلس الأمن الدولي في أغسطس (آب) الماضي تمديد ولاية «اليونيفيل»، التي أنشئت في 1978 بعد الاجتياح الإسرائيلي لجنوب لبنان، حتى نهاية العام المقبل. ومن المنتظر أن تبدأ «اليونيفيل» عملية انسحاب تدريجي من جنوب لبنان بعد انتهاء ولايتها.