تقدم للفصائل في ريف حماة... وغارات سورية ــ روسية على حلب وإدلب

سيطرت على بلدات وقرى... ومناوشات حول قلعة المضيق الاستراتيجية

TT

تقدم للفصائل في ريف حماة... وغارات سورية ــ روسية على حلب وإدلب

أثار الدمار  عقب غارة روسية على أدلب شمال سوريا 2 ديسمبر 2024 (إ.ب.أ)
أثار الدمار عقب غارة روسية على أدلب شمال سوريا 2 ديسمبر 2024 (إ.ب.أ)

شنّ الجيش السوري والطيران الروسي غارات دامية على مناطق سيطرة الفصائل المسلحة في شمال غربي سوريا، (الاثنين)، مع السعي لاستعادة مناطق استحوذت عليها «هيئة تحرير الشام» وفصائل حليفة لها، في هجوم واسع بدأته الأسبوع الماضي.

وسيطرت فصائل عملية «ردع العدوان» التي تقودها «هيئة تحرير الشام» على قرى الجبين وتل ملح وجلمة والجبين وبريديج، واستعادت سيطرتها على بلدة كرناز في ريف حماة الشمالي.

ووصلت الفصائل المسلحة إلى مدخل قلعة المضيق بعد السيطرة على قرية الكركات؛ حيث تدور اشتباكات عنيفة وقصف متبادل بين القوات الحكومية من جهة، وقوات «ردع العدوان» من جهة أخرى التي تحاول إحراز تقدم على محور قلعة المضيق الاستراتيجية للسيطرة على سهل الغاب، بعد فشل هجوم متطرفين في كسر الخطوط الأمامية للجيش النظامي في سهل الغاب.

وشنّ الطيران الحربي أكثر من 32 غارة في ريف حماة الشمالي، بالإضافة إلى ضربات جوية من الطائرات المروحية تركزت على كرناز والقرى التي تمكنت قوات «ردع العدوان» من السيطرة عليها.

وفي ريف حماة الشرقي، حقّقت «هيئة تحرير الشام» والفصائل تقدماً ميدانياً في بادية حماة؛ حيث تمكّنت من السيطرة على قرية قصر أبو سمرة، تزامناً مع غارات جوية من الطيران الحربي على قرية سنجار. واستهدفت «الهيئة» والفصائل المشتركة معها، بواسطة عدد من الطائرات المسيّرة، تجمعاً كبيراً لقيادات عسكرية من القوات السورية في منطقة جبل زين العابدين شمال مدينة حماة، وسط معلومات عن وقوع قتلى وجرحى في صفوفهم. وتستخدم «الهيئة» سلاح المسيّرات بشكل مكثف خلال معاركها مع قوات الحكومة، مستهدفة مواقع عسكرية وآليات.

وعدّ الرئيس السوري بشار الأسد الذي تلقّى دعماً متجدداً من حليفتيه روسيا وإيران، أن الهجوم -وهو الأوسع منذ أعوام- محاولة «لإعادة رسم خريطة» المنطقة. في حين قالت تركيا الموجودة عسكرياً في شمال سوريا والداعمة لفصائل مسلّحة، إن الهجوم ليس «تدخلاً أجنبياً».

أحد عناصر «الخوذات البيضاء» يركض بعد قصف قوات الجيش السوري مدينة إدلب (أ.ب)

وبدأت «هيئة تحرير الشام» («جبهة النصرة» سابقاً قبل فك ارتباطها بتنظيم «القاعدة») وفصائل حليفة لها، هجوماً واسعاً، الأربعاء، أسفر عن خروج حلب، ثاني كبرى مدن سوريا، بالكامل عن سيطرة القوات الحكومية للمرة الأولى منذ اندلاع النزاع في البلاد عام 2011. وقُتل 11 مدنياً على الأقل، بينهم خمسة أطفال، الاثنين، جراء غارات نفّذها سلاحا الطيران، الروسي والسوري، على محافظة إدلب (شمال غرب)، أبرز معاقل الفصائل المسلحة، وفق «المرصد السوري لحقوق الإنسان».

وأفاد المرصد بأن الغارات استهدفت «مناطق عدة، بينها مدينة إدلب ومخيم للنازحين شمالها»، مما أسفر عن مقتل «11 مدنياً، بينهم خمسة أطفال وسيدتان، وإصابة العشرات بجروح».

وقال المدرّس حسن أحمد خضر (45 عاماً)، المقيم في المخيّم قرب مدينة إدلب: «كنت وجيراني نقف في الشمس، لنحصل على بعض الدفء وسط الجو البارد... عندما حصل القصف»، مضيفاً أنه استهدف «عائلات مهجرة تقطن عند أطراف المخيم»، مما أسفر عن مقتل طفل من تلاميذه مع شقيقاته الأربع، في حين نُقل الوالدان إلى المستشفى للعلاج.

في حماة التي تسيطر عليها الحكومة، قال «المرصد» إنّ هجوماً صاروخياً نفّذه المسلّحون أسفر عن مقتل 6 مدنيين، الاثنين. وأظهرت مقاطع فيديو لـ «وكالة الصحافة الفرنسية» مسلّحين يتقدّمون باتجاه محافظة حماة في وسط سوريا. كذلك، أشار «المرصد» إلى أنّ غارة على مدينة حلب أسفرت عن مقتل أربعة مدنيين، بينهم طفلان، مضيفاً أنّ الغارات الجوية استهدفت أيضاً حياً تقطنه غالبية مسيحية.

وأفاد الجيش السوري، من جهته، في بيان، بأن قواته تتحرّك «على عدة محاور في أرياف حلب وحماة وإدلب؛ للالتفاف على الإرهابيين وطردهم من المناطق التي دخلوها وتأمينها بالكامل، وتثبيت نقاط تمركز جديدة، للتحضير للهجوم التالي، مع استمرار وصول مزيد من التعزيزات العسكرية».

وأدّت المعارك والقصف، منذ الأربعاء، إلى مقتل 514 شخصاً، غالبيتهم من المسلحين، بالإضافة إلى 92 مدنياً، حسب «المرصد السوري لحقوق الإنسان». في مدينة حلب، أظهرت فيديوهات لـ «وكالة الصحافة الفرنسية» مقاتلين مسلحين يجوبون الشوارع في سيارات عسكرية أو سيراً على الأقدام. وأحرق بعضهم العلم السوري، في حين رفع آخرون «علم الثورة».

صورة دمار من موقع غارة في إدلب بسوريا نُشرت في 2 ديسمبر 2024 (رويترز)

وكان القيادي في الفصائل السورية المسلحة، حسن عبد الغني، قد قال، الاثنين، إن مقاتلي الفصائل يتقدّمون على أكثر من محور في ريف حماة، وإنهم سيطروا على سبع مناطق هناك، في الوقت الذي تستمر فيه الغارات على مواقع «الفصائل» في ريفي حلب وإدلب. وقال «تلفزيون سوريا»، التابع للفصائل المسلحة، إن قذائف صاروخية سقطت على حي البعث بمدينة حماة؛ مما أسفر عن سقوط قتلى وجرحى. ولم يُعرف على الفور عدد ضحايا القصف.

وفي وقت سابق من يوم الاثنين، قالت القوات المسلحة السورية إنها قتلت أكثر من 400 مسلح في ريفي حلب وحماة في آخر 24 ساعة، وذلك في عمليات مشتركة مع القوات الروسية.

وشنّت فصائل مسلحة في شمال غربي سوريا، بقيادة «هيئة تحرير الشام»، هجوماً عسكرياً على مدينتي حلب ومعرة النعمان، وتواصل التقدم باتجاه مدينة حماة. وتؤمّن الفصائل الموالية لتركيا مواقعها في تلك المنطقة، وشنّت عملية عسكرية ضد تنظيمات مسلحة كردية والقوات الحكومية.

«حزب الله» ينأى بنفسه

في الأثناء، ذكرت ثلاثة مصادر مطلعة على تفكير «حزب الله» اللبناني، الاثنين، أن الجماعة لا تنوي حالياً إرسال مقاتلين إلى شمال سوريا لدعم الجيش السوري هناك. وقالت المصادر لوكالة «رويترز»، إن «حزب الله» لم يُطلب منه ذلك بعد، وإن الجماعة «ليست مستعدة لإرسال قوات إلى سوريا في هذه المرحلة»، بعد أن أنهى وقف إطلاق النار عاماً من الأعمال القتالية مع إسرائيل، بما في ذلك اشتباكات برية مكثفة في جنوب لبنان.

في سياق متصل، أعلنت وزارة الدفاع السورية، الاثنين، مقتل عشرات المسلحين في قصف سوري - روسي على تجمعاتهم في أرياف حلب وإدلب. كما ذكر بيان صادر عن رئاسة مجلس الوزراء في سوريا أن سلاحَي الجو، السوري والروسي، قصفا مواقع تسيطر عليها الفصائل السورية المسلحة في ريف حلب الشرقي؛ مما أسفر عن مقتل وإصابة العشرات من قواتها.

وجاء في البيان أن «الطيران الحربي السوري - الروسي المشترك يوجّه ضربات متتالية على تجمعات الإرهابيين ومحاور تحركهم على أطراف بلدة السفيرة في ريف حلب الشرقي، مُوقعاً عشرات القتلى والجرحى في صفوفهم، بالإضافة إلى تدمير عدة عربات وآليات كانت بحوزتهم».

 


مقالات ذات صلة

تركيا تطالب الاتحاد الأوروبي بموقف واضح من عضويتها

شؤون إقليمية فيدان وكالاس خلال المؤتمر الصحافي في أنقرة (الخارجية التركية)

تركيا تطالب الاتحاد الأوروبي بموقف واضح من عضويتها

ظهر التباين في المواقف مجدداً بين تركيا والاتحاد الأوروبي فيما يتعلق بمفاوضات انضمامها إلى عضويته.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي أحمد الشرع في القصر الرئاسي بدمشق 16 يناير 2025 (أ.ف.ب)

الشرع: لن نسمح بتقسيم سوريا أو بتهديد المسلحين الأكراد لتركيا

أكد القائد العام للإدارة السورية الجديدة، أحمد الشرع، أن إدارته لن تقبل بتقسيم سوريا أو تهديد حدود تركيا انطلاقاً من سوريا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي قائد «قوات سوريا الديمقراطية» مظلوم عبدي (رويترز)

«قسد»: ندعم المساعي الأممية لإنجاح عملية الانتقال السياسي بسوريا

أكد مظلوم عبدي، القائد العام لـ«قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) الكردية، اليوم (الجمعة)، أنه يدعم مساعي الأمم المتحدة الرامية لإنجاح عملية الانتقال السياسي.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
الخليج أحمد الشرع مستقبلاً الأمير فيصل بن فرحان في قصر الشعب بدمشق (سانا) play-circle 00:42

فيصل بن فرحان يُجدِّد من دمشق دعم السعودية نهضة سوريا

جدّد وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، دعم بلاده سيادة سوريا واستقلالها ووحدة أراضيها، ووقوفها إلى جانب الشعب السوري.

«الشرق الأوسط» (الرياض ـ دمشق)
المشرق العربي عناصر من «قوات سوريا الديمقراطية (قسد)» التي يقودها الأكراد في الحسكة بسوريا يوم 11 ديسمبر 2024 (رويترز)

تقرير: المسيّرات الكردية تشكّل تهديداً متزايداً على «الجيش الوطني السوري» المدعوم تركياً

تُشكِّل الطائرات المسيَّرة التي يطلقها الأكراد تهديداً متزايداً على قوات «الجيش الوطني السوري»، المدعوم من تركيا، حيث تستمر المواجهات بين الطرفين في شمال سوريا.

«الشرق الأوسط» (دمشق)

الجيش الإسرائيلي يقصف مواقع لـ«حزب الله» ويواصل العمل «وفق التفاهمات»

جنود إسرائيليون يقفون بجانب العلم الإسرائيلي داخل قرية في جنوب لبنان (أ.ب)
جنود إسرائيليون يقفون بجانب العلم الإسرائيلي داخل قرية في جنوب لبنان (أ.ب)
TT

الجيش الإسرائيلي يقصف مواقع لـ«حزب الله» ويواصل العمل «وفق التفاهمات»

جنود إسرائيليون يقفون بجانب العلم الإسرائيلي داخل قرية في جنوب لبنان (أ.ب)
جنود إسرائيليون يقفون بجانب العلم الإسرائيلي داخل قرية في جنوب لبنان (أ.ب)

قال الجيش الإسرائيلي، الجمعة، إنه لا يزال منتشراً في جنوب لبنان مع التزامه ببنود اتفاق وقف إطلاق النار مع جماعة «حزب الله» اللبنانية.

وأضاف أن قواته نفذت ضربات استهدفت خلالها منشآت تخزين أسلحة تابعة لـ«حزب الله» ومواقع مراقبة في جنوب لبنان خلال الأيام القليلة الماضية، وفق ما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء. وأضاف الجيش، في بيان، أنه «يواصل العمل وفق التفاهمات بين إسرائيل ولبنان، مع الحفاظ على شروط وقف إطلاق النار».

وتابع أن قوات الجيش منتشرة في جنوب لبنان وتواصل متابعة محاولات «حزب الله» للعودة إلى الجنوب، وأنها «ستعمل على إزالة أي تهديد لإسرائيل». وفي وقت سابق اليوم، أعلن الجيش الإسرائيلي أنه دمّر أنفاقاً وصادر مخزونات «كبيرة» من الأسلحة لـ«حزب الله» في وادي السلوقي بجنوب لبنان، مشيراً إلى أنه يواصل «عمليات التمشيط لتطهير المنطقة».

وحذّر «حزب الله»، الخميس، من عدم انسحاب الجيش الإسرائيلي بالكامل من الأراضي اللبنانية بعد انقضاء مهلة الـ60 يوماً المحددة في اتفاق وقف إطلاق النار ووصف ذلك بأنه سيكون «تجاوزاً فاضحاً» للاتفاق.

ودخل اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان حيز التنفيذ في أواخر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، لينهي أحدث صراع بين إسرائيل و«حزب الله» بعد نحو عام من تبادل إطلاق النار بين الجانبين.

وبموجب الاتفاق، يتعين على «حزب الله» ترك مواقعه في جنوب لبنان والتحرك إلى الشمال من نهر الليطاني على بعد نحو 30 كيلومتراً من الحدود مع إسرائيل التي يجب أن تنسحب بدورها بشكل كامل من جنوب لبنان.