هل غادرت سفن روسية ميناء طرطوس السوري؟

مصدر دبلوماسي: «لا أوامر بتغيير نظام ومهام المناوبات الموكلة للسفن الحربية في البحر المتوسط»

التحولات الدراماتيكية في خطوط المواجهة داخل سوريا قد تُعرِّض القاعدة الروسية في طرطوس للخطر (د.ب.أ)
التحولات الدراماتيكية في خطوط المواجهة داخل سوريا قد تُعرِّض القاعدة الروسية في طرطوس للخطر (د.ب.أ)
TT

هل غادرت سفن روسية ميناء طرطوس السوري؟

التحولات الدراماتيكية في خطوط المواجهة داخل سوريا قد تُعرِّض القاعدة الروسية في طرطوس للخطر (د.ب.أ)
التحولات الدراماتيكية في خطوط المواجهة داخل سوريا قد تُعرِّض القاعدة الروسية في طرطوس للخطر (د.ب.أ)

نفى مصدر دبلوماسي روسي صحة أنباء تداولتها وسائل إعلام غربية حول شروع موسكو في سحب جزء من أسطولها البحري من قاعدة طرطوس في سوريا، في وقت أعلنت فيه وزارة الدفاع الروسية إجراء تدريبات عسكرية في شرق البحر الأبيض المتوسط.

وقال المصدر لـ«الشرق الأوسط» إن تلك المعطيات «غير صحيحة بالمطلق». وأكد أنه «لم تصدر أي توجيهات أو أوامر بتغيير نظام ومهام المناوبات الموكلة إلى السفن الحربية الروسية في البحر المتوسط». وزاد أنه «بالطبع، نتيجة للتطورات المتسارعة في الأيام الأخيرة قد تكون هناك تحركات للبحرية الروسية». ولم يستبعد المصدر الروسي احتمال أن «ترسل تعزيزات أو إمدادات سواء إلى القاعدة الجوية (حميميم في اللاذقية) أو القاعدة البحرية والميناء في طرطوس»، موضحاً أن «مركز البحرية في طرطوس هو المسؤول عن التحركات اللوجيستية لتزويد السفن التابعة للأسطول العسكري الروسي في البحر المتوسط وفي مناطق أخرى في المحيطات».

هذا وأعلنت موسكو، الثلاثاء، إجراء تدريبات عسكرية تتضمن إطلاق صواريخ فرط صوتية، في شرق البحر الأبيض المتوسط.وقالت وزارة الدفاع الروسية في بيان نقلته، وكالة الصحافة الفرنسية «تم إطلاق صواريخ عالية الدقة باتجاه البحر والجو في شرق البحر الأبيض المتوسط خلال تدريب يهدف إلى اختبار أساليب العمل المشترك للقوات البحرية والجوية الروسية».

في الوقت ذاته، أبلغ مصدر أمني سوري وكالة أنباء «نوفوستي» الحكومية الروسية، أن «عدداً من سفن الشحن تحميها بوارج روسية انطلقت اليوم من ميناء طرطوس باتجاه البحر الأسود لتوريد العتاد العسكري اللازم للجيش السوري من مخازن المؤسسة العسكرية الروسية بهدف التحضير لانطلاق معركة التحرير الكبرى خلال الأيام المقبلة».

ولم تعلق وزارة الدفاع الروسية على المعطيات المتداولة كما تجنبت وسائل الإعلام الحكومية الإشارة إليها.

وتعد القاعدة البحرية الروسية في طرطوس حيوية لطموحات روسيا على الساحة الدولية.

وأشار تقرير لموقع «نافال نيوز» إلى أن «التحولات الدراماتيكية في خطوط المواجهة داخل سوريا تعرّض القاعدة للخطر. هناك دلائل تشير إلى أن روسيا قد تكون بصدد إجلاء سفنها البحرية».

ووفق التقرير، تبدو القاعدة البحرية الروسية في طرطوس مهددة بشكل وشيك مع الهجمات التي تشنها فصائل مسلحة على الجيش السوري.

ومع اقتراب خطوط المواجهة، بدأت روسيا بالفعل باتخاذ احتياطات، ولفت التقرير إلى أنه حالياً تمتلك روسيا خمس سفن بحرية وغواصة واحدة متمركزة في طرطوس. وتشمل هذه القطع: فرقاطتين من فئة «جورشكوف»، وفرقاطة من فئة «غريغوروفيتش»، وسفينتين مساعدتين، وغواصة من طراز «كيلو» المطور.

وقد غادرت إحدى هذه السفن، وهي السفينة المساعدة «يلنيا»، ميناء طرطوس صباح الثاني من ديسمبر (كانون الأول) 2024، مع ورود معلومات تشير إلى مغادرة بعض أو جميع السفن الأخرى، وفق التقرير نفسه.

وحسب التقرير، يأتي هذا التحرك غير المتوقع بعد عدة أيام من تغير مفاجئ في مسار الحرب المستمرة في سوريا. وأصبحت الحكومة السورية التي تُعد روسيا حليفة رئيسية لها في موقف ضعيف. وتحقق الفصائل السورية المسلحة تقدماً سريعاً على أكثر من جبهة لا سيما في حماة بوسط البلاد.

رغم عدم تأكيد ذلك، فإن حركة السفن هذه تُعد على الأرجح مرتبطة بشكل مباشر بالوضع على الأرض. وإذا صح ذلك، فسيكون هذا أول مؤشر واضح على أن روسيا تسحب أصولها القيمة من البلاد.

وفي هذا الإطار، أشار المحلل البحري المرموق دروكسفورد ماريتايم عبر منصتي «إكس» و«بلوسكاي» إلى أن «هناك احتمالاً واقعياً أن تكون هذه المغادرة مرتبطة بتدهور الوضع في سوريا».

والسفينة «يلنيا» هي ناقلة من طراز «Project 160 Altay»، وهي أصل ثمين ومهمة لدعم القوة البحرية الروسية في البحر الأبيض المتوسط. وتشير المعلومات إلى أن الغواصة، والفرقاطات، وسفينة مساعدة أخرى قد غادرت أيضاً ميناء طرطوس.

طرطوس: القاعدة الاستراتيجية لروسيا في الخارج

تُعد القاعدة البحرية في طرطوس على الساحل السوري للبحر الأبيض المتوسط من الأصول الاستراتيجية لروسيا.

ووفق التقرير، حافظت البحرية الروسية على وجودها في القاعدة منذ عام 1971، لكنها شهدت انخفاضاً في الاستخدام بعد انهيار الاتحاد السوفياتي. ومنذ بداية النزاع في سوريا عام 2011، زاد استخدامها مجدداً وأصبحت القاعدة البحرية الرئيسة لروسيا في الخارج.

ومع بدء الغزو الروسي واسع النطاق لأوكرانيا في عام 2022، ازدادت أهمية القاعدة بشكل كبير. عززت روسيا وجودها العسكري في طرطوس قبل الغزو بهدف التصدي لتهديد التدخل المباشر من حلف شمال الأطلسي (الناتو)، خصوصاً عبر حاملات الطائرات المنتشرة في البحر الأبيض المتوسط.

عملت طرطوس أيضاً قاعدة تمركز للسفن الحربية الكبيرة التي كانت تنوي الانضمام إلى القتال في البحر الأسود. ولكن مع اندلاع الغزو، منعت تركيا معظم هذه السفن، بما في ذلك طرادات إضافية من طراز «سلافا» من دخول البحر الأسود. ونتيجة لذلك، بقيت هذه السفن في البحر الأبيض المتوسط لتقديم الدعم.

منذ ذلك الحين، واجهت روسيا صعوبة في الحفاظ على نفس مستوى الوجود البحري في البحر الأبيض المتوسط، لكنَّ السفن الحربية والغواصة المتمركزة في طرطوس لا تزال تمثل عنصراً أساسياً في استراتيجيتها.

التوقعات ليست جيدة لروسيا

وأوضح التقرير أن الميناء قد يتعرض للهجوم أو يتم التخلي عنه في نهاية المطاف، زاعماً أن السفن الحربية الروسية تغادر هذا الميناء الذي كان يُعد يوماً ما آمناً.

ومن المتوقع أن تبحر السفن الحربية من البحر الأبيض المتوسط باتجاه بحر البلطيق. وربما تسعى للحصول على ملاذ آمن مؤقت في الجزائر أو ليبيا خلال رحلتها، حسب تقرير موقع «نافال نيوز».

إذا استمرت السيطرة الروسية على ميناء طرطوس، فمن المرجح أن يُستخدم لتلقي أي تعزيزات روسية ثقيلة. ومع ذلك، ستستغرق هذه التعزيزات أسابيع للوصول، لذلك من المحتمل أن تكون التحركات الأولية عن طريق الجو.

وحتى فبراير (شباط) 2024، حافظت روسيا على عمليات نقل منتظمة للسفن إلى البحر الأسود، أُطلق عليها اسم «التعبير السوري». لكن هذه العمليات توقفت على الأرجح بسبب التهديد المتزايد من الطائرات البحرية المسيرة الأوكرانية (USVs) في البحر الأسود، وفق التقرير.

كما لفت إلى أنه حالياً يتعين على السفن الإبحار حول أوروبا للوصول إلى بحر البلطيق. وإذا كانت روسيا تسعى بشدة لتعزيز وجودها في سوريا أو لإجلاء معدات ثقيلة، فقد تحاول استخدام طريق البحر الأسود مجدداً. ومع ذلك، فإن القيام بذلك سيعرِّضها لهجمات الطائرات البحرية المسيرة الأوكرانية.

السفينة الروسية للتجسس «يانتر»، المعروفة بوجودها بالقرب من الكابلات البحرية، توجد أيضاً في البحر الأبيض المتوسط. توقفت لفترة وجيزة في الجزائر في 30 نوفمبر (تشرين الثاني)، ومنذ ذلك الحين توقفت عن بث موقعها عبر نظام تحديد المواقع الأوتوماتيكي (AIS).

وختم التقرير: «إذا تخلت روسيا عن قاعدة طرطوس، فإن لذلك تداعيات جيوسياسية يصعب التنبؤ بها».


مقالات ذات صلة

مدير مكتب بشار: بوتين لم يرد على اتصالات الأسد في الأيام الأخيرة لحكمه

المشرق العربي الرئيسان بوتين والأسد في قاعدة حميميم على الساحل السوري يوم 11 ديسمبر 2017 (سبوتنيك - أ.ب)

مدير مكتب بشار: بوتين لم يرد على اتصالات الأسد في الأيام الأخيرة لحكمه

تحدث مدير المكتب السياسي والإعلامي بالرئاسة السورية سابقاً عن الفترة الأخيرة لحكم بشار الأسد، من بينها أن بوتين لم يرد على اتصالاته على مدار أيام قبل رحيله.

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي عناصر من الفصائل الموالية لتركيا تواصل القتال مع «قسد» على محاور جنوب شرقي منبج (أ.ف.ب)

إردوغان: تركيا لم تتدخل في سوريا

تتواصل الاشتباكات بين الفصائل الموالية لتركيا و«قسد» على محاور جنوب شرقي منبج... وأكد الرئيس رجب طيب إردوغان أن بلاده ستواصل الحرب ضد الإرهاب في سوريا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي عناصر من الفصائل الموالية لتركيا تتمركز في شمال شرقي منبج (أ.ف.ب)

اشتعال محاور القتال بين الفصائل الموالية لتركيا و«قسد» على أطراف منبج

تشهد محاور القتال بين الفصائل الموالية لتركيا و«قسد» في سد تشرين وجنوب شرقي منبج، اشتباكات عنيفة، وسط قصف تركي وتعزيزات أميركية في عين العرب والحسكة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي تظهر هذه الصورة الجوية موقعاً يُعتقد أنه مقبرة جماعية على بُعد نحو 35 كيلومتراً شرق دمشق (أ.ف.ب)

العثور على مقبرة جماعية تحوي عظاماً وبقايا ملابس بجنوب سوريا

عثر الأهالي في سوريا على مقبرة جماعية بمحيط الفرقة التاسعة في مدينة الصنمين في الريف الشمالي من محافظة درعا في جنوب سوريا.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي طائرة فوق قاعدة عسكرية في سوريا (المرصد)

«المرصد»: طائرة معدات عسكرية تهبط في قاعدة أميركية بشمال شرق سوريا

هبطت طائرة شحن في قاعدة أميركية في بلدة الشدادي جنوب الحسكة بشمال شرقي سوريا محملة بمعدات عسكرية ولوجستية، بحسب «المرصد السوري لحقوق الإنسان».

«الشرق الأوسط» (دمشق)

حماس: لا نرى تجاوباً من إسرائيل بشأن الانسحاب من غزة

عناصر من «حماس» و«الجهاد الإسلامي» يسلمون الرهائن المفرج عنهم إلى «الصليب الأحمر» في رفح 28 نوفمبر 2023 ضمن صفقة تبادل الرهائن والأسرى بين «حماس» وإسرائيل (د.ب.أ)
عناصر من «حماس» و«الجهاد الإسلامي» يسلمون الرهائن المفرج عنهم إلى «الصليب الأحمر» في رفح 28 نوفمبر 2023 ضمن صفقة تبادل الرهائن والأسرى بين «حماس» وإسرائيل (د.ب.أ)
TT

حماس: لا نرى تجاوباً من إسرائيل بشأن الانسحاب من غزة

عناصر من «حماس» و«الجهاد الإسلامي» يسلمون الرهائن المفرج عنهم إلى «الصليب الأحمر» في رفح 28 نوفمبر 2023 ضمن صفقة تبادل الرهائن والأسرى بين «حماس» وإسرائيل (د.ب.أ)
عناصر من «حماس» و«الجهاد الإسلامي» يسلمون الرهائن المفرج عنهم إلى «الصليب الأحمر» في رفح 28 نوفمبر 2023 ضمن صفقة تبادل الرهائن والأسرى بين «حماس» وإسرائيل (د.ب.أ)

قال مسؤول في حركة «حماس»، اليوم (الأحد)، إن الحركة لا ترى تجاوباً من إسرائيل بشأن الانسحاب من غزة أو اتفاق وقف إطلاق النار.

وأضاف المسؤول، الذي تحدث لوكالة «رويترز» شريطة عدم الكشف عن هويته بسبب حساسية الأمر، أن «أي اتفاق سيعتمد على الموافقة على الانسحاب ووقف إطلاق النار».

وأكّد المسؤول أن الحركة وافقت على قائمة من 34 رهينة قدمتها إسرائيل للمبادلة بسجناء في اتفاق لوقف إطلاق النار.

ومنذ بداية الحرب عقب هجوم شنته «حماس» وفصائل فلسطينية أخرى على مستوطنات إسرائيلية محيطة بقطاع غزة في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تم التوصل إلى هدنة واحدة فقط لمدة أسبوع في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، جرى خلالها إطلاق سراح 105 رهائن بالإضافة إلى 240 معتقلاً فلسطينياً في سجون إسرائيل.

وخُطف 251 شخصاً خلال هجوم 7 أكتوبر الذي أدّى إلى مقتل أكثر من 1200 شخص في الجانب الإسرائيلي. ولا يزال هناك ما مجموعه 96 رهينة في غزة، أعلن الجيش أن 34 منهم قتلوا أو توفوا.