استنفار رسمي وشعبي في دمشق... واستدعاء لذكريات الحرب

TT

استنفار رسمي وشعبي في دمشق... واستدعاء لذكريات الحرب

سيارات لمقاتلين تابعين للفصائل المسلحة على طول الطريق السريع الدولي حلب - دمشق (أ.ف.ب)
سيارات لمقاتلين تابعين للفصائل المسلحة على طول الطريق السريع الدولي حلب - دمشق (أ.ف.ب)

أحدثت التطورات المتسارعة في حلب وشمال غربي سوريا صدمة في دمشق التي لم تنم تقريباً في ليل الجمعة - السبت، وسط استنفار وذهول واستدعاء لأجواء الحرب، بعد نحو أربع سنوات من الهدوء النسبي.

وساهم ارتباك الإعلام الرسمي وتأخره عن مواكبة الأحداث في إثارة الاستياء وتعزيز المخاوف، لا سيما مع إعلان التلفزيون الرسمي «القبض على مجموعات إرهـابية صورت مشاهد في عدد من أحياء حلب لتوحي بأن المجموعات الإرهابية سيطرت على تلك الأحياء»، معيداً إلى الأذهان نفي الإعلام الرسمي اندلاع الاحتجاجات عام 2011، وتمسكه بأنها «مشاهد تمثيلية جرى تصويرها في استوديوهات بدولة معادية».

مصادر متابعة في دمشق قالت لـ«الشرق الأوسط» إن «الصدمة كانت على مستويات عدة، خاصة في ظل تسارع الأحداث، والمفاجأة الرسمية من الموقف الروسي والضعف الإيراني».

وتقدر المصادر التي تحدثت شريطة عدم ذكر اسمها «أن مستويات رسمية تعد هجوم الفصائل المسلحة (غدراً) تركياً، يأتي في سياق توافق (إسرائيلي - أميركي)؛ لكن المستغرب هو عدم ضغط موسكو على أنقرة لمنع الهجوم الذي يمس (هيبة روسيا العسكرية)».

أحد عناصر الفصائل السورية يطلق النار بالهواء في سط مدينة حلب (أ.ب)

وأشارت المصادر إلى أن دمشق رسمياً كانت تعول على «المناخات السياسية واللعب على الوقت، للقضاء على خصومها، والمناورة لفرض شروطها، وقد ساهم اتفاق خفض التصعيد، ومسارا سوتشي وأستانا، والتقارب مع المحيط العربي، وغيرها من مسارات هندستها موسكو في تعزيز نهج دمشق في استثمار الوقت بمساندة إيران، والظن بوجود خطوط حمراء لن تسمح موسكو بتجاوزها».

ورأت المصادر أن «طهران حالت طوال السنوات الأربع الماضية دون إثمار مساعي موسكو السياسية لحل الأزمة السورية، بل ساهمت في تعميقها، وجاء هجوم الفصائل المسلحة ليفجر الحقائق».

ولقد زاد من أجواء التوتر في دمشق، الإعلان الرسمي عن انسحاب الجيش السوري من مواقعه في حلب وريفها وريف إدلب، مقابل تقدم الفصائل المسلحة، وتواصل حركة النزوح من حلب وريفها عبر طريق خناصر - أثريا باتجاه مناطق سيطرة الحكومة في اللاذقية والسلمية بريف حماة.

وتشير التقديرات إلى نزوح أكثر من 40 ألف شخص، بينما وصل إلى المدينة الجامعية في حمص نحو 220 طالباً جامعياً من حلب يومي الجمعة والسبت، في رحلات تستغرق أكثر 12 ساعة نتيجة الازدحام المروري.

على المستوى الشعبي، أمضى كثير من سكان العاصمة السورية، ليلهم في اتصالات لتأمين مواصلات من حلب إلى المدن السورية الأخرى، لإجلاء أقاربهم ومعارفهم في ظل هواجس من انقطاع الطرقات مع احتمال تقدم الفصائل المسلحة باتجاه حماة وسط البلاد.

وتسبب منشور لرجل الصناعة الحلبي، فارس الشهابي المعروف بعدائه للفصائل المسلحة، بصدمة لمتابعيه على (فيسبوك) اضطرته لحذف المنشور لاحقاً، وجاء فيه أنه اضطرر للنزوح، وقال: «خُذلنا أمنياً عام 2012، وخذلنا بعدها سنوات خدمياً واقتصادياً ومعيشياً، وخذلنا مرة أخرى البارحة وتم تسليمنا بهدوء في مشهد شبيه بما حدث في الموصل عام 2014... ماذا فعلنا لنستحق كل هذا الخذلان؟».

وتابع الشهابي: «أسفي أنني اضطررت لأغادرك البارحة ليلاً خوفاً على عائلتي في رحلة النزوح التاريخي الكبير مع النازحين إلى المستقبل المجهول... لك الله يا حلب».

بدوره، أعلن مجلس الوزراء بدمشق انعقاداً دائماً لاجتماعات خلية العمل الوزارية برئاسة رئيس مجلس الوزراء «لمتابعة التطورات الميدانية»، وفي اجتماع عقد السبت تم بحث «سبل الاستمرار بتقديم الخدمات في محافظة حلب في ضوء وصول المجموعات الإرهابية إلى بعض الدوائر الحكومية والخدمية في المحافظة»، وفق ما ذكرته «وكالة الأنباء السورية» (سانا).


مقالات ذات صلة

الشرع يناقش مع قادة الفصائل المسلحة «شكل المؤسسة العسكرية في سوريا الجديدة»

المشرق العربي القائد العام للإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع خلال لقائه عدداً من قادة الفصائل العسكرية في دمشق (القيادة العامة في سوريا على تلغرام)

الشرع يناقش مع قادة الفصائل المسلحة «شكل المؤسسة العسكرية في سوريا الجديدة»

قالت القيادة العامة، السبت، إن أحمد الشرع، القائد العام للإدارة السورية الجديدة، ناقش مع قادة من الفصائل العسكرية شكل الجيش الجديد في سوريا.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي أحمد الشرع زعيم «هيئة تحرير الشام» (وسط) وعلى يساره بالزي العسكري مرهف أبو قصرة المعروف باسم «أبو حسن الحموي» خلال اجتماع بدمشق في 21 ديسمبر (كانون الأول) 2024 (تلغرام)

الشرع يعين أبو قصرة وزيراً للدفاع في سوريا

قال مصدر رسمي، لوكالة «رويترز» للأنباء، السبت، إن الإدارة الجديدة في سوريا عينت مرهف أبو قصرة المعروف باسم «أبو حسن الحموي» وزيرا للدفاع في حكومة تصريف الأعمال.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي لقطة من فيديو لعناصر من «قوات سوريا الديمقراطية» تطلق طائرة مسيّرة تحمل قذيفة مضادة للدبابات

الجماعات الكردية السورية في موقف دفاعي مع تغير ميزان القوى

مع حشد جماعات معادية مدعومة من تركيا ضدها في شمال سوريا، وسيطرة جماعة صديقة لأنقرة على دمشق، تقف الفصائل الكردية الرئيسية في سوريا في موقف دفاعي.

«الشرق الأوسط» (القامشلي - بيروت - أنقرة )
المشرق العربي اللواء حسين سلامي (الثاني من اليسار) والرئيس الإيراني مسعود بزشكيان (مهر)

طهران تسارع لبناء علاقات مع القيادة الجديدة في دمشق

تحاول الحكومة الإيرانية استعادة بعض نفوذها مع القادة الجدد في سوريا، حيث تواجه طهران صدمة فقدان سلطتها المفاجئ في دمشق عقب انهيار نظام بشار الأسد.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
المشرق العربي متطوع سوري يساعد الشرطة في تنظيم حركة المرور بدمشق (أ.ف.ب)

مدنيون سوريون يتطوعون لتنظيم ازدحام السير في دمشق بعد سقوط النظام

عند تقاطع مروري في منطقة أبو رمانة بدمشق، يبذل متطوعون شباب بلباس مدني كلّ ما في وسعهم؛ لتنظيم السير في مدينتهم التي تختنق بازدحام السيارات والفوضى المرورية.


قصف إسرائيلي على مستشفى كمال عدوان... ومقتل 28 فلسطينياً في غزة

رجل أمام جثمان إحدى ضحايا الغارات الإسرائيلية على منزل في دير البلح بوسط غزة اليوم (رويترز)
رجل أمام جثمان إحدى ضحايا الغارات الإسرائيلية على منزل في دير البلح بوسط غزة اليوم (رويترز)
TT

قصف إسرائيلي على مستشفى كمال عدوان... ومقتل 28 فلسطينياً في غزة

رجل أمام جثمان إحدى ضحايا الغارات الإسرائيلية على منزل في دير البلح بوسط غزة اليوم (رويترز)
رجل أمام جثمان إحدى ضحايا الغارات الإسرائيلية على منزل في دير البلح بوسط غزة اليوم (رويترز)

أفاد الدفاع المدني في غزة، اليوم (الأحد)، بأن 28 فلسطينياً، بينهم أطفال ونساء، قُتلوا في غارات عدة شنّها الطيران الحربي الإسرائيلي، ليل السبت الأحد، في قطاع غزة. وقال الناطق باسم الدفاع المدني محمود بصل، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن الدفاع المدني «أحصى 28 شهيداً وعشرات المصابين إثر مواصلة قوات الاحتلال العدوان والقصف الجوي والمدفعي على قطاع غزة الليلة الماضية، وصباح اليوم». وأوضح أنه «تم نقل 4 شهداء وعدد من المصابين إثر استهداف طائرة مسيَّرة إسرائيلية سيارةً مدنيةً في شارع الجلاء في مدينة غزة، ونُقلوا إلى مستشفى المعمداني» في المدينة. وأضاف أن «13 شهيداً سقطوا في استهداف الطيران الحربي الليلة الماضية منزلاً مكوّناً من 3 طوابق في دير البلح وسط القطاع» مشيراً إلى أن «غالبية القتلى من عائلة أبو سمرة، وبينهم 3 نساء وأطفال».

وتابع بصل: «8 شهداء على الأقل وعدد من المصابين سقطوا في مدرسة موسى بن نصير التي تؤوي آلاف النازحين في حي الدرج» في شمال شرقي مدينة غزة. وأضاف: «تم انتشال جثث 3 شهداء جميعهم في العشرينات من العمر؛ نتيجة قصف إسرائيلي استهدف منزلاً في شرق مدينة رفح» في جنوب قطاع غزة.

جاء ذلك في وقت أمر فيه الجيش الإسرائيلي بإخلاء مستشفى كمال عدوان بشمال القطاع. وذكر مسعفون فلسطينيون أن 8 بينهم أطفال قُتلوا في مدرسة موسى بن نصير التي تؤوي عائلات نازحة في مدينة غزة، حسبما أوردت وكالة «رويترز» للأنباء.

مواطنون يبحثون عن الأحياء في موقع تعرض لغارة إسرائيلية بدير البلح بغزة (أ.ف.ب)

وقال الجيش الإسرائيلي، في بيان، إن الضربة استهدفت مسلحين من حركة «حماس» يعملون من مركز قيادة داخل المدرسة. وأضاف أن مسلحين من «حماس» استخدموا المكان للتخطيط لهجمات ضد القوات الإسرائيلية وتنفيذها.

وفي مدينة غزة أيضاً، قال مسعفون إن 4 فلسطينيين قُتلوا عندما ضربت غارة جوية إسرائيلية إحدى السيارات. وقُتل ما لا يقل عن 5 فلسطينيين في غارتين جويتين منفصلتين على رفح وخان يونس جنوب القطاع.

الجيش يأمر بإخلاء مستشفى كمال عدوان

وفي بلدة بيت لاهيا شمال قطاع غزة، حيث يواصل الجيش العمليات منذ أكتوبر (تشرين الأول)، قال حسام أبو صفية مدير مستشفى كمال عدوان، إن الجيش أمر العاملين بالمستشفى بإخلائه، ونقل المرضى والجرحى إلى مستشفى آخر في المنطقة.

وقال أبو صفية إن المهمة شبه مستحيلة؛ لأن العاملين لم تكن لديهم سيارات إسعاف لنقل المرضى. ويواصل الجيش الإسرائيلي تنفيذ عمليات في بلدتَي بيت لاهيا وبيت حانون بشمال قطاع غزة، وكذلك في مخيم جباليا القريب منهما منذ 3 أشهر تقريباً.

من جهتها، قالت وزارة الصحة في بيان إن مستشفى كمال عدوان في شمال القطاع «تعرَّض، فجر اليوم، لقصف جوي ومدفعي عنيف ومكثف، خصوصاً قسم الرعاية والحضانة، الذي أُصيب بأضرار جسيمة».

أجساد ضحايا غارة إسرائيلية على مخيم النصيرات أمس خارج مستشفى شهداء الأقصى (أ.ب)

ويتهم الفلسطينيون إسرائيل بتنفيذ «تطهير عرقي» لإخلاء تلك المناطق من السكان لإنشاء منطقة عازلة. وتنفي إسرائيل ذلك، وتقول إن الحملة العسكرية في المنطقة تهدف إلى محاربة مسلحين من «حماس»، ومنعهم من إعادة تنظيم صفوفهم. وقالت إن قواتها قتلت مئات المسلحين وفكّكت بنيةً تحتيةً عسكريةً منذ بدء العمليات هناك. وقال الجناحان العسكريان لحركتَي «حماس» و«الجهاد الإسلامي»، إنهما قتلا كثيراً من الجنود الإسرائيليين في كمائن خلال الفترة نفسها.

نقاط عالقة في اتفاق وقف إطلاق النار

ولم يتمكّن الوسطاء بعد من التوصُّل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة «حماس». وقالت مصادر قريبة من المناقشات لـ«رويترز»، يوم الخميس، إن قطر ومصر تمكّنتا من حل بعض نقاط الخلاف التي تعوق الاتفاق بين طرفَي القتال، لكن لا تزال هناك نقاط عالقة.

مواطنون يبحثون عن متاعهم في موقع تعرض لغارة إسرائيلية بدير البلح وسط قطاع غزة اليوم (أ.ف.ب)

وشنّت إسرائيل حربها على غزة بعد أن اقتحم مقاتلون من «حماس» بلدات إسرائيلية في 7 أكتوبر 2023، في هجوم تقول الإحصاءات الإسرائيلية إنه أسفر عن مقتل 1200 واحتجاز أكثر من 250 رهينة. وتقول إسرائيل إن نحو 100 رهينة ما زالوا محتجزين، لكن من غير الواضح عدد مَن لا يزالون على قيد الحياة منهم، وفق وكالة «رويترز» للأنباء. ومنذ 7 أكتوبر 2023، تشنُّ إسرائيل حرباً واسعة النطاق ضد حركة «حماس» في غزة، أدت إلى مقتل أكثر من 45 ألف شخص، ودمار كبير في المنازل والبنية التحتية، وأسفرت الحرب عن نزوح معظم السكان البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة، وتدمير أغلب القطاع الساحلي.