مصر تتمسك بانسحاب إسرائيل من «معبر رفح» وسط حديث عن «هدنة قريبة»

بموازاة استضافة القاهرة وفدي «حماس» و«فتح» لبحث تفاهمات «اليوم التالي»

امرأة فلسطينية تمسك يد ابنها الذي قُتل في غارة إسرائيلية على رفح جنوب قطاع غزة (رويترز)
امرأة فلسطينية تمسك يد ابنها الذي قُتل في غارة إسرائيلية على رفح جنوب قطاع غزة (رويترز)
TT

مصر تتمسك بانسحاب إسرائيل من «معبر رفح» وسط حديث عن «هدنة قريبة»

امرأة فلسطينية تمسك يد ابنها الذي قُتل في غارة إسرائيلية على رفح جنوب قطاع غزة (رويترز)
امرأة فلسطينية تمسك يد ابنها الذي قُتل في غارة إسرائيلية على رفح جنوب قطاع غزة (رويترز)

تزامنت تأكيدات مصر على رفضها البقاء الإسرائيلي في الجانب الفلسطيني من «معبر رفح» الحدودي مع قطاع غزة و«محور فيلادلفيا»، مع مساعٍ تبذلها بالتعاون مع الولايات المتحدة لإنهاء الحرب، وحديث إسرائيلي بشأن إبرام هدنة بالقطاع «قريباً».

وعلى المستوى الفلسطيني، تواصلت في القاهرة اجتماعات جديدة بين حركتي «فتح» و«حماس»، لتشكيل لجنة إدارية للقطاع لتنظيم أمور القطاع، وسد الثغرات أمام أي عراقيل إسرائيلية.

خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» يرون أن تأكيد مصر لموقفها يأتي في ظل أحاديث عن صفقة تتم في الكواليس، وأن هناك مساراً قد يقود لـ«هدنة قريبة»، وعبّر بعضهم عن الاعتقاد بأن «ممانعة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بشأن الانسحاب من معبر رفح كانت للاستهلاك المحلي، وستتراجع أمام الفيتو المصري، والضغوط الأميركية لإبرام صفقة».

صبي فلسطيني ينقل أغراضاً وسط الأنقاض في مخيم النصيرات بقطاع غزة (رويترز)

وجدد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي خلال لقاء بالقاهرة مع نائبة السكرتير العام للأمم المتحدة، أمينة محمد، «رفض مصر الوجود العسكري الإسرائيلي على الجانب الفلسطيني من معبر رفح وبمحور فيلادلفيا (المستمر منذ مايو (أيار) الماضي)»، وفق بيان صحافي لوزارة الخارجية المصرية.

وخلال مؤتمر صحافي جمعهما على هامش «مؤتمر القاهرة الوزاري لتعزيز الاستجابة الإنسانية في غزة»، الاثنين، كشف وزير الخارجية المصري أن «هناك وفدين من (حماس) و(فتح) يتشاوران للتوصل لفهم مشترك في إدارة الأمور الحياتية تحت سيطرة السلطة الفلسطينية»، مشدداً على أن «الجهد المصري لم يتوقف للحظة في الاتصالات لتوصل لصفقة وهناك رؤى مطروحة بشأن الرهائن والأسرى».

وكشف عبد العاطي أن «هناك أفكاراً مصرية تتحدث القاهرة بشأنها مع الأشقاء العرب حول وقف إطلاق النار، وما يُسمى بـ(اليوم التالي)»، مشدداً على «العمل من أجل فتح معبر رفح من الجانب الفلسطيني» الذي احتلته إسرائيل في مايو (أيار) الماضي، وكثيراً ما عبّر نتنياهو عن رفضه الانسحاب منه مع محور فيلادلفيا أيضاً طيلة الشهور الماضية.

ويعد ذلك ثالث اجتماع بين «فتح» و«حماس»، خلال شهرين بعد اجتماعين مماثلين في القاهرة أوائل أكتوبر (تشرين الأول)، ونوفمبر (تشرين الثاني) الماضيين، لبحث تشكيل «هيئة إدارية» لقطاع غزة، يُطلق عليها اسم «اللجنة المجتمعية لمساندة أهالي قطاع غزة» تتبع السلطة الفلسطينية، وتتضمّن شخصيات مستقلة، وتصدر بمرسوم رئاسي من الرئيس محمود عباس، وتتولى مهمة إدارة الشؤون المدنية، وتوفير المساعدات الإنسانية للفلسطينيين، وتوزيعها في القطاع، وإعادة تشغيل معبر رفح الحدودي مع مصر، والشروع في إعادة إعمار ما دمّرته الحرب الإسرائيلية، وفق ما قالت مصادر فلسطينية لـ«الشرق الأوسط».

فلسطينيون يتجمعون لتلقي مساعدات الطعام وسط أزمة الجوع مع استمرار الحرب في جنوب قطاع غزة (رويترز)

زخم كبير

يرى الأكاديمي المتخصص في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور أحمد فؤاد أنور، أن «تلك التصريحات المصرية بشأن معبر رفح تأتي ضمن زخم كبير يتواصل بشأن التوصل لاتفاق هدنة قريبة في غزة، خصوصاً والقاهرة تستضيف وفدي (فتح) و(حماس) لإنهاء تشكيل إدارة غزة بما يضمن ويعزز فرص التوصل لليوم التالي، وأن تكون هناك جهة لا تعترض عليها إسرائيل لاستلام المعبر».

«ولا يبدو أن اعتراضات نتنياهو ستكرر هذه المرة أمام استمرار الفيتو المصري في ظل المتغيرات الحالية، خصوصاً مع توقيع اتفاق هدنة لبنان قبل أيام»، حسب الأكاديمي المصري الذي قال إن نتنياهو «سيرضخ بالنهاية أمام تلك الورقة التي كان يحاول أن يساوم بها ويستخدمها لمخاطبة الرأي العام الداخلي، خصوصاً وأنه ثبت فشل الوجود الإسرائيلي الأمني بهذا المحور».

وباعتقاد المحلل السياسي الفلسطيني الدكتور أيمن الرقب، فإن «السياق الحالي للتصريحات المصرية يأتي في ظل حراك إيجابي تقوده مصر وواشنطن، وأيضاً تتحدث عنه إسرائيل، وتريد التوصل لصفقة هدنة في ظل رغبة الرئيس جو بايدن الذي تحرر من الانتخابات الرئاسية ويضغط الآن على نتنياهو».

ويتوقع أن تتوصل «حماس» و«فتح» بالقاهرة لاتفاق بشأن إدارة غزة، لتمنح تصريحات القاهرة بشأن المعبر والمحور دفعة جديدة تمكنها من تعزيز فرص التوصل لليوم التالي للحرب وتسلم إدارة المعبر لسلطة فلسطينية، كما كان سابقاً.

آليات عسكرية إسرائيلية في الجانب الفلسطيني من معبر رفح (رويترز)

تجديد موقف مصر لموقفها من المعبر والمحور يأتي بعد يومين مما نقلته صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية عن مصادر بشأن حدوث محادثات بين مصر وإسرائيل، الأسبوع الماضي، لإعادة فتح معبر رفح، لزيادة إدخال المساعدات إلى غزة، والتحرك نحو اتفاق لوقف إطلاق النار، على أن تساعد السلطة الفلسطينية في إدارة الجانب الفلسطيني من المعبر، وتتخلى حركة «حماس» عن سيطرتها الكاملة عليه، وأن يعاد فتحه في ديسمبر (كانون الأول) الحالي، حال التوصل إلى اتفاق.

الأجواء مهيأة

الحراك المصري يأتي مع كشف قياديين في «حماس»، الاثنين، أن وفداً من الحركة التقى مسؤولين مصريين، الأحد، في القاهرة، وناقش معهم سبل التوصل إلى وقف لإطلاق النار في قطاع غزة، بجانب لقاء وفد من حركة «فتح» كان في زيارة للقاهرة، وبحث معه «إدارة قطاع غزة» بعد انتهاء الحرب المتواصلة منذ أكثر من 13 شهراً بين إسرائيل و«حماس»، وفقاً لما ذكرته وكالة الصحافة الفرنسية.

كما تتحدث إسرائيل عن إحراز تقدم بالمفاوضات، وفق ما ذكر مصدر مطلع على تفاصيل المفاوضات لقناة «كان» الإسرائيلية، الاثنين، دون أن يوضح المصدر طبيعة التقدم، لكنه تحدث عن قبول «حماس» انسحاباً إسرائيلياً تدريجياً من قطاع غزة.

وخلال لقائه مع عائلة أحد المختطفين الإسرائيليين، قال الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ، الأحد، إن «هناك مفاوضات في الكواليس بشأن صفقة تبادل وإعادة الرهائن المحتجزين في قطاع غزة، وأعتقد أن إبرامها ممكن أكثر من أي وقت مضى».

كان البيت الأبيض أعلن، الأربعاء، أن الولايات المتحدة تبذل جهوداً دبلوماسيةً جديدةً بهدف التوصل إلى وقف لإطلاق النار، والاتفاق على إطلاق الرهائن المحتجزين في قطاع غزة، بمساعدة تركيا وقطر ومصر.

وحسب الرقب، فإن الأجواء مهيأة الآن لأن تذهب لحلول وانسحاب تدريجي بداية من معبر رفح وفيلادلفيا، وكذلك تسلم السلطة الفلسطينية بعيداً عن «حماس» إدارة قطاع غزة بعد تفاهمات، بالتالي قد تكون الهدنة وشيكة وفرص التوصل لليوم التالي اقتربت أكثر.

ويعتقد أنور أن صفقة الهدنة تنضج، وبات الانسحاب الإسرائيلي على مراحل، لا سيما من المعبر والمحور، هو الخيار الأقرب، خصوصاً في ظل أحاديث الرئيس الإسرائيلي الداعمة لاتفاق هدنة وأنها تتم في الكواليس.


مقالات ذات صلة

«حماس» و«فتح» تتفقان على لجنة لإدارة غزة

المشرق العربي فلسطينيون يسيرون في حي مدمر بسبب الغارات الإسرائيلية على مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

«حماس» و«فتح» تتفقان على لجنة لإدارة غزة

توصلت حركتَا «فتح» و«حماس» إلى اتفاق على ما سمتاها «لجنة الإسناد المجتمعي»؛ لإدارة قطاع غزة في اليوم التالي للحرب.

المشرق العربي رجال يتفقدون سيارة محترقة قيل إنها تعرضت لغارة جوية إسرائيلية في قرية العقبة الفلسطينية بالقرب من مدينة جنين بالضفة الغربية 3 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

«القسام» تعلن مقتل اثنين من عناصرها بقصف إسرائيلي في شمال الضفة

أعلنت كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة «حماس»، مساء اليوم الثلاثاء، مقتل اثنين من عناصرها في قصف إسرائيلي بشمال الضفة الغربية.

«الشرق الأوسط» (رام الله)
شؤون إقليمية فلسطينيون يجلسون وسط الأنقاض في موقع غارة إسرائيلية على منزل بالنصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)

«لجنة لإدارة غزة» وتحذير ترمب... هل يسرّعان «اتفاق الهدنة»؟

تطورات جديدة يشهدها حراك التوصل لاتفاق هدنة في قطاع غزة، مع حديث عن اتفاق «مبدئي» بين حركتي «فتح» و«حماس» بشأن تشكيل لجنة لإدارة القطاع عقب اجتماعات بالقاهرة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي قطاع غزة المدمَّر إثر الحرب (أ.ف.ب)

«حماس» و«فتح» تتفقان على تشكيل لجنة لإدارة قطاع غزة

أعلن مسؤول في «حماس» وآخر من «فتح» أن الحركتين اتفقتا على تشكيل لجنة لإدارة قطاع غزة، بعد انتهاء الحرب بين حركة «حماس» وإسرائيل، المتواصلة منذ أكثر من 13 شهراً.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية رجل يختبئ خلف عمود بينما ينتشر الدخان والغبار نتيجة انفجار خلال غارة إسرائيلية استهدفت مدرسة في حي الزيتون على مشارف مدينة غزة في الأول من سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)

«حماس» و«فتح» تتفقان على تشكيل لجنة لإدارة غزة

أكد مصدر فلسطيني مطلع، التوصلَ لاتفاق بين حركتَي «فتح» و«حماس» على تشكيل لجنة تحمل اسم «لجنة الإسناد المجتمعي»؛ لإدارة قطاع غزة في اليوم التالي للحرب. وقال…

كفاح زبون (رام الله)

الفصائل تلامس حماة... وطهران وبغداد تدعمان دمشق

سكان محليون قرب لافتة «حماة ترحب بكم» على طريق سريع يؤدي إلى محافظة حماة وسط غرب سوريا الأحد (أ.ف.ب)
سكان محليون قرب لافتة «حماة ترحب بكم» على طريق سريع يؤدي إلى محافظة حماة وسط غرب سوريا الأحد (أ.ف.ب)
TT

الفصائل تلامس حماة... وطهران وبغداد تدعمان دمشق

سكان محليون قرب لافتة «حماة ترحب بكم» على طريق سريع يؤدي إلى محافظة حماة وسط غرب سوريا الأحد (أ.ف.ب)
سكان محليون قرب لافتة «حماة ترحب بكم» على طريق سريع يؤدي إلى محافظة حماة وسط غرب سوريا الأحد (أ.ف.ب)

اقتربت فصائل مسلحة، مساء أمس، لتلامس مدينة حماة وسط سوريا، مع استمرار الهجوم الذي بدأته في شمال البلاد منذ ستة أيام. وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، بأنّ «اشتباكات عنيفة تدور في شمال محافظة حماة» التي تنطوي على أهمية استراتيجية لوجودها على الطريق الرابط بين حلب في الشمال والعاصمة دمشق.

وطالب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، خلال محادثة هاتفية مع نظيره التركي رجب طيب إردوغان، أمس، بنهاية «سريعة» لهجوم «هيئة تحرير الشام» والفصائل المتحالفة معها في سوريا.

وفي إيران، قال وزير الخارجية عباس عراقجي، إن بلاده ستدرس إرسال قوات إلى سوريا إذا طلبت دمشق ذلك. كما أعلن رئيس الأركان الإيراني، محمد باقري، أن طهران اتفقت مع مسؤولين عسكريين في بغداد وموسكو، على «دعم الحكومة السورية».

كذلك، أكدت مصادر ميدانية، أن فصائل عراقية «عبرت الحدود، واشتبكت مع المعارضة السورية في مناطق جنوب حلب، كان الجيش السوري قد انسحب منها».