دائماً ما كان توني آدامز شخصية تحمل الكثير من التناقض، فقد قاد غرفة خلع الملابس في آرسنال لمدة 14 عاماً، لكنه لم يتمكن من رعاية نفسه! إنه نموذج للشجاعة على أرض الملعب، لكنه «فتى صغير خائف» خارجه. ولديه مسيرة كروية حافلة مليئة بالدوافع والعزيمة، لكنه أيضا شخص ضعيف الإرادة بعيدا عن كرة القدم. لكن هذه التناقضات أصبحت أقل وضوحا في الوقت الحالي، حيث تعافى من إدمان الكحول ويعيش حياة زوجية سعيدة، ويتميز بأناقة المظهر. وبالتالي، يبدو كل شيء على ما يرام بالنسبة له حاليا.
يقول آدامز: «لم أعد أشعر بالقلق من الماضي بعد الآن. لقد تخلصت من ذلك تماما، فقد مضى 28 عاماً دون أن أتناول كحوليات أو أتعاطى مخدرات. وأشعر بالراحة والثقة في التواصل مع الآخرين لأول مرة في حياتي. لقد نضجت، ولم تعد هناك مخالب من الماضي الآن». وخلال الساعة التي تحدثنا فيها، لم يذرف آدامز الدموع إلا عندما تذكر الرجل الذي يعرف باسم جيمس دبليو، والذي أشاد به آدامز البالغ من العمر 58 عاماً ووصفه بأنه «بطله ومعالجه وراعيه ومرشده»، والذي ساعد آدامز على السير في طريق التعافي في عام 1996 بعد سنوات من الإدمان، وأدار المؤسسة الخيرية التي أنشأها آدامز باسم «سبورتنغ تشانس»، لمدة 20 عاماً. في الحقيقة، لا يحظى كثيرون بنفس مكانة جيمس دبليو بالنسبة لآدامز.
يقول آدامز: «لقد جلست معه خلال الأشهر الستة الماضية، لكنه توفي بسرطان الرئة. عذرا، فأنا أبدو متأثرا للغاية عندما أتحدث عنه. إنني لا أتحدث عن هذا الأمر كثيرا. كانت الجنازة الأسبوع الماضي. لقد أنقذ حياتي، وأنقذ مئات الأشخاص الآخرين من الإدمان».
كان طريق آدامز لمقابلة جيمس دبليو في عام 1996 قاتماً. وعلى الرغم من استمرار تفوق آدمز على أرض الملعب، فإن إدمانه للكحوليات قد تزايد وخرج عن السيطرة، لدرجة أنه سقط ذات مرة على أحد السلالم وخضع لـ 29 غرزة جراحية في جبهته (وهي نفس الجبهة التي سجل بها بعد أسابيع هدف الفوز في مرمى توتنهام في نصف نهائي كأس الاتحاد الإنجليزي عام 1993).
يقول آدامز: «في عام 1996، كنت في التاسعة والعشرين من عمري ولم أكن أرغب في الحياة، لذا كانت فترة مظلمة للغاية في حياتي. وفي الفترات التي لم أكن ألعب فيها كرة القدم، لم أكن أرغب في العيش. أدركت أنني كنت محاصراً تماماً بسبب الإدمان، وأن هذا هو أسوأ مكان كنت فيه على الإطلاق. في فبراير (شباط) من ذلك العام، لم أكن ألعب كرة القدم لأنني كنت مصابا. وفي مارس (آذار)، ابتعد عني أطفالي. لم أكن أتناول الكحوليات أمامهم، لكنني فقدت الوعي في إحدى الأمسيات بعد أن شربت سبع زجاجات من الكحول. لذلك، أخذت حماتي الأطفال بعيدا عني».
ويضيف: «كان والد زوجتي، فرانك شيا، مدمنا أيضا، لكنه توقف فجأة عن الشراب لمدة 10 سنوات، واستعاد احترامه لذاته، واستعاد كرامته وكل الأشياء التي فقدتها أنا. لذلك أعطتني باربرا، حماتي الأولى، رقم جيمس دبليو. لقد كتبت رقمه في ورقة ووضعتها في جيبي. لقد أنقذت حياتي بما فعلته».
التقى آدامز بجيمس دبليو لأول مرة في أبريل (نيسان) 1996، وهو مخمور، ويقول عن ذلك: «في ذلك الوقت كنا سنشارك في نهائيات كأس الأمم الأوروبية، وتمكنت من الابتعاد عن الكحوليات وشغلت نفسي تماما بكرة القدم. لكن بمجرد أن أهدر غاريث ساوثغيت ركلة الجزاء التي تسببت في خروجنا من البطولة، عدت لتناول الكحوليات مرة أخرى، واستمر الأمر على هذا الحال لمدة 44 يوماً. ونتيجة لتناول الكحوليات بكثرة، بدأت أعاني من جنون الشك والريبة، وتخيلت أن أشياء تخرج من الخزانة، واعتقدت أن شخصاً ما كان في المنزل، وتخيلت أنني أقتل الناس».
ويضيف: «عندما وصلت في 16 أغسطس (آب) 1996، أرشدني جيمس وذهبت إلى مصحة (مدمني الخمر غير المعروفين)، وخضت معه الخطوات الاثنتي عشرة المطلوبة للإقلاع عن الإدمان، وهو الأمر الذي أدى إلى تغييري كإنسان». كان هذا الأسبوع مهما للغاية بالنسبة لآدامز. ففي اليوم التالي لجنازة جيمس دبليو، تم تعيينه رئيساً لمؤسسة «ذا فوروارد تراست» الخيرية الوطنية للتعافي من الإدمان. ويعود ارتباطه بهذه المؤسسة إلى عام 1996، عندما زار عيادة إعادة التأهيل الخاصة بها لأول مرة في ويلتشير.
وكان قد حُكم على آدامز بالسجن لمدة أربعة أشهر في عام 1990 بتهمة القيادة تحت تأثير الكحول. يقول نجم آرسنال السابق عن ذلك: «دخلت السجن لأنني تجاوزت الحد القانوني بأربعة أضعاف. لقد عبرت طريقاً سريعاً بسرعة 80 ميلاً في الساعة، ولم أكن متحكما في قيادة السيارة لمسافة تصل لطول ملعب كرة قدم، وانتهى بي الأمر بدخول السجن بسبب ذلك». رفض أفراد الأسرة والأصدقاء إدانة سلوك آدمز، الذي يقول عن ذلك: «لقد ساندني ودعمني الجميع. كنت قائداً لفريق آرسنال وقال لي مديري الفني جورج غراهام إنهم جعلوني عبرة للآخرين بهذه العقوبة. كان ذلك في 19 ديسمبر (كانون الأول). لقد أصبحت عبرة تستخدم لإثناء الناس القيادة تحت تأثير الكحول في فترة أعياد الميلاد! لقد كان كل هذا هراء، لكي أكون صادقاً معك».
وبعد شهرين في السجن، احتفل المشجعون واللاعبون بعودة آدامز إلى آرسنال، الذي فاز بلقب الدوري الإنجليزي الممتاز في ذلك الموسم. يقول آدامز: «كان غروري يتزايد، لكن احترامي لنفسي كان يتراجع بمرور الوقت. وبعد الخروج من السجن، واصلت تناول الكحوليات لمدة ست سنوات. الجنون ليس أن تدخل السجن وتقود سيارتك فوق جدار وتصطدم بحديقة منزل شخص ما، لكن الجنون الحقيقي هو أن تستعيد رخصة القيادة ثم بعد أيام تعود لتناول الكحوليات وتقود سيارتك مخمورا مرة أخرى. لم أكن بحاجة إلى السجن، لكنني كنت بحاجة إلى إعادة التأهيل. لم يكن هناك برنامج من 12 خطوة للإقلاع عن الإدمان في السجن، ولم تكن هناك برامج تعليمية، ولا أي شيء».
توقف آدامز عن تناول الكحوليات قبل وصول آرسين فينغر إلى آرسنال، والذي ظل من أشد مؤيديه. قاد آدامز آرسنال للحصول على الثنائية المحلية في عام 1998، وكانت اللقطة الأبرز في ذلك الموسم قد حدثت في الجولة الأخيرة من الدوري الإنجليزي الممتاز عندما تقدم آدامز للأمام وسدد تسديدة قوية بقدمه اليسرى في الزاوية العليا للمرمى ليضمن الفوز على إيفرتون وحصول آرسنال على اللقب. وتم تخليد احتفاله الأيقوني في تمثال خارج ملعب الإمارات.
أنهى آدامز مسيرته الكروية في عام 2002 بعد الفوز مرة أخرى بلقب الدوري الإنجليزي الممتاز وكأس الاتحاد الإنجليزي، قبل أن يعمل لفترات قصيرة في مجال التدريب في ويكومب وبورتسموث وغرناطة وغابالا في أذربيجان، حيث كاد يعاني من مشكلة قلبية قاتلة. ويقول: «كان الشريان الرئيسي مسدوداً بنسبة 99 في المائة. ما زلت على قيد الحياة بفضل الطبيب الأوكراني الذي وضع دعامتين في قلبي». لكن مكافحة الإدمان هي الهدف الوحيد لآدامز الآن. ويختتم نجم آرسنال السابق حديثه قائلا: «لقد تعافيت تماماً، لكني ما زلت أذهب إلى فعاليات منتظمة لمكافحة الإدمان، وأذهب إلى ثلاثة أو أربعة سجون سنوياً، لكي أساعد الوافدين الجدد».
* خدمة «الغارديان»